المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٢

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلومن تصدق بما لا يجب

- ‌الترغيب في صدقة السر

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل مالهفيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

- ‌الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه

- ‌(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

- ‌ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماءوالترهيب من منعه

- ‌(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم

- ‌الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله

- ‌الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر

- ‌الترغيب في صوم ست من شوال

- ‌(الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها)وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا

- ‌الترغيب في صيام شهر الله المحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال

- ‌(الترغيب في صوم شعبان)وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه

- ‌(الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض)

- ‌(الترغيب في صوم الاثنين والخميس)

- ‌(الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد)وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت

- ‌(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام

- ‌(ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه)

- ‌(ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه)وترغيبه في الإفطار

- ‌(الترغيب في السحور سيما بالتمر)

- ‌(الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء)

- ‌الترغيب في إطعام الطعام

- ‌(ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده)

- ‌(الترغيب في الاعتكاف)

- ‌(الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها)

- ‌(كتاب العيدين والأضحية)

- ‌الترغيب في إحياء ليلتي العيدين

- ‌الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله

- ‌الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته

- ‌(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات

- ‌(الترغيب في النفقة في الحج والعمرة)وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام

- ‌(الترغيب في العمرة في رمضان)

- ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌(الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها)

- ‌(الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى)

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله

- ‌(الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة)

- ‌الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها

- ‌(الترغيب في حلق الرأس بمنى)

- ‌(الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله)

- ‌(ترهيب من قدر على الحج فلم يحج)(وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج)

- ‌الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينةوبيت المقدس وقباء

- ‌(الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها)وفضل أُحُد، ووادي العقيق

- ‌(الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء)

- ‌(كتاب الجهاد)

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلهاوالترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوموالصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌(الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه)

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهادوما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌(الترهيب من الفرار من الزحف)

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌(الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال)

- ‌(الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء)

- ‌التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمهوما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌(الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن)

- ‌(الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به)

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمرانوما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولهاأو عشر من آخرها

- ‌(الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر)

- ‌الترغيب في قراءة قل هو الله أحد

- ‌(الترغيب في قراءة المعوذتين)

- ‌(كتاب الذكر والدعاء)

- ‌(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

- ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

- ‌(الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)

- ‌(الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)

- ‌(الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)

- ‌(الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات)

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل)

- ‌(الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما)

- ‌(الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها)

- ‌الترغيب في الاستغفار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب البيوع وغيرها

- ‌الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيرهوما جاء في نوم الصبحة

- ‌(الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة)

- ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيهوما جاء في ذمّ الحرص وحب المال

- ‌الترغيب في طلب الحلال والأكل منهوالترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور

- ‌الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء

- ‌(الترغيب في إقالة النادم)

- ‌(الترهيب من بخس الكيل والوزن)

- ‌الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره

- ‌الترهيب من الاحتكار

- ‌ترغيب التجار في الصدقوترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين

- ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

- ‌الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه

- ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

- ‌الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور)

- ‌(الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس)

الفصل: ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

ورواه ابن ماجه والدارقطني أيضاً من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وقد ضعف عن طليق بن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فرَّق بين الوالدة وولدها، وبين الأخ وأخيه.

‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج

أن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

1 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أعوذ بالله من الكفر (1) والدَّين (2)، فقال رجلٌ: يا رسول الله، أتعدل الكفر بالدين؟ قال: نعم (3). رواه النسائي والحاكم من طريق درّاج عن أبي الهيثم، وقال: صحيح الإسناد.

2 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدَّين راية الله في الأرض، فإذا أراد الله أن يذلَّ عبداً وضعه في عنقه. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. (قال الحافظ) بل فيه بشر بن عبيد الدارسي واهٍ.

3 -

وروي عنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصي رجلاً وهو يقول: أقلَّ من الذُّنوب يهنْ عليك الموتُ، وأقلَّ من الدين تعشْ حرًّا. رواه البيهقي.

4 -

وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تخيفيوا أنفسكم بعد أمنها. قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الدين. رواه أحمد واللفظ له، وأحد إسناديه ثقات، وأبو يعلي، والحاكم، والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

5 -

وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فارق

(1) الإشراك بالله وجحود نعمه.

(2)

الاستدانة وأخذ المال من الغير سلفة. وقد رهب صلى الله عليه وسلم من الدين حتى ساوى عقابه عقاب الكفر والطغيان.

(3)

أي الدين مثل الكفر يدعو إلى الذلة والمسكنة، ويجلب العار والدمار والشنار ويبعد المروءة والشهامة ويضع المستدين في سلاسل الأسر والتحقير. وفيه طلب الاقتصاد والرغبة في التوفير.

ص: 596

روحه جسده، وهو بريء من ثلاثٍ دخل الجنَّة: الغول (1) والدَّين (2)، والكبر (3). رواه الترمذي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وتقدم لفظه. والحاكم، وهذا لفظ، وقال: صحيح على شرطهما. قال الترمذي: قال سعيد بن أبي عروبة: الكنز يعني بالزاي، وقال أبو عوانة في حديثه: الكبر يعني بالراء. قال: ورواية سعيد أصحّ، وقال البيهقي في كتابه عن أبي عبد الله يعني الحاكم: الكنز مقيد بالزاي، والصحيح في حديث أبي عوانة بالراء.

6 -

وعن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً: من تداين بدينٍ، وفي نفس وفاؤه ثمَّ مات تجاوز (4) الله عنه، وأرضى غريمه (5) بما شاء، ومن تداين بدينٍ وليس في نفسه وفاؤه، ثمَّ مات اقتص (6) الله عز وجل لغريمه يوم القيامة. رواه الحاكم عن بشر ابن نمير، وهو متروك، عن القاسم عنه.

ورواه الطبراني في الكبير أطول منه، ولفظه قال: من ادَّان (7) دينا وهو ينوي أنْ يؤديه (ومات) أدَّاه الله عنه يوم القيامة، ومن استدان ديناً وهو لا ينوي أن يؤدِّيه فمات قال الله عز وجل له يوم القيامة: ظننت أني لا آخذ لعبدي بحقِّه فيؤخذ من حسانتهِ فيجعل في حسنات الآخر، فإنْ لم يكن له حسنات أخذ من سيئات الآخر فيجعل عليه.

7 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس (8) يريد أداءها أدَّى الله عنه (9)، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها (10)

(1) السرقة من المغنم.

(2)

أخذ مال الغير استدانة.

(3)

الخيلاء، والبطر، والعجب، والكبرياء. هذه صفات ثلاثة ذميمة، من ابتعد عنها فاز بالجنة، وفي ن د وع ص 587: من فارق روحه جـ، وفي ن ط: من فارق الروح الجسد.

(4)

عفا الله عن ذنوبه التي ارتكبها من جراء ضياع حقوق غيره.

(5)

دائنه: بأن زاد في حسناته وكافأه وأغدق عليه من نعيمه جزاء ماله.

(6)

عذبه، لأنه أخذ وفي نفسه الغدر والنكث والخيانة، ففيه طلب حسن النية وعقد العزيمة على الوفاء عند الميسرة.

(7)

أي أخذ شيئا عن عرض الدنيا وحطامها سلفة.

(8)

أي تسلمها بوجه من وجوه التعامل كالقرض أو للحفظ وديعة لله أو غير ذلك حال كونه ينوي ردها.

(9)

أعانه الله على ردها وأدائها بالتي هي أحسن ووفقه وألهمه الرشد.

(10)

أي عدم ردها.

ص: 597

أتلفه الله (1). رواه البخاري، وابن ماجه وغيرهما.

8 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ حمل منْ أمَّتي ديناً، ثمَّ جهد في قضائه، ثمَّ مات قبل أن يقضيه فأنا وليُّه (2). رواه أحمد بإسناد جيد، وأبو يعلي والطبراني في الأوسط.

9 -

وعنها رضي الله عنها أنها كانت تداين، فقيل لها: مالك وللدَّين؟ ولك عنه مندوحةٌ (3) قالتْ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما منْ عبدٍ كانت له نيَّة في أداء دينه إلا كان له من الله عون (4)، فأنا ألتمس ذلك العون.

وفي رواية: من كان عليه دينٌ همَّة قضاؤه أو همَّ بقضائه لمْ يزلْ معه من الله حارسٌ (5). رواه أحمد، ورواته محتجّ بهم في الصحيح إلا أن فيه انقطاعا.

ورواه الطبراني بإسناد متصل فيه نظر، وقال فيه: كان له من الله عون، وسبَّب له رزقاً (6).

10 -

وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما قال: كانت ميمونة تدَّان فتكثر فقال لها أهلها في ذلك، ولاموها (7) ووجدوا (8) عليها، فقالت: لا أترك الدين، وقدْ سمعتُ خليلي وصفيِّي (9) صلى الله عليه وسلم يقول: ما منْ أحدٍ يدَّان ديناً يعلم الله أنَّه يريد قضاؤه إلا أدَّاه الله عنه في الدنيا. رواه النسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه.

11 -

وعنْ صهيب الخير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) أي أتلف أمواله في الدنيا بكثرة المصائب ومحق البركة. أو المراد إتلاف نفسه في الدنيا أو تعذيبه في الآخرة أهـ جامع صغير، وفي الفتح: وظاهره يحيل المسألة المشهورة فيمن مات قبل الوفاء بغير تقصير منه كأن يعسر مثلا أو يفاجئه الموت وله مال مخبوء وكانت نيته وفاء دينه ولم يوف عنه في الدنيا، والظاهر أن لا تبعة عليه والحالة هذه في الآخرة بحيث يؤخذ من حسناته لصاحب الدين، بل يتكفل الله عنه لصاحب الدين (قوله أتلف الله) ظاهره أن الإتلاف يقع له في الدنيا وذلك في معاشه أو في نفسه، وهو علم من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهد ممن يتعاطى شيئا من الأمرين، وقيل المراد بالإتلاف عذاب الآخرة قال ابن بطال: فيه الحض على ترك استئكال أمر الناس والترغيب في حسن التأدية إليهم عند المداينة وأن الجزاء قد يكون من جنس العمل. وقال الداودي: فيه أن من عليه دين لا يعتق ولا يتصدق وإن فعل رد أهـ وفي أخذ هذا من هذا بعد كثير، وفيه الترغيب في تحسين النية والترهيب من ضد ذلك، وأن مدار الأعمال عليها، وفيه الترغيب في الدين لمن ينوي الوفاء أهـ فتح ص 35 جـ 5.

(2)

أنا الذي أدفع عنه.

(3)

خلاص أو مهرب.

(4)

مساعد.

(5)

حافظ.

(6)

أرغد عيشه ووسع عليه من نعمه.

(7)

عتبوا عليها.

(8)

غضبوا.

(9)

في ن د: وحبيبي، ويداين.

ص: 598

أيُّما رجلٍ تديَّن ديناً، وهو مجمعٌ أن لا يوفِّيه (1) إياه لقى الله سارقاً. رواه ابن ماجه والبيهقي، وإسناده متصل لا بأس به إلا أن يوسف بن محمد بن صيفي بن صهيب قال البخاري: فيه نظر.

ورواه الطبراني في الكبير، ولفظه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيُّما رجل تزوَّج أمرأة ينوي ألا يعطيها من صداقها شيئاً مات يوم يموت، وهو زانٍ (2) وأيُّما رجل اشترى من رجلٍ بيعا ينوي ألا يعطيه من ثمنه شيئاً مات يوم يموت، وهو خائنٌ (3) والخائن في النار. وفي إسناده عمر بن دينانر متروك.

12 -

وعن القاسم مولى معاوية رضي الله عنه أنَّه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تديَّن بدينٍ وهو يريد أن يقضيه حريصٌ على أنَّ يؤديه فمات ولمْ يقض دينه، فإن الله قادرٌ على أن يرضي غريمه بما شاء من عنده ويغفر للمتوفي، ومن تدين بدينٍ وهو يريد ألا يقضيه فمات على ذلك ولم يقض دينه، فإنَّه يقال له: أظننت أنا لن نوفي فلاناً حقه منك فيؤخذ من حسناته فيجعل زيادة في حسنات ربِّ الدَّين، فإن لم يكن له حسناتٌ أخذ من سيئات ربِّ (4) الدَّين فجعلت في سيئات المطلوب. رواه البيهقي، وقال: هكذا جاء مرسلا.

13 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه دينارٌ، أو درهمٌ قضى (5) من حسناته، ليس ثم دينار (6) ولا درهم.

رواه ابن ماجه بإسناد حسن، والطبراني في الكبير.

ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين دينان، فمن مات وهو ينوي قضاءه (7)

(1) أي لا يرده إلى أصحابه.

(2)

عاص لم يستحل البضع بدفع المهر.

(3)

آكل أموال الناس بالباطل.

(4)

صاحب الأمانة المودعة.

(5)

أي أخذ من ثوابه المدخر له سدادا لدينه الذي كان عليه في حياته.

(6)

أي ليس يوم القيامة مال يدفع، وإنما هناك أخذ الأجر تنفيذا وقضاء. قال تعالى:(وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له أمرنا يسرا) وقال تعالى: (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم).

(7)

أداءه.

ص: 599

فأنا وليُّه (1) ومن مات وهو لا ينوي قضاءه فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليْس يومئذٍ (2) دينارٌ ولا درهمٌ.

14 -

وعن محمَّد بن عبد الله بن جحشٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً حيث توضع الجنائز فرفع رأسه قبل السماء، ثمَّ خفض بصره فوضع يده على جبهته، فقال: سبحان الله، سبحان الله، ما أنزل من التشديد. قال: فعرفنا وسكتنا حتى إذا كان الغد (3) سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: ما التشديد الذي نزل؟ قال: في الدين، والذي نفسي بيده لو قتل رجلٌ في سبيل الله، ثم عاش، ثم قتل، ثمَّ عاش، ثمَّ قتل وعليه دينٌ ما دخل الجنَّة حتى يقضي (4) دينه. رواه النسائي والطبراني في الأوسط، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.

15 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل أن يسلفه (5) ألف دينارٍ، فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيداً (6) قال فائتني بالكفيل (7). قال: كفى بالله كفيلا، قال: صدقت (8)، فدفعها إليه إلى أجلٍ مسمَّى (9) فخرج في البحر (10) فقضى حاجته، ثمَّ التمس (11) مرْكبا كبهُ، ويقدم عليه للأجل الذي أجَّله فلمْ يجد مرْكباً، فأخذ خشبةً فنقرها (12)، فأدخل فيها ألف دينارٍ، وصحيفةً (13) منه إلى

(1) متولى أمره أدفع عنه وأقوم بسداد دينه قال تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) قال البيضاوي أي في الأمور كلها فإنه لا يأمرهم ولا يرضى عن همي إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم فيجب أن يكون أحب إليهم من أنفسهم وأمره أنفذ عليهم من أمرها وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها أهـ. وقال النسفي: أي أحق بهم في كل شيء من أمور الديني والدنيا وحكمه أنفذ عليهم من حكمها، فعليهم أن يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه، أو هو أولى بهم: أي أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم كقوله: بالمؤمنين رءوف رحيم أهـ. ومن ذلك أن يقوم بسداد دين العاجز الفقير. يوم القيامة تنقطع معاملة الدنيا فلا ينفع المال.

(2)

اليوم الثاني.

(3)

اليوم الثاني.

(4)

يؤدي: والمعنى أن الماجد مهما أصاب وجاهد فلا يدخل الجنة حتى يسدد دينه. وفيه الترهيب من الدين وأن عقابه صارم ويدخل النار ولو كان المدين صالحاً مجاهدا.

(5)

يقرضه.

(6)

الله مطلع علينا ورقيب وتكفي شهادته وحده سبحانه وتعالى.

(7)

الضامن.

(8)

في رواية أبي سلمة فقال سبحان الله نعم.

(9)

موعد محدد.

(10)

في رواية أبي سلمة فركب الرجل البحر بالمال يتجر فيه فقدر الله أن حل الأجل وأريج البحر بينهما.

(11)

زاد في رواية أبي سلمة وغدا رب المال إلى الساحل يسأل عنه ويقول: اللهم اخلفني وإنما أعطيت لك.

(12)

حفرها.

(13)

في رواية أبي سلمة وكتب إليه صحيفة: من فلان إلى فلان إني دفعت مالك إلى وكيل الذي توكل بي.

ص: 600

صاحبها، ثمَّ زحَّج (1) موضعها، ثمَّ أتى بها البحر، فقال: اللهم إنك تعلمُ أني تسلفتُ فلاناً ألف دينارٍ فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلا فرضي بك، وسألني شهيداً، فقلت: كفى بالله شهيداً فرضي بك، وإني جهدت (2) أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلمْ أقدرْ، وإني أستودعكها، فرمى بها في البحر حتى ولجت (3)

فيه، ثمَّ انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرَّجل الذي كان أسلفه ينظر لعلَّ مركباً قد جاء بماله، فإذا الخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطباً، فلما نشرها (4) وجد المال والصحيفة. ثمَّ الذي كان أسلفه، وأتى بالألف دينارٍ، فقال: والله ما زلت جاهداً في طلب مركبٍ لآتيك بمالك فما وجدت مركباً قبل الذي جئت

(1) قال الخطابي: أي سوى موضع النقر وأصلحه، وهو من تزجيج الحواجب: وهو حذف زوائد الشعر، ويحتمل أن يكون مأخوذا من الزج، وهو النصل كأن يكون النقر في طرف الخشبة فشد عليه زجا ليمسكه، ويحفظ ما فيه، وقال عياض: معناه سمرها بمسامير كالزج، أو حشى شقوق لصاقها بشيء، ورقمه بالزج، وقال ابن التين: معناه أصلح موضع النقر.

(2)

اجتهدت، وفي حديث عبد الله بن عمرو: اللهم أد حمالتك.

(3)

دخلت فيه. رجل اقترض مبلغاً من آخر إلى زمن معلوم ولما آن أوان السداد ذهب إلى البحر فلم يجد مركبا فأتى بخشبة ووضع المبلغ فيها ورماها في البحر ثقة بالله تعالى وهو نعم الشهيد الكفيل، والدائن ينتظر مدينه على الميناء فرأى خشبة فأخذها للدفء فوجد في وسطها الأمانة والرسالة. هذه حادثة يرويها لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صالحين برين مؤمنين معتمدين على الله جل وعلا أشرق نور الإيمان بالله تعالى في قلوبهما وسطعت تعاليم نبيهما في ذلك الوقت، فهل فينا الآن هذا الإيمان وحب الخير والتوكل على الله وقضاء الحاجات ابتغاء ثواب الله والوفاء والصدق ورد الودائع وقد قال الله تعالى فينا (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) اكتسب الأمة الشرف العظيم والتفوق الباهر والخيرية من رسولها الصادق الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي حكى لنا فعل رجلين من بني إسرائيل رجاء أن نعمل مثلهما ونتقي الله ونثق به وندعوه رغبا ورهبا ونخشاه .. قال تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) وفي البخاري في باب الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها فروي هذا الحديث. وفي الفتح عن عبد الله ابن عمرو بن العاص يرفعه: أن رجلا جاء إلى النجاشي فقال له أسلفني ألف دينار إلى أجل، فقال: من الحميل بك؟ قال: الله، فأعطاه الألف فضرب بها الرجل: أي سافر بها في تجارة فلما بلغ الأجل أراد الخروج إليه فحسبته الريح فعمل تابوتا فذكر الحديث. فالذي أقرض هو النجاشي فيجوز أن تكون نسبته إلى بني إسرائيل بطريق الاتباع لهم، لا أنه من نسلهم أهـ ص 315 جـ 4.

(4)

قطعها بالمنشار فانتثرت الدنانير منها والصحيفة فقرأها وعرف ما فيها. وفي الفتح في الحديث جواز الأجل في القرض. ووجوب الوفاء به. وقيل لا يجب بل هو من باب المعروف. وفيه التحدث عما كان في بني إسرائيل وغيرهم من العجائب للاتعاظ والائتساء، وفيه جواز التجارة في البحر وجواز ركوبه، وفيه بداءة الكاتب بنفسه، وفيه طلب الشهود في الدين وطلب الكفيل به، وفيه فضل التوكل على الله تعالى وأن من صح توكله تكفل الله بنصره وعونه أهـ ص 316 جـ 4.

ص: 601

فيه. قال: هلْ كنت بعثت إليَّ بشيءٍ. قال أخبرك أنِّي لمْ أجد مرْكباً قبل الذي جئت فيه. قال: فإنَّ الله قدْ أدَّى عنك الذي بعثته في الخشبة، فانصرف بالألف الدينار راشداً. رواه البخاري مغلقا مجزوما، والنسائي، وغيره مسنداً.

(قوله زجج) بزاي وجيمين: أي طلي نقر الخشبة بما يمنع سقوط شيء منه.

16 -

وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تزوَّج امرأة على صداقٍ (1)، وهو ينوي أن لا يؤدِّيه إليها، فهو زانٍ (2)، ومن أدان ديناً وهو ينوي أن لا يؤديه إلى ضاحبه أحسبه. قال: فهو سارق (3). رواه البزار وغيره.

17 -

وعنْ ميمونٍ الكرديِّ عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما رجلٍ تزوَّج امرأةً على ما قلَّ من المهر، أو كثر ليْس في نفسه أن يؤدي إليها حقَّها خدعها (4)، فمات ولمْ يؤدِّ إليها حقها لقي الله يوم القيامة وهو زانٍ، وأيما رجلٍ استدان ديناً لا يريد أن يؤدي إلى صاحبه حقه خدعه حتى أخذ ماله، فمات ولمْ يؤدِّ إليه دينه، لقي الله وهو سارقٌ. رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورواته ثقات، وتقدم حديث صهيب بنحوه.

18 -

وعنْ عبد الرَّحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يديه، فيقال يا ابن آدم: فيم أخذت هذا الدين، وفيم ضيَّعت حقوق الناس؟ فيقول يا ربِّ: إنك تعلم أنِّي أخذته، فلمْ آكلْ، ولم أشربْ، ولم ألبسْ، ولمْ أضيِّعْ، ولكنْ أتى عليَّ إما حرقٌ، وإما سرقٌ، وإما وضيعةٌ، فيقول الله: صدق عبدي، أنا أحقُّ من قضي عنك، فيدعو الله بشيءٍ، فيضعه في كفَّة ميزانه، فترجع حسناته على سيِّئاته، فيدخل الجنَّة بفضل رحمته (5). رواه أحمد، والبزار، والطبراني، وأبو نعيم، أحد أسانيدهم حسن.

(الوضيعة): هي البيع بأقلّ عما اشترى به.

(1) مهر.

(2)

مرتكب الفاحشة.

(3)

خائن مجرم يأكل أموال الناس بالباطل.

(4)

خانها وغشها.

(5)

لأنه أخذ الدين لحاجة وفي نيته الأداء إذا استطاع.

ص: 602

19 -

وروي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الدَّين يقتصُّ من صاحبه يوم القيامة إذا مات إلا من تديِّن في ثلاث خلالٍ: الرَّجل تضعف قوَّته في سبيل الله، فيستدين يتقوَّى به على عدوِّ الله وعدوِّه، ورجل يموت عنده مسلم لا يجد بما يكفِّنه ويواريه إلا بدين، ورجلٌ خاف على نفسه العزبة فينكح خشيةً على دينه، فإنَّ الله يقض عن هؤلاء يوم القيامة (1).

رواه ابن ماجه هكذا، والبزار.

ولفظه: ثلاثٌ من تديَّن فيهنَّ، ثمَّ مات ولم يقض فإنَّ الله يقضي عنه: رجل يكون في سبيل الله فيخلق (2) ثوبه، فيخاف أن تبدو عورته (3)، أو كلمة نحوها فيموت، ولمْ يقض دينه، ورجلٌ مات عنده رجل مسلمٌ فلمْ يجد ما يكفِّنه به، ولا ما يواريه فمات ولمْ يقض دينه ورجلٌ تخاف على نفسه العنت فتعفَّف بنكاح امرأةٍ فمات ولمْ يقْضِ، فإنَّ الله يقضي عنه يوم القيامة.

(العنت) بفتح العين والنون جميعا: هو الإثم والفساد.

20 -

وعن عبد الله بن ججعفرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله مع الدَّائن (4) حتى يقضي دينه مالمْ يكنْ فيما يكرهه الله. قال: وكان عبد الله بن جعفرٍ يقول لخازنه: اذهب فخذ لي بدينٍ (5) فإني أكره أن أبيت ليلة إلا

(1) المعنى ثلاثة يرد الله عنهم غائلة الدين ويبعد عنهم عقاب المماطلة.

أ - المستدين للجهاد في سبيل نصر دين الله وتكبيت أعداء الإسلام والذب عن حياض آدابه.

ب - المدين لتكفين الفقير ودفنه.

جـ - الأعزب الذي يستدين ليتزوج.

(2)

يبلي.

(3)

تظهر سوءته فاستدان ليتجمل وليخفي ما يجب ستره، والعورة للرجل من السرة إلى الركبة وللمرأة جميع جسمها، فإن الله يرضي الدائن ويغدق عليه بنعيمه فيرضي عن مدينه.

(4)

الذي يعطي المحتاج ويفرج كربة المضايق المهموم المحزون مدة إعطائه في حلال يرضي الله جل وعلا، يقال دنت الرجل: أخذت منه دينا، وأدنته جعلته دائنا وذلك بأن تعطيه دينا. قال أبو عبيدة: دنته أقرضته، ورجل مدين ومديون، ودنته: استقرضت منه. قال الشاعر:

ندين ويقضي الله عنا وقد نرى

مصارع قوم لا يدينون ضيعا

قال تعالى: (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه)(من بعد وصية يوصى بها أو دين).

(5)

صحابي جليل يريد أن يكون له فضل على الناس بالقرض رجاء أن الله يشمله برحمته ورضوانه ورعايته قال تعالى: (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم) 17 من سورة التغابن وقال تعالى: (وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) 29 من سورة الحديد.

ص: 603

والله معي (1) بعد إذ سمعته منْ رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن ماجه باسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وله شواهد.

21 -

وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من حالتْ (2) شفاعته دون حدٍ من حدود الله، فقدْ ضادَّ الله (3)

في أمره، ومن مات وعليه دينٌ، فليس ثمَّ (4) دينارٌ ولا درهمٌ ولكنَّها الحسنات والسَّيئات، ومن خاصم (5) في باطلٍ، وهو يعلم لمْ يزلْ في سخط (6) الله حتى ينزع (7)، ومن قال في مؤمن: ما ليْس فيه حبس في ردغة (8) الخبال حتى يأتي بالمخرج (9) مما قال. رواه الحاكم وصححه، ورواه أبو داود والطبراني بنحوه، ويأتي لفظهما إن شاء الله تعالى.

22 -

وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هاهنا أحدٌ من بني فلانٍ؟ فلم يحبه أحدٌ، ثمَّ قال: هاهنا أحدٌ من بني فلان؟ فلمْ يحبه أحدٌ، ثمَّ قال: هاهنا أحدٌ من بني فلانٍ؟ فقام رجل فقال: أنا يا رسول الله فقال: من منعك أن تجيبني في المرَّتين الأوليين. قال: إني لم أنوِّهْ بكمْ إلا خيراً،

(1) بعونه ورأفته وإحاطته.

(2)

منعت عقابا في الانتقام وتنفيذ أوامر الله.

(3)

كان لله عدوا وضدا وأعلن الحرب على الله تعالى لأنه ساعد المجرمين وضيع حقوق الله في وساطته قال تعالى (إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين 20 كتب الله لأغلبن أنا ورسولي إن الله قوي عزيز 21 لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) 22 من سورة المجادلة.

أي الذين يحادون الله هم العصاة والفساق ووسطاء السوء وشفعاء الأشرار لذهاب معالم الحق وتفشي الباطل وضياع مظاهر العدل وإخفاء الأنوار المضيئة في البر والخير، فجند الله أنصار الحق (من حاد الله) أي خالفه وعاداه أي من الممتنع أن تجد قدما مؤمنين يوالون المشركين، والمراد أنه لا ينبغي أن يكون ذلك، وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال، مبالغة في الزجر عن مجانبه أعداء الله ومباعدتهم والاحتراز عن مخالطتهم ومعاشرتهم أهـ نسفي ص 179 وأنا أعد مساعدي المجرمين شركاء لهم في الذنب، وقال تعالى (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) 14 من سورة النساء.

(4)

يوم القيامة (يوم يؤخذ بالنواصي والأقدام).

(5)

جادل وفجر وشق عصا الطاعة.

(6)

غضبه.

(7)

يرجع، والمعنى أن الذي يميل إلى النفاق والباطل وعصيان الله يستمر غضب الله ينصب عليه حتى يتوب إلى الله ويعترف بالحق وينصره ويدافع عنه.

(8)

جاء تفسيرها في الحديث: أنها عصارة أهل النار، والردغة: طين ووحل كثير أهـ نهاية.

(9)

يصدق ويبعد عن الذم ويجتنب الغيبة والنميمة ويهجر الزور ويترك الباطل.

ص: 604

إن صاحبكم مأسورٌ بدينه فلقد رأيته أدِّى (1) عنه حتى ما أحد يطلبه بشيءٍ. رواه أبو داود، والنسائي، والحاكم إلا أنه قال: إن صاحبكم حبس على باب الجنَّة بدينٍ كان عليه.

زاد في رواية: فإن شئتمْ فافدوه (2)، وإنْ شئتمْ فأسلموه إلى عذاب الله، فقال رجلٌ: عليَّ دينه فقضاه (3). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

(قال الحافظ) عبد العظيم: رووه كلهم عن الشعبيّ عن سمعان، وهو ابن مشنج عن سمرة، وقال البخاري في تاريخه الكبير: لا نعلم لسمعان سماعا من سمرة، ولا للعشبيّ سماعا من سمعان.

23 -

وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صاحب الدين مأسورٌ (4) بدينهِ يشكو إلى الله الوحدة (5). رواه الطبراني في الأوسط، وفيه المبارك بن فضالة.

24 -

وعن أبي موسى رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه بها عبدٌ بعد الكبائر التي نهي الله عنها: أن يموت رجلٌ وعليه دينٌ لايدع له (6) قضاء. رواه أبو داود والبيهقي.

25 -

وعن شفيِّ بن ماتعٍ الأصبحيِّ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربعةٌ يؤذون (7) أهل النار على ما بهم من الأذى: يسعون ما بين الحميم (8)، والجحيم (9) يدعون بالويل والثُّبور (10) يقول بعض أهل النار لبعضٍ: ما بال (11) هؤلاء

(1) الله تعالى تكرم وأرضى صاحب الدين بثوابه الجزيل حتى رضي وسامحه.

(2)

قدموه لورثة الدائن وادفعوا دينه سددا عنه لله تعالى جزاء فكه من عذاب الله وعتقه من الجحيم.

(3)

أعطاه لمستحقه حتى عفا عنه.

(4)

في سجن من جهنم وفي يديه سلاسل النار وأغلالها فيشعر بالذلة والعقاب.

(5)

العزلة والعذاب والحرمان من نعيم الجنة، وفيه الترهيب من الدين وعدم الوفاء بالسداد وعدم حسن الأداء.

(6)

لا يترك شيئاً يقوم بأدائه، والمعنى يبعثر جميع أمواله ويوزعها فراراً من أداء دينه.

(7)

الماء الشديد الحرارة قال تعالى (وسقوا ماء حميما)(يصيب من فوق رءوسهم الحميم).

(8)

الماء الشديد الحرارة قال تعالى (وسقوا ماء حميما)(يصيب من فوق رءوسهم الحميم).

(9)

النار: أي يمشون بين عذابين. ماء مغلي، ونار الله الموقدة.

(10)

بالعذاب والهلاك.

(11)

ما حال، أو ما شأن.

ص: 605

قدْ آذوْنا على ما بنا من الأذى. قال: فرجلٌ معلَّق عليه تابوت (1) من جمرٍ، ورجلٌ يجرُّ أمعاءه (2) ورجلٌ يسيل فوه (3) قيحاً ودماً، ورجلٌ يأكل لحمه، فيقال لصاحب التَّابوت: ما بال الأبعد قدْ آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إنَّ الأبعد مات، وفي ع نقه أموال الناس (4) لا يجد لها قضاءً، أو وفاءً. الحديث رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني بإسناد ليِّن، ويأتي بتمامه في الغيبة إن شاء الله تعالى.

26 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلَّقة (5) بدينه حتى يقضي عنه. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، ولفظه:

قال: نفس المؤمن معلَّقة ما كان عليه دينٌ، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.

27 -

وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: توفِّي رجل فغسَّلناه وكفَّنَّاه وحنَّطناه، ثمَّ أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقلنا: تصلِّي عليه فخطا خطوةً، ثم قال: أعليه دينٌ؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحمَّلهما أبو قتادة فأتيناه، فقال أبو قتادة: الدِّيناران عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منهما الميِّت؟ قال: نعم فصلَّى عليه، ثمَّ قال بعد ذلك بيومين: ما فعل الديناران؟ قلت: إنما مات أمس. قال: فعاد إليه من الغد؟ فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردتْ جلدته (6). رواه أحمد بإسناد حسن، والحاكم والدارقطني، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ورواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه باختصار.

28 -

وروي عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالجنازة (7) لمْ يسأل عن شيء من عمل الرَّجل، ويسأل عن دينه، فإن قيل عليه دينٌ كفَّ (8) عن الصلاة عليه، وإن قيل ليس عليه دين صلَّى عليه، فأتى بجنازةٍ،

(1) صندوق من نار.

(2)

تخرج معدته.

(3)

يخرج فمه مادة قذرة.

(4)

المذموم البعيد من رحمة الله من تداين دينا لم يترك له سدادا.

(5)

مرهونة محبوسة بعيدة م عن نعيم الله مهما عملت صالحا حتى يؤدي ما عليها.

(6)

أي بمد دفع الدينارين لصاحبهما زال عنه العذاب وتنعم.

(7)

الميت على النعش، وفي النهاية والجنازة بالكسرة، وبالفتح الميت بسريره، وقيل بالكسر السرير، وبالفتح الميت أهـ.

(8)

امتنع.

ص: 606

فلمَّا قام ليكبِّر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل على صاحبكم دينٌ؟ قالوا: ديناران، فعدل عنه (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: صلُّوا على صاحبكم، فقال عليٌّ رضي الله عنه: هما عليَّ (2) يا رسول الله برئ منهما (3) فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى عليه، ثمَّ قال لعلي بن أبي طالبٍ: جزاك الله خيراً (4) فكَّ الله رهانك (5) كما فككت رهان أخيك. إنه ليس من ميت يموت وعليه دينٌ إلا وهو مرتهنٌ (6) بدينه، ومن فكَّ رهان ميِّت فك الله رهانه يوم القيامة، فقال بعضهم: هذا لعليّ خاصة أم للمسلمين عامة؟ قال: بل للمسلمين عامَّة (7). رواه الدارقطني ورواه أيضاً بنحوه عن طريق عبيد الله الوصافي عن عطية عن أبي سعيد.

29 -

وروي عن أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بجنازةٍ ليصلي عليها قال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ جبريل نهاني (8) أن أصلِّي على من عليه دينٌ، فقال: إن صاحب الدين مرتهنٌ (9) في قبره حتى يقضي عنه دينه. رواه أبو يعلي، والطبراني، ولفظه قال:

كنَّا عند النبي صلى الله عليه وسلم: فأتى برجل يصلِّي عليه، فقال: هل على صاحبكمْ دينٌ؟ قالوا: نعمْ. قال: فما ينفعكمْ أن أصلي على رجلٍ روحه مرْتهنٌ (10) في قبره لا تصعد روحه (11) إلى السماء، فلوْ ضمن (12) رجلٌ دينه قمت، فصلَّيت عليه، فإن صلاتي تنفعه.

(1) بعد عن الصلاة.

(2)

أنا أدفعهما وفاء لدينه.

(3)

خلصت ذمته منهما وطهرت.

(4)

أحسن الله إليك وأعطاك الخير.

(5)

أطلقت من أسر العذاب.

(6)

محبوس في النار.

(7)

الثواب يشمل كل من فك عسر مسلم وأزال عنه حقوق دينه وأتمه ووفاه قال تعالى (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم 49 وأن عذابي هو العذاب الأليم) 50 من سورة الحجر، وقال تعالى (وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا) 88 من سورة الكهف.

أي فعلة الحسنى (من أمرنا) مما نأمر به (يسرا) سهلا ميسرا غير شاق.

(8)

في أول الرسالة امتنع صلى الله عليه وسلم من الصلاة ترهيبا للذي يأخذ ولا يفي وستجد بعد ذلك أن هذا النهي زال.

(9)

محبوس لا يذهب إلى نعيم الجنة حتى يؤدي عنه دينه.

(10)

مرتهن كذا ط وع ص 592 وفي ن د مرتهنة.

(11)

لتسمو إلى أعلى فتشعر بنعيمها ومرافقة الأبرار الصالحين.

(12)

تعهد بالوفاء عنه. ترغيب منه صلى الله عليه وسلم في زيادة أجر المحسنين الذين يؤدون حقوق الله عن أصحابهم.

ص: 607

(قال الحافظ): قد صح النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين، ثمَّ نسخ ذلك.

فروى مسلم وغيره من حديث أبي هريرة وغيره أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتي بالرَّجل الميت عليه الدين، فيسأل (1) هل ترك لدينه قضاءً، فإن حدِّث أنه ترك وفاءً صلى الله عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكمْ، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمنْ توفي وعليه دينٌ فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثتهِ (2).

(1) فيسأل، وفي ن د: يقال.

(2)

فلورثته كذا د وع، وفي ن ط فهو لورثته. قال الشيخ شرقاوي (قال لأصحابه صلوا عليه ولا يصلي هو) تحذيرا عن الدين وزجرا عن المماطلة ثم بعد ذلك صار يصلي على كل جنازة حضرها ويلتزم بالدين. ثم الذي يضمن أداء دين الميت هذا الضمان صحيح عند الجمهور من غير رجوع في مال الميت. وعن مالك للضامن أن يرجع إن قال ضمنت لأرجع فإن لم يكن للميت مال وعلم الضامن بذلك فلا رجوع له، وعند أبي حنيفة إن ترك الميت وفاء جاز الضمان بقدر ما ترك وإن لم يترك وفاء لم يصح، وصلاته عليه الصلاة والسلام عليه وإن كان الدين باقيا في ذمة الميت لكون صاحب الحق عاد إلى الرجاء بعد اليأس واطمأن بأن دينه صار في مأمن فخف سخطه وقرب من الرضا أهـ ص 207 جـ 3.

وقد ذكر هذا الحديث في كتاب الحوالات. والحوالة لغة: التحول والانتقال، وشرعا عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى ذمة أخرى. وأركانها ستة: محيل ومحتال ومحال عليه ودين للمحتال على المحيل ودين المحيل على المحال إليه، وصيغة، وهي بيع دين بدين جوز للحاجة، ويشترط رضا المحيل والمحال وأن تكون الحوالة بدين لازم فلو أحال على من لا يدين له لم تصح الحوالة وإن رضي بها لعدم الاعتياض فإن تطوع بأداء دين المحيل كان قاضيا دين غيره ويشترط اتفاق الدينين جنسا وقدرا وحلولا وتأجيلا وصحة وتكسيرا وجودة ورداءة.

(استعاذ صلى الله عليه وسلم من الدين لتبعد أمته عنه لأضرار: من فقه الأحاديث)

أولاً: الدين يعادل في العقاب الكفر في الذلة والإهانة وغلبة الدائن وسلطته على المدين (أتعدل الكفر بالدين).

ثانياً: الدين راية الضعف والمسكنة ترفرف على المدين بضعته.

ثالثاً: عدم الدين يجلب السعادة وتنسم الحرية والشعور بالكرامة والمروءة (أقلل من الدين).

رابعاً: عدم الاستدانة بشارة الاستقامة وعنوان الهداية وطريق الجنة.

خامساً: ترك الدين في الرخاء أحسن خشية أن يستدين فلا يجد ما يؤدي به، وبذا يدخل جهنم بسبب دينه وتؤخذ حسناته للدائن وتطرح عليه سيئاته أيضاً انتقاماً منه وترضيه لصاحب الدين.

سادساً: كثرة الاستدانة تجلب الفقر وتنزع البركة من المال وتنذر بالخراب والخسران (أتلفه الله).

سابعاً: جواز الاستدانة عند الحاجة فقط على شريطة نبة الوفاء وحسن الأداء (التمس ذلك العون).

ثامناً: قضاء حاجات الناس وفك كروبهم محمدة ومجلبة للخير ورضوان الله (كانت ميمونة تدان فتكثر).

تاسعاً: من أخذ مال الناس بنية عدم الوفاء كالغصب والنهب (لقى الله سارقا (وهو خائن).

عاشراً: الزوج إذا لم يدفع المهر لزوجته فهو آثم وعيشته معها محرمة وهو عاص ربه (زان). =

ص: 608