الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
بابُ: ميراثِ العَصَبةِ
تقدّمَ قولُهُ عليه السلام: " ألحقوا الفَرائض بأهلِها، فما بقيَ فلأَولى رجلٍ ذكرٍ "
(1)
.
وعن أبي هُريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، مَنْ تركَ مالاً، فَلْيرثْهُ عَصَبهُ مَن كانوا، ومنْ تركَ ديناً، أو ضياعاً فإليَّ "
(2)
.
عن عبد الله بنِ بُريْدةَ عن أبيه: " أنّ رجلاً تُوفِّي من خُزاعةَ، فأُتيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بميراثِهِ: فقالَ: أُنظروا هلْ من وارثٍ؟، فالتمسوهُ فلمْ يجدوا لهُ وارثاً، فقالَ: ادفعوهُ إلى أكبر خُزاعةَ "
(3)
، رواهُ أبو داود الطَّيالسِيُّ في مُسْندِهِ، وهذا لفْظُهُ، والإمامُ أحمدُ، وأبو داودَ في سُنَنِهِ، والنّسائيُّ، وقالَ: هو حديثٌ مُنكَرٌ.
عن سعيدِ بنِ المُسيّبِ: " أنّ عمرَ بنَ الخطابِ أشركَ بينَ الإخوةِ من الأبِ والأمِّ، وبينَ الإخوةِ من الأمِّ في الثُّلُثِ "
(4)
، رواهُ محمدُ بنُ نَصْرٍ المرْوَزِيُّ، والبَيْهقيُّ بإسنادٍ صحيح. وهو قولُ عثمانَ، وابنِ مسعودٍ، وزيد بنِ ثابتٍ في المشهورِ عنهما.
قالَ زيدُ بنُ ثابتٍ: " هَبوا أباهُمْ كانَ حِماراً، ما زادَهم الأبُ إلا قُرباً "
(5)
، رواهُ البيهقيُّ.
عن محمدِ بنِ السّائبِ الكَلْبي عن أبي صالحٍ عن ابنِ عبّاسٍ: " أنهُ عليه السلام
(1)
تقدم.
(2)
البخاري (19/ 115)، ومسلم (4/ 2) بنحوه.
(3)
الطيالسي (1443 منحة المعبود) والنسائي في الكبرى كما في التحفة 2/ 79 وأحمد (15/ 201) وأبو داود (2/ 112).
(4)
البيهقي (6/ 255) من طريقه.
(5)
البيهقي (6/ 256)، وأخرج أيضاً نحوه عن عثمان وابن مسعود في الشريك بينهم، وعن =
سُئلَ عن مولودٍ لهُ قُبُلٌ وذَكرٌ، من أين يُورَّثُ؟، فقالَ: يُوَرَّثُ حيثُ يبولُ "
(6)
، رواهُ البيهقيُّ. ومحمدُ بنُ السّائبِ هذا، متروكٌ لا يُحتجُّ بما تفرّد بهِ، وشيخُهُ أيضاً ضعيفٌ، ولكن رُويَ عن عليٍّ موقوفاً، وهو أصحُّ.
عن المِقْدامِ بنِ معدي كربٍ الكِنْدِيِّ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أنا أولى الناس بكلِّ مؤمنٍ من نفسهِ، من تركَ ديناً أو ضَيعةً فإليَّ، ومن تَركَ مالاً، فلورَثتِهِ، أنا مَولى من ولا مَولى لهُ، أرثُ مالَهُ، وأفكُّ عانيهِ، والخالُ مولى مَن لا مولى لهُ، يَرثُ مالَهُ ويفُكُّ عانيهِ "
(7)
، رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنسائيّ، وابنُ ماجة، وقالَ أبو زُرْعةَ: هذا حديثٌ حسنٌ.
استَدلّوا بهذا الحديثِ على أن من لمْ يتركْ وارثاً فمالُهُ لبيتِ المالِ ميراثاً للمسلمينَ، يتولّى قبضَ ذلكَ السّلطانُ الأعظمُ أو نائبُهُ، حيثُ قالَ:" وأنا مَوْلى من لا مَوْلى لهُ، أرثُ مالَهُ ".
قالَ محمدُ بنُ سالمٍ عن الشَّعبيّ عن عليٍّ: " أنهُ كانَ يَرُدُّ على غيرِ الزّوجينِ على قدرِ ما وَرثوا، وكانَ زيدُ بنُ ثابتٍ لا يرى الرّدَّ "
(8)
، رواهُ البيهقيُّ، ومحمدٌ هذا: فيه ضعفٌ كبير.
استدلَّ أصحابُنا وغيرُهم ممّن لا يَرى توريثَ ذوي الأرحامِ بحديثِ أبي أُمامةَ: " إن اللهَ قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ، فلا وصيةَ لوارثٍ "
(9)
على ذلكَ، وسَندُهُ جيّدٌ. قالوا: فلما لمْ يكنْ لهمْ فرضٌ مُعيَّنٌ لمْ يكونوا وُرّاثاً.
ورَوى أبو داودَ في المراسيلِ من حديثِ عَطاءِ بنِ يَسارٍ: " أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكبَ
= عليّ بخلاف ذلك عنده أيضاً.
(6)
البيهقي (6/ 261)، وأخرج نحوه عن عليٍّ موقوفاً عليه.
(7)
أحمد (15/ 198) وأبو داود (2/ 111) والنسائي في الكبرى كما في التحفة 8/ 510 وابن ماجة (2738) والبيهقي (6/ 243)، وعن عدد من الصحابة نحوه عنده.
(8)
البيهقي (6/ 244)، وعن عليّ بخلافه في الردّ على الورثة إلى الزوج والزوجة.
(9)
تقدم.
إلى قِباءَ يستخيرُ اللهَ في ميراثِ العمّةِ والخالةِ، فأنزلَ اللهُ عليهِ: لا ميراثَ لهما "
(10)
.
وقد رُويَ موصولاً من وجهٍ آخرَ عن عَطاءِ بنِ يَسارٍ عن أبي سعيدٍ مرفوعاً، والأولُ أصحُّ.
وأمّا من ورَّثهمْ من أصحابِنا فاحتجَّ بالآيةِ الكريمةِ: " وأولوا الأرحام بعضُهمْ أَوْلى بِبَعْضٍ "، وبما تقدّمَ من قولِهِ عليه السلام:" الخالُ مَولى من لا مَولى لهُ، يَرِثُ مالَهُ، ويَفُكُّ عانيهِ ".
ورَوى أحمدُ، والترمذيُّ، وابنُ ماجة، وابنُ حِبّان في صحيحهِ عن عمرَ: أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " الخالُ وارثُ مَنْ لا وارثَ لهُ "
(11)
، ولهُ طُرقٌ جيّدةٌ يشدُّ بعضُها بعضاً، وقد حسَّنهُ الترمذيُّ عن عائشةَ مرفوعاً.
ورُويَ عن أبي هريرةَ، ولكنْ رَوى الغَلابي عن يحيى بنِ مَعينٍ: أنهُ يُبطلُ حديثَ الخالِ، يَعني حديثَ المِقدامِ بنِ مَعْدي كربٍ، ويقولُ: ليسَ فيهِ حديثٌ قَويٌّ.
وسيأتي قولُهُ عليه السلام في الحَضانةِ: " الخالةُ بمنزلةِ الأمِّ "
(12)
.
وعن ابنِ مسعودٍ، قالَ:" الخالةُ بمنزلةِ الأمّ، والعَمّةُ بمنزلةِ الأبِ، وابنةُ الأخ بمنزلةِ الأخِ، وكلُّ ذي رَحمٍ بمنزلةِ الرّحمِ التي تليهِ إذا لمْ يكنْ وارثٌ ذو قرابةٍ "
(13)
، رواهُ البيهقيُّ.
ومِنْ وجهٍ آخرَ عنهُ: نحْوَهُ.
(10)
أبو داود في المراسيل (191)، والبيهقي (6/ 212) من طريقه، والموصول عنده عن أبي سعيد (6/ 213).
(11)
أحمد (15/ 200) والترمذي (3/ 285) وابن ماجة (2737) وابن حبان (6037) والبيهقي عن غير واحد من الصحابة (6/ 214، 213).
(12)
سيأتي.
(13)
البيهقي (6/ 217)، من وجهين عنه.