الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبري، وأبي بكر القطيعي، وأحمد بن محمود بن خرزاذ، وجماعة.
وروى عنه: الحاكم، ومات قبله، والحافظ أبو بكر البيهقي، وسفيان، ومحمد ابنا الحسين بن منجويه، وكان ابتداء أمره يعقد مجلس الوعظ والتذكير ثم تركه، وأقبل على التدريس، والمناظرة، والفتوى، ثم ولي قضاء نيسابور، سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، فأظهر أهل الحديث من الفرح، والاستبشار، والاستقبال، والثناء، ما يطول شرحه، وكان نظير أبي الطيب سهل بن محمد الصعلوكي، حشمة، وجاها، وعلما، وغيرة، فصاهره أبو الطيب، وجاء من بينهما جماعة سادة وفضلاء، وأعقب اثنين: الموفق، والمؤيد، سيدي عصرهما، وتوفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربع مائة، وقيل: سنة سبع وأربع مائة.
محمد بن عبد الله بن الحسن العلامة أبو الحسين البصري، المعروف بابن اللبان الفرضي
روى عن العباس الأثرم، وسمع سنن أبي داود على محمد بن بكر بن داسة عنه، ورواها عنه القاضي أبو الطيب الطبري، وقد كان أستاذا في الفرائض، وله كتاب مشهور نافع، وله علوم أخر، وبنيت له مدرسة ببغداد، وكان يدرس بها، ويبعه له راتبه خوارزم شاه كل سنة، برفد ونوال، ثم خربت تلك المدرسة بعد.
وقال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: كان ابن
اللبان إماما في الفقه والفرائض، صنف فيها كتبا كثيرة ليس لأحد مثلها، وأخذ عنه أئمة وعلماء.
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: كان ثقة، وانتهى إليه علم الفرائض، وصنف فيها كتبا، وتوفي في ربيع الأول سنة اثنتين وأربع مائة، رحمه الله.
قلت: له اختيارات غريبة، وأقوال عجيبة، فمن ذلك ما حكاه أبو الحسين بن القاضي أبي يعلى بن الفراء الحنبلي، في كتابه رءوس المسائل، عن أبي الحسين بن اللبان من أصحابنا: أنه أوجب الزكاة في المال إذا ملكه، وإن لم يمض عليه حول، وهو مروي عن ابن عباس، وجماعة من السلف، وأنه جوز لأحد الشريكين تزويج نصيب شريكه من الجارية، ويحل له بالملك والتزويج، وأن الحرة إذا ملكت زوجها العبد لا ينفسخ نكاحه، وأن الموطوءة بشبهة لا مهر لها، وأن المطلقة ثلاثا إن كانت ممن تحيض استبرأت بحيضة فقط، ولا عدة عليها سواها، فإن كانت صغيرة، أو آيسة، فلا شيء عليها، وتحل للأزواج في الحال،
وكذا المتوفى عنها زوجها قبل الدخول لا عدة عليها "، كما هو محكي عن زيد بن ثابت، وأن الدية في قتل الخطأ في مال الجاني لا على عاقلته، وهو محكى عن الخوارج، هكذا نقلها في كتابه المذكور، وهو مشهور، وهذه اختيارات غريبة جدا، والله أعلم.
قال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: وممن أخذ عن أبي الحسين الفرائض: أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي، أستاذ الشيخ أبي حامد في الفرائض، وأبو الحسين محمد بن يحيى بن سراقة الفقيه الفرضي، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن يوسف الكازروني، الذي لم يكن في زمانه أفرض منه ولا أحسب، وممن أخذ عنه: شيخنا أبو الحسن السيرجي الفرضي الحاسب، وكان أبو الحسين بن اللبان،
يقول: ليس في الأرض فرضي، إلا من أصحابي، أو من أصحاب أصحابي، أو لا يحسن شيئا.
قال الخطيب البغدادي: حدثني أبو بكر محمد بن علي الدينوري، سمعت أبا الحسين الفرضي، يعني: بن اللبان، سمعت أبا بكر بن داسة، يقول: سمعت أبا داود، يقول: كتبت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خمس مائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب، يعني: كتاب السنن، جمعت منه أربعة آلاف وثمان مائة حديث، ذكرت الصحيح، وما يشبهه، ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث، أحدها، قوله، عليه الصلاة السلام:«الأعمال بالنيات» ، والثاني، قوله:«من حسن إسلام المرء، تركه ما لا يعنيه» ، والثالث، قوله:«لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب لأخيه ما يرضى لنفسه» ،
والرابع، قوله:«الحلال بين والحرام بين» ، الحديث، والله أعلم، قال ابن اللبان: أنشدنا أشياخنا، عن عبد الله بن كثير، حين سأله أهل مكة، أن يقرئهم القرآن بعد وفاة مجاهد، رحمه الله، فقال:
بني كثير كثير الذنوب
…
ففي الحل والبل من كان سبه
بني كثير دهته اثنتان
…
رياء وعجب يخالطن قلبه
بني كثير أكول نؤوم
…
وليس كذلك من خاف ربه
بني كثير يعلم علما
…
لقد أعوز الصوف من جز كلبه
قال المؤلف، رضي الله عنه، الشيخ الإمام العلامة عماد الدين إسماعيل بن كثير القرشي: ويروي هذه الأبيات محمد بن كثير البغدادي، فالله أعلم.
محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبي الطهماني الحافظ أبو عبد الله الحاكم
النيسابوري، المعروف بابن البيع
صاحب المستدرك، وغيره من الكتب المشهورة، رحل في طلب الحديث، وسمع الكثير عن شيوخ يزيدون على ألفين، كان مولده سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، في يوم الاثنين ثالث ربيع الأول منها، وطلب العلم من صغره باعتناء أبيه وخاله، فكان أول سماعه منه سنة ثلاثين، واستملى على أبي حاتم بن حبان سنة أربع وثلاثين، ورحل إلى العراق سنة إحدى وأربعين، وتفقه على الفقيه أبي الوليد حسان بن محمد، وأبي علي بن أبي هريرة، وأبي سهل الصعلوكي، وغيرهم، ومن أعيان مشايخه أبو العباس الأصم، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو عمرو ابن السماك، وأبو بكر النجار، وأبو علي النيسابوري الحافظ ، وعبد
الباقي بن قانع، ومحمد بن حاتم بن خزيمة الكيسي صاحب عبد بن حميد، وروى عنه: الحافظ أبو الحسن الدارقطني، أحمد بن أبي عثمان الحيري، وأبو بكر القفال الشاشي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي، وابن المظفر، وكل هؤلاء من شيوخه، وروى عنه: أبو ذر الهروي، والحافظ أبو بكر البيهقي، فأكثر عنه، وبكتبه تفقه وتخرج، ومن بحره استمد، وعلى منواله مشى، والحافظ أبو يعلى الخليلي بن عبد الله الخليل، والأستاذ أبو القاسم القشيري، وخلق، وآخرهم موتا: أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، ورحل إليه الناس من الآفاق، وحدثوا عنه في حياته، ومن أغرب ذلك أن الشيخ أبا عمر الطلمنكي
الفقيه المالكي، كتب علوم الحديث للحاكم، عن شيخ له سنة تسع وثمانين وثلاث مائة، بسماعه من صاحب الحاكم عن الحاكم، ذكره الحافظ أبي يعلى الخليلي فعظمه، وقال: له رحلتان إلى العراق والحجاز، والرحلة الثانية سنة ثمان وستين، وناظر الدارقطني فريضة، وهو ثقة، واسع
العلم، بلغت تصانيفه للكتب الطوال، والأبواب، وجمع الشيوخ قريبا من خمس مائة جزء، يستقصى في ذلك، يؤلف الغث والسمين، ثم يتكلم عليه فيبين ذلك، وتوفي في سنة ثلاث وأربع مائة، كذا قال: سنة ثلاث، وقد وهم، وإنما توفي سنة خمس وأربع مائة، كما سيأتي بيانه في آخر الترجمة.
وقال الحافظ أبو بكر الخطي: كان ثقة، أول سماعه منه سنه ثلاثين وثلاث مائة، وكان يميل إلى التشيع، فحدثني إبراهيم بن محمد الأموري بنيسابور، وكان صالحا، عالما، قال: جمع أبو عبد الله الحاكم أحاديث، وزعم أنها صحاح على شرط البخاري، ومسلم، منها: حديث الطائر، ومن كنت مولاه فعلي مولاه، فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا إلى قوله.
وقال أبو عبد الرحمن الشاذياخي: كنا في مجلس السيد أبي الحسن، فسئل الحاكم عن حديث الطير، فقال: لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال محمد بن طاهر المقدسي: سألت أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، عن الحاكم، فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث، قال ابن طاهر: وكان الحاكم شديد التعصب للشيعة، في الباطن، وكان يظهر السنن في التقدم والخلافة، وكان منحرفا، غاليا، عن معاوية، وأهل بيته، يتظاهر به، ولا يعتذر منه، فسمعت أبا الفتح سمكويه بهراة، يقول: سمعت عبد الواحد المليجي، يقول: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي، يقول: دخلت على
أبي عبد الله الحاكم، وهو في داره لا يمكنه الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كرام، وذلك أنهم كسروا منبره، ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت، وأمليت في فضائل هذا الرجل، يعني: معاوية، حديثا لاسترحت من هذه المحنة، فقال: لا يجئ من قلبي، لا يجئ من قلبي، سمعت أبا محمد بن السمرقندي، يقول: بلغني أن
مستدرك الحاكم ذكر بين يدي الدارقطني، فقال: نعم يستدرك عليهما حديث الطير، فبلغ ذلك الحاكم، فأخرج الحديث من الكتاب، قال شيخنا أبو عبد الله الحافظ الذهبي: قلت: لا بل هو في المستدرك، بل وفيه أشياء موضوعة، نعوذ بالله من الخذلان، ثم قال ابن طاهر: ورأيت
أن حديث الطير، جمع الحاكم في جزء ضخم بخطه.
قال ابن طاهر: وسمعت المظفر بن حمزة بجرجان، يقول: سمعت أبا سعد الماليني، يقول: طالعت كتاب المستدرك على الشيخين الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره، فلم أر فيه حديثا على شرطهما، قال شيخنا الذهبي: وهذا إسراف، وغلو من الماليني، وإلا ففي، هذا المستدرك جملة وافرة على شرطهما، وجملة وافرة على شرط أحدهما، لعل مجموع ذلك نحو نصف الكتاب، وفيه نحو الربع مما صح سنده، وفيه بعض الشيء معلل، وما بقي، وهو نحو الربع مناكير وواهيات لا يصح، وفي بعض ذلك موضوعات قد أعلمت عليها لما اختصرته.
قلت: لم يطرد ولا انعكس، فإنه قد أخرج أحاديث مما في الصحيحين، أو أحدهما، وفيه ما ليس على شرطهما ولا أحدهما، وكذا قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح: وقد أخطأ الكثير، وتسامح كثيرا، واتسع خطوه، وقال الحافظ أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي: سمعت الحاكم أبا عبد الله إمام أهل الحديث في عصره، يقول: شربت ماء زمزم، وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف، قال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي: أبو عبد الله الحاكم، هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفته، وبيته بيت الصلاح، والزهد، والورع، والتأذين في الإسلام، ولد سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، ولقي عبد الله بن محمد بن
السيرفي، وأبا حامد بن بلال، وأبا علي الثقفي، ولم يسمع منهم، وسمع من: أبي طاهر المجد أبادي، وأبي بكر القطان، ولم يظفر بمسموعه منهما، وتصانيفه المشهورة تطيح بذكر شيوخه، وقد قرأ القرآن بخراسان، والعراق، على قراء وقته، وتفقه على