الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في هذه المجموعة:
هذه المجموعة تتألف من سورتين فقط، وإنما دلنا على أن هذه المجموعة تتألف من هاتين السورتين هو ابتداء سورة الصافات بالقسم، وهي علامة من الآن فصاعدا على بداية المجموعات كما سنرى وَالذَّارِياتِ. لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً وَالْفَجْرِ
…
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ
…
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً. وَالْعَصْرِ، وأن السورة الثانية مبدوءة بالحرف (ص) وهي علامة على نهاية مجموعة منذ سورة مريم. فسورة مريم فيها (صاد) فهي نهاية مجموعة، وهذه كذلك نهاية مجموعة.
…
وممّا يدلّنا على أنّ سورة الصافات بداية مجموعة كون (يس) قبلها كانت نهاية مجموعة، وكون سورة الزمر بعد (ص) بداية مجموعة كما سنرى، فتعيّن أنّ الصافات وصاد مجموعة واحدة في هذا القسم- قسم المثاني- وسنرى في هذا القسم كثرة المجموعات وكيف أنّ أكثرها يفصّل في أوائل سورة البقرة ولعلّ لهذا صلة بتسمية هذا القسم بالمثاني.
…
وتكاد سورة الصافات تمثل في معنى من معاني الآيات الأولى من سورة البقرة والواردة في صفات المتقين، وتكاد سورة (ص) تفصّل في معنى من معاني الآيات الآتية بعدها والواردة في صفات الكافرين.
فسورة الصافات تفصّل في معان مستكنّة في قوله تعالى: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وكذلك سورة (ص) تفصّل في معان مستكنّة في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.
وكما أن كل مجموعة لها تكاملها، ولها روحها، ولها كذلك دورها الخاص بها، فإن هاتين السورتين كذلك، فهما تبرزان معنى من المعاني المستكنة في مقدمة سورة البقرة بشكل بارز لا نراه في غيرهما. كما أن كل سورة منهما على حدة تبرز معاني من محورها وتفصلها بشكل لا نراه على كماله وتمامه كما هو في هاتين السورتين، وكل ذلك سنراه بالتفصيل إن شاء الله تعالى.
…
وإذ كانت السورتان تفصلان في حيز واحد هو مقدمة سورة البقرة، فإننا نجد بينهما تداخلا، كما أن الكلام في المقدمة متداخل، إذ الكلام عن المؤمنين يحوي في طياته كلاما عن الكافرين. والكلام عن الكافرين يحوي في طياته كلاما عن المتقين، فمن خلال تقريرك لصفات الكافرين تكون قد حددت بعض خصائص المؤمنين، ومن خلال تقريرك لصفات المؤمنين تكون قد حددت بعض خصائص الكافرين، وإذا كانت السورتان تتحدثان في هاتين الدائرتين فمن ثمّ نجد فيهما تكاملا وتداخلا مع احتفاظ كل منهما بدوره في تفصيل محوره الرئيسي.
…
وبمناسبة ذكر الاستكنان نقول:
إنك تجد معاني كثيرة مستكنة في آية من آيات القرآن، فتجد سورة كاملة تفصّل هذا الاستكنان، كما رأينا ذلك في كثير من آيات سورة البقرة، إذ تأتي سورة وسور كاملة من أجل أن تفصّل ما استكنّ فيها. إنك لتجد كثيرا من سور القرآن تفصّل تفصيلا نورانيا لمحورها، فمثلا سورة الأنعام تفصيل لآيتين من سورة البقرة. وسورتا سبأ وفاطر تفصيل جديد لهاتين الآيتين، ولكنه تفصيل يراعي التفصيل الأول، إن أول تفصيل لمقدمة سورة البقرة يأتي في سورة آل عمران، ثم يأتي تفصيل ثان لبعضها في سورة يونس، مراعى فيه التفصيل الأول. ثم تأتي سورة الحجر لتفصّل في بعض المقدمة تفصيلا ثالثا، مراعى فيه التفصيلين السابقين، ثم تأتي سورة طه والأنبياء فتفصلان بعض المقدمة تفصيلا رابعا، مراعى فيه التفصيلات السابقة. ثم تأتي زمرة (الم) في هذه المجموعة لتفصّل في مقدمة سورة البقرة تفصيلا خامسا، مراعى فيه التفصيلات السابقة، ومن ثمّ تجد معنى في تفصيل سابق قد فصّل في تفصيل لاحق.
وهكذا تجد معاني فصّلت مرة بعد مرة، وكل التفصيلات اللاحقة مستكنة في آيات المحور.
وسنرى هذا بشكل بارز في سورتي هذه المجموعة فمثلا: أن لا إله إلا الله مستكنة في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وستجد كيف أن سورة الصافات تبرز هذا المستكنّ هناك، وهي تفصّل من جديد في مقدمة سورة البقرة.
ولنبدأ عرض سورتي المجموعة الثانية من قسم المثاني.