الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفوائد:
1 - [كلام ابن كثير بمناسبة آية فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ]
بمناسبة قوله تعالى: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ قال ابن كثير:
(لكن يقال: كيف الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الوارد في الصحيح:
«أن إبراهيم حين مرّ على ذلك الجبار فسأل إبراهيم عن سارة ما هي منه فقال أختي، ثم جاء إليها فقال لها: إني قد قلت له إنك أختي، فلا تكذبيني فإنه ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك، فأنت أختي في الدين» وكأن المراد من هذا- والله أعلم- أنه ليس على الأرض زوجان على الإسلام غيري وغيرك، فإن لوطا عليه السلام آمن به من قومه وهاجر معه إلى بلاد الشام، ثم أرسل في حياة الخليل إلى أهل سدوم وأقام بها، وكان من أمرهم ما تقدم وما سيأتي).
2 - [كلام ابن كثير بمناسبة قوله تعالى على لسان إبراهيم وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي]
وبمناسبة قوله تعالى: وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي قال ابن كثير:
(قال قتادة: هاجرا من كوثى وهي من سواد الكوفة إلى الشام، وقال: وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون هجرة بعد هجرة، ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها حتى تلفظهم أرضهم وتقذرهم روح الله عز وجل، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير، وتبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا وتأكل ما سقط منهم»).
ثمّ قال ابن كثير:
(وقد أسند الإمام أحمد هذا الحديث فرواه مطولا من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص عن شهر بن حوشب قال: لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية قدمت الشام فأخبرت بمقام يقومه نوف البكالي، فجئته إذ جاء رجل، فانتبذ الناس، وعليه خميصة وإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص، فلما رآه نوف أمسك عن الحديث فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنها ستكون هجرة بعد هجرة فينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها فتلفظهم أرضهم، تقذرهم نفس الرحمن، تحشرهم النار مع القردة والخنازير، فتبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا، وتأكل من تخلّف منهم» ، قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سيخرج أناس من أمتي من قبل المشرق، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج منهم قرن قطع، كلما خرج منهم قرن قطع- حتى عدها زيادة على عشرة مرات- كلما خرج
منهم قرن قطع حتى يخرج الدجال في بقيتهم». ورواه الإمام أحمد عن أبي داود وعبد الصمد كلاهما عن هشام الدستوائي عن قتادة به، وقد رواه أبو داود في سننه فقال في كتاب الجهاد (باب ما جاء في سكنى الشام): عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم وتقذرهم نفس الرحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير» . وروى الإمام أحمد عن شهر بن حوشب قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: لقد رأيتنا وما صاحب الدينار والدرهم بأحق به من أخيه المسلم، ثم لقد رأيتنا بآخرة الآن والدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لئن اتبعتم أذناب البقر، وتبايعتم بالعينة، وتركتم الجهاد في سبيل الله، ليلزمنكم الله مذلة في أعناقكم لا تنزع منكم حتى ترجعوا إلى ما كنتم عليه، وتتوبوا إلى الله تعالى» ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لتكونن هجرة بعد هجرة إلى مهاجر أبيكم إبراهيم حتى لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها، وتلفظهم أرضهم وتقذرهم روح الرحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير، تقيل حيث يقيلون، وتبيت حيث يبيتون، وما سقط منهم فلها» ، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«يخرج قوم من أمتي يسيئون الأعمال، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم- قال يزيد لا أعلمه إلا قال- يحقر أحدكم علمه مع علمهم، يقتلون أهل الإسلام، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، فطوبى لمن قتلهم، وطوبى لمن قتلوه، كلما طلع منهم قرن قتله الله» فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة أو أكثر وأنا أسمع، وروى الحافظ أبو بكر البيهقي بسنده عن نافع، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيهاجر أهل الأرض هجرة بعد هجرة إلى مهاجر إبراهيم، حتى لا يبقى إلا شرار أهلها، تلفظهم الأرضون، وتقذرهم روح الرحمن؛ وتحشرهم النار مع القردة والخنازير، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، لها ما سقط منهم» غريب من حديث نافع.
والظاهر أن الأوزاعي قد رواه عن شيخ له من الضعفاء والله أعلم. وروايته من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أقرب إلى الحفظ.
ولنعد إلى التفسير.
…
وَلُوطاً أي واذكر لوطا إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أي الفعلة البالغة في القبح وهي: اللواطة ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ هذه جملة مقرّرة لفحاشة تلك الفعلة، كأن قائلا قال: لم كانت فاحشة؟ فقيل: لأن أحدا قبلهم لم يقدم عليها
أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ أي بالقتل وأخذ المال، كما هو عمل قطاع الطريق وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ أي مجلسكم. ولا يقال للمجلس ناد إلا ما دام فيه أهله الْمُنْكَرَ أي تفعلون ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسكم التي تجتمعون فيها، لا ينكر بعضكم على بعض شيئا. واختلفت أقوال المفسرين في هذا المنكر الذي يفعلونه في ناديهم. قال النسفي في تفسيره:
(أي المضارطة، والمجامعة، والسباب، والفحش في المزاح، والخذف بالحصى، ومضغ العلك، والفرقعة
…
). فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ أي فيما تعدنا من نزول العذاب. وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم. ولهذا استنصر عليهم نبي الله ف:
قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بإنزال العذاب عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ الذين يفسدون الناس بحملهم على ما كانوا عليه من المعاصي والفواحش
وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى أي بالبشارة لإبراهيم بالولد والنّافلة يعني: إسحاق ويعقوب قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ أي قرية سدوم إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ هذا يفيد أن الظلم قد استمر منهم في الأيام السالفة، وهم عليه مصرّون، وظلمهم كفرهم، وأنواع معاصيهم
قالَ إبراهيم إِنَّ فِيها لُوطاً أي أتهلكونهم وفيهم من هو برئ من الظلم وهو لوط قالُوا أي الملائكة نَحْنُ أَعْلَمُ منك بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أي من الهالكين لأنها كانت تمالئهم على كفرهم وبغيهم وأفعالهم، ثم ساروا من عنده فدخلوا على لوط في صورة شبّان حسان
وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ أي ساءه مجيئهم. والتركيب يفيد أنه بمجرد أن أحسّ بمجيئهم فاجأته المساءة، من غير ريث؛ خيفة عليهم من قومه أن يتناولوهم بالفجور وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً أي وضاق بشأنهم وبتدبير أمرهم ذرعه، أي طاقته. والمعنى: أنّه اغتمّ بأمرهم، فهو إن أضافهم خاف عليهم من قومه، وإن لم يضفهم خشي عليهم منهم وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ أي وننجي أهلك إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أي من الهالكين
إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً أي عذابا مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ أي بفسقهم وخروجهم عن طاعة الله ورسوله