الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 -
بابُ: عِتْقِ أُمِّ الوَلدِ
عن أبي سعيدٍ الخُدْريّ، قالَ:" قيلَ يا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنا نُصيبُ سَبايا ونحبُّ المالَ، فكيفَ ترى في العَزْلِ؟، فقالَ: لا عليكمْ أن لا تَفعلوا، فإنهُ ليستْ نَسمَةُ كتبَ الله أن تخرجَ إلا وهيَ كائنةٌ "
(1)
، أخرجاهُ، استدَلّوا بهِ على المنعِ من بيعِ أُمّهاتِ الأولادِ.
عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أيّما رجلٍ ولدَتْ أمَتُهُ منهُ، فهيَ مُعْتقةٌ عن دُبُرٍ منهُ "
(2)
، رواهُ أحمدُ، وابنُ ماجَة، والدارَقُطنيُّ من حديثِ حُسينِ بنِ عبدِ الله بنِ عُبيْدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ عن عِكْرِمةَ عنهُ، وحُسينُ هذا: متروك الحديث.
ورَوى ابنُ ماجة بهذا السّندِ عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: ذُكِرَتْ أمُّ إبراهيمَ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: أعتقَها ولَدُها "
(3)
.
وقد ذُكرَ لهذا مُتابعاتٌ من وجوهٍ أُخَرَ، من أمْثَلِها:
ما رواهُ قاسمُ بنُ أصبغَ في مُصَنّفِهِ عن مُصْعَبِ بنِ محمدٍ عن عُبيْدِاللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقّي عن عبدِ الكريمِ الجَزَريِّ عن عِكْرمة عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ:" لما ذُكِرَتْ ماريةُ أمُّ إبراهيمَ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أعتقَهَا ولَدُها "
(4)
.
وهذا الإسنادُ: رجالُهُ ثقاتٌ، وهو من أحسنِ ما رُويَ في هذا البابِ، وقدْ صحَّحهُ
(1)
البخاري (13/ 103) مسلم (4/ 158).
(2)
أحمد (المتن 1/ 303) وابن ماجة (515) والدارقطني (4/ 130).
(3)
ابن ماجة (2516)، والبيهقي (10/ 346).
(4)
قاسم بن أصبغ - يراجع المُحلّى، ورواية الثوري التي أُعلَّ بها حديثُ قاسم بن أصبغ أخرجها البيهقي (10/ 346) بإسناد: صحيح.
أبو محمدٍ بنُ حَزْمِ الظّاهريِّ، واعتمدَ عليهِ في هذهِ المسألةِ، وقد عُلِّلَ بما رواهُ الثَّوريُّ عن أبيهِ عن عِكْرمةَ:" أن عمرَ قالَ في أمِّ الولدِ: أعتقَهَا ولَدُها ". وإن كانَ سُقْطاً.
قالَ البيهقيُّ: فرجعَ الحديثُ إلى قولِ عمرَ، وهو الأصلُ في ذلكَ.
قلتُ: ويُؤيّدُ ذلكَ: أنّ الشافعيَّ لما ذكرَ أمَّ الولدِ، وإنّها لا تُباعُ، قالَ: وهو: تقليدٌ لعمرَ بنِ الخطابِ، وهو كما قالَ فيهِ محمدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزيْمة كلُّ سُنّةٍ لا تبلغُ الشافعيَّ "
(5)
، وهكذا مالكٌ لم يذكر في مُوطئهِ حديثاً مرفوعاً، فإنّما رَوى عن نافعٍ عن عبد اللهِ بنِ عمرَ:" أن عمرَ قالَ: " أيُّما وليدةٍ ولدَتْ من سيِّدها فإنّهُ لا يَبيعُها، ولا يَهبُها، ولا يُورِّثُها، وهو يَسْتَمتعُ بها، فإذا ماتَ فهي حرّةٌ "
(6)
.
وقد رُويَ هذا من غيرِ وجهٍ عن عمرَ رضي الله عنه، وقد حَكى الإجماع على المنعِ من بيعِهنَّ غيرُ واحدٍ من أئمةِ المتأخرين، وعليهِ عملُ الناسِ اليومَ، وحكى فيها آخرونَ خِلافاً، وصنّفَ فيها غيرُ واحدٍ من الفقهاء، وقد أفْردتُ ذلكَ في جُزءٍ على حِدَةٍ، تَلَخّصَ لي فيها أربعةُ أقوالٍ عن الشافعيِّ نفسِهِ، وفي المسألةِ من حيثُ هي ثمانيةُ أقوالٍ، قد فَصَّلْتُها هناكَ، ولله الحمدُ.
(5)
هكذا بالأصل ويظهر سقوط شيء منه كما يدل السياق عليه.
(6)
مالك (2/ 139).