الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن حنبل: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني أبو عبد الله المروزي ثم البغدادي
أحد أئمة الإسلام، والهداة الأعلام، وأحد الأربعة الذين تدور عليهم الفتاوي والأحكام، في بيان الحلال والحرام، قدم به أبوه وأمه وهو حمل من مرو إلى بغداد، فولد بها، ونشأ، وطلب العلم، وطاف البلاد في سماع الحديث والعلم، فدخل الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، والشام، والجزيرة، وروى عن الجم الغفير والعدد الكثير من أهل العلم ومشايخ الحديث، وأخذ الفقه عن جماعة من أجلهم: إمامنا أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، كما تقدم في ترجمة الإمام الشافعي أن الإمام أحمد صحبه مدة مقامه ببغداد في الرحلة الثانية، وأنه سلك مسلكه ونهج منهجه، وقال: كل مسألة ليس
عندي فيها دليل فأنا أقول فيها بقول الشافعي، وروى عنه أمم لا يحصون كثرة، منهم: الإمام الشافعي، وهو من شيوخه، وكذا يزيد بن هارون أيضا وإسحاق
بن منصور الكوسج، وإسماعيل بن سعيد الشالنجي، وبقي بن مخلد الأندلسي، وحرب الكرماني، وابناه صالح وعبد الله، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويحيى بن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وله من المصنفات: المسند المشهور، وهو من أجل كتب
الإسلام، وقد وقع لنا روايته بكماله، ولله الحمد والمنة، وكتاب الزهد، ويقال: إنه جمع تفسيرا جمع فيه نحوا من مائة ألف حديث وعشرين، وقد أطبق الأمة على تعظيمه وتوقيره، وإجلاله واحترامه، في علمه
وزهده، وورعه وسعة فنونه، وصبره على المحنة، وقيامه لله بالسنة، فهو خير الأمة، وإمام الأئمة في زمانه، والمبرز على سائر أهل عصره وأقرانه.
قال حرملة: سمعت الشافعي، يقول: خرجت من بغداد، وما خلفت فيها أفقه، ولا أزهد، ولا أروع، من أحمد بن حنبل.
وقال يحيى بن سعيد القطان: أحمد بن حنبل، خير من أخيار هذه الأمة،
وإمام الأئمة في زمانه، والمبرز على سائر أهل عصره.
وقال إسحاق بن راهويه: أحمد بن حنبل إمامنا، وقال مرة: قال لي أحمد بن حنبل: تعال حتى أريك رجلا لم تر مثله فذهب بي إلى الشافعي، قال إسحاق: وما رأي الشافعي مثل أحمد بن حنبل، قال: ولولا أحمد، وبذل نفسه لما بذلها له لذهب الإسلام.
قال الميموني: قال لي علي ابن المديني، لما ضرب أحمد بن حنبل وحبس: يا ميموني، ما قام أحد في الإسلام ما قام به أحمد بن حنبل.
قال الميموني: وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: إن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، لما قام في أهل الردة، وجد أنصارا وأعوانا، وإن أحمد بن حنبل لم يجد ناصرا، وأقبل أبو عبيد يطري أبا عبد الله، ويقول: لست أعلم في الإسلام مثله.
وقال أبو جعفر النفيلي: كان أحمد بن حنبل من أعلام الدين.
وقال مهنا بن يحيى الشامي: ما رأيت أحد أجمع لكل خير من أحمد بن حنبل، وما رأيت مثله في فقهه وعلمه، وزهده وورعه، وسئل أبو ثور عن مسألة، فقال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل، شيخنا وإمامنا، فيها كذا وكذا.
وقال حجاج بن الشاعر:
ما رأت عيناي روحا في جسد أفضل من أحمد بن حنبل.
وقال أحمد بن سعيد الدارمي: ما رأيت أسود الرأس أحفظ مني لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم بفقهه ومعانيه، من أحمد بن حنبل.
وقال أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل، يحفظ ألف ألف حديث، فقيل له: وما يدريك؟ فقال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.
وذكر مناقبه، رحمه الله ورضي عنه، يطول شرحه، وقد جمع الناس ذلك في مصنفات مفردة، ومن أحسنها وأبسطها، ما ألفه الشيخ الإمام أبو الفرج بن الجوزي، رحمه الله.
ومات الإمام أحمد بن حنبل يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، عن سبع وسبعين سنة على المشهور، وشهد جنازته عدد كثير، وجمع غفير، قيل: ثلاث مائة ألف، وقيل: ثمان مائة ألف، وقيل: ألف ألف، وقيل أكثر، وقيل: ألف ألف وسبع مائة ألف، فالله أعلم، وأسلم خلق كثير يومئذ من اليهود والنصارى والمجوس، قيل: عشرون ألفا، فالله أعلم.
وذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، في طبقات أصحاب
الشافعي البغداديين، فقال: قال الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني: ما قرأت على الشافعي حرفا، إلا وأحمد حاضر، ولا ذهبت إلى الشافعي مجلسا، إلا وجدت أحمد فيه.
وقال إبراهيم الحربي: الشافعي أستاذ الأستاذين أليس هو أستاذ أحمد بن حنبل، وقال صالح بن أحمد: مشى أبي مع بغلة الشافعي، فبعث إليه يحيى بن معين، فقال: أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته، فقال: يا أبا زكريا، لو مشيت إلى جانبها الآخر، لكان أنفع لك.
وقد تقدمت هذه الحكايات مع غيرها مسندة في ترجمة الشافعي، رضي الله عنه، ولله الحمد والمنة.
وَقَرَأْتُ عَلَى شَيْخِنَا الإِمَامِ الْحَافِظِ الْجِهْبِذِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمِزِّيِّ، رحمه الله، قُلْتُ: أَخْبَرَكُمُ الشَّيْخُ الإِمَامُ الْعَلامَةُ شَيْخُ الإِسْلامِ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عُمَرَ، رحمه الله، أنا حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّصَافِيُّ الْمُكَبِّرُ، أنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَيْنِ الشَّيْبَانِيُّ، أنا أَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الْمُذْهِبِ التَّمِيمِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، ثنا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ» ، وهذا حديث جيد الإسناد قوي عزيز من هذا الوجه، فإنه اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة، رضي الله عنهم، وقد رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من حديث الزهري،
وصححه الترمذي، وفيه بشارة عظيمة لعموم المؤمنين من الصالحين، وثبت له في الصحيحين شاهد في شأن الشهداء، ولله الحمد والمنة