المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٢

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلومن تصدق بما لا يجب

- ‌الترغيب في صدقة السر

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل مالهفيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

- ‌الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه

- ‌(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

- ‌ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماءوالترهيب من منعه

- ‌(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم

- ‌الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله

- ‌الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر

- ‌الترغيب في صوم ست من شوال

- ‌(الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها)وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا

- ‌الترغيب في صيام شهر الله المحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال

- ‌(الترغيب في صوم شعبان)وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه

- ‌(الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض)

- ‌(الترغيب في صوم الاثنين والخميس)

- ‌(الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد)وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت

- ‌(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام

- ‌(ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه)

- ‌(ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه)وترغيبه في الإفطار

- ‌(الترغيب في السحور سيما بالتمر)

- ‌(الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء)

- ‌الترغيب في إطعام الطعام

- ‌(ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده)

- ‌(الترغيب في الاعتكاف)

- ‌(الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها)

- ‌(كتاب العيدين والأضحية)

- ‌الترغيب في إحياء ليلتي العيدين

- ‌الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله

- ‌الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته

- ‌(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات

- ‌(الترغيب في النفقة في الحج والعمرة)وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام

- ‌(الترغيب في العمرة في رمضان)

- ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌(الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها)

- ‌(الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى)

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله

- ‌(الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة)

- ‌الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها

- ‌(الترغيب في حلق الرأس بمنى)

- ‌(الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله)

- ‌(ترهيب من قدر على الحج فلم يحج)(وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج)

- ‌الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينةوبيت المقدس وقباء

- ‌(الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها)وفضل أُحُد، ووادي العقيق

- ‌(الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء)

- ‌(كتاب الجهاد)

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلهاوالترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوموالصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌(الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه)

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهادوما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌(الترهيب من الفرار من الزحف)

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌(الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال)

- ‌(الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء)

- ‌التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمهوما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌(الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن)

- ‌(الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به)

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمرانوما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولهاأو عشر من آخرها

- ‌(الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر)

- ‌الترغيب في قراءة قل هو الله أحد

- ‌(الترغيب في قراءة المعوذتين)

- ‌(كتاب الذكر والدعاء)

- ‌(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

- ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

- ‌(الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)

- ‌(الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)

- ‌(الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)

- ‌(الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات)

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل)

- ‌(الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما)

- ‌(الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها)

- ‌الترغيب في الاستغفار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب البيوع وغيرها

- ‌الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيرهوما جاء في نوم الصبحة

- ‌(الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة)

- ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيهوما جاء في ذمّ الحرص وحب المال

- ‌الترغيب في طلب الحلال والأكل منهوالترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور

- ‌الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء

- ‌(الترغيب في إقالة النادم)

- ‌(الترهيب من بخس الكيل والوزن)

- ‌الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره

- ‌الترهيب من الاحتكار

- ‌ترغيب التجار في الصدقوترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين

- ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

- ‌الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه

- ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

- ‌الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور)

- ‌(الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس)

الفصل: ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

1 -

عنْ أبي ذرٍّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عنْ

= ومن تاب وعمل صالحاً فانه يتوب إلى الله متابا) 71 من سورة الفرقان.

استثنى الله تعالى من تاب وعرف ربه، وأناب وأحسن في عمله، وأطاع الله وخشيه.

فوائد الاستغفار من فقه أحاديث الباب)

أولا: فضل الله واسع وخزائنه لا تنفد، وعطاؤه جزيل لا ينقصه أي عطاء وإن جل.

ثانياً: إرادة الله النافذة وأمره صارم، فلا يحصل خير إلا بأمره (كن فيكون).

ثالثاً: الاستغفار هادم غوايات إبليس ومحطم إضلاله (لا أبرج أغوي).

رابعاً: البلسم الشافي لإزالة الآثام: الاستغفار.

خامساً: يزيل الاستغفار الكروب ويوسع الأرزاق ويقضي الله به الحاجات (جعل الله له من كل هم فرجا).

سادساً: جهة معينة في الجنة للمستغفر (طوب).

سابعاً: الاستغفار يطهر صحيفة العبد من الأخطاء (من أحب أن ت سره (صحيفته).

ثامناً: إذا أذنب العبد يمهله كاتب السيئات رجاء لاستغفار فإذا استغفر ربه (لم يوقفه عليه).

تاسعاً: الاستغفار ينغلف القلب من الغفلة ويجلوه من صدأ النسيان ويبعد الران الذي يحجب أنوار الله.

عاشراً: الاستغفار قربان إلى الله ووصلة لمناجاته وإقدام على تنقية وحيلة المخلصين (ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم).

الحادي عشر: الإكثار منه يمجد الله ويدعوه بأسمائه العظمى، وبذا يغفر الله للمستغفر (وإن كان فرض الزحف).

الثاني عشر: كل مرة يكفر الله بها عشرة ذنوب الواحد بعشر سيئات، وقد خسر المذنب الغافل عن الاستغفار (وقد خاب).

الثالث عشر: الاستغفار سبب قبول التوبة وحسن الخاتمة (فتلق آدم من ربه كلمات فتاب عليه).

الرابع عشر: عدم الاستغفار تهلكه ودمار ويجلب سوء العاقبة ويدعو إلى اليأس من رحمة الله والعياذ بالله، وتركه مصيبة وكارثة على الغافل عن الله (الرجل يذنب فيقول لا يغفره الله) قال تعالى:(فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى 123 ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى 124 قال رب لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا 125 قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم ننسى 126 وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) 127 عن سورة طه.

إن شاهدنا (أعرض عن ذكرى) وتلك لعمري التهلكة قاصمة الظهر، جالبة الضير، مسببة الويل، وأحسب الاستغفار إحسانا كما قال تعالى:(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين).

(آيات الاستغفار من كتاب الله جل وعلا)

في صحيح البخاري: باب الاستغفار وقوله تعالى: (استغفروا ربكم).

قال في الفتح: وكأن المصنف لمح بذكره هذه الآية إلى أثر الحسن البصري: أن رجلا شكا إليه الجدب فقال: =

ص: 473

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر عدم الولد. فقال: استغفر الله، ثم تلا عليهم هذه الآية أهـ ص 76 جـ 11.

أولا: (استغفروا ربكم إنه كان غفارا 10 يرسل السماء عليكم مدرارا 11 ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) 12 من سورة نوح.

أي يا قوم توبوا إلى الله واعبدوه واتقوا ليجلب لكم المنح.

أي يا قوم توبوا إلى الله واعبدوه واتقوه ليجلب لكم المنح.

أ - ليرسل لكم المطر كثير الدرور والانهطال فيشرب منه الإنسان والحيوان والنبات.

ب - يبارك في أولادكم ويكثر في أرزاقكم.

جـ - تتمتعون برغد العيش والبساتين النضرة. والمياه العذبة.

ثانيا: وقالتعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) 25 من سورة الأنفال.

(وأنت فيهم) أي بلدهم، فان خرجت منها أنت والمؤمنون عذبهم الله على أيديكم عذابا خاصاً بهم، ولا يعذبهم الله جل وعلا، والحال أنهم يستغفرون أهـ صاوي.

فقد جعل الله الآن مأمنا للمسلمين من عذابه، وهو الاستغفار الذي ينجي من عقابه سبحانه. وقد سئل ابن الجوزي: أأسبح أو استغفر؟ فقال الثوب الوسخ أحوج إلى الصابون من البخور. والاستغفار استفعال من الغفران، وأصله الغفر، وهو إلباس الشيء ما يصونه عما يدنسه، وتدنيس كل شيء بحسبه، والغفران من الله للعبد أن يصونه عن العذاب، والتوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، ورد المظلمة إن كانت، أو طلب البراءة من صاحبها، وهي أبلغ ضروب الاعتذار. أهـ فتح ص 80 جـ 11.

روي أن الإمام عليا قال: ثنتان يؤمنان من العذاب، وقد رفعت إحداهما وبقيت الثانية، وتلا رضي الله عند هذه الآية، ثم قال: العجب ممن يهلك، ومعه النجاة. قيل وما هي؟ قال الاستغفار، وقال: ما ألهم الله سبحانه عبدا الاستغفار، وهو يريد أن يعذبه. ص 263 جـ 1 إحياء.

ثالثاً: (كتاب أحكمت اياته ثم فصلت من لدن حكميم خبيرا (ألا تعبدوا إلا الله إني لكم منه نذير وبشير 2 وأن استغفرا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل قضله) من سورة هود.

توسلوا إلى مطلوبكم بالتوبة يعيشكم في أمن ودعة وسعة (ويؤت) ويعط (كل ذي فضل) في دينه جزاء فضله في الدنيا والآخرة، وهو وعد للموحد التائب بخير الدارين.

رابعاً: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين) 53 من سورة هود.

اطلبوا مغفرة الله بالإيمان. ثم توسلوا إليها بالتوبة ليضاعف قوتكم بالتناسل.

خامساً: (وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب) 62 من سورة هود.

(أنشأكم) كونكم منها وعمركم فيها معمري دياركم، وربي قريب الرحمة، مجيب داعيه. =

ص: 474

ربِّه عز وجل أنَّه قال: يا عبادي إني حرّمت الظُّلم (1) على نفسي، وجعلتهُ بينكمْ

= سادساً: (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا 3 من سورة النصر).

سابعاً: (والمستغفرين بالأسحار) 170 من سورة آل عمران.

ثامناً: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك ولا تكن للخائنين خصيما 105 واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما) 106 سورة النساء.

تاسعاً: (ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما 110 ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما 111 ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتانا وإثماً مبيناً) 112 سورة النساء.

عاشراً: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم 117 وعلى الثلاثة الذي خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) 118 من سورة التوبة.

قال البيضاوي: (لقد تاب الله) من إذنه للمنافقين في التخلف أو برأه عن علقة الذنوب كقوله تعالى: (ليغفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) وقيل هو بعث على التوبة، والمعنى ما من أحد إلا وهو محتاج الى التوبة حتى النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار، لقوله تعالى:(وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون) إذ ما من أحد إلا وله مقام يستنقص دونه ما هو فيه، والترقي إليه توبة من تلك النقيصة وإظهار لفضلها بأنها مقام الأنبياء والصالحين من عباده (ساعة العسرة) في وقتها، وهي حالهم في غزوة تبوك، كانوا في عسرة الظهر، يعتقب العشرة على بعير واحد، والزاد حتى قيل إن الرجلين كانا يقتسمان تمرة، والماء حتى شربوا الفرث (الثلاثة) كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع تخلفوا عن الغزو (لا ملجأ من الله إلا إليه) أي لا نجاة من سخطه إلا إلى استغفاره (ثم تاب عليهم) بالتوفيق للتوبة، أو أنزل قبول توبتهم ليعدوا من جملة التائبين، أو رجع عليهم بالقبول والرحمة مرة بعد أخرى ليستقيموا على توبتهم، سبحانه المتفضل عليهم بالنعم أهـ. إن شاهدنا ذكر هؤلاء الأبطال في الجهاد في سبيل الله ثم شرح الله صدورهم بالإيمان، وطاعة الله ثم هداهم إلى الاستغفار فصار وصلة بين العبد وربه، وسبب الفوز برضوان الله، فأريد اليوم أن يكثر المسلمون من الاستغفار رجاء التوفيق والهداية إلى أقوم طريق.

الحادي عشر: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) 116 من سورة النساء.

قيل جاء شيخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال إني شيخ منهمك في الذنوب إلا أني لم أشرك بالله شيئاً منذ عرفته وآمنت به، ولم أتخذ من دونه وليا، ولم أوقع المعاصي جرءة، وما توهمت طرفة عين أني أعجز الله هربا، وإني لنادم تائب فما ترى حالي عند الله سبحانه وتعالى؟ فنزلت أهـ بيضاوي.

أرجو التوبة والندم والعزيمة على طاعة الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وكثرة الاستغفار.

(هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) 128 سورة آل عمران.

(1)

قال النووي: قال العلماء: معناه تقدست عنه وتعاليت، والظلم مستحيل في حق الله سبحانه وتعالى. كيف يجاوز سبحانه حدا وليس فوقه من يطيعه؟ وكيف يتصرف في غير ملك، والعالم كله في ملكه وسلطانه؟ وأصل التحريم في اللغة المنع، فسمى تقدسه عن الظلم تحريما لمشابهته للممنوع في أصل عدم الشيء. اهـ ص 132 ج 16

ص: 475

محرَّما فلا تظالموا (1) يا عبادي: كلكمْ ضالُّ (2) إلا من هديته فاستهدوني أهدكم.

يا عبادي: كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكمْ. يا عبادي: كلُّكمْ عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي: إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكمْ. يا عبادي: إنكم لن تبلغوا ضرِّي فتضرَّوني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي: لو أنَّ أوَّلكم وآخركم وإسنكمْ وجنَّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي: لوْ أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما نقص من ملكي شيئا. يا عبادي: لو أن أوَّلكم وآخركمْ وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني، فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر (3) يا عبادي: إنما هي أعمالكمْ أحصيها لكمْ، ثمَّ أوفيكمْ إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه. قال سعيد: كان أبو إدريس الخولانيُّ إذا حدَّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه. رواه مسلم واللفظ له.

ورواه الترمذي، وابن ماجه عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عنه، ولفظ ابن ماجه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى يقول: يا عبادي كلُّكم مذنبٌ إلا من عافيته فأسألوني المغفرة أغفر لكمْ، ومن علم منكم أني

(1) لا تظالموا: أي لا يظلم بعضكم بعضاً.

(2)

قال المازري: ظاهر هذا أنهم خلقوا على الضلال إلا من هداه الله تعالى، وفي الحديث المشهور:(كل مولود يولد على الفطرة) قال: فقد يكون المراد بالأول، وصفهم بما كانوا عليه قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم لو تركوا وما في طباعهم من إيثار الراحة والشهوات، وإهمال النظر لضلوا، وهذا الثاني أظهر. قال النووي: وفي هذا دليل لمذهب أصحابنا وسائر أهل السنة أن المهتدي هو من هداه الله، وبهدى الله اهتدى وبإرادة الله تعالى ذلك، وأنه سبحانه وتعالى إنما أراد هداية بعض عباد وهم المهتدون ولم يرد هداية الآخرين، ولو أرادها لاهتدوا خلافا للمعتزلة في قولهم الفاسد: أراد هداية الجميع، جل الله أن يريد ما لا يقع أو يقع مالا يريد. أهـ ص 134 جـ 16.

(3)

البحر من أعظم المرئيات عيانا، والإبرة من أصغر الموجودات، وصقيلة لا يتعلق بها ماء، ولكن هذا تقريب إلى الأفهام: أي لا ينقص شيئاً أصلاً (لا يغيضها نفقة) ويدخل النقص في المحدود الفاني، وعطاء الله سبحانه وتعالى من رحمته وكرمه، وهما صفتان قديمتان لا يتطرق إليهما نقص. أهـ نووي.

ص: 476

ذو قدرةٍ على المغفرة، واستغرني بقدرتي غفرتُ له، ولكُّكم ضالُّ إلا من هديت فاسألوني الهدى أهدكمْ، وكلُّكمْ فقير إلا من أغنيت فاسألوني أرزقكمْ، ولو أنَّ حيَّكم وميتكم، وأوَّلكم وآخركمْ، ورطبكمْ ويابسكمْ اجتمعوا فكانوا على قلب أتقى عبدٍ من عبادي لم يزد في ملكي جناح بعوضةٍ، ولو اجتمعوا فكانوا على قلب أشقى عبدٍ من عبادي لم ينقصْ من ملكي جناح بعوضةٍ، ولوْ أنَّ حيكمْ وميتكمْ وأوَّلكمْ وآخركمْ، ورطبكم ويابسكمْ اجتمعوا فسأل كلُّ سائل منهمْ ما بلغت أمنيته ما نقص من ملكي إلا كما لو أنَّ أحدكم مرَّ بشفة البحر فغمس فيها إبرةً، ثمَّ نزعها، ذلك بأنِّي جوادٌ ماجدٌ، عطائي كلامٌ، إذا أرادت شيئاً فإنما أقول له كنْ فيكون، ورواه البيهقي بنحو ابن ماجه، وتقدم لفظه في الباب قبله.

(المخيط) بكسر الميم، وسكون الخاء المعجمة، وفتح الياء المثناة تحت: هو ما يخاط به الثوب كالإبرة ونحوها.

2 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله عز وجل يقول: أنا عند ظنَّ عبدي (1) بي، وأنا معه (2) إذا دعاني. رواه البخاري ومسلم واللفظ له والترمذي، والنسائي وابن ماجه.

3 -

وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء هو العبادة، ثمَّ قرأ: وقال ربكم ادعوني (3) أستجبْ لكمْ إنَّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنَّم داخرين. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

4 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1) قال القاضي: قيل معناه بالغفران له إذا استغفر، والقبول إذا تاب والإجابة إذا دعا، والكفاية إذا طلب الكفاية، وقيل المراد به الرجاء وتأميل العفو، وهذا أصح. أهـ نووي ص 2 جـ 17.

(2)

معه بالرحمة والتوفيق، والهداية والرعاية (وهو معكم أينما كنتم) أي بالعلم والإحاطة. قال تعالى:(هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) 66 من سورة المؤمن.

لا موجد سواه سبحانه المتفرد بالعطاء.

(3)

اسألوني، والاستكبار الصارف عند منزلة الاستكبار عن العبادة للمبالغة. فيه الحث على الرجاء والتضرع إلى الله عز وجل في جميع الحاجات.

ص: 477

منْ سرَّهُ أن يستجيب الله له عند الشَّدائد فليكثر من الدعاء في الرَّخاء. رواه الترمذي والحاكم من حديثه، ومن حديث سلمان، وقال في كل منهما: صحيح الإسناد.

5 -

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس شيء أكرم على الله من الدُّعاء في الرَّخاء. رواه الترمذي، وقال: غريب، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

6 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: يا ابن آدم إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، الحديث رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وتقدم بتمامه في الاستغفار.

7 -

وعنْ عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوةٍ إلا آتاه الله تعالى إياها، أو صرف عنه من السُّوء مثلها ما لم يدع بإثمٍ، أوْ قطيعة رحمٍ، فقال رجلٌ من القوم: إذا نكثر. قال: الله أكثر. رواه الترمذي واللفظ، والحاكم كلاهما من رواية عبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد قال الجراحي، يعني الله أكثر إجابة.

8 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ مسلم ينصب وجهه لله عز وجل في مسألةٍ إلا أعطاها إياها: إما أن يعجلها (1) له، وإما أن يدَّخرها (2) له في الآخرة. رواه أحمد بإسناد لا بأس به.

9 -

وعنْ أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثم (3)، ولا قطيعة رحمٍ (4) إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثٍ: إما أن يعجِّل له دعوته، وإمَّا أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السُّوء (5) مثلها. قالوا: إذاً نكثر. قال: الله أكثر (6). رواه أحمد البزار.

(1) يعطيه يجيبه في حياته.

(2)

أو يحفظ ثواب هذا الدعاء كنزا له.

(3)

ذنب.

(4)

أقارب.

(5)

يبعد عنه من المصائب.

(6)

فضله أعم، وكنوزه لا تنفد، وعطاياه لاتحد. واسع الجود سبحانه وتعالى.

ص: 478

وأبو يعلي بأسانيد جيدة، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

10 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يدعو الله بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقفه بين يديه، فيقول: عبدي إني أمرتك أن تدعوني ووعدتك أن أستجيب لك، فهلْ كنت تدعوني؟ فيقول: نعم يا ربِّ، فيقول: أما إنك لم تدعني بدعوةٍ إلا استجبت لك، أليس دعوتني يوم كذا وكذا لغمٍّ نزل بك أن أفرِّج عنك ففرَّجت عنك؟ فيقول: نعم يا ربِّ. فيقول إني عجَّلتها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا لغمٍ نزل بك أن أفرِّج عنك فلمْ تر فرجا. قال: نعم يا ربِّ، فيقول: إني ادَّخرت لك بها في الجنَّة كذا وكذا، ودعوتني في حاجةٍ أقضيها لك في يوم كذا وكذا فقضيتها، فيقول: نعم يا ربِّ، فيقول: إني عجَّلتها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا في حاجة أقضيها لك فلمْ تر قضاءها؟ فيقول: نعم يا ربِّ، فيقول: إني ادَّخرت لك بها في الجنة كذا وكذا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا يدع الله دعوة دعا بها عبده المؤمن إلا بين له إما أن يكون عجَّل له في الدنيا، وإمَّا أن يكون ادَّخر له في الآخرة. قال فيقول المؤمن في ذلك المقام يا ليته (1) لمْ يكنْ عجِّل له شيء من دعائهِ. رواه الحاكم.

11 -

وعنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعجزوا في الدعاء، فإنَّه لنْ يهلك مع الدعاء أحد. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

12 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدِّين، ونور السماوات والأرض. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ورواه أبو يعلي من حديث عليّ.

13 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فتح له منكمْ باب الدُّعاء فتحت له أبواب الرَّحمة، وما سئل الله شيئاً يعني

(1) كنت أتمنى أن لا يجيب في حياتي لتنفعني اليوم في آخرتي. فأكثر يا أخي من التذلل لربك، واسأله الرضا وإصلاح الحال والهداية وبلوغ الآمال عسى أن تسلك الصراط السوي.

ص: 479

أحبَّ إليه من أن يسأل العافية (1)، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء ينفع مما نزل (2) ومما لمْ ينزلْ فعليْكمْ (3) عباد الله بالدعاء. رواه الترمذي، والحاكم كلاهما من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وهو ذاهب الحديث عن موسى بن عقبة عن نافع عنه، وقال الترمذي: حديث غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

14 -

وعنْ سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله حيى (4) كريمٌ يستحيي إذا رفع الرَّجل إليه يديه أن يردَّهما صفراً خائبتين.

(1) السلامة من الأسقام والبلايا، وهي الصحة وضد المرض. أهـ نهاية.

أي اطلبوا منه سبحانه النجاة في الدين والدنيا، وسعادة الحياة وخلوها من شوائب الأقذار.

(2)

يلطف الله، ويخفف ما قدر جل وعلا.

(3)

التجئوا يا عباد الله إلى التضرع إلى ربكم عز شأنه. وفي مقدمة جواهر البخاري:

وأدعو الله مغفرة وعفوا

وإحسانا وعيشاً في يسار

ويقبل ما كتبت بحسن قصد

وإخلاص ويرضي عن (عمار)

ويحشر (مصطفى) كرما وفضلا

مع الأبرار في نزل الجوار

(4)

(حيي) كناية عن فضل الله المدرار الذي يصب انصبابا لسائله، يجيب الطلب كما يريد الداعي، وفي الغريب: يقال حيي فهو حيي، وقيل استحى فهو مستح.

قال تعالى:

أ - (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) وقال عز وجل:

ب - (والله لا يستحي من الحق).

وروي (إن الله تعالى يستحي من ذي الشيبة المسلم أن يعذبه (فليس يراد به انقباض النفس إذ هو تعالى منزه عن الوصف بذلك، وإنما المراد به ترك تعذيبه، وعلى هذا ما روي: (إن الله حيي): أي تارك للقبائح، فاعل للمحاسن أهـ ص 140.

فأنت تجد هذا التعبير الجميل (حيي كريم) يصور لك نهاية الجود والإحسان يتكرم الله فلا يخيب من دعاه قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستحييوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) 186 من سورة البقرة.

أي فقل لهم إني قريب، وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد وأقوالهم واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم.

روي أن أعرابياً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فمنزلت (أجيب دعوة الداع) تقرير للقرب، ووعد للداعي بالإجابة (فليستحيبوا لي) إذا دعوتهم للإيمان والطاعة كما أجيبهم إذا دعوني لمهماتهم (وليؤمنوا بي) أمر بالثبات والمداومة عليه (يرشدون) راجين إصابة الرشد وهوه إصابة الحق أهـ بيضاوي.

سبحانه وتعالى خبير بأحوال الناس، سميع لأقوالهم: مجيب لدعائهم، مجازيهم على أعمالهم. شكرا لك يا رب أنعمت وأفضت الخير على العالم فنحمدك ونرجو أن تعفو عنا وترضي عنا وتبسط لنا الرزق وتوفقنا.

ص: 480

رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين. (الصفر) بكسر الصاد المهملة، وإسكان الفاء: هو الفارغ.

15 -

وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله رحيمٌ كريمٌ يستحيي (1) من عبده أن يرفع إليه يديه، ثمَّ لا يضع فيهما خيراً. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، وفي ذلك نظر.

16 -

وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نزلتْ به فاقة (2) فأنزلها بالناس لمْ تسدَّ فاقته، ومنْ نزلتْ به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزقٍ عاجلٍ، أو آجلٍ. رواه أبو داود والترمذي، والحاكم وصححه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح ثابت.

(يوشك) بكسر الشين المعجمة: أي يسرع وزنه ومعناه.

17 -

وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يردُّ القدر إلا الدعاء (3)، ولا يزيد في العمر إلا البرُّ (4)، وإنَّ الرجل ليحرم الرِّزق بالذنب (5) يذنبه. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.

(1) المراد به الترك اللازم للانقباض. كما أن المراد من رحمته إصابة المعروف، ومن غضبه إصابة المكروه اللازمين لمعنييهما، ونظيره قول من يصف إبلا:

إذا ما استحين الماء يعرض نفسه

كرعن بسبت في إيناء من الورد

وإنما عدل عن الترك لما فيه من التمثيل والمبالغة.

والحياء انقباض النفس عن القبيح مخافة الذم: وهو الوسط بين القباحة والوقاحة، والجراءة في الشر وعدم المبالاة، وبين الخجل الذي هو انحصار النفس عن الفعل مطلقاً، وهذا المعنى مستحيل على الله جل وعلا.

(2)

فقر وحاجة: أي طلب من أحد إزالتها، ولم يلجأ إلى ربه وحده، وأما من طلب من الله أن يزيد رزقه، أو يفرج كربه أجاب دعاءه، ويدل عسره يسرا وهمه فرجا.

(3)

معناه التضرع إلى الله يدعو إلى رحمته سبحانه فيخفف في قضائه فتقل المصائب ويزول الألم. فإذا دعا الله داع، وقدر الله جل وعلا مثلا أن ينزل صاعقة على جهة كذا فتنزل الصاعقة كما هو مقدر سبحانه، ولكن يفتتها ويخفف وقعها، وتكون يردا وسلاما على أصحابها، أو يقدر مرضاً مثلا فتأتي دورة المرض خفيفة، وتقل وطأته فيمر دور النقاهة سهلا. اللهم الطف بنا في قضائك وقدرك لطفا يليق بكرمك يا أرحم الراحمين.

(4)

فعل الخير وتشييد الصالحات والصدقة وصلة الرحم، تبارك في العمر وتنميه وتجلب الصحة والسعادة للبار المحسن.

(5)

معناه أن الآثام تضيق الرزق وتنزع البركة منه، والله تعالى يحرم العاصي من رضاه وخيراته وقديماً قالوا: إن المعاصي تزيل النعم. قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) وشكر النعم طاعة الله، والاقبال على العمل بالكتاب والسنة.

ص: 481

18 -

وعنْ عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغْني حذرٌ (1) من قدرٍ، والدُّعاء ينفع مما نزل ومما لمْ ينزلْ، وإنَّ البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه البزار والطبراني، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

(يعتلجان): أي يتصارعان ويتدافعان.

19 -

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يردُّ القضاء إلا الدُّعاء، ولا يزيد في العمر إلا البرُّ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

20 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله من فضله (2)، فإنَّ الله يحبُّ أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج (3) رواه الترمذي وابن أبي الدنيا، وقال الترمذي: هكذا روى حماد بن واقد هذا الحديث، وحماد ابن واقد ليس بالحفاظ. وروي أبو نعيم هذا الحديث عن إسرائيل عن حكيم بن جبير عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح.

21 -

وروي عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدُّعاء مخُّ (4)

العبادة. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب.

(1) لا ينفع الاحتياط واليقظة في منع ما أراده الله: أي الإنسان عرضة لكل شيء قدره سبحانه، والتضرع إلى الله جل وعلا يخفف وطأة المصاب، ويزيل من شدة وقعه المر فيلطف الله في قدره.

(2)

اطلبوا من فيض الله وتضرعوا إليه يعطكم من كرمه لأن الله تعالى عظيم جواد يرضى عن المكثر الدعاء.

(3)

أن تسأل الله، وتعتقد أنه يجيب طلبك ويزيل كربك، ويبسط رزقك.

(4)

مخ الشيء: خالصه، وإنما كان مخها لأمرين: أحدهما امتثال أمر الله تعالى حيث قال: (ادعوني أستجب لكم) فهو محض العبادة وخالصها. الثاني إذا رأى أن نجاح الأمور من الله قطع أمله عما سواه، ودعاه لحاجته وحده، وهذا هو أصل العبادة، ولأن الغرض من العبادة الثواب عليها وهو المطلوب بالدعاء أهـ نهاية ص 82.

يبين لك صلى الله عليه وسلم أن فائدة الدعاء التقرب إلى مولاك جل وعلا: وهو أصل الطاعة ومحور القبول، ومعين الرضوان ومنبع الإحسان لأن فيه الشعور بالضعف والاعتقاد بالحاجة فترجو الله جل وعلا، لأنه وحده الذي يسأل، وغيره سبحانه لا يضر ولا ينفع.

ولقد أخبر الله تعالى عن سيدنا يعقوب عليه السلام فقال عز شأنه: (قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون 86 يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) 87 من سورة يوسف. الله أكبر، سيدنا يعقوب يدعو الله وحده. (بثي) همي الذي لا أقدر الصبر =

ص: 482

22 -

روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدُلكمْ على ما ينجيكمْ (1) من عدوِّكُمْ، ويدرُّ (2) لكمْ أرْزاقكم؟ تدعون الله في ليلكمْ ونهاركمْ، فإنَّ الدعاء سلاح (3) المؤمن. رواه أبو يعلي.

= عليه (إلى الله) لا إلى أحد من أولاده أو من غيرهم فخلوني وشكايتي (وأعلم من الله) من صنعه ورحمته، فإنه لا يخيب داعيه، ولا يدع الملتجئ إليه، أو من الله بنوع من الإلهام (ما لا تعلمون) من حياة يوسف، قيل رأى ملك الموت في المنام فسأله عنه فقال هو حي، وقيل علم من رؤيا يوسف أنه لا يموت حتى يخر له إخوته سجدا (ولا تيأسوا من روح الله) ولا تقنطوا من فرجه وتنفيسه، والعارف المؤمن لا يقنط من رحمته، وقد تكرم الله عز شأنه فتقابلا. وكان من دعاء سيدنا يوسف عليه السلام (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) 101 من سورة يوسف (وليي) ناصري ومتولي أمري (توفني) قبضني.

(1)

يبعدكم من أذى الأعداء.

(2)

يبسط.

(3)

قوة دفاعه وما به يتحصن، فأكثروا عباد الله من التضرع لمولاكم تربحوا وتفرزوا، قال تعالى:(والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) 153 من سورة الأعراف.

(السيئات) المكفر والمعاصي (وآمنوا) أي اشتغلوا بالإيمان وعملوا الأعمال الصالحة، وبذا يقبل الله توبتهم ويجيب دعاءهم. سبحانه يقدم طلب التوبة وفعل الخير مقدمة للاستجابة رجاء أن يسلك الداعون هذا المسلك نظافة وتطهيراً لصحائفهم، والله أعلم.

(مزايا الدعاء من فقه أحاديث الباب)

أولاً: طلب الهداية من الله تعالى والتوفيق (فاستهدوني أهدكم).

ثانياً: طلب بساطة الرزق وسعته والإقبال على الله بالتضرع رجاء الصحة والعافية (فاستطعموني أطعمكم).

ثالثاً: الطلب من القادر العظيم الذي لا تنفد خزائنه، وما أقرب رحمته، وعطاؤه نافذ (كن فيكون).

رابعاً: تحيط رحمة الله بالداعي، ويتوجه إليه إحسانه وعنايته (وأنا معه إذا دعاني).

خامساً: من دعا الله أطاعه، وترك الدعاء معصية واستكبار يؤدي إلى دخول جهنم (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين):

سادساً: كثرة الدعاء في حال السعة والصحة يدخر وقت المرض والضيق (عند الشدائد).

سابعاً: إن الله يحب من عبده كثرة الدعاء.

ثامناً: الدعاء مطلقا يجلب خيرا أو يدفع ضيرا (إذا نكثر، قال صلى الله عليه وسلم: الله أكثر).

تاسعاً: يجني الداعي ثمرة دعائه في حياته أو يحفظ فضلها بعد مماته.

عاشراً: كل دعوة تحفظ عند الله.

أ - إما أن يجيب طلب الداعي (عجلتها لك في الدنيا).

ب - أو يسجل هذا الطلب كنزا مدخرا (يوم لا ينفع مال ولا بنون - وترى الناس سكارى وما هم بسكاري)(يا ليته لم يكن عجل له شيء من دعائه).

الحادي عشر: الدعاء وقاية من البلاء، وحصن منيع من نزول المصائب ومدافع قوي يصد وطأة الكوارث (ينفع مما نزل ومما لم ينزل).

الثاني عشر: أنك تطلب من الذات العلية المتصفة بكل كمال المنزهة عن كل نقص أن يجيب من دعاه (حي كريم).

الثالث عشر: الدعاء يصد هجمات الكوارث، ويخفف قدر الله (لا يرد القدر إلا الدعاء).

الرابع عشر: عراك عنيف بين القضاء والدعاء (يعتلجان). =

ص: 483

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الخامس عشر: الدعاء نهاية التذلل للقادر، ومصدر العطف من الرحيم، ودليل الإخلاص للأحد الصمد (الدعاء مخ العبادة).

السادس عشر: الدعاء يرد كيد الخصوم ويحبط تدابيرهم، ويزيل كل هم وغم وسبب قضاء الحاجات وتيسير الصعاب، ومذلل العسير (ينجيكم من أعدائكم ويدر لكم أرزاقكم) فكأن الدعاء صندوق توفير يودع عند رب الأمانات وحكيمها ومنميها فيأخذ منه الداعي على قدر ما يريد الله له من الخير إن عاجلا وإن آجلا. قال تعالى:(الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز. من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب) 20 من سورة الشورى.

أي يرزقه كما يشاء فيخص كلا من عباده بنوع من البر على ما اقتضته حكمته (القوي) الباهر القدرة (العزيز) المنيع الذي لا يغلب (حرث الآخرة) ثوابها، شبهه بالزرع من حيث إنه فائدة تحصل بعمل الدنيا ولذلك قيل الدنيا مزرعة الآخرة (نزد له في حرثه) فنعطه بالواحد ع شرا إلى سبعمائة فما فوقها (نصيب) حظ. (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) إن شاهدنا طلب سؤال الله يغرس الصالحات عنده سبحانه بالتضرع إليه في كل لحظة عسى أن نحظى بسعادة الدنيا والآخرة.

(آداب الدعاء)

أولا: أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة المحبوبة كيوم عرفة ورمضان، ويوم الجمعة ووقت السحر. قال تعالى (وبالأسحار هم يستغفرون) 18 من سورة الذاريات.

ثانياً: أن يغتنم الأحوال الشريفة كزحف الصفوف في الجهاد أو في إقامة الصلاة أو بين الأذان والإقامة أو خلف الصلوات أو في السجود.

ثالثاً: أن يدعو مستقبل القبلة، ويرفع يديه بحيث يرى بياض إبطيه.

رابعاً: خفض الصوت بين المخافتة والجهر.

خامساً: أن لا يتكلف السجع في الدعاء، فإن حال الداعي ينبغي أن يكون بتضرع، والتكلف لا يناسبه قال تعالى:(ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين) 55 من سورة الأعراف.

سادساً: التضرع، والخشوع، والرغبة، والرهبة قال الله تعالى:(إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين) 90 من سورة الأنبياء.

سابعاً: أن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاءه فيه.

ثامناً: أن يلح في الدعاء ويكرره ثلاثا. قال ابن مسعود: كان عليه الصلاة والسلام إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً.

تاسعاً: أن يفتتح الدعاء بذكر الله عز وجل فلا يبدأ بالسؤال. واستفتح صلى الله عليه وسلم (سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب) ثم يصلي الداعي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل حاجته، ثم يختم

بحمد الله والصلاة على حبيبه صلى الله عليه وسلم (فإن الله عز وجل يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما).

عاشراً: التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة والطهارة وصفاء القلب من المعاصي والإكثار من الطاعة والصدقة والإحسان أهـ.

قال عز وجل: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعو فله الأسماء الحسنى، ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) 110 من سورة الإسراء، نزلت حين سمع المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا الله يا رحمن فقالوا: إنه ينهانا أن نعبد إلهين، وهو يدعو إلاهاً آخر (الحسنى) لدلالتها على صفات الجلال والإكرام (وابتغ) واطلب بين الجهر والمخافتة وسطاً، فإن الاقتصاد في جميع الأمور محبوب.

روي أن أبا بكر رضي الله عنه كان يخفت ويقول: أناجي ربي، وقد علم حاجتي، وعمر رضي الله عنه كان يجهر ويقول: أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، فلما نزلت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يرفع =

ص: 484