المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من الاحتكار - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٢

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلومن تصدق بما لا يجب

- ‌الترغيب في صدقة السر

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل مالهفيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

- ‌الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه

- ‌(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

- ‌ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماءوالترهيب من منعه

- ‌(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم

- ‌الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله

- ‌الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر

- ‌الترغيب في صوم ست من شوال

- ‌(الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها)وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا

- ‌الترغيب في صيام شهر الله المحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال

- ‌(الترغيب في صوم شعبان)وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه

- ‌(الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض)

- ‌(الترغيب في صوم الاثنين والخميس)

- ‌(الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد)وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت

- ‌(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام

- ‌(ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه)

- ‌(ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه)وترغيبه في الإفطار

- ‌(الترغيب في السحور سيما بالتمر)

- ‌(الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء)

- ‌الترغيب في إطعام الطعام

- ‌(ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده)

- ‌(الترغيب في الاعتكاف)

- ‌(الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها)

- ‌(كتاب العيدين والأضحية)

- ‌الترغيب في إحياء ليلتي العيدين

- ‌الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله

- ‌الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته

- ‌(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات

- ‌(الترغيب في النفقة في الحج والعمرة)وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام

- ‌(الترغيب في العمرة في رمضان)

- ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌(الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها)

- ‌(الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى)

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله

- ‌(الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة)

- ‌الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها

- ‌(الترغيب في حلق الرأس بمنى)

- ‌(الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله)

- ‌(ترهيب من قدر على الحج فلم يحج)(وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج)

- ‌الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينةوبيت المقدس وقباء

- ‌(الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها)وفضل أُحُد، ووادي العقيق

- ‌(الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء)

- ‌(كتاب الجهاد)

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلهاوالترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوموالصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌(الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه)

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهادوما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌(الترهيب من الفرار من الزحف)

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌(الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال)

- ‌(الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء)

- ‌التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمهوما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌(الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن)

- ‌(الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به)

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمرانوما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولهاأو عشر من آخرها

- ‌(الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر)

- ‌الترغيب في قراءة قل هو الله أحد

- ‌(الترغيب في قراءة المعوذتين)

- ‌(كتاب الذكر والدعاء)

- ‌(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

- ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

- ‌(الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)

- ‌(الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)

- ‌(الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)

- ‌(الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات)

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل)

- ‌(الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما)

- ‌(الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها)

- ‌الترغيب في الاستغفار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب البيوع وغيرها

- ‌الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيرهوما جاء في نوم الصبحة

- ‌(الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة)

- ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيهوما جاء في ذمّ الحرص وحب المال

- ‌الترغيب في طلب الحلال والأكل منهوالترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور

- ‌الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء

- ‌(الترغيب في إقالة النادم)

- ‌(الترهيب من بخس الكيل والوزن)

- ‌الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره

- ‌الترهيب من الاحتكار

- ‌ترغيب التجار في الصدقوترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين

- ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

- ‌الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه

- ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

- ‌الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور)

- ‌(الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس)

الفصل: ‌الترهيب من الاحتكار

‌الترهيب من الاحتكار

1 -

عن معمرِ بن أبي معمرٍ، وقيل: ابن عبد الله بن نضلة رضي الله عنه قال:

= د - (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قرى وبمعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) 152 من سورة الأنعام.

(بالقسط) أي بالعدل والتسوية (إلا وسعها) إلا ما يسعها ولا يعسر عليها (فاعدلوا) ولو كان المقول له أو عليه من ذوي قرابتكم (وبعهد الله) يعني ما عهد إليكم من ملازمة العدل وتأدية أحكام الشرع (تذكرون) تتعظون.

هـ - (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين) 85 من سورة الأعراف.

(الكيل آلة الكيل والوزن)(ولا تفسدوا) أي بالكفر والفسق والحيف بعدما أصلح الله أمرها بالأنبياء (خير) الزيادة وحسن الأحدوثة وجمع المال إذا عملوا بما أمرهم الله ونهاهم عنه.

من عارض الأطماع باليأس رنت

إليه عين العز من حيث رنا

رنا: مال.

(الويل للطغاة المطففين، والعذاب الشديد لمن يأكل أموال الناس بالباطل كما قال محمد عبده)

كتب الشيخ محمد عبده في تفسير (ويل للمطففين) وإنما سمي من يبخس الكيل في حال ويملؤه في حال أو يزيد عليه مطففا لأنه يبلغ في كيله طفاف الكيل كسحاب: أي ما يقرب من ملئه، ولا يملؤه في الحالة الأولى ويبلغ الطفاف أو الطفافة، وهي ما فوق المكيال في الحالة الثانية ولأنه يطلب الغني بشيء طفيف، وهو ما يأخذه من البخس إذا اكتال منك، ومن الزيادة إذا اكتال عليك. والتطفيف من أنواع الفجور ولا يصدر إلا عن شخص لا يظن أنه يبعث يوم القيامة ويحاسب على عمله، ولو ظن البعث والحساب لما طفف الكيل، ولا بخس الميزان ولهذا تنزل حالة المطفف منزلة حال من يجهل ظنه بالحياة الآخرة فضلا عن اعتقاده فيها فيستفهم عنه كما قال تعالى (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم) أي قفون للعرض عليه ويطول بهم الموقف إعظاما لجلالته وإجلاله لمقامه جلّ شأنه، واعتبار المطفف كأنه لا يظن أنه يبعث للقيام بين يدي ربه وتنزيله منزلة المنكر للبعث اعتبار حق لا يجادل فيه إلا مغرور بالله أو جاهل بدينه، بل منكر لحقيقته وكيف يصر على إيذاء الناس والغض من حقهم من يظن بعض الظن أنه سيقوم بين يدي رب العالمين، وخالق الخلق أجمعين القاهر الجبار ليحاسب على النقير والقطمير والحبة والذرة (كلا) لا يقيم على ذلك إلا منكر لما أوعد به أو متأول فيما يدفع عنه العقاب، وينجيه من الحساب لا يبعد به تأوله من منزلة المنكر، بل يسقطه مع صاحبه في النار وبئس القرار، هذا ما ينذر الله به المطففين الراضين بالقليل من السحت، فما ظنك بأولئك الذين يأكلون أموال الناس بلا كيل ولا وزن، بل يسلبونهم ما بأيديهم ويغلبونهم على ثمار أعمالهم فيحرمونهم حق التمتع بها اعتمادا على قوة الملك أو نفوذ السلطات أو باستعمال طرق الحيلة، فهل يعد هؤلاء من الشاكين في يوم البعث فضلا عن الظنانين أو الموقنين؟ لا ريب أن =

ص: 581

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من احتكر (1) طعاماً فهو خاطئ (2). رواه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه. ولفظهما قال: لا يحتكر إلا خاطئ.

2 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من احتكر طعاماً أربعين (3) ليلة فقد برئ (4)

من الله، وبرئ الله منه، وأيُّما أهل عرصةٍ (5) أصبح فيهم أمرؤ جائعاً، فقد برئتْ منهمْ ذمَّة الله تبارك وتعالى رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والحاكم، وفي هذا المتن غرابة، وبعض أسانيده جيد، وقد ذكر رزين شطره الأول، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها.

= هؤلاء لا يحسبون إلا في عداد الجاحدين المنكرين، وإن زعموا بلسانهم أنهم من الموحدين المؤمنين. يروي أن أعرابيا قال لعبد الملك بن مروان (سمعت ما قال الله في المطففين) أراد بذلك أن قد حق الوعيد على المطفف على النحو الذي سمعت من التهويل والتعظيم فما ظنك بنفسك، وأنت تسلب وتنهب وتنتزع الأموال من أيدي أربابها بالقوة والقهر لا بالحيلة والخدعة استعظاءا لقوتك وغفلة من جبروت الله وتكبرا على الناس؟ ولا تكتفي من ذلك بالقليل كما هو شأن المطفف، ولا ترضى بما دون استئصال الأموال، ومسح ما يبقى من غبارها بأيدي أهلها فالويل كل الويل لك يوم يقوم الناس لرب العالمين أهـ ص 40.

(1)

حفظه عندي حتى تزداد قيمته ومنع الناس من الانتفاع به. وفي النهاية: احتكر طعاما أي اشتراه وحبسه ليقل فيغلو. والحكر والحكرة الاسم منه، ومنه الحديث أنه نهى عن الحكرة أهـ وفي كتب الفقه ويحرم الاحتكار وهو أن يشتري القوت وقت الغلاء ويتربص به للبيع بأكثر عند شدة الحاجة إليه أهـ.

(2)

أي مذنب.

(3)

أربعين ليلة كذا د وع ص 581 وفي ن ط: أربعين فقط.

(4)

بعد من الله وأقصاه الله إلى قاع جهنم، وقال الغزالي فبائع الطعام يدخر الطعام ينتظر به غلاء الأسعار. والاحتكار ظلم عام وصاحبه مذموم في الشرع. واعلم أن النهي مطلق ويتعلق النظر به في الوقت والجنس، أما الجنس فيطرد النهي في أجناس الأقوات أما ما ليس بقوت، ولا هو معين على القوت كالأدوية والعقاقير والزعفران وأمثاله فلا يتعدى النهي إليه وإن كان مطعوما. وأما ما يعين على القوت كاللحم والفواكه، وما يسد مسدا يغني عن القوت في بعض الأحوال وإن كان لا يمكن المداومة عليه، فهذا في محل النظر، فمن العلماء من طرد التحريم في السمن والعسل والشيرج والجبن والزيت وما يجري مجراه. وأما الوقت فيحتمل أيضا طرد النهي في جميع الأوقات. ويحتمل أن يخصص بوقت قلة الأطعمة وحاجة الناس إليه حتى يكون في تأخير بيعه ضرر ما. فأما إذا اتسعت الأطعمة وكثرت واستغنى الناس عنها، ولم يرغبوا فيها إلا بقيمة قليلة فانتظر صاحب الطعام ذلك، ولم ينتظر قحطا فليس في هذا إضرار، ويعول في نفي التحريم وإثباته على الضرار، فإنه مفهوم قطعا من تخصيص الطعام وإذا لم يكن ضرار فلا يخلو احتكار الأقوات عن كراهية فإنه ينتظر مبادئ الضرار، وهو ارتفاع الأسعار، وانتظار مبادئ الضرار محذور كانتظار عين الضرار، ولكنه دونه وبالجملة للتجارة في الأقوات مما لا يستحب لأنه طلب ربح، والأقوات أصول خلقت قواما، والربح من المزايا ولذلك أوصى بعض التابعين رجلا، وقال لا تسلم ولدك في بيعتين ولا في صنعتين: بيع الطعام وبيع الأكفان فإنه يتمنى الغلاء وموت الناس، والصنعتان أن يكون جزار فإنها صنعة تقسي القلب، أو صواغا فإنه يزخرف الدنيا بالذهب والفضة أهـ ص 67 جـ 2 ..

(5)

البقعة الواسعة التي فيها بناء، وعرصة الدار: ساحتها، والمراد أي جهة.

ص: 582

3 -

وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجالب (1) مرزوق، والمحتكر ملعونٌ. رواه ابن ماجه والحاكم كلاهما عن علي بن سالم ابن ثوبان عن عليّ بن يزيد بن جدعان، وقال البخاري: والأزدي لا يتابع عليّ بن سالم على حديثه هذا.

(قال الحافظ) زكي الدين: لا أعم لعليّ بن سالم غير هذا الحديث، وهو في عداد المجهولين، والله أعلم.

4 -

وعن الهيثم بن رافعٍ عن أبي يحيى المكِّيِّ عن فرُّوخٍ مولى عثمان ابن عفان رضي الله عنه أن طعاما ألقى على باب المسجد، فخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو أمير المؤمنين يومئذٍ، فقال: ما هذا الطعام؟ فقالوا: طعام جلب إلينا، أو علينا فقال: بارك الله فيه وفيمنْ جلبه إلينا أو علينا، فقال له بعض الذين معه يا أمير المؤمنين: قد احتكر. قال: ومن احتكره؟ قالوا: احتكره فرُّوخٌ، وفلانٌ مولى عمر بن الخطاب، فأرسل إليهما فأتياه فقال: ما حملكما على احتكاركما طعام المسلمين؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نشتري بأموالنا ونبيع، وقال عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس (2)، فقال عند ذلك فرُّوخٌ: أيا أمير المؤمنين فإني أعاهد الله، وأعاهدك ألا أعود في احتكار طعامٍ أبداً، فتحوَّل إلى مصر، وأما مولى عمر فقال: نشتري بأموالنا ونبيع، فزعم أبو يحيى أنه رأى مولى عمر مجذوماً (3) مشدوخاً (4). رواه الأصبهاني هكذا، وروى ابن ماجه المرفوع منه فقط عن يحيى بن حكيم حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الهيثم بن رافع حدثني أبو يحيى المكيّ. وهذا إسناد جيد متصل، ورواته ثقات، وقد أنكر على الهيثم روايته لهذا الحديث مع كونه ثقة، والله أعلم.

5 -

وعن معاذ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بئس (5) العبد المحتكر إن أرخص الله الأسعار حزن (6)، وإن أغلاها فرح.

(1) الذي يأتي بأصناف الأشياء ليبيعها للناس رابح، والخازن بعيد من رحمة الله ورضاه.

(2)

الفقر والخسارة، أفلس الرجل كأنه صار إلى حال ليس له فلوس، وحقيقته الانتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر.

(3)

مقطع الأطراف مريضا بالجذام.

(4)

مكسر الأضلاع، من شدخ رأسه: كسره. والشدخ: كسر الشيء الأجوف.

(5)

فعل بمعنى ذم.

(6)

تكدر وغضب.

ص: 583

وفي رواية: إن سمع برخصٍ ساءه، وإن سمع بغلاء فرح، ذكره رزين في جامعه، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها، إنما رواه الطبراني وغيرها بإسناد واوهٍ.

6 -

توعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أهل المدائن (1) هم الحبساء (2) في سبيل الله فلا تحتكروا عليهم الأقوات، ولا تغلوا عليهم الأسعار، فإنَّ من احتكر عليهمْ طعاما أربعين يوماً، ثم تصدَّق به لم تكن كفَّارة له (3). ذكره رزين أيضاً ولم أجده.

7 -

وعنْ أبي هريرة ومعقل بن يسارٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحشر الحاكرون (4)، وقتلة الأنفس (5) في درجةٍ، ومن دخل في شيء من سعر المسلمين يغلِّبه عليهمْ (6) كان حقا على الله أن يعذِّبه في معظم النار يوم القيامة.

ذكره رزين أيضاً، وهو مما انفرد به مهنأ بن يحيى عن بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن أبي هريرة، وفي هذا الحديث والحديثين قبلة نكارة ظاهرة، والله أعلم.

8 -

وعن الحسن قال: ثقل معقل بن يسار، فأتاه عبد الله بن زيادٍ رضي الله عنه يعوده فقال: هلْ تعلم يا معقل أني سفكتُ دماً حراماً. قال: لا أعلم. قال: هلْ علمت أني دخلت في شيء من أسعار المسلمين. قال: ما علمت؟ قال: أجلسوني، ثم قال: اسمع يا عبد الله حتى أحدِّثك شيئاً ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّة، ولا مرَّتين، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهمْ كان حقاً على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة.

قال: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم غير مرَّةٍ ولا مرَّتين.

(1) العواصم.

(2)

الجلساء في تعمير هذه الحواضر.

(3)

ليس هذا العمل ما حيا ذنوبه، ولا الإحسان يجلب له ثوابا وأجرا. لم يكن كفارة له كذا د وع ص 582، وفي ن ط: لم تكن له كفارة.

(4)

الحابسون الأشياء للغلاء.

(5)

الطغاة الأشرار وقتلة الأنفس يرميان في جهنم في جهة واحدة.

(6)

يزيد في سعره، والمعنى طالبو الأسعار الفاحشة مع سافكي الدماء، هذا يقتل الأرواح بالجوع، والميل إلى الأزمة والضيق، وهذا يعتدي على الأنفس ويريق الدماء.

ص: 584