الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قال المملي) رضي الله عنه: والظاهر أن المرابط أيضاً في سبيل الله فيضاعف عمله الصالح كما يضاعف عمل المجاهد.
11 -
وقد روي عن أنس رضي الله عنه يرفعه قال: صلاة في مسجدي تُعْدلُ بعشرةِ آلاف صلاةٍ، وصلاة في المسجد الحرام تعدل بمائة ألف صلاةٍ، والصلاة بأرض الرباط بألفي ألف صلاةٍ، الحديث. رواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب الثواب.
12 -
وروي البيهقي عن أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاةٍ، ونفقة الدِّينار والدِّرهم منه أفضل منْ سبعمائة دينارٍ ينفقه في غيره، والله أعلم.
الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه
1 -
عنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لغدوة في سبيل الله، أوْ روْحة خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، ولقاب (1) قوْس أحدكمْ من الجنَّة، أو موضع قيدٍ (2) يعني سوطه، خير من الدُّنيا وما فيها، ولوْ أنَّ امرأةً من أهل الجنة اطَّلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهماولملأته ريحاً ولنصيفها (3) على رأسها خير من الدنيا وما فيها. رواه البخاري ومسلم وغيرها.
(الغدوة) بفتح الغين المعجمة: هي المرّة الواحدة من الذهاب.
(والرّوحة) بفتح الراء: هي المرَّة الواحدة من المجيء.
2 -
وعنْ أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عيله وسلم: غدوةٌ في سبيل الله، أوْ روْحة خير مما طلعتْ عليه الشَّمس، أو غربت (4). روراه مسلم والنسائي.
(1) مقدار رمح.
(2)
موضع قيد. كذا ط وع ص 431، وفي ن د: قيده.
(3)
الخمار، وقيل المعجر: أي غطاء الرأس. قال الشاعر:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
…
فتناولته واتقنا باليد
بمخصب رخص البنان كأنه
…
. . . . . . . . . .
(4)
الذهاب صباحا للهجوم على الأعداء وغاراتهم، ثم الإياب والكرة مساء أفضل عند الله وأكثر ثوابا. =
3 -
وعنْ سهل بن سعدٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رباط يومٍ في سبيل الله خير من الدُّنيا وما عليها، وموضع سوْط أحدكمْ من الجنَّة خيرٌ من الدنيا وما عليها، والرَّوحة يروحها العبد في سبيل الله، أو الغدوة خير من الدُّنيا وما عليها. رواه البخاري، ومسلم والترمذي، وابن ماجه، وتقدم.
4 -
وروي عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما راح (1) مسلم في سبيل الله مجاهدا، أوْ حاجاً مهلا (2)، أوْ ملبيِّاً إلا غربت الشمس بذنوبهِ (3). رواه الطبراني في الأوسط.
5 -
وعن ابن عمر رضي عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الغازي في سبيل الله، والحاجُّ إلى بيت الله والمعتمر: وفد الله دعاهم فأجابوه. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه، واللفظ كلاهما عن عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن مجاهد عنه، والبيهقي من هذه الطريق فوقفه ولم يرفعه، ورواه بنحوه من حديث أبي هريرة النسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، وقال ابن ماجه في آخره: إنْ دعوة أجابهمْ، وإن استغفروه غفر لهمْ.
6 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تضمَّن الله لمنْ خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهادٌ في سبيلي، وإيمان بي، وتصديقٌ برسلي فهو ضامنٌ (4) أن أدخله الجنَّة، أوْ أرجعه إلى منزله الذي خرج منه نائلا (5) ما نال من أجرٍ، أوْ غنيمةٍ، والذي نفس محمدٍ بيدهِ: ما كلْم يكلمُ في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم (6) لوْنه لون دمٍ، وريحه ريح مسكٍ، والذي نفس محمدٍ بيدهِ
= وأبقى أجراً من الدنيا كلها.
(1)
ذهب: راح يروح روحا، وتروح مثله: بمعنى الغدو، وبمعنى الرجوع، وقد طابق بينهما في قوله تعالى:(غدوها شهر ورواحها شهر).
(2)
رافعاً صوته بالتلبية عند الإحرام، وكل من رفع صوته فقد أهل أهلالا.
(3)
مضى اليوم والله غفر له.
(4)
فهو ضامن. كذ ط وع ص 434، وفي ن د: فأنا ضامن.
(5)
مكتسبا صحة وثوابا وخيرا كثيرا.
(6)
كلم. كذا د وع، وفي ن ط: يكلم.
لولا أن أشقَّ على المسلمين ما قعدتُ خلاف سريةٍ (1)
تغزو في سبيل الله أبدا، ولكنْ لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعةً، ويشقُّ عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفسُ محمدٍ بيده: لوددتُ أن أغزو في سبيل الله فأقتل، ثمَّ أغزو فأقتل، ثمَّ أغزو فأقتل. رواه مسلم واللفظ له.
رواه مالك والبخاري والنسائي، ولفظهم: تكفَّل الله لمن جاهد في سبيلهِ لا يخرجهُ من بيته إلا الجهاد في سبيله، وتصديق بكلماتهِ أن يدخله الجنَّة، أوْ يردَّه إلى مسكنه بما نال من أجرٍ، أوْ غنيمةٍ، الحديث.
(الكلم) بفتح الكاف، وسكون اللازم: هو الجرح.
7 -
وعنْ أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من فصلَ في سبيل الله فمات أوْ قتل فهو شهيدٌ، أو وقصه فرسهُ، أوْ بعيرهُ، أوْ لدغته هامَّة، أوْ مات على فراشه بأيِّ حتفٍ شاء الله مات فإنَّه شهيدٌ، وإنَّ له الجنَّة.
رواه أبو داود من رواية بقية بن الوليد عن ابن ثوبان، وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، ويأتي الكلام على بقية، وعبد الرحمن.
(فصل) بالصاد المهملة محركا: أي خرج. (وقصه) بالقاف والصاد المهملة محركا: أي رماه فكسر عنقه. (الحتف) بفتح المهملة، وسكون المثناه فوق: هو الموت
(1) قطعة من الجيش. فعلية بمعنى فاعلة لأنها تسري في خفية، والجمع سرايا وسريات، ولكثرة ثواب المجاهدين في حرب نصر الدين تمنى صلى الله عليه وسلم القتل غازيا، ثم يرد الله حياته صلى الله عليه وسلم فيغزو ثم يقتل، وهكذا حتى يزداد درجات، وما من كمال إلا وعند الله أكمل منه. قال تعالى:
أ - (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد) 20 من سورة الزمر (غرف) علالي بعضها فوق بعض (مبنية) بنيت بناء المنازل على الأرض تجري الأنهار من تحت تلك الغرف، والخلف نقص، وهو على الله محال. أهـ بيضاوي.
ب - (قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) 10 من سورة الزمر: الزمر طاعته (للذين أحسنوا) بالطاعات في الدنيا مثوبة حسنة في الآخرة، وقيل معناه للذين أحسنوا حسنة في الدنيا: وهي الصحة والعافية (وأرض الله واسعة) فمن تعسر عليه التوفر على الإحسان فيوطنه فليهاجر إلى حيث يتمكن منه (الصابرون) على مشاق الطاعات من احتمال البلاء، ومهاجرة الأوطان لها، والذود عن حرمات الدين، والدفاع عن الحق.
وفي الحديث أنه ينصب الموازين يوم القيامة لأهل الصلاة والصدقة والحج. فيوفون بها أجورهم، ولا ينصب لأهل البلاء، بل يصب عليهم الأجر صبا. يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقايض مما يذهب به أهل البلاد من الفضل).
8 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج حاجا (1) فمات كتب الله له أجر الحاجِّ إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمراً فمات كتب الله له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومنْ خرج غازياً (2) فمات كتب الله له أجر الغازي إلى يوم القيامة. رواه أبو يعلي من رواية محمد بن إسحاق، وبقية إسناده ثقات.
9 -
وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خمسٍ من فعل واحدةً منهنَّ كان ضامناً على الله عز وجل: من عاد مريضا، أو خرج مع جنازةٍ، أوْ خرج غازياً في سبيل الله، أو دخل على إمام يريد بذلك تعزيزه (3) وتوقيره (4)، أو قعد في بيتهِ (5) فسلم وسلم الناس منه. رواه أحمد، واللفظ له والبزار والطبراني وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما.
10 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربِّه قال: أيُّما عبدٍ من عبادي خرج مجاهداً في سبيلي ابتغاء مرضاتي (6) ضمنت له إنْ رجعتهُ أرْجعهُ بما أصاب من أجرٍ أو غنيمةٍ، وإنْ قبضتهُ (7) غفرتُ له. رواه النسائي.
11 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلج (8) النَّار رجلبكى منْ خشية الله حتى يعود اللبن في الضَّرع (9)، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنَّم. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب صحيم. والنسائي والحاكم والبيهقي إلا أنهم قالوا: ولا يجتمع غبارٌ في سبيل الله، ودخان جهنَّم في منخريْ مسلمٍ أبداً. وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
(1) بنية أداء أعمال الحج.
(2)
محاربا عدو الدين.
(3)
تأديبه بآداب الله، وتزويده بنصوص الدين إن حاد ليعمل، أو يريد نصرته وتعظيمه لأنه رآه على حق.
(4)
تعظيمه، من الوقار.
(5)
اعتكف عن شرور الناس.
(6)
طلباً لرضاي.
(7)
توفيته.
(8)
لا يدخل.
(9)
معناه مستحيل أن يذوق العذاب من خاف الله فبكى لتقصيره، ولشدة ورعه استصغر أعماله الصالحة بجانب فضل الله ورحمته، وسلطانه، والتزكية له: ما أصابه في الجهاد من الغبار، وتحمل مشاق الحرب في سبيل الله تعالى.
12 -
وعنْ عبد الرَّحمن بن جبرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اغبرَّتْ قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسَّه النَّار. رواه البخاري واللفظ له.
ورواه النسائي والترمذي في حديث، ولفظه: من اغبرَّت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار.
13 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمعانِ في النار اجتماعاً يضرُّ أحدهما الآخر: مسلم قتل كافراً، ثمَّ سدّد (1) المسلم وقارب (2)، ولا يجتمعان في جوف عبدٍ: غبار في سبيل الله ودخان جهنَّم، ولا يجتمعان في قلب عبدٍ: الإيمان (3) والشُّحُّ (4). رواه النسائي والحاكم، واللفظ له وهو أتم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال النسائي: الإيمان والحسد، وصدر الحديث في مسلم.
14 -
وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ رجلٍ يغبرُّ (5) وجهه في سبيل الله إلا آمنه الله دخان النار يوم القيامة، وما منْ رجلٍ تغْبرُّ قدماه في سبيل الله إلا آمن الله قدميه النَّار يوم القيامة. رواه الطبراني والبيهقي.
15 -
وعنْ أبي الدرداء رضي الله عنه يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجمع الله عز وجل في جوف عبدٍ غباراً في سبيل الله، ودخان جهنم، ومن اغبرَّت قدماه في سبيل الله باعد الله منه النار يوم القيامة مسيرة ألف عامٍ للراكب المستعجل، ومنْ جرح جراحةً في سبيل الله ختم (6) له بخاتم الشُّهداء، له نور يوم القيامة لونها مثل لونِ الزَّعفران، وريحها مثل ريح المسكِ يعرفه بها الأولون والآخرون يقولوا: فلان عليه طابع (7) الشهداء، ومنْ قاتل
(1) مشى على سنن الشرع وتحرى السداد، وفعل الصواب.
(2)
سلك مناهج الصالحين، وحضر مجالسهم واقتدى بفعالهم، وتخلق بأخلاقهم.
وفي النهاية: (سددوا وقاربوا) أي اقتصدوا في الأمور كلها، واتركوا الغلو فيها والتقصير. يقال قارب فلان في أموره: إذا اقتصد.
(3)
التصديق بالله ورسوله وكنبه واليوم الآخر.
(4)
التقصير في حقوق الله.
(5)
يصاب وجهه بآثار تراب الحرب، والمعنى جاهد فأخلص وتحمل مشاق الدفاع.
(6)
ختم له كذا ط وع ص 436، وفي ن د. ختم الله له.
(7)
علامة وميزة.
في سبيل الله فواق ناقةٍ (1)، وجبت له الجنَّة. رواه أحمد، ورواة إسناده ثقات إلا أن خالد بن دريك لم يدرك أبا الدرداء.
16 -
وروي الطبرانيَّ في الأوسط عن عمرو بن قيس الكندي قال: أنا مع أبي الدرداء منصرفين من الصَّائفة، فقال يا أيها الناس: اجتمعوا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرَّتْ قدماه في سبيل الله حرَّم الله سائر جسده على النار.
(قوله) من الصائفة: أي من غزوة الصائفة، وهي غزوة الروم، سميت بذلك لأنهم كانوا يغزونهم في الصيف، خوفاً من البرد والثلج في الشتاء.
17 -
وعنْ ربيع بن زيادٍ رضي الله عنه أنَّه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير إذا هو بغلامٍ منْ قريش معتزلٍ (2) من الطريق يسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس ذاك فلان؟ قالوا: بلى. قال: فادعوه، فدعوه. قال: ما بالك اعتزلت الطريق (3)؟ قال: يا رسول الله كرهت الغبار. قال: فلا تعتزله، فو الذي نفس محمَّدٍ بيده إنَّه لذريرة (4) الجنَّة: رواه أبو داود في مراسيله.
18 -
وعنْ أبي المصبِّح المقرائي رضي الله عنه قال: بينما نحن نسير بأرض الرُّوم في طائفةٍ عليها مالك بن عبد الله الخشعميُّ إذا مرَّ مالك بجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهو يقود بغلاله، فقال له مالك: أي أبا عبد الله ارْكبْ فقد حملك الله؟ فقال جابر: أصلحُ (5) دابتي وأستغنى عن قومي، وسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النَّار، فسار حتى إذا كان حيث يسمعه الصوت نادي بأعلى صوته: يا أبا عبد الله اركب فقد حملك الله، فعرف جابر الذي يريد، فقال: أصلح دابتي، وأستغني عن قومي، وسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغتبرت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النَّار، فتواثب الناس (6)
(1) مقدار حلبها.
(2)
معتزل. كذا ط وع، وفي ن د: منعزل: أي وحده.
(3)
اجتنبت مسلك الناس العام.
(4)
نوع من الطيب مجموع من أخلاط: كذا في النهاية في حديث عائشة رضي الله عنها: (طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه بذريرة) والمعنى أن من تحمل غبار الجهاد كان له مسك أذقر ورائحة طيبة يوم القيامة بتقربه من نعيم الجنة.
(5)
أجهز اللازم لركوبها.
(6)
قفز، من وثب وثوبا: قفز. يريدون المشي رضي الله عنهم حبا في ليل =
عن دوابِّهمْ، فما رأيت يوماً أكثر ماشياً منهُ. رواه ابن حبان في صحيحه، واللفظ له.
19 -
ورواه أبو يعلي بإسناد جيد إلا أنه قال: عنْ سليمان بن موسى قال: بينا نحن نسير، فذكره بنحوهِ، وقال فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما اغبرَّتْ قدما عبدٍ في سبيل الله إلا حرم الله عليهما النَّار، فنزل مالك، ونزل الناس يمشون، فما روي يوماً أكثر ماشياً منهُ.
(المصبح) بضم الميم، وفتح الصاد المهملة، وكسر الباء الموحدة. (والمقرائ) بضم الميم وقيل بفتحها، والضم أشهر، وبسكون القاف بعدها راء وألف ممدود، نسبة إلى قرية بدمشق.
20 -
وعنْ عائشة رضي الله عنها قالتْ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما خالط قلْب امرئٍ رهجٌ في سبيل الله إلا حرَّم الله عليه النار. رواه أحمد، ورواته ثقات.
(الرّهج) بفتح الراء، وسكون الهاء، وقيل بفتحها: هو ما يداخل باطن الإنسان من الخوف والجزع ونحوه.
21 -
وروي عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رجف قلْب المؤمن في سبيل الله تحاتَّتْ عنه خطاياه (1) كما يتحاثُّ عذق النَّخلة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط.
(العذق) بكسر العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، بعدها قاف: هو القنو، وهو المراد هنا، وبفتح العين: النخلة.
22 -
وعنْ أمِّ مالكٍ البهزية رضي الله عنها قالتْ: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقرَّبها. قالتْ: قُلْتُ يا رسول الله: من خير النَّاس فيها؟ قال: رجلٌ في ماشيةٍ (2) يؤدي حقها (3)، ويعبد ربه (4)، ورجل أخذ برأس فرسهِ يخيف (5) العدوَّ
= مشقة الجهاد، ورجاء تغيير القدمين عاملين بقول خير البرية صلى الله عليه وسلم.
(1)
تساقطت وزالت. يبين صلى الله عليه وسلم أن الخوف في الغزو مزيل السيئات وجالب الحسنات. تتناثر الذنوب كما يتساقط التمر وورق الشجر.
(2)
الإبل والبقر أو الغنم.
(3)
زكاتها ويراعي طعامها ويرأف بها.
(4)
يؤدي مأموراته ويجتنب منهياته.
(5)
يدخل الرعب في قلوب الكفار والملحدين مع خوفه منهم.