الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقرّرا ما يستحقه الجميع
فَإِنَّهُمْ أي: الأتباع والمتبوعين يَوْمَئِذٍ أي: يوم القيامة فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ كما كانوا مشتركين في الغواية قال ابن كثير: أي:
الجميع في النار كل بحسبه
إِنَّا كَذلِكَ أي: مثل ذلك الفعل نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أي: بالمشركين أي: بكل مجرم
إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ أي: إذا سمعوا بكلمة التوحيد استكبروا وأبوا إلا الإشراك قال ابن كثير: أي:
يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون
وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ أي: أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا عن قول هذا الشاعر المجنون، يصفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وحاشاه،
قال الله تعالى تكذيبا لهم وردّا عليهم بَلْ جاءَ أي: محمد صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ في كل ما جاء به من الأخبار والطلب وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ قال ابن كثير: (أي صدّقهم فيما أخبروا عنه من الصفات الحميدة، والمناهج السديدة، وأخبر عن الله تعالى في شرعه وأمره كما أخبروا
…
).
…
كلمة في السياق:
1 -
لقد علل الله عز وجل لما أصاب الكافرين في الآخرة بقوله إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ مما يدل على أن أصل البلاء ومشكلته الكبرى هو الشرك، وأن الداء الذي ينبع عنه كل شر هو الشرك؛ فعنه ينبثق الكفر باليوم الآخر، وعنه ينبثق الكفر بالرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن ثمّ قلنا إن السياق الرئيسي للسورة يصب في موضوع التوحيد، والمواضيع الأخرى التي تتحدث عنها السورة كلها تتفرّع عن هذا الأصل.
2 -
من السياق نعلم أن هناك موضوعين رئيسيين متفرّعين عن قضية التوحيد، هما: قضية اليوم الآخر، وقضية بعثة الرسل، ومن ثمّ نلاحظ أن هذا المقطع كله يتحدّث عن موضوع الإيمان باليوم الآخر، والرسل عليهم الصلاة والسلام، ولذلك فقد جاء في وسط الكلام عن اليوم الآخر قوله تعالى بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ وذلك بعد ذكر الشرك مباشرة.
3 -
وفي هذا السياق مرّ معنا قول السادة للأتباع بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ فإذا تذكرنا أن (لا إله إلا الله) هي أساس الإيمان، وإذا كان السياق كله في موضوع
(لا إله إلا الله) نعرف صلة السورة بالآيات الأولى من سورة البقرة، وخاصة في قوله تعالى يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
…
يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ولنمض في التفسير ملاحظين أن السياق لا زال يحدّثنا عن مشاهد يوم القيامة:
…
إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ أي عذاب النار
وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فليس عقابكم وتعذيبكم ظلما
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فهؤلاء مستثنون من العذاب قال ابن كثير: (أي ليسوا يذوقون العذاب الأليم، ولا يناقشون في الحساب، بل يتجاوز عن سيئاتهم إن كان لهم سيئات، ويجزون الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، إلى ما يشاء الله من التضعيف)
أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ يعني الجنة ثمّ فسّره بقوله:
فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ أي يخدمون ويرفهون وينعمون
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ أي وهم منعّمون في جنات النعيم، فهم في الجنة مكرمون مرزوقون قال النّسفي: (فسّر الرزق المعلوم بالفواكه وهي كل ما يتلذذ به، ولا يتقوّت لحفظ الصحة، يعني أن رزقهم كله فواكه، لأنهم مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات، لأن أجسادهم محكمة مخلوقة للأبد، فما يأكلونه للتلذذ، ويجوز أن يراد رزق معلوم منعوت بخصائص خلق عليها من طيب طعم ورائحة ولذة وحسن منظر، وقيل معلوم الوقت كقوله: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا [مريم:
62] والنفس إليه أسكن)
عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ قال مجاهد: (أي) لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض وقال النسفي: التقابل أتم للسرور والأنس
يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ أي من شراب معين، أو من نهر معين: وهو الجاري على وجه الأرض، الظاهر للعيون، وصف بما وصف به الماء لأنه يجري في الجنة كما يجري الماء كما سنرى في سورة محمد صلى الله عليه وسلم والكأس: هي الزّجاجة إذا كان فيها الخمر، وتسمّى الخمر نفسها كأسا قال ابن كثير:(أي بخمر من أنهار جارية لا يخافون انقطاعها ولا فراغها)
بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ أي لونها مشرق حسن بهي، لا كخمر الدنيا في منظرها البشع الردئ، من حمرة أو سواد، أو اصفرار، أو كدورة، إلى غير ذلك مما ينفّر الطبع السليم، ووصفت بأنّها لذة للشاربين بمعنى: أنها ذات لذّة، أو أنها اللذة عينها قال ابن كثير:(أي طعمها طيّب كلونها، وطيب الطعام دليل على طيب الريح، بخلاف خمر الدنيا في ذلك كله)
لا فِيها غَوْلٌ أي لا تغتال عقولهم كخمر الدنيا