الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بناء السماء والأرض. وأنه الحق الذي يريد الله بإرسال الرسل أن يقره بين الناس في الأرض. فهذا من ذلك: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا ..
وهي لفتة لها في القرآن نظائر. وهي حقيقة أصيلة من حقائق هذه العقيدة التي هي مادة القرآن المكي الأصيلة .. ).
كلمة في سورة (ص) ومحورها:
قلنا من قبل: إن محور سورة (ص) هو قوله تعالى من مقدمة سورة البقرة إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.
ومن ثمّ نجد في أول السورة قوله تعالى: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ* بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ.
ثم نجد بعد آية قوله تعالى: وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ.
ثم نجد في أعماق السورة: قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ* رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ.
ثم نجد بعد آية: إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ.
ثم نجد ختام السورة: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ* وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ.
…
ونلاحظ أن السورة تبدأ بمقدمة ثم تنتقل منها بقوله تعالى: اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ.
ونجد في السورة بعد ذلك: وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ.
ونجد: وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ.
ونجد: وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ.
فكأن السورة تعطي دروسا للنذير.
…
وتكثر في السورة الأوامر (قل) مما يشير إلى أنّ القرآن يلقّن النّدير حجّته أمام المواقف الجاحدة الكافرة.
…
وتعرض السورة مظاهر من العذاب العظيم الذي أعدّه الله للكافرين.
وتعرض السورة آدابا كثيرة للرسل الذين يقومون بواجب النذارة عن الله عز وجل، وارتباط كل ذلك بالمحور واضح، سنراه أثناء عرضنا للسورة.
…
والسورة تكمّل سورة الصافات، ومن ثمّ نجد الكلام عن التوحيد منذ البداية:
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ.
وإذا حدّثتنا سورة الصافات عن إلياس، فإن سورة (ص) تذكر اسم خليفته (اليسع) وإذا حدّثتنا سورة الصافات عن عباد الله المخلصين، فسورة (ص) تحدّثنا عن الطريق إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ.
…
ولأنّ سورتي الصافات وص تفصّلان في مقدمة سورة البقرة، فإننا نلاحظ تداخلا؛ فسورة الصافات تحدّثنا عن الكافرين في معرض الكلام عن التوحيد، وسورة (ص) تحدثنا عن المتقين في سياق الإنذار.
…
وكما فصّلت سورة الصافات في الآيات الأولى من سورة البقرة مع امتداد معانيها في سورة البقرة كلها، فإن سورة (ص) تفصّل آيتي سورة البقرة في وصف الكافرين مع امتداد معانيها في سورة البقرة أيضا.
لاحظ ما يلي:
جاءت في سورة البقرة قصة إبليس، وهي مرتبطة بموضوع الكفر، وجاء في
سورة البقرة قوله تعالى فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ [الآية: 137].
وجاء في سورة البقرة قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ [الآية: 176].
وجاء في سورة البقرة قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ [الآية: 206].
لاحظ كلمتي الشقاق والعزّة ثمّ لاحظ أن سورة (ص) تبدأ بقوله تعالى ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ* بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ.
والملاحظ كذلك أن سورة (ص) تنتهي بقصة إبليس عليه اللعنة، وهذا يؤكّد ما ذكرناه من أنّ سورة (ص) تفصّل في محورها، وفي امتدادات هذا المحور من سورة البقرة.
…
وإذا كانت آيتا المحور في سورة البقرة قد أجملتا موضوع عدم استفادة الكافرين من الإنذار، فإن سورة (ص) ستفصّل لنا حرفيات مواقفهم التي أوصلتهم إلى هذه النتيجة وتردّ عليها.
…
تتألف سورة (ص) من مقدمة تمتد حتى نهاية الآية (16).
ومن مقطع أول يمتد حتى نهاية الآية (64)، ومن مقطع ثان يمتد حتى نهاية السورة. فلنر السورة.