الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل
1 -
عنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لينتهينَّ أقوامٌ عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء، أو ليخطفنَّ (1) الله أبصارهم. رواه مسلم والنسائي وغيرهما.
2 -
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: القلوب أوعيةٌ، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس، فاسألوه، وانتم موقنون (2)
بالإجابة، فإنَّ الله لا يستجيب لعبدٍ دعاه (3)
عن ظهر قلبٍ
(1) لينزعن.
(2)
واثقون جازمون ملتجئون إلى كريم يده ملأى سحاء الليل والنهار، لا تغيضها نفقة؟ وفيه الشعور بالحاجة وعظيم قدرة المجيب سبحانه قال تعالى:
أ - (أدعو ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين 55 ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين) 56 من سورة الأعراف.
ب - (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز 2 يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض، لا إله إلا الله هو فأني تؤفكون) 3 من سورة فاطر (من رحمة) كنعمة وأمن، وصحة وعلم ونبوة (فلا ممسك لها) يحبسها (وما يمسك فلا مرسل له) يطلقه، واختلاف الضميرين، لأن الموصول الأول مفسر بالرحمة، والثاني مطلق يتناولها ومغضب وفي ذلك إشعار بأن رحمته سبقت غضبه (العزيز) الغالب على ما يشاء ليس لأحد أن ينازعه فيه (الحكيم) لا يفعل إلا بعلم وإتقان (اذكروا نعمة الله) احفظوها بمعرفة حقه والاعتراف بها وطاعة موليها.
(3)
دعاء كذا ط وع ص 459 وفي ن د: دعاء، قال تعالى:(ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا) أي ويدعو الله تعالى عند غضبه بالشر على نفسه وأهله وماله، أو يدعوه بما يحسبه خيراً، وهو شر (دعاءه بالخير) مثل دعائه بالخير (عجولا) يسارع إلى كل ما يخطر بباله لا ينظر عاقبته. وقيل: المراد آدم عليه الصلاة والسلام، فإنه لما انتهى الروح إلى سرته ذهب لينهض فسقط، وروي أنه عليه السلام دفع أسيرا إلى سودة بنت زمعة فرحمته لأنينه فأرخت كتافه فهرب فدعا عليها بقطع اليد ثم ندم، فقال عليه السلام: اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي رحمة له فنزلت، ويحوز أن يراد بالإنسان الكافر، وبالدعاء استعجاله بالعذاب استهزاء كقول النضر بن الحارث: اللهم انصر خير الحزبين، اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية، فأجيب له فضرب عنقه صبرا يوم بدرا انتهى بيضاوي.
(ما يقوله الداعي ليستجيب الله دعاءه من فقه أحاديث الباب)
أولا: يفتتح بحمد الله جل وعلا ويناديه بأسمائه الحسنى (الأحد الصمد)(يا أرحم الراحمين) وهكذا من صبغ المدح والثناء والتعطف والإجلال. =
غافلٍ. رواه أحمد بإسناد حسن.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنَّ الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ (1) لاهٍ (2).
= ثانياً: ينتهز فرصة سجوده لربه ويتذلل له سبحانه (أقرب ما يكون الخ) يختار أوقات السحر لمناجاة ربه (ينزل ربنا).
ثالثاً: كذا بعد أداء الصلوات والصدقات وفعل الخير (أي الدعاء أسمع).
رابعاً: (يطلب برفق وعزيمة قوية واعتقاد ثابت بالإجابة (ما لم يعجل).
خامساً: (يتجنب الانتقام والإيقاع بالمسلمين، وكذا أنواع المعاصي والأذى.
سادساً: يكثر من السؤال، ولا يسأم ولا يمل، وينتظر فرج الله ونصره (ولا يستحسر).
سابعاً: برفع يديه بخشوع وأدب ويحذر أن يرفع بصره جهة السماء، لأن الله تعالى في كل مكان (الله نور السموات والأرض).
ثامناً: يستيقظ ويحضر قلبه في الدعاء ويترك السهو والاشتغال بغير مولاه (وأنتم موقنون).
تاسعاً: يبعد من السخط وكثرة الغضب، وبذاءة اللسان، ورداءة الأقوال، والسخب والشقاق والنفور والدعاء على أسرته أو ماله (لا تدعوا على أنفسكم).
عاشراً: يرضي والديه ويطلب دعاءهما، وكذا يرجو المسافر أن يدعو له يخير ويتجنب غضب المظلوم، فان دعوة الظالم لا ترد، وكثيرا ما تفنن الشعراء في النهي عن الظلم ومودة الظالمين:
مخطئ من ظن يوما
…
أن للظالم ديناً
إن للظالم صدراً
…
يشتكي من غير علة
والخلاصة أن الدعاء لابد أن يسبقه طهارة، ووضوء وتذلل وخشوع، فبلقيس (قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت من سليمان لله رب العالمين) فقدمت تضرعها واعترفت بتقصيرها وأقرب بذنبها، وسيدنا موسى عليه السلام (قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم 16 قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيراً للمجرمين) 17 من سورة القصص. أقر بذنبه واستغفر وأردف الاستغفار بالثناء على الله وتبجيله والاعتقاد الجازم أنه الغفور لذنوب عباده الرءوف بهم، ثم أقسم بإنعامك سبحانك على بالمغفرة لأتوبن، ولأكونن عضدا للمتقين، ومعينا للمحسنين، وسأكون عدواً لدوداً للمسيئين (فلن أكون) قال البيضاوي: أي بحق إنعامك على اعصمني فلن أكون معيناً لمن أدت معاونته إلى جرم. أو بما أنعمت على من القوة أعين أو لياءك، ولن أستعملها في مظاهرة أعدائك أهـ. ففيه التوبة والنية على الطاعة.
(1)
غير ذاكر ربه، وهو ناس حقوقه سبحانه، ومقصر في واجباته.
(2)
ساه: أي قلبه مشتغل بغير الله، والمعنى أن المعاصي تكون سبب رد الدعاء، وذكر الله أدعى إلى الاجابة. فاتقوا الله عباد الله واستيقظوا واتركوا نسيان الطاعة، قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون 18 ولا تكونوا كالذين نسوا الله نأساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) 19 من سورة الحشر، إن شاهدنا (نسوا الله) أي نسوا حقه نجعلهم سبحانه ناسين لها حتى لم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلصها، أو أراهم سبحانه من الهول ما أنساهم أنفسهم ولم تجب دعوتهم (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة، أصحاب الجنة هم الفائزون) 20 من سورة الحشر.
يطلب منك النبي صلى الله عليه وسلم أن تحضر قلبك عند الدعاء وتشعر بالذل والخضوع لله، وتقدر عظمته وجلاله، ولا تجعل للغفلة على قلبك سبيلا، وللنسيان طريقاً.