الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوم القيامة فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً أي لم تخف عليه حقيقة أمرهم وحكمة حكمهم. وبهذا انتهت السورة.
كلمة في السياق: [حول صلة المجموعة ببقية مجموعات المقطع وبالمحور]
بدأ المقطع الثالث بتذكيرنا بعظمة الله وغناه، وافتقارنا إليه ليثير الخشية والشكر وهما مفتاحا سياق السورة. ثم بيّن إخلال الكافرين بأيمانهم التي أعطوها على الاهتداء، وعلل ذلك بالكبر والمكر، مما يشير إلى أن الكبر والمكر هما علتا الكفر الرئيسيتان، ثمّ بيّن سنّته تعالى التي لا تتغير ولا تتبدّل بالماكرين. ثمّ دلّهم على ما يستدلون به على سنّته وهو آثار الهالكين السابقين. ثم بين أن سنة أخرى هي التي تحميهم من التعجيل بالعذاب، وهذا كله يستثير الخشية منه تعالى. فالمجموعة تؤدي دورها في سياق المقطع وفي سياق السورة.
فوائد:
1 - [كلام ابن كثير بمناسبة آية وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ]
بمناسبة قوله تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ قال ابن كثير:
(روى ابن أبي حاتم عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إياك ومكر السيّئ فإنه لا يحيق المكر السيّئ إلا بأهله ولهم من الله طالب» وقال محمد ابن كعب القرظي: ثلاث من فعلهنّ لم ينج حتى ينزل به: من مكر أو بغى أو نكث وتصديقها في كتاب الله تعالى وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ [يونس: 23] فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ
[الفتح: 10].
2 - [حول قوله تعالى وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا
.. ]
بمناسبة قوله تعالى: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ذكر ابن أبي حاتم بسنده إلى عبد الله بن مسعود قوله: (كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم ثم قرأ: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وقال سعيد بن جبير والسدّي في قوله تعالى ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ: أي لما سقاهم المطر فماتت جميع الدوابّ).
كلمة أخيرة في سورة فاطر:
دلّت سورة فاطر على وجوب الشكر، وعلى نقطة البداية فيه كما دلّت على طريق
المعرفة الكاملة لله عز وجل، فهي تفصّل فيما فصّلت فيه سورة الأنعام وتكمّل تفصيلها.
وقد دلّت السورة كذلك على الصوارف عن الشكر، وحذّرتنا من ذلك، فحذرتنا من الشيطان والدنيا، ودلّت على أن الرغبة في العز والجاه والمجد من الصوارف عن طريق الله.
ولمّا كانت بداية السير إلى الله تكمن في قبول الإنذار، ولما كان قبول الإنذار يحتاج إلى خشية من الله عز وجل، فقد دلّت السورة على الطريق لتحقيق الخشية وبينت بواعثها، ودلّت على مغذياتها.
وسورة فاطر تكمّل سورة سبأ، ومن ثمّ فهي تبني على ما ذكرته تلك، فسورة سبأ وضعت الأساس في موضوع الشكر، وجاءت سورة فاطر لتبني على هذا الأساس.
لاحظ التكامل بين السورتين:
جاء في سورة سبأ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وجاء في سورة فاطر وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ.
جاء في سورة سبأ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وجاء في سورة فاطر:
اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.
لقد ربطت سورة سبأ بين معرفة الله والإيمان باليوم الآخر والقيام بالتكليف الذي هو الشكر، وسورة فاطر هي التي دلّت على طريق الشكر العملي.
وسورتا سبأ وفاطر تكمّلان مجموعتهما في قسم المثاني بإعطاء كثير من المعاني، فهما قد عمّقتا قضية الشكر، وهو موضوع مرتبط بقضية التقوى الواردة في سورة الأحزاب، وذلك يعمّق قضية الإيمان التي ركزت عليها زمرة (الم) في هذه المجموعة.
إنّ لسورة فاطر سياقها المرتبط بمحورها، ولها تكاملها مع السورة التي سبقتها ومع مجموعتها التي هي فيها وكل ذلك بعض أسرار الإعجاز.