الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسحاق بن أحمد الشيخ كمال الدين المغربي
أحد مشايخ الشافعية وأعيانهم، كان إمامًا عالمًا فاضلًا مقيمًا بالرواحية أعاد بها على الشيخ تقي الدين ابن الصلاح عشرين سنة، وأفاد الطلبة، وقد أخذ عنه جماعة كثيرون من الكبار، وممن قرأ عليه الشيخ محيي الدين النووي، وكان في إيثار وبر وصدقة وزهد وتصنيف، قيل: إنه كان يتصدق بثلث جامكيته، وينسخ في كل رمضان ختمة ويوقفها، مرض بالإسهال مدة أربعين، يومًا ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى في ثامن عشر ذي القعدة سنة خمسين وست مائة بالرواحية، ودفن إلى جانب الشيخ تقي الدين ابن الصلاح بالصوفية، قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: وكان زاهدًا متواضعًا مؤثرًا رحمه الله
تعالى.
عبد العزيز بن عبد الواحد بن إسماعيل القاضي رفيع الدين أبو حامد الجيلي الشافعي
كان فقيهًا بارعًا متكلمًا مناظرًا عارفًا بالفلسفة، وأقوال الأوائل، وشرح الإشارات لابن سينا شرحًا جيدًا، اشتغل بالمدرسة العذراوية مدة، وكان فقيهًا في عدة مدارس الشافعية والعذراوية والفلكية، وكان بينه وبين أمين الدين أبي الحسن علي ابن غزال المشرف بالإسلام عن السامرية الكاتب الصالح إسماعيل صحبة أكيدة، وصحبة وعشرة، وأمين الدين هذا هو الذي بنى المدرسة الأمينية ببعلبك أيام كان الصالح
إسماعيل صاحبها، فسعى للقاضي الرفيع في قضاء بعلبك، فكان عندهم بها مدة، فلما انتقل الصالح إسماعيل إلى ملك دمشق، واستوزر أمين الدين هذا المذكور نقل القاضي الرفيع إلى قضاء
دمشق بعد موت قاضي القضاة شمس الدين الخويي المتقدم ذكره فسار هذا القاضي ابن الرفيع سيرة فاسدة، حمله عليها قلة دينه وسوء عقيدته من إثبات المحاضر الفاسدة، وقبول شهود الزور المستعملين عنده والدعاوى الباطلة على أرباب الأموال، وأكل أموال الأوقاف واليتامى والرشا، وغير ذلك من الوجوه الباطلة، وذلك عما لاقاه من الوزير الأمين بل الخئون هذا مع أن القاضي كثير استعمال الشرب المحرم المجمع عليه، وحضوره إلى صلاة الجمعة وهو سكران وداره كلها خمارة أو حانة، فلما عمت به المصيبة وتفاخم الأمر، واشتهر الخطب أزاح الله الكربة وأراح البلد بأن أوقع بينه وبين الوزير،
وأراد كل منهما هلاك الآخر ودماره، فبادر الوزير فشعث عليه عند الصالح فقال له: هذا أنت جئت به وأنت تفضل، به فعند ذلك طلبه طلبا عنيفا وسلمه إلى المقدمين من بني صبيح وغيرهم من أهل البقاع وأمرهم أن يذهبوا به، فهلكوه فيقال: إنهم ألقوه من شاهق في تلك البلاد، وقيل: إنه صلى ركعتين قبل ذلك، والله أعلم.
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: وفي ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وست مائة قبض على أعوان الرفيع الجيلي الظلمة الأرجاس، وكبيرهم الموفق حسين الواسطي بن الرواس وسجنوهم وعذبوهم بالضرب والعصر والمصادرة، ولم يزل ابن الرواسي في العذاب والحبس إلى أن توفي جمادى الأولى سنة اثنين وأربعين وست مائة، قال: وفي ثاني عشر ذي الحجة، أخرج الرفيع من داره وحبس بالمقدمية، قال: ثم
أخرج ليلا وذهب به فسجن بمغارة من نواحي البقاع، ثم انقطع خبره، وذكروا أنه توفي، ومنهم من يقول: ألقي من شاهق، وقيل: خذق، وولي بعده القاضي محيي الدين ابن الزكي، قلت: وأعطوا ابن الزكي مع القضاء من
مدارس الرفيع تدريس العذراوية، وأعطوا الشامية البرانية لتقي الدين صهر ابن الخولي، والأمينية لابن عبد الكافي، قلت: ومن أوابد الرفيع أن رجلًا مات وترك مائة ألف وله من الورثة ابنة فلم يعطها فلسًا، ومنها أنه استعار من الناس أربعين طبقًا ليبعث فيها هدية لصاحب حمص، فلم يرد منا واحدًا ومنها أنه كان يستدعي ذا المال الجزيل فيدعي عليه مدع مسهل بألف دينار مثلًا أو أكثر من ذلك فيهب الرجل من ذلك وينكر، فيقول المدعي: لي بينة، فيقول: أحضر بينتك فيحضر مستعملين، فيشهدون بالمبلغ المدعى به، فيحكم الحاكم على المدعي عليه بذلك، ثم ينفصل عليه، ويقول: صالح غريمك ويرسم
عليه، فيأخذ الشهود نصيبهم، والباقي للحاكم، فيرسل إلى الوزير قسطه من ذلك، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وبركة هذه الأحكام نقصت الأنهار حتى كان نهر بورا إذا كان عليه سياق، لا يصل إلى طاحون تغرى، وحكر القاضي الرفيع النساء من دخول الجامع، وقال ما هو أعظم من الحرمين، فكثر النساء بالجامع، واتفق ليلة نصف، فعظم الخطب وكثرت المفاسد بينهن، وأما صاحبه الشيخ الأمين وزير العادل، فإنه كان سامريا باطنيًا أولًا فأظهر الإسلام وصار وزير الملك، فإنه بقي إلى سنة ثمان وأربعين، فأخرج من السجن وشنق بالديار المصرية، وأخذت حواصله، فبلغت ثلاثة آلاف ألف دينار.