الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن النجار: كان شيخ وقته في علم الحقيقة، وانتهت إليه الرياسة في تربية المريدين، ودعاء الخلق إلى الله تعالى، قرأ الفقه والخلاف والعربية، وسمع الحديث ثم انقطع ولازم بيته وداوم الصوم والذكر والعبادة إلى أن خطر له عند علو سنه أن يظهر للناس ويتكلم عليهم، فعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه على دجلة، وحضر عنده خلق عظيم، وأظهر له قبول من الخاص والعام واشتهر اسمه وقصد من الأقطار، وظهرت بركات أنفاسه في توبة العصاة، ورأى من الجاه والحرمة عند الملوك ما لم يره أحد، ونفذ رسولًا إلى ملوك البلدان، قلت: وحصل له أموال فلم يتملك منها شيئًا ومات ولم يترك كفنًا، رحمه
الله، وكانت وفاته في أول ليلة من محرم سنة ثنتين وثلاثين وست مائة ببغداد، ومن حسن الكلام ما جرى بينه وبين الملك الأشرف موسى بن العادل رحمهما الله فيما حكاه الأحرف، قال الشيخ شهاب الدين السهروردي: يا مولانا تتبعت جميع النسخ بكتاب الشفاء لابن سينا من الخزائن فحرقتها، ثم ذكر في أثناء كلامه أنه حصل لأهل بغداد في هذه السنة مرض شديد كثير، فقلت: وكيف لا وقد أذهبت عنهم الشفاء وهذا يدل على لطافة طبع السلطان وذكائه وقدرته على التعبير وديانة الشيخ، رحمهما الله.
عمر بن محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه العلامة الرئيس عماد الدين
شيخ الشيوخ أبو الفتح ابن شيخ الشيوخ صدر الدين
الحسن ابن شيخ الشيوخ عماد الدين أبي الفتح المشهور بابن حمويه الحموي الجويني الأصل، الدمشقي المولد والوفاة، ولد في شعبان سنة إحدى وثمانين وخمس مائة بمصر، واشتغل بها، وسمع الحديث من عدة مشايخ وأسمع بدمشق والقاهرة، وتولى مناصب والده بعد وفاته التدريس بالشافعي، ومشهد الحسين، ومشيخة سعيد السعداء، وكان صدرًا كبيرًا رئيسًا نبيلًا معظمًا في الدولة له نفوذ وكلمة ورأى متبع، وهو الذي قام في قضية الملك الجواد في تملك دمشق بعد الكامل، فانتظم أمر الجواد بمساعدته، ثم شرع في نقض ما أبرمه عن ممالأة العادل ابن
الكامل صاحب مصر، وبعثه إليه العادل إلى دمشق ليعزله عنها ففطن الجواد لذلك، وتنبه له ولم يزل حتى قتله، بأن سلط عليه فداوية فقتلوه، قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: وفي السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وست مائة نفر ثلاثة على عماد الدين عمر ابن شيخ الشيوخ داخل قلعة دمشق، فقتله أحدهم، وكان من بيت التصوف والإمرة من أعيان المتعصبين لمذهب الأشعري، قلت: حضر جنازته بشر كثير، ودفن في تربة سعد الدين بن حمويه بقاسيون رحمه الله، ومن شعره:
ولما حضرنا والنفوس كأنها
…
لفرط اتحاد بيننا جوهر فرد
وقام لنا ساق يدير مع الرحا
…
كئوس اقتراب ما لشاربها خد
فيا رب لا تجعل حراما لحلالها
…
فيصبح حدا من تناولها البعد.