الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإمام رضي الدين أبو إسحاق الجزري
الفقيه الشافعي، تفقه على شيخه أبي القاسم بن البزري، وساد أهل بلده بعده، وقد تفقه ببغداد بالنظامية، ومات في المحرم سنة سبع وسبعين وخمس مائة عن أربع وستين سنة.
أحمد بن أبي الحسن علي بن أحمد بن يحيى بن خازم بن علي بن رفاعة الزاهد الكبير المشهور أبو العباس الرفاعي البطائحي المغربي أصلًا
قدم أبوه من بلاد المغرب، فسكن من البطائح بقرية يقال لها: أم عبيدة، وتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد، ورزق منها أولادًا منهم الشيخ أحمد المذكور، ومات والده وأمه حامل به، فنشأ في كفالة خاله، وكان ميلاده في محرم سنة خمس مائة، قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: كان رجلًا صالحًا شافعيًا فقيهًا انضم إليه خلق من الفقراء وأحسنوا فيه الاعتقاد، وهم الطائفة الرفاعية، ويقال لهم الأحمدية والبطائحية، ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيات حية والنزول إلى التنانير، وهي تتضرم نارًا والدخول إلى الأفرنة، وينام واحد منهم
في جانب الفرن، والخباز يخبز في الجانب الآخر، وتوقد لهم
النار العظيمة وتقام السماع، فيرقضون عليها إلى أن تنطفئ، ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه، ولهم أوقات معلومة يجتمع عندهم من الفقراء بالبطائح عالم لا يحصون ويقومون بكتابة الجميع، والبطائح عدة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة، وقد صنف الناس في مناقب الشيخ يعقوب بن كراز: قال سيدي الشيخ أحمد: سلكت الطرق الموصلة فما رأيت أقرب ولا أصلح ولا أسهل من الافتقار والذل والانكسار، فقيل له: يا سيدي فكيف يكون؟ قال: تعظم أمر الله، وتشفق على خلق الله، وتقتدي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنه أنه قال: لو أن عن يميني خمس مائة
يروحوني بمراوح، وهم من أقرب الناس إلي عن يميني وعن يساري مثلهم من أبغض الناس إلى معهم مقاريض يقرضون بها لحمي، ما زاد هؤلاء عندي ولا نقص هؤلاء بما فعلوه ثم قرأ {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 23] قال: وكان سيدي الشيخ أحمد إذا حضر بين يديه تمر ورطب ينفي البسط الحسف لنفسه، فيأكله ويقول: أنا أحق بالدون من غيري، فإني مثله، قال: وكان لا يجمع بين قميصين في شتاء ولا صيف، وكان ورده أنه يصلي أربع ركعات كل ركعة بألف قل هو الله أحد، ويستغفر كل يوم ألف مرة،
واستغفاره أن يقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني
كنت من الظالمين عملت سوءًا وظلمت نفسي وأسرفت في أمري، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت.
قال: وتوضأ يومًا في برد شديد ومد يده فبقي زمانًا، فتقدمت لأقبلها، فقال: شوشت على هذه الضعيفة، قلت: من هذه؟ قال: بعوضة كانت تأكل رزقها من يدي فهربت منك، قال: ورأيته مرة يتكلم ويقول: يا مباركة فأعلمت بك العديل عن وطنك، فنظرت فإذا جرادة قد تعلقت بثوبه وهو يتعذر إليها رحمة لها.
وذكر أن هرة نامت على كمه فجاءت وقت الصلاة، فقص كمه ولم يزعجها وعاد من الصلاة، فوجدها قد قامت، فوصل كمه وخيطه، قال يعقوب: ومر سيدي على دار الطعام، فوجد الكلاب يأكلون التمر من القوصرة وهم يتحاربون، فوقف على الباب لئلا يدخل عليهم أحد يؤذيهم وهو يقول: أي مباركين، اصطلحوا وكلوا لا يدروا بكم يمنعوكم، كذا قال، وكان سيد أحمد إذا قدم من سفر شمر وجمع الحطب ثم يحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين، وكان الفقراء يوافقونه، وربما كان يملأ الماء للأرامل المساكين ويؤثرهم، قال: وكان يتمثل بهذا البيت:
إن كان لي عند سليمى قبول
…
فلا أبالي بما يقول العذول
أغار عليها من أبيه وأمها
…
ومن كل من يرنو إليها فينظر
وأحد من حد المرآة بكفها
…
إذا نظرت مثل الذي أنا أنظر
، قال الشيخ يعقوب بن كراز: كان سيدي أحمد والفقراء في مكان فقال: لا إله إلا الله قد حان أوان هذا المجلس، فليخبر الحاضر الغائب أن أحمد يقول وأنتم تسمعون: من خلا بامرأة أجنبية فأنا منه بريء، وسيدي الشيخ منصور منه بريء، وسيدي المصطفى صلى الله عليه وسلم منه بريء، وربنا سبحانه منه بريء، ومن خلا بأمرد كذلك، ومن نكث البيعة فإنما ينكث على نفسه، ثم قام من مجلسه، ومات بعد شهر، وذكروا أنه كان يحضر للحاوي في أول أمره ثم في نهايته، مكث كذلك نحو من سبع سنين، وذكر أبو الفرج ابن الجوزي أن سبب مرضه الذي مات فيه أنه سمع القوال ينشد أبياتًا، فتواجد منها، وكان
المنشد لها عبد الغني بن نقطة حين زاره أنشده إياها فاضطرب وانزعج وهي هذه الأبيات:
إذا جن ليلي هام قلبي بذكركم
…
أنوح كما ناح الحمام المطوق
وفوقي سحاب يمطر الهم والأسى
…
وتحتي بحار بالأسى تتدفق