الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 -
كتابُ النَّفَقاتِ
1 -
بابُ: نَفقةِ الزَّوجاتِ
قالَ اللهُ تعالى: " الرّجالُ قَوامونَ على النِّساءِ بمَا فضَّلَ اللهُ بَعْضَعمْ على بعْضٍ وبمَا أنْفقُوا مِنْ أموالِهمْ ".
عن جابرٍ: " أنّ رسولَ اللهِ ذكرَ في خُطبتهِ في حجِّةَ الوَداعِ: فاتَّقوا اللهِ في النِّساءِ، فإنكم أخذْتموهُنَّ بأمانةِ اللهِ، واسْتحللْتُم فُروجهُنَّ بكلمةِ اللهِ، ولكمْ عليهنَّ أن لا يُوطِئنَ فُرُشَكمْ أحداً تكرهونَهُ، فإنْ فعَلْنَ ذلكَ فاضربوهُنَّ ضَرباً غشرَ مُبَرِّحٍ، ولهُنَّ عليكُمْ رزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ "
(1)
، رواهُ مسلمٌ.
عن حَكيم بنِ مُعاويةَ بنِ حَيْدةَ عن أبيهِ، قالَ:" قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما حقُّ زوجِ أحدِنا عليهِ؟، قالَ: تُطعمُها إذا أكلْتَ، وتكسوها إذا اكتسيْتَ، ولا تضربِ الوجهَ، ولا تُقَبِّحْ، ولا تَهجُرْ إلا في البيتِ "
(2)
، رواهُ أحمدُ وأبو دوادَ، وهذا لفظُهُ، والنسائيُّ، وابنُ ماجَة.
قالَ الشافعيّ: دفعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى المجامعِ في رمضانَ عرقاً فيه خسمةَ عشرَ صاعاً ليُطعِمَهُ ستّين مسكيناً، وذلكَ لكلِّ مسكينٍ مُدٌّ، وأمرَ في فِدْيةِ الأذى لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ، وهو مُدّان، فدلَّ على أنّ أقلَّ العيشِ مُدٌّ، وأوسعُهُ مُدّان، والتوسُّطُ ما بينَهما.
(1)
مسلم (4/ 41).
(2)
أحمد (17/ 57 الفتح الرباني) وأبو داود (1/ 494) والنسائي في الكبرى كما في التحفة 8/ 432 وابن ماجة (1850).
قلتُ: تقدّمَ
(3)
هذان الحديثان اللذان أشارَ إليهما الإمام. كلٌّ منهما في بابِهِ.
وتقدّمَ حديثُ " المسلمونَ على شروطهم "
(4)
، فيُؤخذُ منه: جوازُ أخذِها العوضَ إذا رضيا بهِ.
عن عمْرو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا يجوزُ لأمرأةٍ تصَرّفٌ في مالِها بعدَ أن ملَك الزّوجُ عِصْمتَها "
(5)
، رواهُ أبو داودَ، والنّسائيُّ، وابنُ ماجة من طرقٍ إلى عمْرٍو، فهو: صحيحٌ عنه، وحديثُهُ حجّةٌ عندَ كثيرٍ من الأئمّةِ.
فيُؤخذُ منهُ: أنهُ لا يجوزُ تصرّفُ المرأةِ في ما أخذتْ من الكسْوةِ وغيرِها إلا بإذنِ زوجِها.
عن فاطمةَ بنتِ قيسٍ: " إنّ زوجَها طلَّقها البتّةَ فأرسلَ إليها وكيلهُ بشعيرٍ فسخِطتْهُ، فجاءتْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: ليسَ لكِ عليهِ نفقةٌ "
(6)
، أخرجاهُ.
ولمسلمٍ: " ولا سُكْنى "
(7)
.
استدَلَّ الشافعيُّ بهذا الحديثِ على عدمِ النّفقةِ للمبتوتةِ، وأمّا نفْيُ السّكنى، فقدْ تقدّمَ كلامُهُ في ردِّهِ، بإنكارِ عائشةَ، ومَرْوانَ، وسعيدِ بنِ المسيَّبِ، وغيرهم، ذلكَ على فاطمةَ، وإنّها إنّما سقطَتْ سُكناها بسببٍ، وأخذَ الشافعيُّ ومَنْ وافقَهُ بظاهرِ الآيةِ:" أسْكِنوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضارّوهُنَّ لِتُضيِّقُوا عليْهِنَّ وإنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْل فأنْفِقُوا عليْهنَّ حّتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ".
وقد احتجَّ عمرُ بنُ الخطابِ بهذهِ الآيةِ على ردّ حديثِ فاطمةَ، وخبرُهُ في صحيحِ
(8)
مسلمٍ.
(3)
تقدما.
(4)
تقدما.
(5)
أبو داود (2/ 263) والنسائي (6/ 278) وابن ماجة (2388).
(6)
لم أجده في البخاري، ورواه مسلم (4/ 195)، لم يعزه البيهقي إلا إلى مسلم.
(7)
مسلم (4/ 195).
(8)
مسلم (4/ 198).
عن جابرٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" ليسَ للحاملِ المُتَوفّى عنها زوجُها نفقةٌ "
(9)
، رواهُ الدارَقُطنيُّ، من حديثِ حَرْبِ بنِ أبي العاليةِ، وهو مختلفٌ فيهِ، فوَثّقهُ القَواريريُّ، وابنُ مَعينٍ في روايةٍ، وضعَّفَهُ ابنُ معينٍ في أُخرى، وكذا أحمدُ بنُ حَنْبلٍ، وقد أخرجَ لهُ مسلمٌ في صحيحِه، والنسائيّ في سُننِهِ، لكنْ قالَ الشافعيُّ: لا أعلمُ مخالفةً في أنهُ لا تجبُ النَّفقة للمتوفّى عنها زوجُها، وأنهُ لا تجبُ كِسوتُها، وأمّا السّكنى، فلهُ فيها قولان، أحدهما: لا تجبُ لأنّ مالَهُ صارَ إلى الوارثِ، والثاني: أنها لها السّكنى لحديثِ الفُرَيْعةِ بنتِ مالكٍ، وقد تقدّمَ، قالَ الشافعيُّ: وليسَ فيهِ دلالةٌ، لأنها ذكرتْ أنّ البيتَ ليسَ لزوجِها، وليسَ فيهِ أنّ ذلكَ كانَ في تركةِ زوجِها.
عن عمر، أنه كتبَ إلى أُمراءِ الأجنادِ في رجال غابوا عن نسائهمْ، فأمَرهُمْ أن يأخذوهُمْ يأن يُنفِقوا، أو يُطَلِّقوا، فإن طلَّقوا بعثوا بنفقةِ ما حَبسوا "
(10)
، رواهُ الشافعيّ بإسنادٍ: جيّدٍ.
فدلَّ على أنّ ما مَضى من النفقةِ يكونُ ديناً في ذمةِ الرّجلِ، وإنّها تُخَيَّرُ إذا لمْ يُنفِقْ وقد صححهُ أبو حاتم الرّازيُّ، وقالَ: نحنُ نأخذُ بهذا في نفقةِ ما مَضى.
ويُؤيدُهُ حديثُ أبي هريرةَ، قالَ: قالَ عليه السلام: " أفضلُ الصّدقةِ، ما كانَ عن ظهرِ غنىً، واليدُ العليا خيرٌ من السُّفى، وابدأ بمنْ تعولُ، تقولُ المرأةُ إمّا أن تُطعمني، وإمّا أن تُطلِّقني، ويقولُ العبدُ: أطعمني واستعملْني، ويقولُ الابنُ: أطعمني، إلى مَنْ تدَعُني، قالوا: يا أبا هريرةَ، سمعتَ هذا من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: لا، هذا، من كيسِ أبي هريرةَ "
(11)
، رواهُ البخاريُّ.
وقد وقعَ في مسندِ أحمدَ ما يدُلُّ على رفعِ ذلكَ، والصحيحُ روايةُ البخاريِّ.
وقال الشافعيُّ: أخبرنا سفيانُ عن أبي الزنادِ، قالَ: سألتُ سعيدَ بنَ المسيَّب عن
(9)
الدارقطني (4/ 21).
(10)
الشافعي (5/ 96)، والبيهقي (7/ 469) من طريقه.
(11)
البخاري (21/ 14) وأحمد (17/ 61).
الرّجلِ لا يجدُ ما يُنفقُ على امرأتِهِ، قالَ:" يُفرَّقُ بينَهما، قلتُ: سُنةٌ؟، قالَ: سُنّةٌ "
(12)
، قالَ الشافعيُّ: والذي يُشبهُ قولَ سعيدٍ: سنّةٌ، أنْ تكونَ سنّة رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(12)
الشافعي (5/ 96)، والبيهقي (7/ 469) من طريقه.