المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٢

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلومن تصدق بما لا يجب

- ‌الترغيب في صدقة السر

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل مالهفيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

- ‌الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه

- ‌(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

- ‌ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماءوالترهيب من منعه

- ‌(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم

- ‌الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله

- ‌الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر

- ‌الترغيب في صوم ست من شوال

- ‌(الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها)وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا

- ‌الترغيب في صيام شهر الله المحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال

- ‌(الترغيب في صوم شعبان)وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه

- ‌(الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض)

- ‌(الترغيب في صوم الاثنين والخميس)

- ‌(الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد)وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت

- ‌(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام

- ‌(ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه)

- ‌(ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه)وترغيبه في الإفطار

- ‌(الترغيب في السحور سيما بالتمر)

- ‌(الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء)

- ‌الترغيب في إطعام الطعام

- ‌(ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده)

- ‌(الترغيب في الاعتكاف)

- ‌(الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها)

- ‌(كتاب العيدين والأضحية)

- ‌الترغيب في إحياء ليلتي العيدين

- ‌الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله

- ‌الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته

- ‌(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات

- ‌(الترغيب في النفقة في الحج والعمرة)وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام

- ‌(الترغيب في العمرة في رمضان)

- ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌(الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها)

- ‌(الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى)

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله

- ‌(الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة)

- ‌الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها

- ‌(الترغيب في حلق الرأس بمنى)

- ‌(الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله)

- ‌(ترهيب من قدر على الحج فلم يحج)(وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج)

- ‌الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينةوبيت المقدس وقباء

- ‌(الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها)وفضل أُحُد، ووادي العقيق

- ‌(الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء)

- ‌(كتاب الجهاد)

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلهاوالترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوموالصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌(الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه)

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهادوما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌(الترهيب من الفرار من الزحف)

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌(الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال)

- ‌(الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء)

- ‌التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمهوما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌(الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن)

- ‌(الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به)

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمرانوما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولهاأو عشر من آخرها

- ‌(الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر)

- ‌الترغيب في قراءة قل هو الله أحد

- ‌(الترغيب في قراءة المعوذتين)

- ‌(كتاب الذكر والدعاء)

- ‌(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

- ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

- ‌(الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)

- ‌(الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)

- ‌(الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)

- ‌(الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات)

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل)

- ‌(الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما)

- ‌(الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها)

- ‌الترغيب في الاستغفار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب البيوع وغيرها

- ‌الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيرهوما جاء في نوم الصبحة

- ‌(الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة)

- ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيهوما جاء في ذمّ الحرص وحب المال

- ‌الترغيب في طلب الحلال والأكل منهوالترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور

- ‌الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء

- ‌(الترغيب في إقالة النادم)

- ‌(الترهيب من بخس الكيل والوزن)

- ‌الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره

- ‌الترهيب من الاحتكار

- ‌ترغيب التجار في الصدقوترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين

- ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

- ‌الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه

- ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

- ‌الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور)

- ‌(الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس)

الفصل: ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

كبِرْتُ وسقمتُ فهل من عملٍ يجزي عنِّي من حجَّتي. قال: عمرة في رمضان تعدل حجَّةً.

(قفل) محركة: أي رجع من سفره.

6 -

وعنْ أبي معقل رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: عمرة في رمضان تعدل حجَّة. رواه ابن ماجه.

7 -

ورواه البزار والطبراني في الكبير في حديث طويل بإسناد جيد عن أبي طليقٍ أنه قال للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: فما يعدل الحجَّ معك؟ قال: عمرة في رمضان.

(قال المملي) رضي الله عنه أبو طليق: هو أبو معقل، وكذلك زوجته أمّ معقل تكني أمّ طليق أيضاً، ذكره ابن عبد البر النمري.

‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياب

اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

1 -

روي عن أنس بن ما لكٍ رضي الله عنه قال: حجَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم على رجلٍ رثٍ (1) وقطيفةٍ خلقةٍ تساوي (2) أربعة دراهم، أو لا تساوي، ثمَّ قال: اللهمَّ حجَّة لا رياء فيها، ولا سمعة (3). رواه الترمذي في الشمائل، وابن ماجه والأصبهاني إلا أنه قال: لا تساوي أربعة دراهم، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس.

(القطيفة): كساء له خمل.

2 -

عن ثمامة رضي الله عنه قال: حجَّ أنس على رجلٍ ولمْ يكنْ شحيحاً (4) وحدَّث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حجَّ على رحلٍ، وكانت زاملته (5). رواه البخاري.

(1) خلق بال عتيق لم تظهر عليه علامة الترف.

(2)

تسوي: كذا ع ص 385 من باب تعب لغة قليلة، ومنعها أبو زيد. فقال: يقال يساويه، ولا يقال يسواه. قال الأزهري: وقولهم لا يسوي ليس عربيا صحيحا. أهـ مصباح تساوي: كذا ط ود.

(3)

اللهم اقبل هذه الحجة خالية من كل خيلاء، ومظاهر كاذبة وتفاخر، واجعلها خالصة من شوائب الفخر، وفي هذا الترغيب بالخروج إلى الحج طالبا تواب الله فقط، مجتنبا كل خيلاء وعجب، وترف وزينة.

(4)

متناسبا في الطول والعرض .. معناه رحل أنس على قدر ضرورة الركوب فقط، بعيد عن كل زينة.

(5)

معناه أنه حج على بعير حمل عليه طعامه ومتاعه فوق هذا الرحل، وفي النهاية في حديث ابن رواحة أنه =

ص: 183

3 -

وعنْ قدامة بن عبد الله، وهو ابن عمَّار رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النَّحر على ناقةٍ صهباء (1) لا ضرب (2)، ولا طرْد، ولا إليك إليك. رواه ابن خزيمة في صحيحه وغيره.

4 -

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: كنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم بين مكَّة والمدينة فمررنا بوادٍ فقال: أي وادٍ هذا؟ قالوا: وادي الأزرق. قال: كأنَّي أنظر إلى موسى صلى الله عليه وسلم، فذكر من طول شعره (3) شيئاً، لا يحفظه داود، واضعاً إصبعه في أذنه له جؤار (4) إلى الله بالتلبية مارًّا بهذا الوادي. قال: ثمَّ سرنا حتى أتينا على ثنيةٍ (5)، فقال: أي ثنيةٍ هذه؟ قالوا: ثنية هرشي، أو لفتٍ. قال: كأني أنظر إلى يونس صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء عليه جُبَّةُ صوفٍ وخطام ناقته خلبة مارا بهذا الوادي ملبياً (6). رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، وابن خزيمة، واللفظ لهما.

5 -

ورواه الحاكم بإسناد على شرط مسلم، ولفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على وادي الأرزق، فقال: ما هذا؟ قالوا: وادي الأزرق، فقال: كأنِّي أنظر إلى موسى عليه السلام مهبطاً له جؤار (7) إلى الله بالتكبير، ثمَّ أتى على ثنيةٍ، فقال: كأنِّي أنظر إلى يونس عليه السلام على ناقةٍ حمراء جعدةٍ (8) خطامها ليف، وهو يلبِّي، وعليه جُبَّةُ صوفٍ.

(هرشي) بفتح الهاء، وسكون الراء بعدهما شين معجمة مقصورة: ثنية قريب الجحفة.

(ولفت) بكسر اللام، وفتحها أيضاً: هو ثنية جبل قديم بين مكة والمدينة.

= غزا مع ابن أخيه على زاملة. الزاملة: البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع كأنها فاعلة، من الزمل: الحمل أهـ. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحج كغيره حجا عاديا على بعير يحمل كل شيء له بتواضع ورضا تاركا زينة الدنيا وأبهة الملك.

(1)

شقرة فيها حمرة يعلوها سواد.

(2)

تمشى بتؤدة لا يحثها على سرعة السير، ولا يأمرها بالتنحي عن كذا، أو الابتعاد عن كذا.

(3)

معناه أن سيدنا موسى تارك أنواع الزينة.

(4)

رافعاً صوته مستغيثاً، ومنه حديث:(لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله).

(5)

طريق عال في الجبل، أو كالعقبة فيه شاقة الصعود، وفي خطبة الحاج:(أنا ابن جلا وطلاع الثنايا) هي جمع ثنية، أراد أنه جلد يرتكب الأمور العظام أهـ نهاية.

(6)

مر سيدنا موسى بناقته الحمراء وهو نبي عظيم. يلبس جبة صوف، وحبل قيادة ناقته من ليف دواضا لله، وتركا لزينة الحياة الفانية.

(7)

رفع صوته تضرعا واستغاثة

(8)

أي مجتمعة الخلق شديدة كما في النهاية.

ص: 184

(والخلبة) بضم الخاء المعجمة، وسكون اللام: هي الليف كما جاء مفسراً في الحديث.

6 -

وعنْهُ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: صلَّى في مسجدِ الخيف (1) سبعون نبياً، منهمْ: موسى صلى الله عليه وسلم كأني أنظرُ إليه، وعليه عباءتان قطوا نيتان، وهو محرم على بعيرٍ منْ إبل شنوءة (2) مخطوم بخطام ليفٍ له صفيرتان (3). رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن.

(قطوان) بفتح القاف والطاء المهملة جميعاً: موضع بالكوفة تنسب إليه العبى والأكسية.

7 -

وعنْهُ رضي الله عنه قال: لمَّا مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حجَّ. قال يا أبا بكرٍ: أيُّ وادٍ هذا؟ قال: وادي عسفان. قال: لقد مرَّ به هودٌ وصالح على بكراتٍ (4) خطمها (5) الليف، أزُرُهم العباء، وأرْديتُهُم النِّمار يحجون البيت العتيق. رواه أحمد والبيهقي كلاهما من رواية زمَّعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، ولا بأس بحديثهما في المتابعات، وقد احتجّ بهما ابن خزيمة وغيره.

(عسفان) بضم العين، وسكون السين المهملتين: موضع على مرحلتين من مكة.

(والبكرات) جمع بكرة، بسكون الكاف: وهي الفتية من الإبل.

(والنمرات) بكسر الميم: جمع نمرة وهي: كساء مخطط.

8 -

وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حجَّ عليه اسلام على ثورٍ أحمر عليه عباءة قطوانية. رواه الطبراني من رواية ليث بن أبي سليم، وبقية رواته ثقات.

9 -

وعنْ أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقدْ مرَّ بالروحاء (6) سبعون نبيا فيهمْ نبيُّ الله موسى عليه السلام حقا عليهم العباءة يؤمُّون (7)

(1) مسجد منى يسمى مسجد الخيف لأنه في سفح جبلها. والخيف: ما ارتفع عن مجرى السيل، وانحدر عن غلظ الجبل.

(2)

تعرف بهذا الاسم فيها شي من النفور.

(3)

تارك شعر رأسه وراءه ضفيرتين.

(4)

إبل يستقي عليها، والمفرد بكرة كسجدة.

(5)

خطمها، كذا ع وط، وفي ن د: خطامها.

(6)

موضع بين مكة والمدينة على وزن حمراء أيضاً: كذا في المصباح.

(7)

يقصدون الطواف والشاهد (حفاة) ما شين بغير نعل ولا خف، والمفرد حاف كقاض، والحفاة بالكسر: اسم منه، وحفي من كثرة المشي حتى رقت قدماه حفي فهو حف من باب تعب: أي يمشون متواضعين لله، زاهدين في زينة الدنيا وترفها، مخشوشنين طالبين الورع والقناعة والزهادة.

ص: 185

بيت الله العتيق. رواه أبو يعلي والطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات، ورواه أبو يعلي أيضاً من حديث أنس بن مالك.

10 -

وعنْ عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى موسى بن عمران عليه السلام في هذا الوادي (1) محرماً بين قطوانيَّتين. رواه أبو يعلي والطبراني في الأوسط بإسناد حسن.

11 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلا قال: لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من الحاجُّ؟ قال: الشَّعث (2) التَّفل (3). قال: فأيُّ الحجِّ أفضل؟ قال: العجُّ (4) والثَّجُّ (5). قال: وما السبيل (6)؟

قال: الزَّاد، والرَّحالة. رواه ابن ماجه بإسناد حسن.

(1) هذا الوادي: كذا ط وع ص 387، وفي ن د في الوادي ص 219.

(2)

الذي يترك شعره فيتلبد: معناه الزاهد الورع التارك الشعر في الإحرام، ولم يبال بأدوات الترف والنعيم حبا في شعائر الله. ف يالمصباح: شعث الشعر شعثا من باب تعب: تغير وتلبد لقلة تعهده بالدهن، ورجل أشعث وامرأة شعثاء أهـ.

(3)

الذي يترك التطيب، ويهجر أنواع البذخ، وفي المصباح: تفلت المرأة تفلا فهي تفلة من باب تعب إذا أنتن ريحها لترك الطيب والأدهان، والجمع تفلات، وكثر فيها متفال مبالغة، وتفلت إذا تطيبت من الأضداد أهـ والمعنى أنه لا يحب التزين لزهده وحرصت على التقشف، وهجره كل أنواع الملذات لله، وإخلاصا لله، وحبا في الله، ومناه رضاه الله، واجتهاده في ذكر الله، وأداء الواجبات، والأركان والسنن.

وفي النهاية على هذا الحديث: التفل الذي قد ترك استعمال الطيب، من التفل، وهي الريح الكريهة أهـ.

(4)

رفع الصوت بالتلبية، وقد عج يعج عجاً: فهو عاج وعجاج. أهـ نهاية.

(5)

سيلان دم الهدي والأضاحي. يقال: ثجه يثجه ثجا. أي أفضل الأعمال في الحج وأكثرها ثوابا كثرة الذكر، والإكثار من قول: لبيك، والصدقة والإنفاق، والجود وبذل الطعام، وإراقة الدماء لله ليشبع الفقير ويجد له غذاء طيبا.

(6)

كيف الوصول إلى ذلك فأجاب صلى الله عليه وسلم، إذا توفر اثنان:

أ - مال للانفاق.

ب - تيسير الطريق، ووجود الأمن فيها. قال تعالى:(إن أول بيت وضع للناس الذي بمكه مباركا وهدي للعالمين 97 فيه آيات بينات مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمناً، ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فان الله غني عن العالمين) 98 من سورة آل عمران (للذي ببكة) للبيت الذي في مكة.

قال البيضاوي: روي أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن أول بيت وضع للناس؟ فقال: المسجد الحرام، ثم بيت المقدس، وسئل كم بينهما. قال أربعون سنة، وقيل: أول من بناه إبراهيم، ثم هدم فبناه قوم من جرهم، ثم العمالقة، ثم قريش. وقيل هو أول بيت بناء آدم فانطمس في الطرفان، ثم بناء إبراهيم، وقيل: أول بيت بالشرف لا بالزمان (مباركا) كثير الخير والنفع لمن حجه واعتمره، واعتف دونه، وطاف حوله (فيه آيات بينات) كانحراف الطيور عن موازاة البيت على مدى الأعصار، وأن ضواري السباع تخالط الصيود =

ص: 186

وعند الترمذيِّ عنه: جاء رجلٌ، فقال: يا رسول الله ما يوجب الحجَّ؟ قال: الزَّاد والرَّحلة، وقال: حديث حسنٌ.

12 -

وتقدم في حديث ابن عمر: وأمَّا وقوفك عشية عرفة، فإنَّ الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة يقول: عبادي جاءوني شعثاً من كلِّ فجٍ عميق يرجون جنَّتي، فلوْ كانت ذنوبكم كعدد الرَّمل، أوْ كقطرِ المطر، أو كزبدِ البحر لغفرتها، أفيضوا عبادي مغفوراً لكمْ، ولمنْ شفعتمْ له. الحديث.

13 -

وفي رواية ابن حبان قال: فإذا وقف بعرفة، فإنَّ الله عز وجل ينزلُ إلى السماء الدنيا فيقول: انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً، اشهدوا أنِّي قد غفرت لهمْ ذنوبهم وإنْ كانت عدد قطرِ السماء ورمل عالج. الحديث.

(الشعث) بكسر العين: هو البعيد العهد بتسريح شعره، وغسله.

= في الحرم، ولا تتعرض لها، وأن كل جـ بار قصده بسوء قهره بسوء قهره الله كأصحاب الفيل، ومنها (مقام إبراهيم) أي أثر قدمه في الصخرة الصماء وغوصها فيها إلى الكعبين، وتخصيصها بهذه الإلانة من بين الصخار: وإبقاؤه دون أثر الأنبياء عليه السلام، وحفظه مع كثرة أعدائه ألوف سنة، ويؤيده أنه قرئ آية بينة على التوحيد، وسبب هذا الأثر: أنه لما ارتفع بنيان الكعبة قام على هذا الحجر ليتمكن من رفع الحجارة. فغاصت فيه قدماه (حج البيت) قصده للزيارة، وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستطاعة بالزاد والراحلة، وهو يؤيد قول الشافعي رضي الله عنه أنها بالمال، ولذلك أوجب الاستنابة على الزمن إذا وجد أجرة من ينوب عنه. وقال مالك رحمه الله تعالى: إنها بالبدن فيجب على من قدر على المشي والكسب في الطريق، وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: أنها بمجموع الأمرين والضمير في (إليه) للبيت أو الحج، وكل ما أتى إلى الشيء فهو سبيله (ومن كفر) وضع كفر موضع من لم يحج تأكيدا لوجوبه، وتغليظا على تاركه. ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:(من مات ولم يحج، فليمت إن شاء يهوديا، أو نصرانيا).

وقد أكد أمر الحج في هذه الآية من وجوه الدلالة على وجوبه بصيغة الخبر، وإبرازه في الصورة الاسمية، وإيراده على وجه يفيد أنه حق واجب لله تعالى في رقاب الناس، وتعميم الحكم أولا، ثم تخصيصه ثانيا. فإنه كإيضاح بعد إبهام، وتثنية وتكرير للمراد، وتسمية ترك الحج كفرا من حيث إنه فعل الكفرة، وذكر الاستغناء. فإنه في هذا الموضع مما يدل على المقت والخذلان، وقوله:(عن العالمين) يدل عليه لما فيه من مبالغة التعميم، والدلالة على الاستغناء عنه بالبرهان، والإشعار بعظم السخط لأنه تكليف شاق جامع بين كسر النفس، وإتعاب البدن، وصرف المال، والتجرد من الشهوات، والإقبال على الله تعالى.

روي أنه لما نزل صدر الآية جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباب المال فخطبهم، وقال إن الله كتب عليكم الحج فحجوا. فآمنت به ملة واحدة، وكفرت به خمس. فنزل ومن كفر. قال تعالى:(قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله؟ والله شهيد على ما تعملون) أي بآياته السمعية والعقلية الدالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما يهديه من وجوب الحج وغيره. أهـ بيضاوي.

ص: 187