الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوسف ابن السلطان الملك الصالح صلاح الدين ابن الملك العزيز محمد ابن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي صاحب حلب
ولد بقلعتها سنة سبع وعشرين وست مائة، وبويع بالملك بها بعد موت أبيه سنة أربع وثلاثين، وهو ابن سبع سنين، وقام بتدبير الممالك الأتابكية بعد مشاورته جدته الخاتون صفية بنت الملك العادل، فلما مات سنة أربعين، وقد ترعرع استبد، ولما كان في سنة ثمان وأربعين واختلف بما قيل للسلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب القاهرة ودمشق بعد موته ساق إلى دمشق، فأخذها منهم لاشتغالهم عنها، ثم صار إلى مصر ليأخذها، فمانعوه وقاتلوه وكسروه، فرجع إلى دمشق واقتصر عليها، وعلى الممالك الحلبية، وكان محببا إلى الرعايا جوادا كريما ممدحا يحب العلماء والصالحين ويحاضرهم، ويحفظ
شعرا كثيرا وملحا ونوادر، وكان يذبح في مطبخه كل يوم أربع مائة رأس غنم سوى الدجاج والطيور، ونفقته على سماطه كل يوم عشرون ألفا، وكانت الرعية مغتبطين به، لكرمه وجوده، وسماحة مع لعب فيه، وإقبال منه على الملاهي والعشيرات، ووقف على الشافعية مدرسة حسنة داخل باب الفراديس بدمشق، وحضر بها الدرس وخلع يومئذ خلعا كثيرة، وذلك في سنة أربع وخمسين وست مائة، ثم بنى بالجبل رباطا وتأنق في بنائه إلى الغاية، ووقف عليها أوقافا جيدة، وبنى دار الطعم إلى جوار الرتحلبية بالشعبة، وكان حسن الشكل مليح القدر، طري الشباب أحول، عليه أبهة المملكة،
من بيت عريق في السلطنة، ولما
استحوذ هولاكو - لعنه الله - على بغداد، وملك البلاد ساق إلى البلاد الحلبية، فأخذها وقتل أهلها يوهم الملك الناصر كثيرا، وركب في جيشه وهرب إلى الديار المصرية، فتمزق جيشه وتراجعوا، ولم يبق إلا في نفر يسير فرجع هو أيضا بعد أن بلغ قطب على وادي موسى، وجاءت رسل التتار بالفرمان، والأمان لأهل دمشق، فاستحوذوا عليها، واستنابوا بها كتبغالوبن، وكان كافرا فاجرا يميل إلى دين النصرانية، وبعثوا وراء الناصر، فاقتبضوه في تلك البلاد بعد أن سافروا وراءه أياما في البراري فرجعوا، وهو معهم كالأسير فمروا به على دمشق، ونزل بظاهر البلد، تحت الرسيم والهوان، وذهبوا به
ومروا به على حلب، وقد تغيرت معالمها ورسومها وخرب سورها ومتعلقها، وقد أمكنوا بها، فاستعبر عند ذلك باكيا، وقال:
يعز علينا أن نرى ريعكم يبلى
…
وكانت به آيات حسنكم تتلى.
لما قدموا به على هولاكو أكرمه واحترمه، وقد كان هولاكو يتوهم من جيوش الشام ومصر، وكان قد جمع رعبا من الناصر، فلما هرب أمامه استهان به وحقره، وبقي عنده الناصر كالأسير إلا أنه يعامله معاملة الملوك الأسراء، فلما التقى الجمعان الجيش المصري المؤيد المظفري مع الفريق المخزول التتري عند عين جالوت فأعز الله الإسلام وأهله وكسر جيش الكفر ورجاله، وقتل اللعين كتبغالوبن استشاط الطاغية هولاكو غضبا حين علم أن جيشه لن يعجز الله في الأرض هربا استحضر الملك الناصر وأظهر حدته فيه، ورماه بسهام
فلم يخطئه، ويقال: بل أمر بشجرتين من جور فجمع أعاليها وربط كل منهما إليه
شق منه، ثم أرسلهما فتفسخ رحمه الله وسامحه، وذلك في سنة تسع وخمسين وست مائة، فمات عن إحدى وثلاثين سنة وشيء، عوضه الله الجنة آمين.