الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن كان ذا قلب على الدين منطو
…
تفتت أشجانا على فقد صدره.
عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن الشيخ الإمام العلامة وحيد عصره عز الدين أبو محمد السلمي الدمشقي ثم المغربي
شيخ الشافعية، ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمس مائة، وتفقه على الفخر ابن عساكر، وبرع في المذهب، وفاق فيه الأقران والأضراب، وجمع من فنون العلوم العجب العجاب من التفسير والحديث والفقه والعربية والأصول، واختلاف المذاهب والعلماء، وأقوال الناس ومآخذهم حتى قيل: إنه بلغ رتبة الاجتهاد، ورحل إليه الطلبة من سائر البلاد، وصنف المصنفات المفيدة، واختار وأفتى بالأقوال السديدة، وقد سمع الحديث من ابن طبرزد، والقاسم ابن عساكر، وحنبل، وأبي القاسم ابن الحرستاني وغيرهم، وعنه الشيخ شرف الدين الدمياطي، وخرج له أربعين حديثا عوالي، والقاضي تقي الدين بن دقيق العيد،
ورحل إلى بغداد سنة سبع وسبعين وخمس مائة، فأقام بها أشهرًا، وكان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، وقد ولي الخطابة بدمشق بعد الذيلعي، فأزال أشياء كثيرة من بدع الخطباء، ولم يلبس سودًا ولا سجع خطبة بل كان يقولها مسترسلًا، واجتنب الثناء على الملوك، بل كان يدعو لهم، وأبطل صلاة الرغائب والنصف، فوقع بينه وبين شيخ دار الحديث الإمام أبي عمرو ابن الصلاح بسبب ذلك، وبرز الشيخ عز الدين في إصابة الحق، ولم
يكن يؤذن بين يديه يوم الجمعة إلا مؤذن واحد، وكان المؤذنون يقولون بعد المكتوبة الآية في الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فأرشدهم أن يقولوا: لا
إله إلا الله، وحده لا شريك له، الحديث في صحيح مسلم عن عبد الله بن الزبير، ولحديث المغيرة في الصحيح.
ولما سلم الملك الصالح إسماعيل بن العادل قلعة السقيف صدف للفرنج، فساء ذلك المسلمين، فنال منه الشيخ عز الدين على المنبر، ولم يدع له، فغضب الملك من ذلك وعزله وسجنه، ثم أطلقه فبرح إلى الديار المصرية هو والشيخ كمال الدين بن الحاجب، فتلقاه الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب مصر، وأكرمه واحترمه، واتفق موت قاضي القضاة شرف الدين عين الدولة، فولى السلطان مكانه القاضي بدر الدين السخاوي، وفوض قضاء مصر والوجه القبلي إلى الشيخ عز الدين مع خطابة جامع مصر، فقام بالمنصب أتم قيام، وتمكن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى اتفق أن بعض الأمراء بنى مكانًا
للطبلخاناه على سطح مسجد، فأنكر ذلك الشيخ عز الدين، وذهب بنفسه فأضربه وعلم أن هذا يشق على الوزير، فحكم بفسق الوزير، وعزل نفسه عن القضاء، فلما بلغ ذلك حاشية الملك شق عليهم، وأشاروا على الملك أن يعزله عن الخطابة لئلا يتعرض لسب الملك على المنبر، فعزله ولزم بيته يشغل الناس ويدرس، وذكروا أنه لما مرض مرض الموت بعث إليه الملك الظاهر يقول له: من في أولادك يصلح لوظائفك؟ فأرسل: ليس فيهم من يصلح لشيء منها فأعجب السلطان ذلك، ولهذا لما مات حضر جنازته بنفسه والعالم من الخاصة والعامة، وكان يومًا مشهودًا، وكان ذلك