الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن الفحشاء والمنكر أكبر من كل شئ، والصلاة ذكر، وهي أعظم الذكر، فهي وحدها تستقل بالنهي عن الفحشاء والمنكر، والذكر معها يؤدّي إلى نتيجة أكبر، ولا يعني هذا أن الذكر بدون صلاة يؤدي دوره كاملا، لأن الله لا يقبل نافلة ما لم تؤدّ الفريضة.
3 - [زاد المؤمن المجاهد هو تلاوة القرآن، والصلاة، والذكر]
قال تعالى: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ إن هذه الآية في سياقها تفيد أن زاد المؤمن المجاهد تلاوة القرآن والصلاة والذكر، وأن زاد المؤمن في حياته تلاوة القرآن والصلاة والذكر، وأن هذه الثلاث زاده في محنته، ومن ثمّ فعلى المريّين أن يعوّدوا المسلم من لحظة الابتداء على تلاوة القرآن والصلاة والذكر، فلا يمر يوم بدون تلاوة قرآن، ولا يمر يوم إلا وقد أخذ القلب حظه من الصلاة، فرائضها، ونوافلها، ولا يمر يوم إلا وقد أقام المسلم فيه أوراده المأثورة، من استغفار، وصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وتهليل، وغير ذلك. وهو موضوع يعرف المسلم تفصيلاته من كتابنا (جند الله ثقافة وأخلاقا) وفي رسالة (المأثورات) للأستاذ البنا ما يشفي.
4 - [كلام ابن كثير حول مجادلة أهل الكتاب وكيفيته وتعليق المؤلف على ذلك]
عند قوله تعالى: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. قال ابن كثير: (قال قتادة وغير واحد: هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولم يبق معهم مجادلة، وإنما هو الإسلام أو الجزية أو السيف. وقال آخرون: بل هي باقية محكمة لمن أراد الاستبصار منهم في الدين؛ فيجادل بالتي هي أحسن ليكون أنجع فيه، كما قال تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ الآية.
[النحل: 125] وقال تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه: 44]. وهذا القول اختاره ابن جرير وحكاه عن ابن زيد وقوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ أي حادوا عن وجه الحق، وعموا عن واضح المحجّة، وعاندوا وكابروا، فحينئذ ينتقل من الجدال إلى الجلاد، ويقاتلون بما يمنعهم ويردعهم. قال الله عز وجل: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحديد: 25]. قال جابر: أمرنا من خالف كتاب الله أن نضربه بالسيف. قال مجاهد إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ: يعني أهل
الحرب، ومن امتنع منهم من أداء الجزية. وقوله تعالى: وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ يعني إذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه فهذا لا نقدم على تكذيبه، لأنه قد يكون حقا، ولا تصديقه فلعله أن يكون باطلا، ولكن نؤمن به إيمانا مجملا، معلّقا على شرط، وهو أن يكون منزلا لا مبدّلا ولا مؤوّلا. روى البخاري رحمه الله
…
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسّرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا آمنّا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد، ونحن له مسلمون» . وهذا الحديث تفرّد به البخاري. روى الإمام أحمد
…
عن أبي نملة الأنصاري أنه بينا هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل من اليهود فقال: يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أعلم» قال اليهودي: أنا أشهد أنها تتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدّقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان حقا لم تكذّبوهم، وإن كان باطلا لم تصدّقوهم» . (قال ابن كثير): وأبو نملة هذا هو عمارة، وقيل عمار، وقيل عمرو بن معاذ بن زرارة الأنصاري رضي الله عنه. ثم ليعلم أن أكثر ما يتحدثون به غالبه كذب وبهتان، لأنه قد دخله تحريف، وتبديل، وتغيير، وتأويل، وما أقل الصدق فيه، ثم ما أقل فائدة كثير منه، لو كان صحيحا.
روى ابن جرير
…
عن ابن مسعود قال: لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ؛ فإنّهم لن يهدوكم وقد ضلّوا، إما أن تكذّبوا بحقّ، أو تصدقوا بباطل، فإنه ليس أحد من أهل الكتاب إلا وفي قلبه تالية (أي بقية) تدعوه إلى دينه كتالية المال، وروى البخاري
…
عن ابن عباس قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ وكتابكم الذي أنزل إليكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث، تقرءونه محضا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدّلوا وغيّروا، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا؟
ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم. وروى البخاري وأبو اليمان
…
عن حميد بن عبد الرحمن أنّه سمع معاوية يحدّث رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب.
قال ابن كثير: (معناه أن يقع منه الكذب لغة من غير قصد، لأنّه يحدّث عن صحف هو يحسن بها الظن، وفيها أشياء موضوعة ومكذوبة، لأنهم لم يكن في ملتهم