الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبل موته بنحو سنتين: كم بلغت قصيدتك إلى الآن؟ فقال: ثلاثين ومائة ألف بيت، وقد بقي عَلَيَّ فيها أشياء أحتاج إلى زيادتها، ونظم فيها الفقه، ونظم كتاب المزني فيها، وكتب الطب والفلسفة، وكان عليه سكون، ووقار، يظن من لا يعرفه أنه لا يحسن شيئا من العلم، وكان حسن الصيانة، توفي في ذي الحجة سنة خمس
وثلاثين وثلاث مائة، قال ابن يونس: أنا أبو رجاء محمد بن أحمد: ثنا علي بن عبد العزيز بمكة، ثنا مسلم، ثنا إبراهيم، ثنا الحسن ابن أبي جعفر، ثنا أيوب بن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:«أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما» ، ثم قال ابن يونس: هذا خطأ، والصحيح عن علي من قوله.
محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر أبو بكر بن الحداد الكناني المصري
شيخ الديار المصرية في مذهب الشافعي، رضي الله عنه، ولد يوم موت المزني، وأخذ الفقه، عن أبي سعيد محمد بن عقيل الفريابي، وعن بشر بن نصر غلام عرق، وعن منصور بن إسماعيل والد بحر، وجالس الشيخ أبا إسحاق المروزي، لما ورد عليهم مصر، ودخل بغداد سنة عشر وثلاث مائة، فاجتمع بأبي جعفر بن جرير الطبري وأخذ عنه، وأخذ العربية عن محمد بن ولاد، وروى الحديث عن جماعة، قال الدارقطني: وكان ابن الحداد كثير الحديث، ولم يحدث عن غير أبي عبد الرحمن
النسائي، وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله عز وجل، وقال أبو سعيد بن يونس: روى عن محمد ابن عقيل الفريابي الفقيه، وأبي يزيد
القراطيسي، وعمر بن مقدام، والنسائي، وغيرهم، قال: وكان يحسن النحو والفرائض، ويدخل على السلاطين، وكان حافظا للفقه على مذهب الشافعي، رضي الله عنه، وكان كثير الصلاة متعبدا، ولي القضاء بمصر نيابة.
وقال ابن زولاق في تاريخ قضاة مصر: ولما كان في شوال سنة أربع وعشرين وثلاث مائة، سلم محمد بن طغج الإخشيد، قضاء مصر إلى أبي بكر بن الحداد، وكان أيضا ينظر في المظالم ويوقع فيها، فينظر في الحكم خلافة عن الحسين بن محمد بن أبي زرعة، ومحمد بن عثمان الدمشقي، وهو لا ينظر، وكان يجلس في الجامع وفي داره، وربما جلس في دار ابن أبي زرعة، ووقع في الأحكام، وكاتب خلفاء النواحي، قال: ثم بعد ستة أشهر ورد العهد بالقضاء من بغداد من ابن أبي الشوارب لابن أبي زرعة، فركب بالسواد إلى الجامع، وقرئ عهده على المنبر، ولم يزل ابن الحداد يخلفه، إلى آخر أيامه، وكان ابن الحداد
فقيها، متعبدا، يحسن علوما كثيرة، منها: علم القرآن، وقول الشافعي، وعلم الحديث، والأسماء والكنى، والنحو، واللغة، واختلاف الفقهاء وأيام الناس، وسير الجاهلية، والشعر والنسب، ويحفظ شعرا كثيرا ويجيد الشعر، ويختم في كل يوم وليلة في صلاته، ويصوم يوما ويفطر يوما، ويختم يوم الجمعة ختمة أخرى في ركعتين في الجامع قبل الصلاة سوى التي يختم بها كل يوم، وكان حسن الثياب رفيعها، حسن المركوب، فصيحا، غير مطعون عليه في لفظه، وله فضل معه، ثقة في اليد، والفرج، واللسان، مجمعا على صيانته وطهارته، وكان من محاسن مصر، حاذقا بعلم القضاء، أخذ ذلك عن القاضي أبي عبيد بن
حربويه، إلى أن قال: وكل من وقف على ما ذكرناه، يقول: صدقت،
قال: وله كتاب أدب القضاء في أربعين جزءا، وكتاب الباهر في الفقه نحو مائة جزء، وكتاب جامع الفقه، وكتاب المسائل المولدات، وفيه يقول الشاعر في جملة قصيدة له طويلة:
الشافعي تفقها، والأصمعي
…
تفهما، والتابعين تزهدا
وقال الشيخ المسبحي: كان ابن الحداد فقيها، عالما، كثير الصلاة والصيام، يصوم يوما، ويفطر يوما، ويختم القرآن في كل يوم وليلة، قائما، مصليا، وكان نسيج وحده في حفظ القرآن، واللغة، والتوسع في علم الفقه، وكانت له حلقة من سنين كثيرة، فغشاها المسلمون فأخذوا عنه، وكان عالما أيضا بالحديث، والأسماء، والرجال، والتاريخ، قال: وحج ومرض في الرجوع، ومات يوم الثلاثاء لأربع بقين من المحرم، سنة أربع وأربعين وثلاث مائة، وهو يوم دخول الحجاج إلى مصر، وعمره سبع وسبعون سنة وشهور، وَصُلِّيَ عليه يوم الأربعاء، ودفن بسفح المقطم عند قبر والدته، وحضر جنازته أبو القاسم بن
الإخشيد، وأبو المسك كافور، والأعيان، رحمه الله، فما خلف بعده بمصر مثله، قلت: له كتاب الفروع، وهو صغير الحجم، وقد شرحه من الأئمة الكبار: أبو بكر القفال المروزي الكبير، والقاضي أبو الطيب الطبري، والشيخ أبو علي السنجي، وله اختيارات، ووجوه كثيرة، وكلام دقيق، وفروع مخرجه كثيرة، وقال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: ومنهم: ابن أبي بكر بن الحداد المصري صاحب الفروع، مات سنة خمس وأربعين وثلاث مائة، وكان فقيها مدققا، وفروعه تدل على فضله.