الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلونا إن شئتم أو فصدوا
…
لا عدمناكم على كل حاله.
عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء
العلامة شيخ المذهب على الإطلاق في زمانه، مفتي الفرق، أحد المجتهدين، فقيه الشام تاج الدين أبو محمد الفزاري البدري المصري الأصل الدمشقي الشافعي، ويلقب بالفركاح، نحيف في رجليه، ولد في ربيع الأول من سنة أربع وعشرين وست مائة، وسمع صحيح البخاري من الزبيدي، وسمع من أبانا وغيره، وسمع أيضًا من مكرم بن أبي الصفر، وابن الصلاح والسنجاري وخلق، وقد خرج له الحافظ علم الدين البرزالي مشيخة عن مائة شيخ في عشرة أجزاء، فسمعها عليه جماعة من الأعيان منهم ابنه شيخنا الإمام العلامة برهان الدين، والشيخ الإمام العلامة أبو العباس تقي الدين ابن تيمية، والحافظ الجهبذ أبو
الحجاج المزي، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، والشيخ علاء الدين بن العطار، وعلاء الدين المقدسي، وزكي الدين زكي وآخرون، وتخرج في الفقه أولًا على الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، والشيخ عز الدين ابن عبد السلام، فبرع في المذهب سريعًا، وتقدم وساد وتصدر للاشتغال، وهو ابن بضع وعشرين سنة، ودرس في سنة ثمان وأربعين، وأفتى وهو ابن ثلاثين سنة، وأعاد في المدرسة الناصرية الجوانية أول ما بنيت، ودرس في المجاهدية ثم تركها، وولي البادرانية في سنة ست وسبعين، واقتصر
عليها وعلى مرتب له في الجامع.
وكان فيه كرم زائد، ومواساة وأخلاق جميلة، وعشرة صديقة، فقير النفس رحيب الصدر، له عبارة حسنة جزيلة فصيحة وخطابة بليغة الفوائد الجمة والفنون المهمة، والمصنفات البديعة عالي الهمة كثير الاشتغال والمطالعة، مداوما على الاشتغال في جميع حالاته، وكان محببا إلى النفوس موقرا عندهم لديانته وعفته وفوائده وكرمه وعلمه ورياسته وعقله وفضله وتواضعه ونصحه للمسلمين، ومن جملة مصنفاته كتاب الإقليد علقه على أبواب التنبيه من نظر فيه علم محل الرجل من العلم وأين وصل إليه من مراتبه في تصويره وتعبيره وشهومته وعلو قدره، وكان رحمه الله، لطيف الطبع يميل إلى السماع، ويحضره
ويرخص فيه، ورأيت في ذلك شيئًا قد تكلم عليه أباحه بشروط الشأن في حصول تلك الشروط في زماننا اليوم، وله اختيارات في المذهب كثيرة، مشى على أكثرها ولده من بعده، رحمهما الله، وللشيخ رحمه الله فضائل كثيرة ومحاسن غزيرة، وله شعر جيد فمنه:
يا كريم الآباء والأجداد
…
وسعيد الإصدار والإيراد
كنت سعدا لنا بوعد كريم
…
لا تكن في وفائه كسعاد
، وقد تخرج به جماعة كثيرون، وأمم لا يحصون من قضاة، وقضاة قضاة، وعلماء، وفقهاء، وسادة، وقادة رءوس، ورؤساء، وأئمة وكبراء، وكان له فنون في الشرعيات من فقه وحديث وتفسير وعلوم الإسلام الشافعية، فرحمه الله، ونور ضريحه، توفي ضحى يوم الاثنين خامس جمادى