الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملاحظة في السياق: [حول تقسيم المقطع الثالث إلى ثلاث مجموعات وخاتمة]
نلاحظ أن المقطع الأخير يتألف من ثلاث مجموعات وخاتمة.
المجموعات الثلاث تبدأ بداية متشابهة.
المجموعة الأولى تبدأ ب أَلَمْ تَرَوْا ....
المجموعة الثانية والثالثة تبدءان ب أَلَمْ تَرَ ....
الخاتمة مبدوءة ب يا أَيُّهَا النَّاسُ ....
فلنر التفسير.
تفسير المجموعة الأولى
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ من شموس وأقمار ونجوم وغير ذلك. وَما فِي الْأَرْضِ من بحار وأنهار ومعادن ودوابّ وغير ذلك.
وَأَسْبَغَ أي وأتمّ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً بالمشاهدة وَباطِنَةً مما لا يعلم إلا بدليل. وقيل الظاهرة: كالبصر والسّمع واللسان وسائر الجوارح، والباطنة:
كالقلب والعقل والفهم وما أشبه ذلك. وقيل: تخفيف الشرائع وتضعيف الذرائع والخلق والخلق، ونيل العطايا وصرف البلايا، وقبول الخلق ورضا الرب. وقيل:
الظاهرة ما سوّى من خلقك، والباطنة ما ستر من عيوبك. وقال ابن كثير: (وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة من إرسال الرّسل، وإنزال الكتب، وإزالة الشّبه
والعلل، ثمّ مع هذا ما آمن الناس كلهم، بل منهم من يجادل في الله أي في توحيده وإرساله الرسل، ومجادلته في ذلك بغير علم ولا مستند من حجّة صحيحة، ولا كتاب مأثور صحيح). ولهذا قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ كسبي وَلا هُدىً فطري وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ أي مبين مضئ
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ أي لهؤلاء المجادلين في توحيد الله اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ أي القرآن والوحي قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أي لم يكن لهم حجّة إلا اتّباع الآباء الأقدمين أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ أي أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم إلى النار، أي أيتبعونهم حتى في حال دعاء الشيطان إياهم إلى العذاب
وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أي ومن يخلص وجهه لله بانقياده لأمره، واتباعه لشرعه، وهو محسن في عمله باتباع ما به أمر، وترك ما عنه زجر فَقَدِ اسْتَمْسَكَ أي تمسّك وتعلّق بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال ابن كثير:(أي فقد أخذ موثقا من الله متينا أنّه لا يعذّبه). والعروة: هي ما يعلّق به الشئ، والوثقى: تأنيث الأوثق. وفسر بعضهم الآية بأنّه من يفوّض أمره لله، ويتوكّل عليه، وهو محسن بعمله فإنه مستمسك بالعروة الوثقى. قال النسفي:(مثّل حال المتوكّل بحال من أراد أن يتدلّى من شاهق، فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه) وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أي هي صائرة إليه فيجازي عليها
وَمَنْ كَفَرَ ولم يسلم وجهه لله فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ أي فلا يهمنّك كفر من كفر إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أي فنعاقبهم على أعمالهم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي إن الله يعلم ما في صدور عباده فيفعل بهم على حسبه
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا أي زمانا قليلا في الدنيا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ أي نلجئهم إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ أي شديد فظيع صعب شاقّ على النفوس، شبّه إلزامهم التعذيب، وإرهاقهم إياه، باضطرار المضطر إلى الشئ
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ هذا إلزام لهم على إقرارهم بأن الذي خلق السموات والأرض هو الله وحده، وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر وألا يعبد معه غيره بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أن ذلك يلزمهم وإذا نبّهوا عليه لم ينتبهوا
لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فالكل خلقه وملكه إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ الغني عن حمد الحامدين، الحميد المستحق للحمد وإن لم يحمده أحد
لَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ أي ولو أن أشجار الأرض أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتبت بتلك الأقلام، وبذلك المداد كلمات الله لما نفدت كلماته، ونفدت الأقلام والمداد إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه شئ حَكِيمٌ في خلقه وأمره وأقواله وأفعاله وشرعه وجميع شئونه
ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ أي إلا كخلق نفس واحدة، وبعث نفس واحدة. أي سواء في قدرته القليل والكثير، فلا يشغله شأن عن شأن إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لأقوالهم بَصِيرٌ بأفعالهم كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة.
فكذلك قدرته عليهم كقدرته على نفس واحدة.