الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سمع من جده أبي الفضل يحيى ونصر الله المصيصي، وكان رئيسًا فاضلًا إماما فقيهًا متعبدا، قال الضياء المقدسي: نعم الشيخ كان، توفي في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمس مائة، ودفن بمسجد الدقن.
عبد الرحمن علي بن الحسن بن الفرج بن أحمد القاضي الفاضل محيي الدين أبو علي ابن القاضي الأشرف أبي الحسن اللخمي البيساني العسقلاني المولد المصري المنشأ
صاحب العبادة والبلاغة والفصاحة والبراعة، ولد في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمس مائة بعسقلان، وكان أبوه قاضيا بها وإنما نسب إلى بيسان لولاية أبيه قضاءها أيضًا، وأقام بالإسكندرية مدة وتعلم هذه الصناعة التي فاق فيها على أقرانه وتقدم على سائر أهل زمانه على الموفق يوسف ابن الخلال شيخ الإنشاء للفاطميين، وانتقل إلى ديوان الإنشاء في الدولة الفاطمية، بإشارة الملك العادل بن الصايح بن زريك، فباشر جماعته مدة ثم لما قدم أسد الدين شيركوه، وأقام وزيرا في الديار المصرية قدمه على الديوان وحظي عنده لما تفرس فيه، ثم لما استقل الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن
أيوب بمملكة الديار المصرية جعله كاتبا ووزيرا ومشاركا ومشيرا، وحصل له منه الحظ الوافر،
بحيث إنه كان يعطيه في كل سنة خمسين ألف دينار، مع ما له من المتاجر وغير ذلك وهو حقيق بذلك وجدير، وهو مع بضاعته وعليها قدر مع الديانة والأمانة والرياسة وكثرة العبادة والتلاوة آناء الليل وأطراف النهار، وله في صناعته اليد العليا التي لم يدركها أحد بعده، لأنه حاز قصب السبق فيما وجده، وذكر القاضي ابن خلكان: أنه بلغت مصنفاته وتعليقاته في هذا الفن نحوًا من مائة مجلد، وقال غيره: وجد بخطه في أثناء مكاتباته من الأشعار المفردة من بيت وبيتين نحو من مائة ألف وعشرين ألفًا،
وأنه اقتنى من الكتب ما يزيد على مائة ألف مجلد، مع ما له من السواد والبلاغة، والجواب السريع، والنظم البديع ما تضيق عنه هذه الأوراق فيما يسر الأسماع والأحداق، وقد أثنى غير واحد من الأئمة، وذكروا أنه كان أحد أفراد هذه الأمة، وأنه شارك السلطان صلاح الدين في فتح الأقاليم، فذاك بحسبانه وشيامه، وهذا بعلمه وبيانه، وكان قليل التلذذ بالدنيا مقبلًا على شأنه من صلاة وصيام وتلاوة، يختم كل يوم وليلة القرآن العظيم، كثير المطالعة للكتب كثير الصدقات والبر والصلات، له مدرسة موقوفة على الشافعية والمالكية، ومكتب للأيتام وأوقاف الأسرى، وكان ضعيف البنية دقيق الصورة
له خدمة يغطيها الطيلسان، وكان في سوء خلق يكمد في نفسه، ولا يضر أحدًا به رحمه الله، ولهذا لما مرض كان كثير التعنت على أهل بيته، فقالت له جارية من جواريه: يا مولانا، والذي يمن علينا بمعافاتك ما لنا طاقة بمرضاتك في مرضاتك، ومات بالسكتة بعد ما تولى الإقبال وأقبل الإدبار، وكان ذلك في سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمس مائة، ودفن إلى جانب مدرسته بمصر، وقد سمع الحديث من أبي طاهر السلفي وأبي القاسم ابن عساكر وأبي الطاهر بن عوف وأبي محمد العثمان