الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان من الفضلاء الأدباء والفقهاء، رحل في طلب العلم، وولي قضاء بلد الخليل عليه السلام، وكانت أمه عالمة كبيرة القدر تحفظ القرآن، وتعرف شيئًا من الفقه والخطب، وتعرف بدهن اللوز، وقد قامت في عزاء الملك العادل، فقالت، فأحسنت، ولولدها أشعار مليحة، روى عنه ولده قاضي القضاة زين الدين قاضي حلب، ولد سنة ست مائة وتوفي في سنة اثنتين وسبعين وست مائة رحمه الله.
نصور بن سليم بن منصور بن فتوح الإمام المحدث الفقيه وجيه الدين أبو المظفر الهمداني الإسكندراني الشافعي
محتسب الثغر مدرس الإسكندرية، له مصنفات في فنون من الحديث والتاريخ وأسماء الرجال والفقه، وخرج لنفسه أربعين حديثا عن أربعين شيخا في أربعين بلدا، وتوفي في الحادي والعشرين من شوال سنة ثلاث وسبعين وست مائة.
يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين محمد بن جمعة بن حرام الشيخ الإمام العلامة محيي الدين أبو زكريا الحزامي النووي الحافظ الفقيه الشافعي
النبيل، محرر المذهب ومهذبه وضابطه ومرتبه، أحد العباد والعلماء الزهاد، ولد في العشر الأواسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين وست مائة، ونشأ ببلده نوى، وكان يتوسم فيه النجابة من صغره، وقرأ بها القرآن، وقدم دمشق في سنة تسع وأربعين، وقرأ التنبيه في أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع المهذب في بقية السنة، ولزم شيخه الكمال إسحاق بن أحمد المغربي، وأعاد عنده الجماعة، ومكث قريبًا من سنتين لا يضع جنبه إلى الأرض، وإنما يتقوت بجراية الرواحية التي هو مقيم بها، وحج مع والده في سنة إحدى وخمسين وست مائة من شهر رجب، وحم من أول ليلة خرجوا من نوى إلى يوم عرفة، قال والده: وما
تأوه ولا تضجر، ثم عاد إلى دمشق، ولازم شيخه الكمال إسحاق بن أحمد، وكان يقرأ في اليوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا وتصحيحًا درسين في الوسيط، ودرسا في المهذب، ودرسا في الجمع بين الصحيحين، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في صحيح مسلم، ودرسًا في أصول الفقه، تارة في اللمع لأبي إسحاق وتارة في المنتخب للرازي، ودرسًا في أصول الدين.
قال: وكنت أعلق ما يتعلق بذلك من الفوائد، قال: وعزمت مرة على الاشتغال بالطب، فاشتريت القانون لأقرأه فأظلم على قلبي وبقيت أيامًا لا أشتغل بشيء، ففكرت فإذا من القانون فبعته في الحال، وأخذ العلم عن جماعة من الشيوخ، وبورك له في وقته رحمه الله وتقبل منه وقد سمع الحديث من جماعة أيضًا منهم الرضي بن برهان الدين سمع عليه جميع صحيح مسلم، والشيخ شمس الدين ابن أبي عمرو ابن الشيخ عماد الدين ابن الحرستاني، وإسماعيل بن أبي اليسر، وسمع صحيح البخاري، ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني، وشرح السنة ومسند الإمام الشافعي، والإمام أحمد،
وأشياء كثيرة، ومصنفات عديدة كبيرة.
وأخذ علم
الحديث من الزين خالد، وكان يقرأ عليه الكمال الحافظ عبد الغني، وشرح صحيح مسلم، وأكثر صحيح البخاري على الشيخ أبي إسحاق بن عيسى المرادي وعلمه أصول الفقه على القاضي أبي الفتح التفليسي، وتفقه على الكمالين إسحاق المغربي وسلار الأيلي، والإمام شمس الدين عبد الرحمن بن نوح، وعز الدين عمر بن أسعد الإربلي، وقد تفقه به وروى عنه جماعة من أئمة الفقهاء والحفاظ منهم القاضي صدر الدين الداراني، وشيخنا الإمام العلامة علاء الدين بن العطار، وجمع له سيرة، وشيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي، وشيخنا القاضي محيي الدين الزرعي، وشيخنا شهاب الدين الأرندي وشيخنا أمين
الدين سالم بن أبي الدرو، وآخر من بقي من أعيان الفقهاء من أصحاب شيخنا القاضي الإمام شمس الدين ابن النسيب قاضي القضاة بحلب أيده الله تعالى، وخلق سواهم كثيرة وجم غفير.
وقد انتفع بتصانيفه وتعاليقه أهل المذهب، منها: كتاب الروضة اختصر فيها شرح الرافعي وزاد فيها تصحيحات واختيارات حسان، وشرح ربع المهذب بكتابه المجموع سلك فيه طريقة وسطة حسنة مهذبة سهلة جامعة لأشتات الفضائل، وعيون المسائل، ومجامع الدلائل، ومذاهب العلماء، ومفردات الفقهاء وتحرير الألفاظ، ومسالك الأئمة الحفاظ، وبيان صحة الحديث من سقمه، ومشهوره من مكتمله.
وبالجملة فهو كتاب ما رأيت على منواله لأحد من المتأخرين ولا حذا على مثاله متأخر من المصنفين، ومن ذلك: شرح مسلم، جمع فيه مشروحات من تقدم من المغاربة وغيرهم، وزاد فيه ونقص، وكتاب تهذيب الأسماء واللغات، وكتاب المنهاج في الفقه اختصر فيه المحرر وزاد فيه ونقص، وكتاب الإرشاد، وكتاب التقريب والتيسير، وكتاب البيان في آداب حملة القرآن، وكتاب
المناسك، وكتاب الرياض، وكتاب الأذكار، وكتاب الأربعين، وقد سمعناه على شيخنا المزي، وغير ذلك من الفوائد، وله كتاب طبقات الشافعية اختصر فيه كتاب ابن الصلاح، وزاد عليه أسماء نبه على ذيل في كتابه مع أنهما لم يستوعبا أسماء
الأصحاب، ولا النصف من ذلك، وهذا هو الذي جرأني على جمع هذا الديوان، وبالله المستعان.
وقد كان رحمه الله على جانب كبير من العلم والزهد والتقشف والاقتصاد في العيش والصبر على خشونته، والورع الذي لم يبلغنا عن أحد في زمانه، ولا قبله بدهر طويل، فكان لا يدخل الحمام، ولا يأكل من فواكه دمشق لما في بساتينها من الشبه في ضمانها والحيلة فيه، صرح بذلك، وكان لا يأكل إلا أكلة واحدة في اليوم والليلة بعد عشاء الأخيرة ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، ولا يشرب المبرد، ولم يتزوج قط، وكان قليل النوم، كثير السهر في العبادة والتلاوة والذكر والتصنيف، وكان أمارًا بالمعروف نهاء عن المنكر يواجه الأمراء والكبار والملوك بذلك ويصدع بالحق، وقام على الملك
الظاهر في دار العدل في قضية الغوطة لما أرادوا وضع الأملاك على بستانها فرد عليهم ذلك، ووقى الله شرها بعد أن غضب السلطان، وأراد البطش به، ثم بعد ذلك أحبه وعظمه حتى كان يقول: أنا أفزع منه.
وقد ولي الشيخ محيي الدين مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد الشيخ شهاب الدين أبي شامة سنة خمس وستين إلى أن توفي، ولم يتناول من معلومها فلسًا، ولم يقبل لأحد هدية إلا نادرًا وإنما كان يتقوت مما يأتيه من أبيه من نوى كعك وفطير، وكان يلبس ثوبًا حرانيا وعمامة سنجانية، وكان لا يؤبه له بين الناس وعليه سكينة
ووقار، رحمه الله، قال الشيخ علاء الدين بن العطار: سافر الشيخ إلى نوى وزار القدس والخليل وعاد إلى نوى وتمرض عند أبيه إلى أن توفي ليلة أربع وعشرين من رجب سنة ست وسبعين وست مائة، ودفن بنوى، وصلوا عليه بدمشق يوم الجمعة رحمه الله وإيانا، ورثاه غير واحد من
الشعراء بِمَرَاثٍ جَمَّةٍ.