الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر أوصافه الجميلة، وشمائله وأخلاقه الفضيلة
قد تقدم أنه كان في صغره ذا قريحة وهمة عظيمة، وأنه حفظ القرآن، والموطأ، وله عشر سنين، وأنه عني بالأدب والشعر، واللغة، برهة من عمره، ثم أقبل على الفقه، فبرز فيه على أقرانه، وفاق أهل زمانه.
وكان مع ذلك أعلم الناس بالسير والمغازي وأيام العرب، ووقائعها وأيام الإسلام، ومن أحسن الناس رميا بالنشاب، وأنه كان يصيب من العشرة عشرة.
وكان من أعلم الناس بالأنساب، وبعلم الفراسة، ومن أسخى الناس كفا، وأعطاهم للجزيل، وكيف لا، وهو من بيت النبوة، الذين هم سادات الناس، في الدنيا والآخرة، والناس عيال عليهم في الدنيا والدين.
من القوم الرسول الله منهم
…
لهم دانت رقاب بني معد
أعطاه الرشيد مالا جزيلا، ففرقه على ذوى الحاجات من قريش، رضي الله عنه.
وكان من أورع الناس، وتحريه في روايته يدل على ذلك، كما هو معروف في كلامه، ومن أكمل الناس مروءة، فإنه قال: لو علمت أن شرب الماء البارد ينقص مروءتي ما شربته.
وكان من أفصح الناس، وأحلاهم عبارة.
قال ابن عدي: حدثنا يحيى بن زكريا بن حيويه، سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: كانت ألفاظ الشافعي كأنها سكر.
وقال أبو جعفر الترمذي، عن يونس: ما كان الشافعي إلا ساحرا ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله، قلت: في الصحيح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إن
من البيان سحرا» .
قال ابن عدي: وحدثنا يحيى بن زكريا، سمعت أبا سعيد الفريابي، سمعت محمود النحوي، سمعت ابن هاشم النحوي، يقول: طالت مجالستنا للشافعي، فما سمعت منه لحنة قط، ولا كلمة غيرها أحسن منها، قلت: وقد روى عن الأصمعي قريب من هذا، وقال ابن أبي حاتم: عن الربيع، قال ابن هشام: كان الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة، قال: وحدثت عن أبي عبيد القاسم بن سلام، أنه قال: الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة، أو من أهل اللغة، الشك مني يقوله ابن أبي حاتم، وقال ابن أبي حاتم: قال أبي: قال: أحمد بن أبي سريج، ما رأيت أحدا أفوه، ولا أنطق من الشافعي، قال ابن أبي حاتم: وسمعت الربيع، يقول: كان
الشافعي عربي النفس، عربي اللسان، وأخبرني عبد الله بن أحمد فيما كتب إلي قال: قال أبي: كان الشافعي من أفصح الناس، وكان مالك يعجبه قراءته، لأنه كان فصيحا.
وقال محمد بن يحيى الصولي: قال المبرد: رحم الله الشافعي، كان من أشعر الناس، وآدب الناس، وأعرفهم بالقراءات، وعن المزني: أن رجلا قرأ على الشافعي فلحن، فقال الشافعي: أضرستني.
وقال زكريا الساجي: سمعت جعفر بن محمد الخوارزمي يحدث، عن أبي عثمان المزني، سمعت الأصمعي، يقول: قرأت شعر الشنفري على الشافعي بمكة.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي.
قلت لعمي: على من قرأت شعر هذيل؟ فقال: على رجل من آل المطلب، يقال له: محمد بن إدريس، وقد تقدم عن مصعب، عن الزبيري، أنه سمعها من لفظ الشافعي، رحمه الله.
وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، قال ابن عدي: حدثنا الحسين بن إسماعيل النقار، حدثنا موسى بن سهل، حدثني أحمد بن صالح، قال: قال الشافعي: يا أبا جعفر تعبد من قبل أن ترأس، فإنك إن ترأست لم تقدر أن تتعبد، قال: وكان الشافعي إذا تكلم كأن
صوته صنج، أو جرس، من حسن صوته، رحمه الله، ورضي عنه.
وقال زكريا بن يحيى الساجي: سمعت هارون بن سعيد الأيلي، يقول: ما رأيت مثل الشافعي، قدم علينا مصر، فقالوا: قدم رجل من قريش، فجئناه، وهو يصلي، فما رأيت أحسن صلاة منه، ولا أحسن وجها منه، فلما قضى صلاته تكلم، فما رأيت أحسن كلاما منه، فافتتنا به، وقال الحاكم: أخبرنا الزبير بن عبد الواحد، سمعت عباس بن الحسين، يقول: سمعت بحر بن نصر، يقول: كنا
إذا أردنا أن نبكي، قلنا: اذهبوا بنا إلى هذا الفتى المطلبي، يقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن، حتى يتساقط الناس بين يديه، ويكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القرآن من حسن صوته.
وروى الحافظ ابن عساكر أن الشافعي قرأ يوما هذه الآية: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ {38} فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ {39} وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ {40} } [المرسلات: 38-40] ، فلم يزل يبكي حتى غشي عليه، رحمه الله.
وكان كثير التلاوة للقرآن، ولا سيما في شهر رمضان، كان يقرأ في اليوم والليلة ختمتين، وفيما عداه في كل يوم وليلة ختمة، روى ذلك الخطيب البغدادي عن علي بن المحسن القاضي، عن أبي بكر: محمد بن إسحاق بن إبراهيم الصفار، عن عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني، عن الربيع به، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي المصري، قال: كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين مرة، كل ذلك في صلاة، وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت علي بن
عمر الحافظ، سمعت أبا بكر النيسابوري، سمعت الربيع، قال: كان الشافعي يختم في كل شهر ثلاثين ختمة، وفي رمضان
ستين ختمة، سوى ما يقرأ في الصلاة.
قال: وكان يحدث وطست تحته، فقال يوما: اللهم إن كان لك فيه رضا فزد، قال: فبعث إليه إدريس بن يحيى المعافري: إنك لست من رجال البلاء، فسل الله تعالى العافية.
وكان كثير الصلاة بالليل، كان قد قسم الليل ثلاثة أجزاء، فثلثه الأول للأشغال، والثاني للصلاة، والثالث ينامه ليقوم إلى صلاة الفجر نشطا، رحمه الله، وروى البيهقي، عن الحاكم، حدثني أبو بكر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا أبو الحسن علي بن قرين، عن الربيع، فذكر، وقال زكريا الساجي عن محمد بن إسماعيل، حدثنا حسين الكرابيسي، قال: بت مع الشافعي، فكان نحو ثلث الليل يصلي، وما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، فكأنما جمع له الرجاء والرهبة.
قلت: هكذا يكون تمام العبادة: أن تجمع الرغبة والرهبة، كما صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا مر بآية رحمة وقف فسأل، وإذا مر بآية عذاب وقف وتعوذ، وقال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ
الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: 9] ؛ فلهذا استحب أصحابنا هذا الصنيع في جميع الصلوات للإمام والمأموم والمنفرد.
وكان ذا همة علية، وقدرة بليغة، وعبارة وسيعة، في حال المناظرة، قال بعض من وصفه: إنه لو شاء أن يقيم دليلا على هذه السارية التي من حجارة، أنها من خشب لفعل ذلك، وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: لو رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك، وفي رواية، قال: كنت إذا رأيت من يناظر الشافعي رحمته.
وقال أيضا: الشافعي علم الناس الحجج، وقد صح عنه من غير وجه، أنه قال: ما ناظرت أحدا على الغلبة، وقال أيضا: ما عرضت الحجة على أحد فقبلها إلا عظم في عيني، ولا عرضتها على أحد فردها إلا سقط من عيني.
وقال الربيع، فيما رواه ابن عساكر بسند عنه سئل الشافعي عن مسألة، فأعجب بنفسه، فأنشأ يقول:
إذا المشكلات تصدينني
…
كشفت حقائقها بالنظر
ولست بإمعة في الرجال
…
أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدره الأصغرين
…
فتاح خير وفراج شر
ورواها أبو علي بن حمكان بسند عن المزني، أن رجلا سأل الشافعي عن رجل في فيه تمرة، فحلف بالطلاق أنه لا يبلعها ولا يرمي بها، فقال له الشافعي: يبلع نصفها، ويرمي نصفها، حتى لا يكون بالعا لها
كلها، ولا يلفظ بها كلها، ثم أنشأ يقول:
إذا المشكلات تصدين لي
…
كشفت حقائقها بالنظر
وإن برقت في عيون الأمور
…
عمياء لا يجتليها الفكر
مبرقعة في عيون الأمور
…
وضعت عليها حسام النظر
لسان كشقشقة الأرحبي
…
أو كاليماني الحسام الذكر
ولست بإمعة في الأمور
…
أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدرة الأصغرين أقيس
…
بما قد مضى ما غبر
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه: سمعت أبي، يقول: اجتمعت مع الشافعي بمكة، فسمعته: يسأل عن كرى بيوت مكة، فقلت له: أسألك عن هذه المسألة لا أجاوز بك إلى غيرها،
قال: ذاك أقدر لك.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا إسماعيل الترمذي، بمكة سنة ستين ومائتين، فحدثنا بأحاديث، عن أيوب بن سليمان بن بلال، وقال أبو إسماعيل: سمعت إسحاق بن راهويه، يقول: جالست الشافعي بمكة فأذكرنا في بيوت مكة، وكان يرخص فيه، وكنت لا أرخص فيه، فذكر الشافعي حديثا، وسكت، وأخذت أنا في الباب أسرد.
فلما فرغت منه، قلت أنا لصاحب لي، من أهل مرو بالفارسية: مردك ما لا نيست - قرية بمرو - فعلم أني راطنت صاحبي بشيء هجيته فيه، فقال لي: أتناظر؟ فقلت: وللمناظرة جئت، قال: قال الله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [الحج: 40] ، أنسب الديار إلى مالكها أم إلى غير مالكها؟ وقال النبي، صلى الله عليه وسلم:«من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ، وقال:«وهل ترك لنا عقيل من رباع» .
أنسب الدار: إلى أربابها؟ أو إلى غير أربابها؟ وقال لي: اشترى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، دار السجن بمكة، من مالك؟ أو من غير مالك؟ فلما علمت أن الحجة قد لزمتني قمت،
قلت: هذه مسألة تناظر فيها الشافعي وإسحاق بن راهويه بمسجد الخيف من منى أيام الموسم، وأظن ذلك في سنة ست وتسعين، أو سبع وتسعين ومائة، وذلك بحضرة أحمد بن حنبل، وهو الرجل الذي راطنه إسحاق بن راهويه به والله أعلم، فذهب الشافعي، رضي الله عنه، إلى أن دور مكة ورباعها تباع وتورث وتؤجر، واحتج على ذلك بما ذكره من الآية والأحاديث، واحتج إسحاق بن راهويه على أنها لا تباع ولا تورث ولا تؤجر
بحديث، «إنما كانت تدعى رباع مكة ودورها السوائب، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن» ، وتوسط الإمام أحمد في المسألة، فعمل بمقتضى الدليلين، فقال: تباع وتورث ولا تؤجر، والله أعلم.
وقال الزبير بن عبد الواحد الأسد أبادي: سمعت إبراهيم بن الحسن الصوفي، يقول: سمعت حرملة، يقول: سمعت الشافعي، يقول: ما حلفت بالله صادقا ولا كاذبا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع، قال: قال الشافعي: ما شبعت منذ ست عشرة سنة، إلا شبعة أطرحها، يعني: فطرحتها، لأن الشبع: يثقل البدن، ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم ، ويضعف صاحبه عن العبادة.
قال: وأخبرني أبو محمد البستي السجستاني، نزيل مكة، فيما كتب إلي: حدثني الحارث بن سريج، قال: دخلت مع الشافعي، على خادم الرشيد، وهو في بيت قد فرش بالديباج، فلما وضع الشافعي رجله على العتبة، أبصره، فرجع ولم يدخل،
فقال له الخادم: ادخل: فقال: لا يحل افتراش هذا، فقام الخادم متبسما حتى دخل بيتا قد فرش بالأرمني، فدخل الشافعي، رضي الله عنه، ثم أقبل عليه، فقال: هذا حلال، وذاك حرام، وهذا أحسن من ذاك، وأكثر ثمنا منه فتبسم الخادم، وسكت، قال: وأخبرني السجستاني، فيما كتب إلي، قال: حدثني أبو ثور، قال: أراد الشافعي، رضي الله عنه، الخروج إلى مكة: ومعه مال،
فقلت له: وقلما كان يمسك الشيء من سماحته، ينبغي أن تشتري بهذا المال ضيعة، تكون لك ولولدك من بعدك، فخرج ثم قدم علينا، فسألته عن ذلك المال: ما فعل به؟ فقال: ما وجدت بمكة ضيعة: يمكنني أن أشتريها، لمعرفتي بأصلها: أكثرها قد وقفت، ولكن قد بنيت بمنى مضربا يكون لأصحابنا إذا حجوا ينزلون فيه، ورواه أبو عبد الله: محمد بن أحمد بن محمد الحافظ النجاري، المعروف بغنجار، حدثنا خلف بن محمد، حدثنا إبراهيم بن محمود بن حمزة، حدثني داود بن علي بن خلف، حدثني إبراهيم بن خالد الكلبي، يعني: أبا ثور، عن الشافعي، رضي الله عنه، بهذا، وزاد بعد قوله:«ينزلون فيه» ، قال:
فكأني اهتممت فأنشد الشافعي، قول ابن ابن حازم:
إذا أصبحت عندي قوت يومي
…
فخل الهم عني يا سعيد
ولم تخطر هموم غد ببالي
…
لأن غدا له رزق جديد
أسلم إن أراد الله أمرا
…
وأترك ما أريد، لما يريد
وما لإرادتي إذا ما
…
أراد الله لي ما لا أريد
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، سمعت عمرو بن سواد السرحي، قال: كان الشافعي، رضي الله عنه، أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام، وقال لي الشافعي، رضي الله عنه: أفلست في دهري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى حلي ابنتي وزوجتي، ولم أرهن قط، قال: وحدثنا أبي، أخبرني يونس بن عبد الأعلى، قال: قال الشافعي: أفلست من دهري ثلاث مرات، وربما أكلت التمر بالسمك.
وعن الربيع، قال: قال عبد الله بن عبد الحكم، للشافعي: إن أردت أن تسكن البلد، يعني: مصر، فليكن لك قوت سنة، ومجلس من السلطان تتعزز به، فقال له الشافعي: يا أبا محمد، من لم تعزه التقوى فلا عز له، وقد ولدت بغزة، وربيت في الحجاز، وما عندنا قوت ليلة، وما بتنا جياعا قط،
رواه ابن عساكر.
وقال محمد بن عبيد الله بن محمد الصرار: أخبرنا أبو عمر: محمد بن الحسين البسطامي، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود، سمعت المزني، سمعت الشافعي، رضي الله عنه، يقول: السخاء والكرم يغطيان عيوب الدنيا والآخرة بعد أن لا يلحقهما بدعة، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع، قال: تزوجت، فقال لي الشافعي: كم أصدقتها؟ فقلت: ثلاثين دينارا، قال: كم أعطيتها؟ قلت: سنة دنانير، فصعد داره، وأرسل إلى بصرة فيها أربعة وعشرون دينارا.
وقال البيهقي: أخبرنا الحاكم، أخبرنا نصر بن محمد، حدثنا أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك بدمشق، قال: سمعت الربيع بن سليمان، يقول: رأيت الشافعي، رضي الله عنه، راكبا حمارا، فمر على سوق الحذائين، فسقط سوطه من يده، فوثب غلام من الحذائين، فأخذ السوط، ومسحه بكمه، وناوله إياه.
فقال الشافعي لغلامه: ادفع تلك الدنانير التي معك إلى هذا الفتى، قال الربي: فلست أدري كانت تسعة دنانير، أو سبعة دنانير.
وعن المزني، قال: كنت مع الشافعي، رضي الله عنه، يوما، فخرجا الأكوام فمر بهدف، فإذا رجل يرمي بقوس عربية، فوقف عليه الشافعي ينظر، وكان حسن الرمي، فأصاب بأسهم، فقال له الشافعي، رضي الله عنه: أحسنت وَبَرَّكَ عليه، ثم قال لي: أمعك شيء؟ فقلت: معي ثلاثة
دنانير، فقال: أعطه إياها، واعذرني عنده، إذ لم يحضرني غيرها.
رواه أبو عبد الله القضاعي، عن أبي عبد الله بن شاكر، عن الحسن بن رشيق، عن سعيد بن أحمد اللخمي، عن المزني.
وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: قرأت بخط ابن الحسين الرازي، عن الزبير بن عبد الواحد الأسد أبادي، حدثني أحمد بن مروان، حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحنفي، قال: سمعت أبي، يقول: خرجنا من بغداد مع الشافعي، رضي الله عنه، نريد مصر، فدخلنا حران، وكان قد طال شعره، فدعا حجاما، فأخذ من شعره، فوهب له خمسين دينارا.
ثم قال ابن عساكر: وهذا يدل على أنه سلك طريق الشام إلى مصر، قلت: فلهذا ترجمه في التاريخ، وليس عنده ما يدل على دخوله دمشق، والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا محمد
بن روح، حدثنا الزبير بن سليمان القرشي، عن الشافعي، رضي الله عنه، قال: خرج هرثمة: فأقرأني سلام أمير المؤمنين: هارون، وقال: قد أمر لك بخمسة آلاف دينار، قال: فحمل إليه المال، فدعا بحجام، يأخذ من شعره، فأعطاه خمسين دينارا، ثم أخذ رقاعا، فصر من تلك الدنانير صرارا صررا، ففرقها في القرشيين، الذين هم في الحضرة، ومن هم بمكة، حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل من مائة دينار.
وقال ابن عساكر: أخبرنا أبو الحسن الفرضي، حدثنا أبو نصر الخطيب، حدثنا أبو بكر بن أبي الحديد، أخبرنا محمد بن بشر العكبري، سمعت الربيع، يقول: أخبرني الحميدي، قال: قدم علينا الشافعي، رضي الله عنه، من صنعاء فضربت له الخيمة، ومعه عشرة آلاف دينار، فجاء قوم فسألوه، فما قلعت الخيمة ومعه منها شيء، ثم روى من طريق أبي جعفر الترمذي، عن الربيع، عن الحميدي، قال: قدم الشافعي بثلاثة آلاف دينار، فدخل عليه بنو عمه وغيرهم، فجعل يعطيهم حتى قام وليس معه شيء.
وقال البيهقي: أخبرنا الحاكم، سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم، سمعت الربيع بن سليمان، يقول: سمعت الحميدي، يقول:
قدم الشافعي، رضي الله عنه، من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف دينار في منديل، فضرب خباءه في موضع خارجا من مكة، وكان الناس يأتونه فيه، فما برحت حتى ذهبت كلها، قال البيهقي: وقال غيره، عن الربيع، في هذه الحكاية، وفرق المال كله في قريش، ثم دخل مكة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: كان الشافعي، رضي الله عنه، أسخى الناس بما يجد، وكان يمر بنا: فإن وجدني، وإلا قال: قولوا لمحمد، إذا جاء يأتي المنزل، فإني لست أتغدى حتى يجيء، فربما جئته، فإذا قعدت معه على الغداء، قال: يا جارية اضربي لنا فالوذج، فلا تزال المائدة بين يديه حتى يفرغ منه ويتغدى، وقال داود بن علي الظاهري: حدثنا أبو ثور، قال: كان الشافعي، رضي الله عنه، من أجود الناس وأسمحهم كفا، كان يشتري الجارية الصناع، التي تطبخ وتعمل الحلواء، ويشترط عليها هو أن لا يقربها، لأنه كان عليلا لا يمكنه أن يقرب النساء في وقته
لباسور كان به، ويقول لنا: تشهوا ما أحببتم، فقد اشتريت جارية تحسن أن تعمل ما تريدون، قال: فيقول لها بعض أصحابنا: اعملي لنا اليوم كذا وكذا، فكنا نحن الذين نأمرها بما نريد، وهو مسرور بذلك.
وروى أبو القاسم بن عساكر بإسناده، عن أبي جعفر أحمد بن
الحسن المعدل، قال: أنشدت للشافعي، رضي الله عنه:
يا لهف نفسي على مال أجود به
…
على المقلين من أهل المروءات
إن اعتذاري إلى من جاء يسألني
…
ما لست أملك إحدى المصيبات
وعنه قال: ما تقرب إلى الله بعد الفرائض، أفضل من طلب العلم، وقال الربيع: قال لنا الشافعي، رضي الله عنه: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.
وقال أبو ثور: قال الشافعي، رضي الله عنه: ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه، وقال: ما أفلح في العلم إلا من طلبه في القلة.
وعنه قال: ما كذبت قط، ولا حلفت بالله صادقا ولا كاذبا، ولا تركت غسل الجمعة في حر، ولا برد، ولا سفر، ولا غيره، وقال: طلب فضول الدنيا عقوبة، عاقب الله بها أهل التوحيد، وعنه: أنه كان يستصحب في مشيه العصا، فقيل له في ذلك، فقال: لأذكر أني مسافر من الدنيا، وقال سياسة الناس أشد من سياسة الدواب.
وقال: لو علمت أن شرب الماء البارد ينقص مروءتي ما شربته إلا حارا، وقال: أهل المروءة في جهد، وقال، ليس بأخيك من احتجت إلى مدارته، وقال: من صدق في أخوة أخيه، قبل علله، وسد خلله، وغفر زللَه.
وقال: من علامة الصدق أن تكون لصديق صديقك صديقا، وقال: ليس سرور يعدل صحبة الإخوان، ولا هم يعدل فراقهم، وقال: لا تقصر في حق أخيك، اعتمادا على مودته، وقال: لا تبذل وجهك إلى من يهون عليه ردك.
وقال: من وعظ أخاه سرا: فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.
وقال: من سام بنفسه فوق ما يساوي، رده الله إلى قيمته، وقال: التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام.
وقال: أرفع الناس قدرا: من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلا ما لا يرى فضله.
وقال: الشفاعات زكاة المروءات، وقال: إذا كثرت الحوائج فابدأ بأهمها، وقال: من كتم سره كانت الخيرة في يده، وهذه نبذه مختصرة محذوفة الأسانيد، لتخف على الأسماع، والله أعلم.
ومن معرفته بالفراسة: ما تقدم من خبر الذي ضيفه لما رجع من اليمن، وما جرى له معه، ووافق ما تفرس فيه الشافعي، رحمه الله.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، عن الربيع بن سليمان، قال: اشتريت للشافعي، رضي الله عنه، طيبا بدينار، فقال: ممن اشتريت؟ فقلت: من ذلك الأشقر الأزرق، قال: أشقر أزرق، رده، رده، ما جاءني خير قط من أشقر.
قال: وأخبرني أبي، حدثنا حرملة بن يحيى، قال: سمعت الشافعي، رضي الله عنه، يقول: احذر: الأعور، والأحول ، والأحدب ، والأشقر، والكوسج، وكل من به عاهة في بدنه، وكل ناقص الخلق، فاحذره: فإنه صاحب التواء ومعاملة عسرة.
وقال الشافعي رضي الله عنه: فإنهم أصحاب خبث.
قال ابن أبي حاتم: إنما يعني: إذا كانت ولادتهم بهذه الحالة، فأما من حدث فيه هذه العلل، وكان في الأصل صحيح التركيب، لم تضر مخالطته.
وقال ابن عساكر: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم، أخبرنا أبو نصر الخطيب، حدثنا أبو بكر بن أبي الحديد، حدثنا محمد بن بشر الزنبري، سمعت الربيع، يقول: كنت عند الشافعي، رضي الله عنه، أنا، والمزني، وأبو يعقوب البويطي، فنظر إلينا، فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه وخذله، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد، قال الربيع: فدخلت على البويطي في أيام المحنة، فرأيته مقيدا إلى أنصاف ساقيه، مغلولة، يعني: يديه، إلى عنقه، قال: وسمعت الربيع، يقول: كنت في الحلقة، إذ جاءه، يعني: الشافعي، رجل سأله عن مسألة، فقال له الشافعي: أنت نساج؟
فقال: عندي أجراء، وقد روى عنه أشياء تدل على تبحره في علم الطب، فعنه أنه قال: عجبت لمن يدخل الحمام، ثم لا يأكل من ساعته، كيف يعيش، وعجبا لمن يحتجم، ثم يأكل من ساعته كيف يعيش؟ وقال: من أكل الأترج ثم نام، لم آمن عليه أن تصيبه ذبحة، وعنه قال: ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له، وأعيت الأطباء مداواته: العنب، ولبن اللقاح، وقصب السكر، ولولا قصب السكر ما أقمتم ببلدكم، رواه الربيع المصري عنه، وعنه قال: عجبا لمن تعشى البيض المسلوق،
ثم نام كيف لا يموت، وعنه قال: الفول يزيد في الدماغ، والدماغ يزيد في العقل، وعنه قال: لم أر للوباء مثل دهن البنفسج، يدهن به
ويشرب، وعنه قال: كان غلامي أعشى لا يبصر باب الدار، فأخذت له زيادة الكبد فكحلته بها فأبصر، وقال صالح جزرة: عن الربيع، قال الشافعي، رضي الله عنه: لا أعلم بعد الحلال والحرام أنبل من الطب، إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه.
وقال حرملة: كان الشافعي، رضي الله عنه، يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب، ويقول: ضيعوا ثلث العلم، ووكلوه إلى اليهود والنصارى.
ومن كلامه الحسن ومواعظه وشعره: قال يونس بن عبد الأعلى، قال لي الشافعي، رضي الله عنه: ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فعليك بما فيه صلاحك فالزمه.
وقال الشافعي أيضا: إن لم يكن العلماء العاملون أولياء الله، فلا أعلم لله وليا.
وقال يونس بن عبد الأعلى: قلت للشافعي، رضي الله عنه: إن صاحبنا، يعني: الليث بن سعد، كان يقول: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة، فقال: قصر رحمه الله، بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، ويطير في الهواء، فلا تغتروا به، حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة.
وعن الشافعي، رضي الله عنه، أنه قال: أقدر الفقهاء على المناظرة، من عود لسانه على الركض في ميدان الألفاظ، ولم يتلعثم إذا رمقته العيون واللألحاظ، وعنه أنه قال: بئس الزاد إلى المعاد: العدوان على العباد، وعنه قال: العالم يسأل عما يعلم وما لا يعلم، فيستثبت ما يعلم، ويتعلم ما لا يعلم، والجاهل يغضب من التعليم، ويأنف من التعلم.
وعنه قال: ضياع الجاهل قلة عقله، وضياع العالم قلة إخوانه، وأضيع منهما من آخى من لا عقل له، وعنه قال:
من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضى فلم يرض فهو شيطان، وعنه قال: إذا خفت على عملك العجب، فاذكر رضا من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب فحينئذ يصغر عندك عملك، وعنه قال: آلات الرسالة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وإهداء النصيحة، وأداء الأمانة، وعنه قال: من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم.
قال الحافظ البيهقي: أخبرنا الحاكم، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المؤذن، سمعت محمد بن عيسى الزاهد، يقول، فيما بلغنا: إن عبد الرحمن بن مهدي مات له ابن، فجزع عليه جزعا شديدا، حتى امتنع من الطعام والشراب، فبلغ ذلك محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه، فكتب إليه: أما بعد، فعز نفسك بما تعزى به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن أمض المصائب فقد سرور مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر؟ فأقول:
إني معزيك لا أني على ثقة
…
من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه
…
ولا المعزى ولو عاشا إلى حين
قال: فكانوا يتهادونه بينهم بالبصرة.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحسين
بن محمد بن فنجويه الدينوري، بالدامغان، حدثنا عبد الله بن محمد بن شيبة، حدثنا محمد بن إبراهيم الفانجاني الأصبهاني، حدثنا عمر بن عبد الله الخبازي، أخبرني محمد بن سهل، حدثني الربيع: سمعت الشافعي، ينشد:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
…
خلوت، ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة
…
ولا أن ما تخفي عليه يغيب
غفلنا لعمر الله حتى تداركت
…
علينا ذنوب بعدهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى
…
ويأذن في توباتنا فنتوب
وروى ابن عساكر بسنده، عن المزني: أنشدنا الشافعي، رحمه الله، لنفسه:
لا تأس في الدنيا على فائت
…
وعندك الإسلام والعافيه
إن فات شيء كنت تدعي له
…
ففيهما من فائت كافيه
رواه أبو داود منفردا به عن سليمان بن داود المهري عن ابن وهب به.
وروى أبو علي الحسن بن الحسين الهمداني، المعروف بابن
حمكان، وهو ضعيف بسنده، عن المزني، قال: أنشدنا الشافعي، رحمه الله:
الليل شيب والنهار كلاهما
…
رأسي لكثرة ما تدور رحاهما
يتناهبان لحومنا ودماءنا
…
نهبا علانية ونحن نراهما
قال: وأنشدنا الزبير بن عبد الواحد، أنشدنا ابن حوصا، بدمشق، للشافعي، رضي الله عنه:
أمت مطامعي فأرحت نفسي
…
فإن النفس ما طمعت تهون
وأحييت القنوع وكان ميتا
…
ففي إحيائه عرض مصون
إذا طمع يحل بقلب عبد
…
علته مهانة وعلاه هون
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب المأموني، سمعت أبا عمرو الزاهد، ينشد للشافعي، رضي الله عنه:
وإذا سمعت بأن مجدودا حوى
…
عودا فأثمر في يديه فصدق
وإذا سمعت بأن محروما أتى
…
ماء ليشربه فغاض فحقق
ومن الدليل على القضاء وكونه
…
بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
وقد رواه ابن عساكر بإسناده، عن ابن خالويه النحوي، قال: حدثونا عن العباس بن الأزرق، قال: دخلت على أبي عبد الله محمد بن إدريس فذكر مصر، ثم قال: فقال الشافعي، رضي الله عنه:
إن الذي رزق اليسار فلم يصب
…
حمدا ولا أجرا لغير موفق
فالجد يدني كل شيء شاسع
…
والجد يفتح كل باب مغلق
وإذا سمعت بأن محروما أتى
…
ماء ليشربه فغاض فحقق
وإذا سمعت بأن مجدودا حوى
…
عودا فأثمر في يديه فصدق
وأحق خلق الله بالهم امرؤ
…
ذو همة يبلي بعيش ضيق
ومن الدليل على القضاء وكونه
…
بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
وقال الأستاذ أبو منصور التميمي البغدادي: أنشدنا عبد الله بن عمر المالكي، أنشدني أبي، قال: أنشدني يونس بن عبد الأعلى، للشافعي، رضي الله عنه:
ما حك جلدك مثل ظفرك
…
فتول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحاجة
…
فاقصد لمعترف بقدرك
وقال البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أنشدنا أبو الحسين علي بن أحمد بن أسد الأديب، أنشدني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد الكوفي، أنشدني علي بن محمد العلوي الحماني، للشافعي، رضي الله عنه، ورحمه:
وذي حسد يغتابني حيث لا يرى
…
مكاني ويثني صالحا حين أسمع
تورعت أن أغتابه من ورائه
…
وما هو إذ يغتابني يتورع
قال القاضي أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد البسطامي: ثنا أحمد بن محمود بن خرزاذ، أنا الكازروني، ثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن محمد الأصبهاني، ثنا أبو العباس الأبيوردي، قال: خرج الشافعي، رضي الله عنه، إلى اليمن، إلى ابن عم له، فبره ببر غير طائل، فكتب إليه الشافعي، رضي الله عنه:
أتاني بريد منك في غير كنهه
…
كأنك عن بري بذاك تحيد
لسانك هش بالنوال ولا أرى
…
يمينك إذ جاد اللسان تجود
إذا كان ذو القربى لديك مبعدا
…
ونال الندى من كان منك بعيد
تفرق عنك الأقربون لشأنهم
…
وأشفقت أن تبقى وأنت وحيد
وأصبحت بين الحمد والذم واقفا
…
فيا ليت شعري أي ذاك تريد
قال: فكتب إليه ابن عمه أن خذ هذه خمس مائة دينار وخمس مائة درهم فاصرفها في نفقتك، وخمسة أثواب من عصب اليمن فاجعلها في عيبتك ونجيب فاركبه.
وقال أبو العباس المبرد: دخل رجل على الشافعي، رضي الله عنه، فقال: إن أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله، لفصحاء فأنشأ الشافعي، رضي الله عنه، يقول:
فلولا الشعر بالعلماء يزري
…
لكنت اليوم أشعر من لبيد
وأشجع في الوغي من كل ليث
…
وآل مهلب وأبي يزيد
ولولا خشية الرحمن ربي
…
حسبت الناس كلهم عبيدي