الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح فقرأ فيها الروم فأوهم، فلما انصرف قال:«إنّه يلبّس علينا القرآن، فإنّ أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد منكم الصلاة معنا فليحسن الوضوء» . وهذا إسناد حسن ومتن حسن، وفيه سرّ عجيب. ونبأ غريب، وهو أنه صلى الله عليه وسلم تأثّر بنقصان وضوء من ائتم به. فدلّ ذلك على أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام).
كلمة أخيرة في سورة الروم:
إن سورة الروم، هي وسورة العنكبوت، وسورة لقمان، وسورة الم السجدة، كلها تفصّل في مقدمة سورة البقرة. وقد رأينا كيف فصّلت سورة العنكبوت لهذه المقدمة، وعرضنا سورة الروم، ورأينا كذلك كيف فصّلت في هذه المقدمة.
…
وقد رأينا أنّ سورة الروم تتألف من مقدمة، وأنّ المقدمة والمقاطع الأربعة فصّلت في موضوع الإيمان بالله واليوم الآخر، وما يقتضيه الإيمان بالله واليوم الآخر، وفصّلت في مواضيع أخرى من مقدمة سورة البقرة.
…
إلّا أنّ الذي أخذ الحيّز الرئيسي من السورة هو موضوع اليوم الآخر؛ إذ هو الذي انصبّ عليه السّياق الرئيسي من السورة، بل لاحظنا أنّه لارتباط موضوع الإيمان باليوم الآخر، بموضوع الإيمان بالله، جاء الكلام عن اليوم الآخر في سياق الكلام عن الله عز وجل.
…
جاء في مقدّمة سورة البقرة قوله تعالى: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ وقد ختمت سورة الرّوم بقوله تعالى: وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ فكأنها تفصّل بشكل رئيسي ذلك الجزء من المقدمة، ولكن لما كان الإيمان باليوم الآخر يقتضي الإيمان بالله، ويقتضي إقامة الوجه لدين الله، ويقتضي إقامة الصلاة، ويقتضي الإنفاق، ويقتضي الإيمان بالكتاب؛ فمن ثمّ عالجت السورة هذه المعاني في سياقها. فكما ارتبط موضوع الإيمان باليوم الآخر بما قبله في مقدمة سورة البقرة، فقد ارتبط كذلك الكلام عن هذه
القضايا في سورة الروم. ومن ثمّ قلنا إن السورة تفصيل للآيات الأولى من سورة البقرة: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (البقرة: 1 - 5).
…
إن المعاني التي تعرّضت لها مقدمة سورة البقرة معان متداخلة مع بعضها، متواصلة فيما بينها، مترابطة في مواضيعها. ومن ثم تجد هذه السور الأربع كل سورة تفصّل من هذه المقدمة موضوعا رئيسيا، ولكنّها تتحدّث عنه رابطة إيّاه بغيره من معاني المقدّمة، ومن ثمّ تلاحظ أن كل سورة من السورة الأربع التي تؤلّف زمرة (الم) في هذا القسم تفصّل موضوعا من مواضيع المقدمة بشكل رئيسي، وتتعرض لصلة هذا الموضوع بغيره من مواضيع المقدمة بشكل ما، بحيث تغطي السور الأربع المقدمة بشكل متكامل.
…
فصّلت سورة العنكبوت في موضوع أثر الإيمان بالغيب وبالكتاب بشكل رئيسي، وفصّلت سورة الروم في موضوع الإيمان باليوم الآخر بشكل رئيسي، وسنرى أن سورة لقمان ستفصّل من المقدمة موضوعا بشكل رئيسي، وسنرى أن سورة السجدة تفصّل من المقدمة موضوعا بشكل رئيسي، وكلها تضع الأساس والهدف الذي تأتي سورة الأحزاب لتفصّل في طريق السير لتحقيقه، فكما أن مقدمة سورة البقرة عرضت الأساس والهدف، وجاءت الآيات بعدها: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ
…
لتفصّل في طريق السير لتحقيقه فكذلك هذه السور وسورة الأحزاب.
…
إن مقدمة سورة البقرة عرضت لما ينبغي التحلي به، والتخلي عنه، وبعد المقدمة جاء الأمر الذي يبيّن طريق التخلي والتحلي. والسور الأربع من هذه المجموعة عرضت لما ينبغي التحلي به والتخلي عنه. وستأتي سورة الأحزاب لتدلّ على الطريق الذي ينبغي سلوكه للتحقّق والتخلّق.