الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوْسعَ (1) على عيالهِ وأهلهِ يوم عاشوراء، أوْسَعَ (2) الله عليه سائر سنَتِهِ. رواه البيهقي وغيره من طرق، وعن جماعة من الصحابة، وقال البيهقي: هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فهي إذ ضم بعضها إلى بعض أخذت قوة، والله أعلم.
(الترغيب في صوم شعبان)
وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه
1 -
عنْ أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما قال: قُلْتُ: يا رسول الله لمْ أرَكَ تصومُ من شهرٍ من الشهور ما تصوم من شعبان. قال: ذاك شهرٌ يغفلُ النَّاس عنه بين رجبٍ ورمضان، وهو شهرٌ ترفع (3) فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، وأحبُّ أنْ يرْفع عملي وأنا صائم. رواه النسائي.
2 -
وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ولا يفطر، حتى نقول ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطر العام، ثمَّ يفطر فلا يصوم حتى نقول ما في نفسهِ أن يصوم العامَ، وكان أحبُّ الصَّوم إليه في شعبان (4). رواه أحمد والطبراني.
(1) أي أنفق.
(2)
زاد في رزقه ووسع عليه وبارك فيما أعطاه. وفي المدخل لابن الحاج التوسعة فيه على الأهل والأقارب واليتامى والمساكين وزيادة النفقة والصدقة مندوب إليها لكن بشرط عدم التكلف، ثم ندد على ما يفعل فيه من ذبح الدجاج وطبخ الحبوب، ثم قال: ولم يكن السلف الصالح رضوان الله عليهم يتعرضون في هذه المواسم، ولا يعرفون تعظيمها إلا بكثرة العبادة، والصدقة، والخير، واغتنام فضيلتها، لا بالمأكول، بل كانوا يبادرون إلى زيادة الصدقة وفعل المعروف أهـ. أوسع بزيادة الهمزة، يقال وسعه الشيء يسعه سعة، وفي أسماء الله تعالى (الواسم) هو الذي وسم غناه كل فقير ورحمته كل شيء، والوسع والسعة: الجدة والطاقة أهـ وقد بين صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجود اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ فقالوا: هذا يوم عظيم أنجي الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه. رواه مسلم ص 10 جـ 8.
(3)
معناه أن هذا الشهر عظيم، وفيه تصعد الأعمال إلى الله تعالى.
(4)
كان يكثر صلى الله عليه وسلم من صوم النفل فيه، وفيه كثرة صوم النفل في شعبان لعلو درجته عند الله تعالى. وفي ع: أحب بضم الباء.
3 -
وروي الترمذيُّ عنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: سئل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أيُّ الصَّوم أفضل بعد رمضان؟ قال: شعبان لتعظيم رمضان. قال: فأي الصَّدقة أفضل؟ قال: صدقة في رمضان (1). قال الترمذي: حديث غريب.
4 -
وعنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعْبان كلَّهُ. قالتْ قُلْتُ: يا رسول الله أحبُّ الشهور إليك أن تصومه شعْبان؟ قال: إنَّ الله يكتبُ فيه على كلِّ ميتةٍ (2) تلك السَّنة، فأحب أن يأتيني أجلي، وأنا صائم. رواه أبو يعلي، وهو غريب، وإسناده حسن.
5 -
وعنها رضي الله عنها قالتْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومْ حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم اسْتكمل صيام شهرٍ قطُّ إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهرٍ أكثر صياماً منْهُ في شعبان. رواه البخاري ومسلم وأبو داود. ورواه النسائي والترمذي وغيرهما قالتْ:
ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في شهرٍ أكثر صياماً منهُ في شعبان كان يصومهُ إلا قليلا، بلْ كان يصومهُ كلَّهُ.
6 -
وفي رواية لأبي داود قالت: كان أحبُّ الشُّهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثمَّ (3) يصله برمضان.
7 -
وفي رواية للنسائي قالت: لمْ يكنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم لشهرْ أكثر صياماً منهُ لشعبان كان يصومه أوْ عامَّتَهُ.
8 -
وفي رواية للبخاري ومسلم قالت: لمْ يكنِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان، فإنَّه كان يصوم شعبْان كلَّه، وكان يقول: خذوا من العملِ ما تطيقون، فإنَّ الله لا يملُّ حتى تملُّوا، وكان أحبَّ الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دووم عليه وإن قلَّتْ. وكان إذا صلَّى صلاة داوم عليها.
(1) كذا د وع ص 349، وفي ن ط: زيادة (ما كان عن ظهر غنى).
(2)
الله تعالى يقدر فيها النفوس الميتة، فيريد صلى الله عليه وسلم أن يتحرى الصوم في شعبان عسى أن يدركه الموت وهو صائم.
(3)
كذا د وع. وفي ن ط: يصله.
9 -
وعنْ أمِّ سلمة رضي الله عنها قالتْ: ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرينِ متتابعين إلا شعبان ورمضان. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وأبو داود، ولفظه:
قالتْ: لمْ يكنِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصوم من السَّنة شهراً تاما إلا شعبان كان يصله برمضان. رواه النسائي باللفظين جميعا.
10 -
وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: يطَّلع الله إلى جميع خلقهِ ليلة النِّصف من شعبان فيغفر لجميع خَلقهِ إلا لمشركٍ (1) أوْ مُشاحنٍ (2). رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه.
11 -
وروي البيهقي من حديثِ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبْرائيل عليه السلام فقال: هذه ليلة النِّصف من شعبان، وللهِ فيها عتقاء من النَّار بعدد شُعور غنمِ (3)
كلبٍ، ولا ينظر الله فيها إلى مشتركٍ، ولا إلى مشاحنٍ، ولا إلى قاطع رحمٍ، ولا إلى مُسْبلٍ، ولا إلى عاقٍ لوالديه، ولا إلى مدمنِ خمرٍ، فذكر الحديث بطوله، ويأتي بتمامه في التهاجر إن شاء الله تعالى.
(1) متخذ لله إلهاً آخر في عبادته، ويخشى الله وغيره.
(2)
منافق شرير يبعث الشقاق، ويوقد نار العداوة بين المتحابين.
(3)
كذا د وع ص 350، وفي ن ط بني كلب، المعنى أن الله تعالى يتفضل فينجي من النار أفرادا جمة كثيرة جداً لا يعلم عددها البالغ في العظمة إلا هو سبحانه وتعالى، ثم استثنى صلى الله عليه وسلم ستة يستمر عذابهم ويبق جحيمهم ولا ينظر إليهم سبحانه وتعالى نظر رحمة ونعمة.
أولا: من يجعل لله شريكاً في طاعته وأعماله، وليس مخلصاً لله وحده.
ثانياً: مجرم فاسق مؤذ شرير، وفي النهاية المشاحن: المعادي، والشحناء العداوة، والتشاحن تفاعل منه، وقال الأوزاعي: أراد بالمشاحن ههنا صاحب البدعة المفارق لجماعة الأمة أهـ. الله أكبر، كل رجل مقصر في أوامر الله متبع هواه، مبتدع في المنزلة الثانية في جهنم بعد المشرك بالله. هلموا أيها المسلمون إلى العمل بكتاب الله، وسنة نبيه عسى أن تشملكم رحمة الله ونعيمه فيغفر لكم ويجير لكم من عذاب أليم.
ثالثاً: من هجر أقاربه، وترك صلة أهله.
رابعاً: مسبل، أي متكبر متجبر يمشي مشية الخيلاء والعجب.
خامساً: عاصي والديه تارك برهما لم يعطف عليهما، ولم يحسن إليهما ويشتمهما، ويقصر في واجباتهما.
سادساً: سكير مستمر في غوايته وضلاله لم ينجز بالحوادث المؤلمة في موت السكران فجأة، أو فقره أو قذارته، أو عصيانه لربه، وسخط الناس عليه وفجوره وضياع أمواله، وكراهة الصالحين لن وسيرته الحقيرة وفيه طلب التوبة لله، والتحلي بالمكارم، ونبذ الخلال السيئة التي تجلب غضب الرب.
12 -
وروي الإمامُ أحمد عنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يطَّلع عز وجل إلى خلقِهِ ليلة النِّصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين: مشاحنٍ، وقاتلِ نفس.
13 -
وعنْ عائشة رضي الله عنها قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الَّليل فصلَّى فأطال السُّجود حتى ظننْتُ أنه قد قبض، فلما ذلك قمْتُ حتى حرَّكتُ إبهامه فتحرَّك فرجعتُ فسمعتهُ (1)
يقول في سجوده: أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك إليك، لا أحْصى ثناءً عليكَ أنت كما أثنيت على نفسك، فلَّما رفع رأسه من السُّجود، وفرغ من صلاتهِ. قال: يا عائشة، أو يا حميراء أظننتِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قدْ خاس بك؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ولكنِّي ظننت أنَّك قبضتَ لطول سجودك، فقال: أتدرين أيُّ ليلة هذه؟ قُلْتُ: الله ورسوله أعلمُ. قال: هذه ليلة النِّصف من شعبان، إنَّ الله عز وجل يطَّلع على عبادهِ في ليلة أعلم. قال: هذه ليلة النِّصف من شعبان، إنَّ الله عز وجل يطَّلع على عبادهِ في ليلة النِّصف من شعبان فيغفر للمستغفرين، ويرْحمُ المسترحمين، ويؤخِّر أهل الحقدِ كما همْ.
رواه البيهقي من طريق العلاء بن الحارث عنها، وقال: هذا مرسل جيدا، يعني أن العلاء لم يسمع من عائشة، والله سبحانه أعلم.
(يقال خاس به): إذا غدره ولم يوفه حقه، ومعنى الحديث: أظننت أنني غدرت لك، وذهبت في ليلتك إلى غيرك، وهو بالخاء المعجمة والسين المهملة.
14 -
وروي عنْ عليٍّ رضي الله عنه عنْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا كانت ليلة النِّصف منْ (2) شعبان، فقوموا ليْلها، وصوموا يومها، فإنَّ الله تبارك وتعالى ينزل (3) فيها لغروب الشَّمسِ إلى السماء الدُّنيا، فيقول: ألا من مستغفرٍ فأغفر
(1) فسمعته يقول في سجوده: (أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ منك إليك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ليس في د وع، ولكن في ن ط.
وفي مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له، أو لآخر: أصمت من سرر شعبان؟ قال: لا، قال: فإذا أفطرت فصم يومين أهـ ص 3 وج 8.
قيل المراد وسط الشهر، وسرارة الوادي: وسطه وحياره. وقال ابن السكيت: سرار الأرض أكرمها ووسطها.
(2)
كذا دو ع، وفي ن ط: ليلة نصف شعبان.
(3)
بمعنى تصب رحماقه وتغدق بركاته، وينزل نعيمه، ويعم خيره، وتفتح أبواب السماء، فيستجاب الدعاء وينظر الله نظر رأفة وإحسان طيلة ليلة النصف منه ويومه من غروب الشمس، وتنادي ملائكة الرحمة: =