الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وهناك اتجاهات أخرى في الآية، وقد لخّص النّسفي كل الاتجاهات في الآية مفسّرا قوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ فقال: (بمعنى تترك مضاجعة من تشاء منهن، وتضاجع من تشاء، أو تطلّق من تشاء، وتمسك من تشاء، أو لا تقسم لأيتهن شئت، وتقسم لمن شئت، أو تترك تزوج من شئت من نساء أمتك، وتتزوّج من شئت، وهذه قسمة جامعة لما هو الغرض لأنه إما أن يطلّق وإما أن يمسك، فإذا أمسك ضاجع، أو ترك، وقسم، أو لم يقسم، وإذا طلّق وعزل، فإما أن يخلي المعزولة لا يبتغيها أو يبتغيها.
وروي أنه أرجى منهن جويرية، وسودة، وصفية، وميمونة، وأم حبيبة، وكان يقسم لهن ما شاء كما شاء، وكانت ممن آوى إليه عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب، أرجى خمسا، وآوى أربعا، وروي أنه كان يسوّي مع ما أطلق له، وخيّر فيه، إلا سودة فإنها وهبت ليلتها لعائشة، وقالت لا تطلقني حتى أحشر في زمرة نسائك).
5 - [كلام ابن كثير بمناسبة آية وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ]
بمناسبة قوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ قال ابن كثير:
(أي من الميل إلى بعضهن دون بعض، مما لا يمكن دفعه كما روى الإمام أحمد
…
عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه، فيعدل ثم يقول:«اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» . رواه أهل السنن الأربعة وزاد أبو داود بعد قوله: «فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» يعني القلب. وإسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات).
6 - [هل آية لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ .. منسوخة أم لا؟ والتدليل على ذلك]
رأينا في تفسير قوله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ
…
أن الاتجاه الرئيسي في الآية أنها منسوخة، إلا أن هناك اتجاها في الفهم يوجه الآية بما يجمع بين الآيات بلا نسخ. وقد ذكر ابن كثير أدلة القائلين بالنسخ ثم ذكر الأقوال الأخرى. قال ابن كثير:
(روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحلّ الله له النّساء، ورواه أيضا من حديث ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة، ورواه الترمذي والنسائي في سننيهما. وروى ابن أبي حاتم عن أم سلمة أنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء، إلا ذات محرم. وذلك قوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ الآية فجعلت هذه ناسخة للتي بعدها في التلاوة، كآيتي عدة الوفاة في سورة البقرة، الأولى ناسخة
للتي بعدها والله أعلم، وقال آخرون: بل معنى الآية لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ أي من بعد ما ذكرنا لك من صفة النساء اللاتي أحللنا لك، من نسائك اللاتي آتيت أجورهن، وما ملكت يمينك، وبنات العم والعمات والخال والخالات والواهبة وما سوى ذلك من أصناف النساء، فلا يحل لك، وهذا مروي عن أبيّ بن كعب ومجاهد في رواية عنه وعكرمة والضحاك في رواية وأبي رزين في رواية عنه وأبي صالح والحسن وقتادة في رواية والسدي وغيرهم. روى ابن جرير عن رجل من الأنصار قال: قلت لأبيّ بن كعب: أرأيت لو أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم توفين أما كان له أن يتزوج؟ فقال: وما يمنعه من ذلك؟ قال: قلت: قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ فقال: إنما أحل الله له ضربا من النساء فقال: تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ إلى قوله تعالى: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ثم قيل له: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ورواه عبد الله بن أحمد، وروى الترمذي عن ابن عباس قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف من النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، بقوله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ فأحل الله فتياتكم المؤمنات، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، وحرم كل ذات دين غير الإسلام، ثم قال وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ الآية. وقال تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ إلى قوله تعالى: خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء. وقال مجاهد لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ أي من بعد ما سمّى لك من مسلمة ولا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة.
وقال أبو صالح لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ أمر أن لا يتزوج أعرابية ولا عربية، ويتزوج بعد من نساء تهامة، وما شاء من بنات العم والعمة، والخال والخالة، إن شاء ثلاثمائة، وقال عكرمة لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ أي التي سمّى الله. واختار ابن جرير رحمه الله أن الآية عامّة فيمن ذكر من أصناف النساء، وفي اللواتي في عصمته وكن تسعا، وهذا الذي قاله جيد ولعله مراد كثير ممن حكينا عنه من السلف، فإن كثيرا منهم روي عنه هذا وهذا ولا منافاة والله أعلم. ثم أورد ابن جرير على نفسه ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلّق حفصة، ثم راجعها، وعزم على فراق سودة حتى وهبت يومها لعائشة، ثم أجاب بأن هذا كان قبل نزول قوله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ
النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ
الآية، وهذا الذي قاله من أن هذا كان