الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس، فجلس معه على سرير التدريس، وكان حييًا فاستدبر القاضي الفاضل ببعض بدنه فصاح به قم استدبرت الإمام، فقال القاضي: أنا وإن استدبرته بقالبي فإني مستقبله بقلبي، قال: قم قم ما تعبدنا بهذا، فقام خجلا وهو لا يعقل.
وذكر أن الملك العزيز بن الناصر صلاح الدين زاره، فصافحه ثم استدعى بماء ليغسل يده من مصافحته، وقال: لعل علمًا بك لا تحترزون من صيانة اللجام من البول والنجاسة، فقال له الملك: فاغسل وجهك أيضًا فإنك مسسته بيدك ففعل أيضًا، فغسل يديه ووجهه، ولهذا كان إذا ركب حماره، يوطئ تحته بألبسة حتى لا يناله عرق ولا شيء، وكان إذا مر به أي راكب ضربه حتى نزل، فكانوا يتحامونه، حتى إنه مر به الطبيب المعروف بابن سوعة فتحامق الطبيب أن ينزل فضربه بالمقرعة، فأبدر عينيه وذهبت هذرًا، وكان مع هذه الشدة والقوة في غاية الصلابة والتقشف والزهد والتورع، لم يأكل من مال الملوك
لقمة، ولا أخذ من ريع المدرسة، فلسًا ولا جامكية ولا شيئًا، ولكن كان له من أهل بلده تاجر بمصر، فكان يأكل من ماله، وكان قليل الرزق، ولما توفي في ذي القعدة سنة سبع وثمانين وخمس مائة كفن في كسائه الذي جاء معه من خبوشان.
محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن حازم الحافظ أبو بكر الحازمي الهمذاني
مؤلف الناسخ والمنسوخ وغيره، مولده سنة ثمان أو تسع وأربعين وخمس مائة، فسمع بهمذان من أبي الوقت حضورًا ومن شهردار بن شيرويه، وأبي زرعة محمد بن طاهر، ومعمر بن الفاخر وخلق.
ورحل وجال وسمع ببلاد شتى: بخارى، والشام، وحران، وبغداد، والكوفة، والبصرة، وواسط، والموصل وغيرها من البلدان، وتخرج بالحافظ أبي موسى المديني، وكان أبو موسى يقول: هو أحفظ من عبد الغني المقدسي، وما رأيت شابًا أحفظ منه، قال ابن المديني: وقدم بغداد واستوطنها، وتفقه بها على مذهب الشافعي، وجالس علماءها، وتميز وفهم وصار من أحفظ الناس للحديث، وأسانيده ورجاله مع زهد وتعبد ورياضة، وذكر أنه صنف في علم الحديث عدة مصنفات، وأملى في عدة مجالس، وسمعت منه ومعه، وكان كثير المحفوظ حلو المذاكرة تغلب عليه معرفة أحاديث الأحكام، وأملى طرق الأحاديث التي في كتاب المهذب
لأبي إسحاق وأسندها، ولم يتمه، قلت: قد سلك بعده في هذا الحافظ أبو الفضل محمد بن عسكر بن اللحية، وأتم الكتاب، وهو مفيد جدًا وسنذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى.
وقال أبو بكر النجار: كان أبو بكر الحازمي من الأئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث، ومعانيه ورجاله، وكتب الناسخ والمنسوخ، وكتاب عجالة المبتدى في الأنساب، والمؤتلف والمختلف في أسماء البلدان ، وأسند الأحاديث التي في المذهب، وأملى بواسط مجالس، وكان ثقة حجة نبيلًا زاهدًا عابدًا ورعًا ملازمًا للخلوة والتصنيف ونشر العلم، أدركه أجله وهو شاب، فتوفي في الثامن والعشرين من