الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأفراد لا ينفي العموم، وقد تقدّم ذكر الآيات والاحاديث المتواترة في عموم بعثته صلى الله عليه وسلم
…
).
…
نقول:
1 - [كلام لصاحب الظلال حول قوله تعالى وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ]
بمناسبة قوله تعالى: وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ قال صاحب الظلال:
(ويصف القرآن- وهو يقسم به- بأنه «القرآن الحكيم» . والحكمة صفة العاقل. والتعبير على هذا النحو يخلع على القرآن صفة الحياة والقصد والإرادة. وهي من مقتضيات أن يكون حكيما. ومع أن هذا مجاز إلا أنه يصور حقيقة ويقربها. فإن لهذا القرآن لروحا! وإن له لصفات الحي الذي يعاطفك وتعاطفه حين تصفي له قلبك وتصغي له روحك! وإنك لتطلع منه على دخائل وأسرار كلما فتحت له قلبك وخلصت له بروحك! وإنك لتشتاق منه إلى ملامح وسمات، كما تشتاق إلى ملامح الصديق وسماته، حين تصاحبه فترة وتأنس به وتستروح ظلاله! ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع تلاوة القرآن من غيره؛ ويقف ينصت إذا سمع من يرتل هذا القرآن.
كما يقف الحبيب وينصت لسيرة الحبيب!
والقرآن حكيم. يخاطب كل أحد بما يدخل في طوقه. ويضرب على الوتر الحساس في قلبه. ويخاطبه بقدر. ويخاطبه بالحكمة التي تصلحه وتوجهه.
والقرآن حكيم. يربي بحكمة، وفق منهج عقلي ونفسي مستقيم. منهج يطلق طاقات البشر كلها مع توجيهها الوجه الصالح القويم. ويقرر للحياة نظاما كذلك يسمح بكل نشاط بشري في حدود ذلك المنهج الحكيم.).
2 - [كلام للآلوسي حول آية لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ]
وبمناسبة قوله تعالى: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ قال الألوسي:
(والمراد بآبائهم آباؤهم الأدنون وإلا فالأبعدون قد أنذرهم إسماعيل عليه السلام، وبلغهم شريعة إبراهيم عليه السلام.
كلمة في السياق: [الآيات (1 - 6) وفحوى الرسالة المحمدية ومضمونها وحكمتها]
ذكرت هذه الآيات أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول، وأن رسالته هي الصراط المستقيم، وأن رسالته من عند الله، وأن الحكمة منها إنذار قومه أولا فإذا تذكرنا محور السورة
وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ نعلم أن السورة تبدأ بتبيان فحوى الرسالة ومضمونها وحكمتها فإذا استقرّ ذلك فإن السياق يبدأ بعرض موقف الكافرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دعوته.
…
لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ أي وجب وثبت، والقول: هو قوله تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. عَلى أَكْثَرِهِمْ دلّ على أن القليل فقط هم الذين يؤمنون فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ أي تعلق بهم هذا القول وثبت عليهم ووجب، لأنهم ممن علم أنهم يموتون على الكفر، فبسبب ذلك هم لا يؤمنون بالله، ولا يصدقون رسله. قال ابن جرير في معنى الآية: لقد وجب العذاب على أكثرهم بأن الله تعالى قد حتّم عليهم في أمّ الكتاب أنهم لا يؤمنون
إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا الغل: هو ما تجمع به اليدان إلى العنق، ولما كان هذا معروفا اكتفى بذكر الأعناق عن ذكر الأيدي فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ معناه: فالأغلال واصلة إلى الأذقان ملزوزة إليها فَهُمْ مُقْمَحُونَ قال مجاهد: (أي) رافعي رءوسهم، وأيديهم موضوعة على أفواههم فهم مغلولون عن كل خير، أي مرفوعة رءوسهم بشكل لا يدعهم الغل يطأطئون رءوسهم. قال النسفي: مثّل تصميمهم على الكفر، وأنه لا سبيل إلى ارعوائهم بأن جعلهم كالمغلولين المقمحين، في أنهم لا يلتفتون إلى الحق، ولا يعطفون أعناقهم نحوه، ولا يطأطئون رءوسهم له، وكالحاصلين بين سدين لا يبصرون ما قدّامهم، ولا ما خلفهم في ألّا تأمّل لهم ولا تبصّر، وأنهم متعامون عن النظر في آيات الله بقوله:
إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ*
وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا أي وجعلنا من أمامهم سدا عن الحق ومن خلفهم سدا عن الحق فَأَغْشَيْناهُمْ أي فأغشينا أبصارهم عن الحق أي غطّيناها وجعلنا عليها غشاوة فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ الحق والرشاد أي لا ينتفعون بخير ولا يهتدون إليه. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: جعل الله تعالى هذا السّدّ بينهم وبين الإسلام والإيمان، فهم لا يخلصون إليه وقرأ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ* وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يونس: 96، 97]
ثم قال: من منعه الله تعالى لا يستطيع وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ أي سواء عليهم الإنذار وتركه. والمعنى: من أضله الله هذا الإضلال لم ينفعه الإنذار.