الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه غرابة من حيث ذكر نزول هذه الآية والسورة بكمالها مكية فالله أعلم. (الحديث الثالث) روى ابن جرير
…
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت منازل الأنصار متباعدة من المسجد فأرادوا أن ينتقلوا إلى المسجد فنزلت وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ فقالوا: نثبت مكاننا، هكذا رواه وليس فيه شئ مرفوع، ورواه الطبراني
…
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد، فأرادوا أن يتحولوا إلى المسجد فنزلت وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ فثبتوا في منازلهم. (الحديث الرابع) روى الإمام أحمد
…
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: توفي رجل بالمدينة فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «يا ليته مات في غير مولده» فقال رجل من الناس: ولم يا رسول الله؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل إذا توفي في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة» ورواه النسائي عن يونس بن عبد الأعلى وابن ماجه عن حرملة كلاهما عن ابن وهب عن حيي بن عبد الله به، وروى ابن جرير
…
عن ثابت قال: مشيت مع أنس رضي الله عنه فأسرعت المشي، فأخذ بيدي فمشينا رويدا، فلما قضينا الصلاة قال أنس: مشيت مع زيد بن ثابت فأسرعت المشي فقال يا أنس أما شعرت أن الآثار تكتب؟ وهذا القول لا تنافي بينه وبين الأول، بل في هذا تنبيه ودلالة على ذلك بطريق الأولى والأحرى؛ فإنه إذا كانت هذه الآثار تكتب فلأن تكتب تلك التي فيها قدوة بهم من خير أو شر بطريق الأولى، والله أعلم).
ولنمض في التفسير:
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ أي اذكر لهم قصة عجيبة هي قصة أصحاب القرية. قال ابن كثير: (يقول تعالى: واضرب يا محمد لقومك الذين كذبوك مثلا أصحاب القرية) إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ
إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ أي إلى أهل القرية اثْنَيْنِ أي رسولين فَكَذَّبُوهُما أي بادروهما بالتكذيب فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ أي قوّيناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث فَقالُوا أي الرسل الثلاثة لأهل القرية إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ أي من ربكم الذي خلقكم يأمركم بعبادته وحده لا شريك له
قالُوا أي أصحاب القرية ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا قال ابن كثير:
(أي فكيف أوحى إليكم وأنتم بشر ونحن بشر فلم لا أوحى إلينا مثلكم، ولو كنتم رسلا لكنتم ملائكة وهذه شبهة كثير من الأمم المكذبة
…
). وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ
شَيْءٍ أي من الوحي أي وما أنزل الله وحيا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ أي وما أنتم إلا كذبة، فلغة الكافرين في كل زمان ومكان واحدة
قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ قال ابن كثير: (أي أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين: الله يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كذبة عليه لانتقم منا أشدّ الانتقام، ولكنّه سيعزّنا وينصرنا عليكم، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار)
وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ أي التبليغ الظاهر المكشوف بالآيات الشاهدة بصحته. قال ابن كثير: (يقولون إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، فإذا أطعتم كانت لكم السعادة في الدنيا والأخرى، وإن لم تجيبوا فستعلمون غبّ ذلك)
قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ أي قال لهم أهل القرية ذلك.
ومعنى تطيرنا بكم: تشاءمنا بكم. قال النسفي: (وذلك أنهم كرهوا دينهم، ونفرت منه نفوسهم، وعادة الجهال أن يتيمّنوا بكل شئ مالوا إليه، وقبلته طباعهم، ويتشاءموا بما نفروا عنه وكرهوه، فإن أصابهم بلاء أو نعمة قالوا بشؤم هذا وبركة ذلك). وقال ابن كثير فيها: (أي لم نر على وجوهكم خيرا في عيشنا. وقال قتادة:
يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم) لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا عن مقالتكم هذه لَنَرْجُمَنَّكُمْ أي لنقتلنكم رجما بالحجارة أو المعنى: لنطردنّكم أو لنشتمنّكم وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ أي ليصيبنّكم منا عذاب شديد. أي عقوبة شديدة، وذلك دأب الظالمين مع الدعاة إلى الله في كل زمان ومكان، إذ تفوتهم الحجة يلجئون إلى التهديد والوعيد، ثم التنفيذ
قالُوا أي الرسل طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أي سبب شؤمكم معكم، وهو الكفر، أو شؤمكم مردود عليكم، قابلوا الكلام بمثله ممّا يدلّ على جواز الانتصار لتبيان الحق أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ أي أإن وعظتم ودعيتم إلى الإسلام تطيّرتم بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ أي مجاوزون الحدّ في العصيان فمن ثمّ أتاكم الشؤم من قبلكم لا من قبل رسل الله وتذكيرهم. قال النسفي:(أو بل أنتم مسرفون في ضلالكم وغيّكم، حيث تتشاءمون بمن يجب التبرك به من رسل الله)
وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ أي من أبعدها رَجُلٌ يَسْعى أي يسرع قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ حضّ قومه على اتباع الرسل الذين جاءوهم
اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً أي على إبلاغ الرسالة وَهُمْ أي الرسل مُهْتَدُونَ فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده لا شريك له
وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي أي خلقني وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي وإليه مرجعكم يوم القيامة، فيجازيكم على أعمالكم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر
أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً هذا استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع
إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ أي مكروه لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ أي هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله لا يملكون من الأمر شيئا، فإن الله تعالى لو أرادني بسوء فإن هذه الأصنام لا تستطيع كشفه، ولا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذونني مما أنا فيه
إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي ظاهر بيّن أي إن اتخذتها آلهة من دون الله
إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ هل هذا القول قاله للرسل ليشهدوا له، أو قاله لقومه متحدّيا عند ما أخذوا يقتلونه؟ قولان
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ دلّ على أنهم قتلوه فكافأه الله عز وجل بالجنة. قال ابن كثير: فدخلها فهو يرزق فيها، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها. فلما رأى الثواب قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
بِما غَفَرَ لِي رَبِّي أي بمغفرة ربي لي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ أي بالجنة بإيماني بربي، وتصديقي المرسلين. قال ابن كثير:(ومقصوده أنهم لو اطّلعوا على ما حصل لي من هذا الثواب والجزاء، والنعيم المقيم؛ لقادهم ذلك إلى اتّباع الرسل، فرحمه الله ورضي عنه، فلقد كان حريصا على هداية قومه)
وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد قتله مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ لتعذيبهم ونصر رسلنا وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ أي وما كان يصح في حكمتنا أن ننزل في إهلاك قومه جندا من السماء، وذلك لأن الله تعالى أجرى هلاك كل قوم على بعض الوجوه دون بعض لحكمة اقتضت ذلك. قال ابن مسعود: أي ما كاثرناهم بالجموع، الأمر كان أيسر من ذلك
إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً أي إن كانت الأخذة أو العقوبة إلا صيحة واحدة. قال ابن كثير: (قال المفسرون: بعث الله تعالى إليهم جبريل عليه الصلاة والسلام، فأخذ بعضادتي باب بلدهم، ثم صاح بهم صيحة؛ فإذا هم خامدون عن آخرهم، لم تبق بهم روح تتردد في جسد) فَإِذا هُمْ خامِدُونَ قال النسفي: (أي ميّتون كما تخمد النّار) والمعنى:
أن الله كفى أمرهم بصيحة ملك، ولم ينزل لإهلاكهم جندا من جنود السماء كما فعل يوم بدر والخندق
يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ أي يا ويل العباد. وقال قتادة أي يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيّعت من أمر الله، وفرّطت في جنب الله. وقال النسفي: الحسرة: شدة الندم، وهذا نداء الحسرة عليهم، كأنما قيل لها تعالي يا حسرة، فهذه من أحوالك التي حقّك أن تحضري فيها وهي حال استهزائهم بالرسل، والمعنى: أنّهم أحقاء أن يتحسّر عليهم المتحسّرون ويتلهف على حالهم المتلهفون، أو هم متحسر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين. وقال ابن كثير: ومعنى هذا يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة، إذا عاينوا العذاب كيف كذّبوا رسل الله، وخالفوا