الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجموعة الثالثة وتمتدّ من الآية (23) إلى نهاية الآية (30) أي إلى آخر السورة وهذه هي:
32/ 30 - 23
التفسير:
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة، فليس القرآن بدعا من الكتب فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِنْ لِقائِهِ أي من لقاء موسى الكتاب أو من لقاء موسى ليلة المعراج، أو يوم القيامة، أو لقاء موسى ربه في الآخرة، والأول أليق بسياق السورة التي تنفي أن يكون هذا القرآن فيه ريب، فكذلك كتاب موسى عليه السلام لا ريب في تلقي موسى له من رب العالمين وَجَعَلْناهُ أي وجعلنا الكتاب المنزل على موسى هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ قوم موسى كما أن هذا القرآن أنزل ليكون نذيرا للعرب قوم محمد أولا
وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أي من بني إسرائيل أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا أي يهدون الناس ويدعونهم إلى ما في التوراة من دين الله وشرائعه بأمر
الله لَمَّا صَبَرُوا حين صبروا وَكانُوا بِآياتِنا أي التوراة يُوقِنُونَ أي يعلمون علما لا يخالجه شك. قال ابن كثير: (قال بعض العلماء: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين). وقد دلّت الآية على أنّ الإيمان بآيات الله ينبغي أن يرافقه صبر
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ أي هو يقضي بين الأنبياء وأممهم، أو بين المؤمنين والفاسقين يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فيظهر المحق من المبطل. ومن ذكر هذه الآية تعرف لماذا يحتاج اليقين إلى مرافقة الصبر، وما ذلك إلا لأن اليقين يستوجب محاربة أعداء الله، وإقامة الحجة عليهم، وذلك يستدعي الأذى، وفكان لا بد من الصبر الذي باجتماعه مع اليقين تكون الإمامة والقدوة، وإذ اتضح من السياق أنّ الفاسقين هم خصماء أئمة الدين أهل الصبر واليقين فإن السياق يتجه لإقامة الحجة عليهم:
أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ كعاد وثمود وقوم لوط يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ أي يمرّون على ديارهم وبلادهم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أي لعلامات واضحات هاديات أَفَلا يَسْمَعُونَ المواعظ فيتعظوا، دلّت الآية على أنّ مجرّد الاعتبار بما جرى للسابقين كاف للهداية لمن كان له سمع
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ أي نجري المطر والأنهار إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ أي الأرض التي جرز نباتها أي قطع؛ إمّا لعدم الماء، أو لأنّه رعي فَنُخْرِجُ بِهِ أي بالماء زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أي من الزرع أَنْعامُهُمْ من عصفه وَأَنْفُسُهُمْ من حبّه أَفَلا يُبْصِرُونَ بأعينهم فيستدلوا على الله عز وجل وعلى إحيائه الموتى فيؤمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، لكنّهم لصممهم وعماهم لا يؤمنون، ويسألون متعنّتين
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ أي النصر أو الفصل بالحكومة إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أنّه كائن، يقولون هذا استعجالا واستبعادا وتكذيبا وعنادا
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ أي يوم القيامة وهو يوم الفصل بين المؤمنين وأعدائهم لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ لمّا كان غرضهم من السؤال عن وقت الفتح الاستعجال على وجه التكذيب والاستهزاء أجيبوا على حسب ما عرف من غرضهم في سؤالهم فقيل لهم: لا تستعجلوا به ولا تستهزءوا، فكأني بكم وقد حصلتم في ذلك اليوم وآمنتم فلا ينفعكم الإيمان، أو استنظرتم في إدراك العذاب فلم تنظروا.
ثم تختم السورة بآية تحدّد كيف ينبغي أن يكون موقف أهل الإيمان من أهل الكفر: