الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان له معرفة جيدة بالأصلين والفقه، وعرضت عليه وكالة بيت المال فأباها، ومشيخة الشيوخ فما قبلها، وقضاء القضاة فامتنع لزهده وورعه، سمع الحديث بمدينة حلب من أبي القاسم بن رواحة، وزين الدين ابن الأستاذ، وحدث عنه: الحافظ المزي، والعالم البرزالي، والشيخ علاء الدين بن العطار، قال الشيخ قطب الدين اليونيني رحمه الله: كان لطيف الأخلاق كريم الشمائل، عارفًا بالمذهب والأصول مكمل الأدوات توفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة إحدى
وثمانين وست مائة، ودفن بمقابر الصوفية، وله ست وسبعون سنة، رحمه الله تعالى آمين.
محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد قاضي القضاة عز الدين أبو المفاخر الأنصاري الدمشقي الشافعي المعروف بابن الصائغ
ولد سنة ثمان وعشرين وست مائة، وسمع ابن اللتي، وابن الحميري، ويوسف ابن خليل وجماعة وتفقه على جماعة، ولازم القاضي كمال الدين التفليسي، وصار من أعيان أصحابه، ودرس بالشامية البرانية، مشاركًا للقاضي شمس الدين بن المقدسي، ثم استقل بها ابن المقدسي، وعوض ابن الصائغ بوكالة بيت المال، وذلك بسفارة الصاحب بهاء الدين بن الحسي، وحظي ابن الصائغ عند الصاحب ابن الجني ورفع من قدره، ونوه بذكره حتى آل من أمره أن عزل القاضي شمس الدين ابن خلكان، وولى ابن الصائغ القضاء، وذلك سنة
تسع وستين، فباشر القضاء، وظهرت منه نهضة وصرامة وقام في الحق وإبطال الباطل، فتربى له بسبب
ذلك مبغضون تعصبوا عليه وألهوا وشنعوا وتعاونوا وكذبوا، ثم أعيد ابن خلكان إلى القضاء في أول سنة سبع وسبعين، ففرح كثير من الناس بذلك، وبقي ابن الصائغ على تدريس العذراوية فقط.
فلما قدم الملك المنصور دمشق لغزوه حمص سنة ثمانين، أعاد ابن الصائغ إلى القضاء، وعزل ابن خلكان، وبقي بتدريس النجيبية فقط، فعاد القاضي عز الدين إلى عادته فيما كان عليه من إقامة الشرع، وإسقاط الشهود المطعون فيهم، والتنقيب والكشف عن أمور مستورة، فتعاونوا وتساعدوا فيه، ورتبوا أمورًا كبيرة متعددة، وعقدوا له مجالس يطول ذكرها، وكاد الرجل أن يعطب بأكملية، ثم وقى الله شر تلك الناس، وخمد تلك النفوس الثائرة، وكاتب فيه ملك الأمراء حسام الدين لاجين نائب الشام إلى طلب حسام الدين طرنطاي نائب الديار المصرية وتساعدا في الإنهاء إلى السلطان براءة القاضي المذكر،
وأنه لم يثبت في قلبه حق، وأنه متعصب عليه، فجاء المرسوم السلطاني بإطلاقه من اعتقاله، ومعاملته بالإكرام والاحترام، فأخرج من القلعة المنصورة بعد ما مكث فيها أيامًا وأحيط على حواصله وأملاكه، ففرج الله عنه هذه الكربة بسبب سؤاله الله ربه، وذهب إلى ملك الأمراء فسلم عليه، وإلى قاضي القضاة بهاء الدين ابن الزكي، ونزل بداره بمدرسة النخاسة، ثم انتقل إلى بستانه بحمص إلى أن توفي في تاسع ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وست مائة، وقد جمع أهله عند احتضاره، وتوضأ وصلى بهم، وقال: هللوا معي وبقي يهلل معهم ساعة حتى توفي وذكروا أن آخر كلامه لا إله إلا الله، فرحمه الله
آمين.