الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له: «ألا نبعث عليك شاهدنا؟» قال: «فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليه فيختم على فيه، ويقال لفخذه انطقي» قال: «فينطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل، وذلك المنافق، وذلك ليعذر من نفسه، ذلك الذي يسخط الله تعالى عليه» رواه مسلم وأبو داود من حديث سفيان بن عيينة به بطوله).
11 - [تحقيق ابن كثير حول موضوع الشعر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم بمناسبة الآية (69)]
بمناسبة قوله تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ كتب ابن كثير تحقيقا حول موضوع الشعر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وختمه بالإشارة إلى كون الشعر منه المباح، ومنه المندوب، وهذا هو كلام ابن كثير في هذا المقام:
(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ أي ما هو في طبعه فلا يحسنه ولا يحبه، ولا تقتضيه جبلته، ولهذا ورد أنّه صلى الله عليه وسلم كان لا يحفظ بيتا على وزن منتظم، بل إن أنشده زحّفه، أو لم يتمّه، وروى أبو زرعة الرازي
…
إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي أنّه قال: ما ولد عبد المطلب ذكرا ولا أنثى إلا يقول الشعر، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكره ابن عساكر في ترجمة عتبة بن أبي لهب الذي أكله الأسد بالزرقاء. روى ابن أبي حاتم
…
عن الحسن هو البصري قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت: (كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا). فقال أبو بكر رضي الله عنه:
يا رسول الله: (كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا). قال أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما أشهد أنك رسول الله، يقول تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ وهكذا روى البيهقي في الدلائل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه أنت القائل: (أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة). فقال: إنما هو بين عيينة والأقرع. فقال صلى الله عليه وسلم: «الكل سواء» يعني في المعنى، صلوات الله وسلامه عليه والله أعلم. وقد ذكر السهيلي في الروض الأنف لهذا التقديم والتأخير الذي وقع في كلامه صلى الله عليه وسلم في هذا البيت مناسبة أغرب فيها، حاصلها شرف الأقرع بن حابس على عيينة بن بدر الفزاري لأنه ارتد أيام الصديق رضي الله عنه، بخلاف ذاك والله أعلم، وهكذا روى الأموي في مغازيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يمشي بين القتلى يوم بدر وهو يقول:«نفلق هاما» فيقول الصديق رضي الله عنه متمما للبيت:
…
من رجال أعزة
…
علينا وهم كانوا أعق وأظلما
وهذا لبعض شعراء العرب في قصيدة له وهي في الحماسة. وروى الإمام أحمد
…
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل فيه ببيت طرفة: (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة من طريق إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عنها. ورواه الترمذي والنسائي أيضا من حديث المقدام ابن شريح بن هانئ عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كذلك ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وروى الحافظ أبو بكر
…
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل من الأشعار: (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) ثم قال: ورواه غير زائدة عن سماك عن عطية عن عائشة رضي الله عنها وهذا في شعر طرفة بن العبد في معلقته المشهورة وهذا المذكور عجز بيت منها أوله:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
…
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له
…
بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
وقال سعيد بن عروة عن قتادة قيل لعائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت رضي الله عنها: كان أبغض الحديث إليه، غير أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل ببيت أخي بني قيس، فيجعل أوله آخره وآخره أوله، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ليس هذا هكذا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إني والله ما أنا بشاعر وما ينبغي لي» رواه ابن أبي حاتم وابن جرير وهذا لفظه وقال معمر عن قتادة:
بلغني أن عائشة رضي الله عنها سئلت هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثّل بشيء من الشعر؟
فقالت رضي الله عنها: لا إلا بيت طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
…
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فجعل صلى الله عليه وسلم يقول: «من لم تزود بالأخبار» فقال أبو بكر ليس هذا هكذا فقال صلى الله عليه وسلم: «إني لست بشاعر ولا ينبغي لي» وروى الحافظ أبو بكر البيهقي بسنده عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا:
تفاءل بما تهوى يكن فقلما
…
يقال لشئ كان إلا تحققا
سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث فقال هو منكر، ولم يعرف شيخ الحاكم ولا الضرير (وهما من رجال إسناده) وثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم تمثّل يوم حفر الخندق بأبيات عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، ولكن تبعا لقول
أصحابه رضي الله عنهم، فإنهم كانوا يرتجزون وهم يحفرون فيقولون:
لا هم لولا أنت ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
…
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأولى قد بغوا علينا
…
إذا أرادوا فتنة أبينا
ويرفع صلى الله عليه وسلم صوته بقوله أبينا ويمدها وقد روى هذا بزحاف في الصحيحين أيضا.
وكذا ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين وهو راكب البغلة يقدم بها في نحور العدو:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
لكن قالوا هذا وقع اتفاقا من غير قصد لوزن شعر، بل جرى على اللسان من غير قصد إليه، وكذلك ما ثبت في الصحيحين عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار فنكبت إصبعه فقال صلى الله عليه وسلم:
هل أنت إلا إصبع دميت
…
وفي سبيل الله ما لقيت
وسيأتي عند قوله تعالى إِلَّا اللَّمَمَ إنشاد:
إن تغفر اللهم تغفر جما
…
وأي عبد لك ما ألما
وكل هذا لا ينافي كونه صلى الله عليه وسلم ما علم الشعر، ولا ينبغي له؛ فإن الله تعالى إنما علمه القرآن العظيم الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ وليس هو بشعر كما زعمه طائفة من جهلة كفار قريش، ولا كهانة، ولا مفتعل، ولا سحر يؤثر، كما تنوعت فيه أقوال الضلال وآراء الجهال، وقد كانت سجيته صلى الله عليه وسلم تأبى صناعة الشعر طبعا وشرعا، كما رواه أبو داود عن عبد الرحمن بن رافع الفتوحي قال: سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أبالي ما أوتيت إن أنا شربت ترياقا، أو تعلقت تميمة، أو قلت الشعر من قبل نفسي» تفرد به أبو داود، وروى الإمام أحمد رحمه الله
…
عن أبي نوفل قال: سألت عائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بسائغ عنده الشعر؟ فقالت: قد كان أبغض الحديث إليه وقال: عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء، ويدع ما بين ذلك، وروى أبو داود
…
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا» انفرد به من هذا الوجه، وإسناده على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وروى