الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منْ باع جلد أضْحيتهِ فلا أضحية له (1) رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
قال الحافظ: في إسناده ع بدالله بن عياش القتباني المصري مختلف فيه، وقد جاء في غير ما حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع جلد الأضحية.
(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)
وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة
عنْ شداد بن أوْس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله كتب الإحسان على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتمْ فأحسنوا القتلةَ، وإذا ذبحتمْ فأحسنوا الذِّبحة، ولْيُحدَّ أحدكمْ شفرتهُ (2) وليرح ذبيحته (3). رواه مسلم، وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
2 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجلٍ واضعٍ رجلهُ على صفْحةِ شاةٍ، وهو يحدُّ شفْرتهُ، وهي تلحظ إليه ببصرها قال: أفلا قبْل هذا؟ أو تريد أن تميتها موْتتين (4).
رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجا
(1) فليس له ثوابها الكامل.
(2)
يجعلها حادة مسرعة القطع.
(3)
وليضجعها مرتاحة بسهولة.
(4)
موتتين: كذا ع ص 372، وفي ن ط، موتات
(فصل في صلاة العيدين كما قال الفقهاء)
وهي سنة مؤكدة تطلب من المقيم والمسافر، والحر والعبد، وهي ركعتان (ويدخل وقتها بطلوع الشمس) شمس يومها إلى الزوال. ويسن تأخيرها حتى ترتفع قدر رمح، ويصح فعلها في الصحراء وكونها في المسجد أفضل، ولا يسن لها أذان ولا إقامة، بل ينادي لها: الصلاة جامعة (وسنتها) أن تصلى جماعة لغير الحاج ويكبر في الركعة الأولى سبعاً بعد الافتتاح وقبل التعوذ، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام، وأن يرفع يديه حذو منكبيه في كل تكبيرة، وأن يقول بين كل تكبيرتين: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولو نسى التكبير وابتدأ بالقراءة لم يعد إليه، وأن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية الغاشية وأن يجهر في القراءة، ويسن أن يخطب إمام جامعة بعد صلاتها خطبتين كخطبتي الجمعة في أركانهما وسنتهما، ويسن أن يكبر في الأولى تسعا، وفي الثانية سبعاً، ويعلمهم في خطبة الفطر حكم زكاة الفطر، وفي الأضحى الأضحية، ويسن الغسل للعيدين والتطيب، والتزين بأحسن الثياب. ويسن أن يذهب من طريق طويل ويرجع من آخر قصير، وأن يأكل قبل صلاتها في الفطر وأن يكون ما يأكله تمراً ووتراً، وأن يمسك في الأضحى حتى يصلى وأن يجعل الصلاة في الأضحى ويؤخر قليلا في الفطر، ويسن التكبير لغير الحاج من أول ليلتي العيدين إلى دخول الإمام لصلاة العيد إرسالا، وأن يرفع صوته بالتكبير في الأسواق والطرق والمنازل وغيرها وأن يكبر =
رجال الصحيح، ورواه الحاكم إلا أنه قال:
= عقب صلاة فرضاً أو نفلا من صبح يوم عرفة إلى عقب عصر آخر أيام التشريق، والحاج يكبر من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق أيضاً، ويقدم التكبير على أذكارها في المقيد. أما المرسل، فيسن تأخيره عن الأذكار.
وصيغته: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعيد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلى على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد، وسلم تسليماً كثيراً.
ومن سنن يومي العيدين تهنئة الناس بعضهم لبعض. قال ابن حجر: إنها مندوبة مشروعة، واحتج له بأن البخاري عقد لذلك بابا فقال: باب ما روي في قول الناس بعضهم لبعض في العيد: تقبل الله منا ومنكم، وساق ما ساق من آثار وأخبار، ثم قال: ويحتج بعموم التهنئة بما يحدث من نعمة أو يندفع من نقمة بمشروعية سجود الشكر والتعزية، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبته لما تخلف عن غزوة تبوك أنه لما بشر بقبول توبته، ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إليه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فهنأه. وتسن مصافحة الرجلين والمرأتين، وتحرم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية عن غير حائل، وكذا الأمرد الجميل. وتكره مصافحة من به عاهة: كالأبرص والأجذم ونحوهما، وتكره المعانقة إلا لقادم من سفر فانه سنة كما روي عن أبي ذر (قيل له: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفاحكم إذا لقيتموه؟ قال: وما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلى ذات يوم فلم أكن في أهلي، فلما جئت أخبرت أنه أرسل إلى فأتيته وهو على سريره فالتزمني، وكانت أجود وأجود) رواه الإمام أحمد في الأوسط والطبراني من حديث أنس:(كانوا إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا). وفي حديث عائشة رضي الله عنها: (لما قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فقرع الباب فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم عيرانا يجر ثوبه. فاعتنقه وقبله). قال الترمذي حديث حسن، ويسن تقبيل اليد لصلاح ونحوه كعلم وزهد، ففي حديث أسامة بن شريح عند أبي داود بسند قوي. (قال فقمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يديه، وفي حديث يزيد في قصة الأعرابي والشجرة. فقال يا رسول الله ائذن لي أن أقبل رأسك ورجليك أذن له، ويكره ذلك لغني وذي بدعة، قال البخاري في كتاب الأدب المفرد: حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليل عن ابن عمر قال: (كنا في غزوة فحاص الناس حيصة. قلنا كيف نلقى النبي صلى الله عليه وسلم وقد فررنا فنزلت (إلا متحرفا لقتال) أي منعطفاً بأن يريهم أنه منهزم خداعا ثم يكر عليهم (أو متحيزاً) أي منضما وصائرا (إلى فئة) أي جماعة أخرى من المسلمين سوى الفئة التي هو فيها يستنجد بها فقلنا: لا نقدم المدينة فلا يرانا أحد، فقلنا: لو قدمنا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الفجر. قلنا: نحن الفرارون. قال أنتم: المكارون: أي الكرارون فقبلنا يديه. قال أنا فئتكم) وروي أيضاً فيه حدثنا ابن أبي مريم. قال: حدثنا عاطف بن خالد. قال حدثني عبد الرحمن بن رزين.
قال: مررنا بالزبدة فقيل لنا: ههنا سلمة بن الأكوع فأتيته فسلمنا عليه فأخرج يديه فقال بايعت بهاتين نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخرج كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها وروي فيه أيضاً. حدثنا عبد الله بن محمد. قال: حدثنا ابن عيينة عن ابن جدعان. قال ثابت لأنس أمسست النبي صلى الله عليه وسلم بيدك؟ قال نعم فقبلها، وروي فيه أيضا أن الوازع بن عامر قال:(قدمنا فقيل ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا بيديه ورجليه نقبلها)، وفيه أيضاً من صهيب قال:(رأيت عليا يقبل يدي العباس ورجليه) ويسن أيضاً القيام لأهل الفضل إكراما لا رياء قياساً على المصافحة، والتقبيل الوارد لهما ما تقدم على أنه ورد في الحديث الصحيح (قوموا لسيدكم سعد) أهـ من تنوير القلوب ص 196. =
أتريد أنْ تميتها موْتاتٍ (1) هلا أحْددْتَ شفرتكَ قبل أن تضْجعها، وقال: صحيح على شرط البخاري.
3 -
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بحدِّ الشِّفار. وأن توارى عن البهائم (2)، وقال: إذا ذبح أحدكم فلْيجْهزْ رواه ابن ماجه.
(الشفار) جمع شفرة: وهي السكين، وقوله: فليجهز، هو بضم الياء، وسكون الجيم وكسر الهاء، وآخره زاي: أي فليسرع ذبحها ويتمه.
4 -
وعنِ ابن عمر أيضاً رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ إنسانٍ يقتلُ عصفوراً، فما فوقها بغير حقِّها إلا يسْأله الله عز وجل عنهما. قيل يا رسول الله وما حقُّها؟ قال: أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها، ويرمي بها (3) رواه النسائي والحاكم وصححه.
5 -
وعنِ الشَّرِّيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ قتلَ عصفوراً عبثاً (4) عجَّ (5) إلى يوم القيامة يقول: يا ربِّ إنَّ فلاناً
= (ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين ليلتي العيد ويوميه)
يحب صلى الله عليه وسلم أن يقابل العيد بالبشر والسرور، والتوبة لله تعالى، والندم على الخطايا، وتكميل النفس بآداب الله، وتجميلها بالمحامد، والإقبال على ذكر الله وتمجيده واستغفاره، والصلاة على حبيبه صلى الله عليه وسلم، ومصالحة الخصوم والأخذ بناصر المظلوم، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء، وزيارة الأقارب، وصلاة الفرض جماعة في المسجد، ومؤانسة الأهل، والتهجد، وإحياء الليلة بالإكثار عن العبادة والذكر رجاء أن الله يحفظ محيي ليلة العيد من أهوال القيامة: ويقيه شرها، ويعطيه ثباتا وقوة تتحمل شدائدها ويعده من الذين قال فيهم سبحانه:(لا يحزنهم الفرع الأكبر) ويستظل برحمته في ظله سبحانه (يوم تموت القلوب) فيحيا حياة السعداء، ويبكر صباحا إلى المسجد، ويكبر كثيراً، ويكثر من الصدقة، ويقول قولا حسناً طيباً ليناً، ويذبح أضحية ويوزعها على الفقراء، ولا يأكل منها إلا قليلا بركة طالباً ثواب الله تعالى فقط، ويبتعد عن الرياء والتشاحن، والتساب والتشاؤم، ويهجر مجالس اللهو والفسق، ويحضر مجالس الصالحين، وأهل العلم، ويزور القبور: ويتجمل بأفخر الثياب، وينفق على أهله بسعة وجود، ويطعم الطعام، ويود أهل الخير، ويتزاور ويتباش، ويتحاب ويؤنس ويبسم ثغره، ويشرح صدره للإسلام.
(1)
أتود أن تظهر لها علامة الخوف. وتكرر لها الموت مراراً تراه.
(2)
تختفي: أي لا يراها حيوان تذبح كي لا يرى الموت أمامه والذبح بعينيه شفقة ورأفة ورحمة بخلق الله.
(3)
فيه صيد هذا الحيوان لذبحه وأكله حلال، والنهي عن التمثيل به، والنكاية وقطع رأسه بلا ذكاة شرعية.
(4)
لهواً ولعباً. وفي النهاية: والمراد أن يقتل الحيوان لعباً لغير قصد الأكل، ولا على جهة التصيد للانتفاع.
(5)
رفع صوته علانية.
قتلني عبثاً ولمْ يقْتُلني منفعةً (1). رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.
6 -
وعن ابن سيرين أنَّ عمر رضي الله عنه رأى رجلاً يسْحَبُ شاةً برجلها ليذْبحها، فقال له: ويْلك (2) قدْها (3) إلى الموت قوْداً جميلاً. رواه عبد الرزاق في كتابه موقوفاً.
7 -
ورواه أيضاً مرفوعاً عن محمد بن راشد عن الوضين بن عطاء قال: إنَّ جزَّاراً فتح باباً على شاةٍ ليذبحها فانفلتتْ منه حتى جاءت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فاتَّبعها فأخذها يسْحبها برجلها، فقال لها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: اصبري لأمرْ الله، وأنت يا جزَّار فسقها سوقاً رفيقاً (4) وهذا مُعْضل، والوضين فيه كلام.
8 -
وعنْ أبي صالحٍ الحنفيِّ عنْ رجلٍ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم رآه ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مثَّلَ (5) بذي روحٍ، ثمَّ لمْ يتبْ مثَّل الله به يوم القيامة (6). رواه أحمد ورواته ثقات مشهورون.
9 -
وعن ما لك بن نضلة رضي الله عنه قال: أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: هل تنتجُ (7) إبل قوْمك صحاحاً فتعمدُ إلى المرسى فتقطع آذانها، وتشقُّ جلودها وتقول هذه صرْم فتحرِّمها عليك، وعلى أهلك؟ قلتُ: نعم. قال: فكلُّ ما آتاك الله حلٌّ، ساعد الله أشدُّ من ساعدك (8)، وموسى (9)
الله أشدُّ من موساك. رواه ابن حبان.
(1) لطلب فائدة يجنيها مني.
(2)
واد في جهنم لك على هذه القسوة والفظاظة. ما هذه الشدة؟
(3)
جرها، من قاد البعير واقتاده: جره خلفه: وفيه الرأفة بالحيوان عند ذبحه وعدم تألمه.
(4)
فخذها واذهب بها برحمة.
(5)
أي أظهرها أمامه وعذبها ونصبها كالهدف يرمي بها. وفيه النهي أن يمثل بالدواب: أي تنصب فترمى، وتقطع أطرافها: وهي حية. يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه، وشوهت به: ومثلت بالقتيل: إذا جدعت أنفه أو أذنه، أو مذاكيره، أو شيئاً من أطرافه، والاسم المثلة: وأما مثل بالتشديد للمبالغة. أهـ نهاية.
(6)
عذبه الله بأنواع العذاب الشديد.
(7)
تتولى نتاجها على جعل الفاعل أنت: ويصح تنتج إبل: الفاعل إبل بمعنى تخرج صحيحة لم يقطع شيء، وكل أجزائها حلال: ولكن اليد هي التي تغير ما أحل الله.
(8)
الخالق القوي القادر أقوى منك: وخلق الحادثة هكذا فلا تغير شيئاً منها.
(9)
قدرته النافذة، وإرادته الصارمة: أوجد النتاج هكذا فلا تقطع شيئاً ما (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) 31 من سورة الروم. هذا تمثيل للاقبال والاستقامة على دين الله والاهتمام به (فطر الناس عليها) خلقهم عليها وهي =
في صحيحه، وسيأتي في باب الشفقة والرحمة إن شاء الله.
= قبولهم للحق وتمكنهم من إدراكه (لا تبديل لخلق الله) لا يقدر أحد أن يغيره أو ما ينبغي أن يغيره (القيم) المستقيم الذي لا عوج فيه. لقد انقاد ذلك الصحابي الجليل إلى تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واهتدى بآدابه: وتثقف بتهذيبه: واستضاء بأنواره وعلم الحق فاتبعه: ولم يقطع آذان النتاج: وعمل بكلام خير الخلق صلى الله عليه وسلم، وإن شاهدنا (لا تبديل لخلق الله) وهذه الآية خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وأمته عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى:(منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين) 32 من سورة الروم. المسلمون أتباع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أ - يتوبون إلى الله تعالى راجعين إليه، ومنقطعين إلى عبادته بعد أداء عملهم في الحياة.
ب - يخافونه ويتقونه.
جـ - يؤدون الصلاة.
د - يجتنبون الأعمال التي تؤدي إلى الشرك، ويتحرون إخلاص العبادة لله وحده. وقال البيضاوي:(فأقم وجهك) الآية خطاب للرسول وللأمة، غير أنها صدرت بخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيما له.
أنعم بدين الله تعالى الذي يدعو إلى الرأفة بالحيوان والشفقة عليه، والأدب عند ذبحه. يحث على راحته وعدم أذاه. ووجود آلة حادة تجهز عليه بسرعة حتى لا يطول ألمه، ويكثر عذابه، ويرفق بها ويريحها ويبعدها عن رؤية الحيوانات الأخرى، ولا يتركها لعبة في أيدي الأطفال يتلهبون بها ويمزقون أعضاءها أو يمثلون بأطرافها، أو يشدها شداً عنيفاً: وأوعد ذلك القاسي بانتقام منه أشد انتقام، والتمثيل به يوم القيامة حتى يذوق أمر الآلام. بل يعذبه الله في حياته، ويرزقه من يؤذيه، ويسلط على أطرافه الأمراض والآلام من جراء عدم رحمته بخلق الله، والحمد لله رب العالمين.
(فصل في الأضحية)
فأما الأضحية فسنة مؤكدة لا تجب إلا بالنذر، وأول وقتها بعد مضى قدر ركعتين، وخطبتين خفيفتين من طلوع الشمس يوم عيد الأضحى، وهي سنة كفاية في حق أهل بيت تعددوا، وإلا فسنة عين. وآخر وقتها غروبالشمس من آخر أيام التشريق، فمن لم يضح حتى مضى الوقت. فان كان تطوعا لم يذبح بقصد التضحية، وإن كان منذوراً لزمه أن يضحي قضاء، وتكون بذبح جذعة ضأن لها سنة: وطعنت في الثانية، أو ستة أشهر وسقط بعض أسنانها، أو ثنية معزلها سنتان وطعنت في الثانية: ومن الإبل ما له خمس سنين وطعن في السادسة.
ومن البقر ما له سنتان وطعن في الثالثة، والبدنة تجزئ عن سبع، وكذا البقر. وأما الشاة فلا تجزئ إلا عن واحد من أهل بيته، ولا تجزئ العوراء البين عورها، ولا العرجاء التي ظهر عرجها ولا الهزيلة ولا مكسورة القرن إن ضر بلحمها، ولا مقطوعة الأذن كلا أو بعضاً ولو خلقة ولا مقطوعة الذنب ولا اللسان، ولا يضر الكي ولا الخصاء، ولا شق الأذن ولا خرقها ما لم يذهب جزء منها وإلا ضر، ويشترط أن يعطي الفقراء من لحمها جزءا ولا يسيرا بشرط أن يكون نيئاً، ويندب التصدق بالجميع إلا لقماً يأكلها تبركا فإن نذر أضحية معينة زال ملكه عنها، ولم يجز بيعها، وله أن يركبها. فان ولدت ذبح معها ولدها وجوبا، وله أن يشرب من لبنها ما فضل عن ولدها، وإن كان صوفها يضر بها إلى وقت الذبح جاز له أن يجزه وينتفع به ولا يأكل من لحمها شيئاً، وكذا من تلزمه نفقته، ولا يجوز بيع جلد الأضحية ولا جعله أجرة للجزار وإن كانت تطوعا بل يتصدق به، فان تلفت المنذرة قبل يوم النحر بلا تقصير، أو فيه قبل التمكن من ذبحها لم يضمها، وإن أتلفها أو تلفت بعد التمكن من ذبحها ضمنها بأكثر الأمرين من قيمتها أو أضحية مثلها، فإن القيمة زادت على مثلها تصدق بالفضل. فإن ذبح قبل الوقت المعين لزمه التصدق به ولا يجوز له الأكل منها، ويلزمه ذبح مثلها في الوقت المعين، =
(الصرم) بضم الصاد المهملة، وسكون الراء: جمع الصريم وهو الذي صرم منه: أي قطع.
= وإن ذبح بعده فقضاء. والأفضل أن يذبح الأضحية بنفسه. فإن لم يحسن ذبح مسلم عالم بشروطها وحضر ذبحها، ويقول: الذابح: اللهم إن هذا منك وإليك فتقبل مني كما تقبلت من محمد نبيك وإبراهيم خليلك.
وأما العقيقة للمولود فهي سنة موكدة تذبح وقت طلوع الشمس في اليوم السابع، ويقول عند الذبح: بسم الله والله أكبر. اللهم هذا منك وإليك. اللهم هذه عقيقة فلان. فإن كان غلاما ذبح عنه شاتين، أو جارية ذبح عنها شاة، ويششترط أن تكون الذبيحة مجزئة في الأضحية، ويسن أن لا يكسر العظم، بل تفصل الأعضاء تفاؤلا بسلامة أعضاء الود: ويسن أن تطبخ كسائر الولائم إلا رجلها اليمنى إلى أصل الفخذ فتعطي نيئة للقابلة (أي الداية) تفاؤلا بأن الولد يعيش ويمشي، وأن تطبخ بحلو تفاؤلا بحلاوة أخلاق الولد، وأن تطعم للفقراء كالأضحية، وبعثها إليهم أولى من أن يدعوهم، وحكم العقيقة في التصدق والأكل وامتناع البيع، وتعيينها بالنذر كالأضحية. لكن لا يجب التصدق بشيء من لحمها نيئاً، ويكره لطخ الرأس بدم العقيقة، ويسن عقب الذبح أن يحلق رأس المولود، ويتصدق بوزن شعره ذهباً. فإن لم يتيسر ففضة، ذكراً أو أنثى، ويسميه باسم حسن، وتكره التسمية بالأسماء القبيحة كبغل، وبكل ما يتشاءم بنفيه أو إثباته (كفرج أو شيطان) فإنه يتشاءم إذا قيل ذهب فرج وجاء شيطان، وتحرم بما أضيف إليه لفظ إلى غير أسمائه تعالى كعبد الكعبة إلا عبد النبي فتكره التسمية به على المتعمد، وتحرم التسمية أيضاً بنحو عبد العاطي لما فيه من تغيير أسمائه تعالى، وبما يوهم نقصا في حقه تعالى كجدار الله، ويجب تغيير الأسماء المحرمة، ويستحب تغيير المكروهة. ويسن أن يؤذن في أذن المولود اليمنى، ويقيم في اليسرى عقب الولادة بخبر ابن السني:(من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم تضره أم الصبيان).
وليكون التوحيد أول ما يقرع سمعه حين قدومه إلى الدنيا، أو يحنك المولود بتمر عقب الولادة فإن لم يكن فيحلو، وأن يهنأ الوالد بالولد. أهـ 246 تنوير القلوب. وشاهدنا في العقيقة إراقة دم حبا في ثواب الله، ووضع البركة في نعمائه، ورعاية هذه الوالدة والمولود، وتوسعة على الفقراء ليشعروا بزيادة الرزق، ويتمتعوا بخيرات الله.
(أدلة الحج من الآيات القرآنية)
أولا: (وأتمنوا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذارجعتم تلك ع شرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب) 196 البقرة.
ثانياً: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب. ليس ع ليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين. ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق. ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب. واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر تفلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون) 102 من سورة البقرة. خلاق: نصيب (في الدنيا حسنة) الصحة والكفاف والتوفيق =