الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخياط الشاعر المشهور، ولد سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة، وتفقه على ابن سعدان، والقطب النيسابوري، والشرف بن الشهرزوري وغيرهم، وسمع معه ولده من الخشوعي، وكان إماما بارعا فاضلا جليلا مهيبا، ولي القضاء بالشام، فحمدت سيرته وحدث بالقدس وغيره، وروى عنه الشرف والفخر ابنا عساكر، والمجد بن الحلوانية وغيرهم، وتوفي، خامس ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وست مائة رحمه الله تعالى.
يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة بن شداد بن محمد بن عتاب قاضي القضاة بهاء الدين بن شداد أبو العريم أبو المحاسن الأسدي الحلبي
الموصلي المولد والمنشأ، ثم الحاكم بحلب وأعمالها وناظر أوقافها، ولد في ليلة العاشر في رمضان سنة تسع وثلاثين وخمس مائة، وحفظ القرآن، واشتغل بالعربية والقراءات على أبي بكر بن يحيى بن سعدون القرطبي، ولازمه مدة كبيرة، وأخذ عنه شيئا كثيرا، وسمع صحيح مسلم والوسيط للواحدي على سراج الدين محمد بن علي الجبائي، وسمع مسند الشافعي وسنن أبي داود والترمذي وصحيح أبي عوانة ومسند أبي يعلى على فخر الدين أبي الرضي أسعد بن الشهرزوري، وسمع من شهدة وجماعة كثيرين ببغداد وغيرها من البلاد، وتفقه وتفنن، وأفاد وأعاد بالنظامية ببغداد، وحدث بمصر ودمشق وحلب، وروى عنه ابنه
المجد والكمال العديمي، والزكي المنذري، والشهاب القوصي، والأبرقوهي وبالإجازة قاضي القضاة تقي الدين سليمان الحنبلي،
وشيخنا أبو نصر محمد بن محمد بن الشيرازي وجماعة.
قال عمر بن الحاجب: كان ثقة حجة عارفا بأمور الدين، اشتهر اسمه وسار ذكره، وكان ذا صلاح وعبادة، وكان في زمانه كالقاضي أبي يوسف في زمانه، دبر أمور الملك بحلب، واجتمعت الألسن على مدحه، قلت: أعاده في النظامية في حدود سنة سبعين وخمس مائة، ثم انحدر إلى الموصل، ودرس بمدرسة الكمال الشهرزوري ثم حج سنة ثلاث وثمانين وعاد على طريق الشام لزيارة بيت المقدس، وبعث إليه الملك صلاح الدين فحضر عنده فاشتد إكرام صلاح الدين له، وقرأ عليه شيئًا من الحديث بنفسه، وصنف له القاضي بهاء الدين كتابا في فضيلة الجهاد، فحظي عند الملك، وولاه قضاء العسكر مع قضاء بيت المقدس، ولم
يزل ملازما للسلطان إلى أن توفي، وهو عنده وصار الملك إلى ولده الظاهر بحلب فاستدعاه إليها وولاه قضاءها، ونظر أوقافها، وأجزل له رزقه وأعطاه وأقطعه أرضا تفل شيئًا جزيلا، ولم يكن له نسل ولا قرابة فكان ما يحصل له موفر عنده، فبنى به مدرسة وإلى جانبها دار حديث بينهما تربة له، وقصده الطلبة للدين والدنيا، وعظم شأن الفقهاء في زمانه لعظم قدره، وارتفاع منزلته.
وصنف من الكتب دلائل الأحكام في مجلدين، والموجز الباهر في الفقه، وكتاب ملجأ الحكام في الأقضية مجلدين، وكتاب سيرة صلاح الدين أجاد فيه وأفاد، وممن أخذ عنه واشتغل عليه ولازمه قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان رحمه الله وقد طول ترجمته في وفيات الأعيان، وذكر أن صاحب إربل كتب إلى ابن شداد كتابا بالوصاة به، وما ضنه، فأكرمها حسب الإمكان وحكى عنه القاضي ابن خلكان قال: لما كنا بالنظامية اجتمع أربعة من الفقهاء أو خمسة على شوب حب البلادر، فاستعملوا
منه قدرا وصفه لهم الطبيب، فجنوا وتمزقوا وخرجوا على وجوههم، فلما كان بعد أيام إذا أحدهم قد جاء وهو عريان مكشوف
العورة وعليه بقيار كبير، وعذبة طويلة تضرب إلى كعبه، فاجتمع عليه الفقهاء يسألونه كيف الحال؟ فقال: لا شيء إلا أن أصحابي شربوا البلادر فجنوا، وأما أنا فلم يصبني شيء، وهو مصم وهم يضحكون منه، قال القاضي ابن خلكان: ولم يزل أمره منتظما في ولايته ونفوذ تصرفاته إلى أن راح في الرسلية إلى مصر لإحضار ابنه الكمال لزوجها العزيز، فرجع وقد انتقضت الأمور واشتغل السلطان عنه بغيره فلزم بيته على ولاية القضاء، وظهر عليه أثر الهرم وخرف فكان ينشد:
من يتمن العمر فليدرع
…
صبرا على فقد أحبائه
ومن يعمر يلق في نفسه
…
ما يتمناه لأعدائه
قال: ومرض أياما قلائل، ومات يوم الأربعاء رابع عشر صفر سنة اثنتين وثلاثين وست مائة بحلب رحمه الله تعالى.