المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله) - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٢

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلومن تصدق بما لا يجب

- ‌الترغيب في صدقة السر

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل مالهفيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

- ‌الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه

- ‌(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

- ‌ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماءوالترهيب من منعه

- ‌(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم

- ‌الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله

- ‌الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر

- ‌الترغيب في صوم ست من شوال

- ‌(الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها)وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا

- ‌الترغيب في صيام شهر الله المحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال

- ‌(الترغيب في صوم شعبان)وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه

- ‌(الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض)

- ‌(الترغيب في صوم الاثنين والخميس)

- ‌(الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد)وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت

- ‌(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام

- ‌(ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه)

- ‌(ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه)وترغيبه في الإفطار

- ‌(الترغيب في السحور سيما بالتمر)

- ‌(الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء)

- ‌الترغيب في إطعام الطعام

- ‌(ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده)

- ‌(الترغيب في الاعتكاف)

- ‌(الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها)

- ‌(كتاب العيدين والأضحية)

- ‌الترغيب في إحياء ليلتي العيدين

- ‌الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله

- ‌الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته

- ‌(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات

- ‌(الترغيب في النفقة في الحج والعمرة)وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام

- ‌(الترغيب في العمرة في رمضان)

- ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌(الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها)

- ‌(الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى)

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله

- ‌(الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة)

- ‌الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها

- ‌(الترغيب في حلق الرأس بمنى)

- ‌(الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله)

- ‌(ترهيب من قدر على الحج فلم يحج)(وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج)

- ‌الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينةوبيت المقدس وقباء

- ‌(الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها)وفضل أُحُد، ووادي العقيق

- ‌(الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء)

- ‌(كتاب الجهاد)

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلهاوالترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوموالصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌(الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه)

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهادوما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌(الترهيب من الفرار من الزحف)

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌(الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال)

- ‌(الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء)

- ‌التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمهوما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌(الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن)

- ‌(الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به)

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمرانوما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولهاأو عشر من آخرها

- ‌(الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر)

- ‌الترغيب في قراءة قل هو الله أحد

- ‌(الترغيب في قراءة المعوذتين)

- ‌(كتاب الذكر والدعاء)

- ‌(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

- ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

- ‌(الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)

- ‌(الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)

- ‌(الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)

- ‌(الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات)

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل)

- ‌(الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما)

- ‌(الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها)

- ‌الترغيب في الاستغفار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب البيوع وغيرها

- ‌الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيرهوما جاء في نوم الصبحة

- ‌(الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة)

- ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيهوما جاء في ذمّ الحرص وحب المال

- ‌الترغيب في طلب الحلال والأكل منهوالترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور

- ‌الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء

- ‌(الترغيب في إقالة النادم)

- ‌(الترهيب من بخس الكيل والوزن)

- ‌الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره

- ‌الترهيب من الاحتكار

- ‌ترغيب التجار في الصدقوترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين

- ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

- ‌الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه

- ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

- ‌الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور)

- ‌(الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس)

الفصل: ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

عليه وسلم: ما منْ ذي رحمٍ (1) يأتي ذا رحمهِ (2)،

فيسأ له فضلاً أعطاه الله إيَّاه فيبخلُ عليه إلا أخرج الله له منْ جهنَّم حيَّة يقال لها شجاع يتلمَّظ فيطوَّق به. رواه الطبراني في الأوسط والكبير بإسناد جيد. (التلمظ) تطعم ما يبقى في الفم من آثار الطعام.

4 -

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّما رجلٍ أتاه ابن عمِّه يسْأله منْ فضلهِ فمنعه منعهُ الله فضْله يوم القيامة. رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وهو غريب.

(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

1 -

عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ منحَ (3) منيحةَ لبنٍ، أو ورقٍ (4)، أو هدى زقاقاً كان له مثل عتق رقبةٍ. رواه أحمد والترمذي، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث

(1) صاحب أقارب: أي له أسرة وأقرباء، وهو غني ماله وفير، وخيراته جمة.

(2)

كذا ط وع ص 305 مصححة، وفي ن د: يأتي رحمه: أي ما من رجل له أقارب، فقصده واحد منهم يطلب منه شيئاً مما أنعم الله به عليه فيشح، ولا يعطيه إلا عذبه الله بنوع شديد في الألم، فيسلط عليه ثعبانا يدخل في فمه ويقرصه ويحيط بجسمه فيؤلمه، وفيه الحث على الجود، وإعطاء ما يمكن اتقاء عذاب الله، وحبا في ثوابه، ن وفي حديث أنس في التحنيك، فجعل الصى يتلمظ: أي يدير لسانه في فيه، ويحركه يتتبع أثر التمر. واسم ما يبقى في الفم من أثر الطعام لماظة أهـ نهاية. وخلاصة الباب الترغيب في بذل الصدقة للأقارب المحتاجين وتقديم من تعول. قال تعالى:

أ - (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا 36 الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهيناً 37 والذين ينفقون أموالهم رثاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) 38 من سورة النساء.

ب - (فآت ذا القربى حقه) من سورة الروم.

جـ - (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا) 26 من سورة الإسراء.

(3)

أعى عطى عطاء، وفي النهاية: منحة الورق القرض، ومنحة اللبن أن يعطيه نافة أو شاة ينتفع بلبنها ويعيدها وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زمانا ثم يردها.

(4)

كذا ط وع ص 306، وفي ن د: زقا، وبدل هدى في د أهدى، وفي ع: هدى بتشديد الدال، وفي النهاية هدى بفتح الدال. والزقاق بالضم: الطريق، يريد من دخل الضال أو الأعمى على طريقه، وقيل: أراد من تصدق بزقاق من النخل، وهي السكة منها والأول أشبه لأن هدى من الهداية لا من الهدية.

ص: 39

حسن صحيح، ومعنى قوله: منح منيحة ورقٍ. إنما يعنى به قرض الدرهم، وقوله: أوْ هدى زُقاقاً: إنما يعنى به هداية الطريق، وهو إرشاد السبيل انتهاء.

2 -

وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: كلُّ قرْض (1)

صدقة. رواه الطبراني بإسناد حسن والبيهقي.

3 -

وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: دخل رجل الجنَّة فرأى مكتوباً على بابها: الصَّدقة بعشر أمثالها، والقرضُ بثمانية عشر. رواه الطبراني والبيهقي، كلاهما من رواية عتبة بن حميد.

(1) ما تعطيه من المال لتقضاه، وما سلفت من إحسان. قال تعالى:(وأقرضوا الله قرضاً حسناً). وفي الغريب وسمى ما يدفع إلى الإنسان من المال بشرط رد بدلة قرضا. قال تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسناً) أهـ واعتقد أن بذل المال في سبيل ارضاء الله سبحانه وتعالى يساوي بذل النفوس باخلاص لتجاهد في نصر دينه، وإذا تصفحت كتاب الله العزيز تجد في سورة الصف.

أ - (يأيها الذين امنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم 10 تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنت تعلمون 11 يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم 12 وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين) 13 من سورة الصف.

القرض كما قال العلماء الفقهاء في كتب الفقه

وهو تمليك الشيء على أن يرد مثله، وهو سنة مؤكدة، وقد يجب للمضطر، ويحرم لمن يستعين به على معصية. وأركانه أربعة: الصيغة والمقرض والمتعاقدان، والصيغة نحو أقرضتك، ويقول الآخذ: قبلت، ويجوز إقراض كل ما يجوز فيه السلم (1) مما ينضبط، أما ما لا ينضبط (2) فلا يجوز إقراضه العجين كالخميرة والخبز وزنا، وأجازه بعضهم عدا، وعليه العمل في الأمصار، ويرد المقترض مثل ما اقترض، ولا يجوز قرض نقد أو غيره بشرط جر منفعة للمقرض كأن يرد زيادة، أو يرد ببلد آخر، فلورد زائدا قدرا أو صفة بلا شرط فلا بأس ولا كراهة، ولو شرط أجلا فالشرط لغو، وللمقرض مطالبته قبل حلوله، ويسن الوفاء بالتأجيل فإن شرط المقرض في القرض الأجل لمنفعة تعود عليه فسد القرض، ويصح الاقراض تبشرط الإشهاد والكفيل والرهن. أهـ تنوير القلوب ص 272.

_________

(1)

السلم: بيع شيء موصوف في الذمة بلفظ السلم أو السلف. قال صلى الله عليه وسلم: (من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم) رواه الشيخان.

(2)

كالمعجونات والمطبوخات والخبز، وكل ما دخلته النار وأثرت فيه إلا التمييز كسمن وعسل، ولافي الخفاف والنعال المركبة والجلود والسفر جل والبطيخ عداً، ويصح في الأخيرين وزناً، ويشترط في الحبوب كالبر والأرز وفي الثمار كالتمر والزبيب ذكر نوعه ولونه وبلده وجرمه، وكونه قديما أو جديداً. قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إذا تدانيتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه). قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في السلم. ذكرت لك هذا لعظم ثواب فك ضيق المعسر، وزيادة أجر الكريم ذي المروءة الذي يفرج كرب أخيه، وينفس عنه آلام احتياجه، ويبعد فقره المدقع.

ص: 40

ورواه ابن ماجه والبيهقي أيضاً كلاهما عن خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ليْلة أسْري (1)

بي على باب الجنَّة مكتوباً: الصَّدقة بعشر أمثالها، والقرْض بثمانية عشر (2). الحديث، وعتبة بن حميد. عندي أصلح حالا من خالد.

4 -

وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ مسلمٍ يُقرض (3) مسلماً قرضاً مرَّةً إلا كان كصدقتها مرَّتين. رواه ابن ماجه، وابن حبان في صحيحه والبيهقي مرفوعاً وموقوفاً.

5 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (منْ يسَّر على معسرٍ (4) يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة (5). رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه مسلم والترمذي، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه في حديث يأتي إن شاء الله تعالى ..

(1) أي ذهب بي ليلا. روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: بينما أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذا أتاني جبريل بالبراق، أو من الحرام، وسماه المسجد الحرام لأنه كله مسجد، أو لأنه محيط به، أو ليطابق المبدأ المنتهي لما روى أنه صلى الله عليه وسلم كان نائما في بيت أم هانئ بعد صلاة العشاء فأسري به ورجع من ليلته، وقص القصة عليها، وقال: مثل لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فصليت بهم، ثم خرج إلي المسجد الحرام، وأخبر به قريشاً، فتعجبوا منه، وارتد ناس ممن آمن به، وقال أبو بكر رضي الله عنه: إن كان قال لقد صدق، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة. والأكثر على أنه أسري بجسده إلى البيت المقدس، ثم عرج به إلى السموات حتى انتهى إلى سدرة المنتهى. قال تعالى:(سبحان الذي أسريه بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) 1 من سورة الإسراء. (باركنا حوله) ببركات الدين والدنيا، لأنه مهبط الوحي، ومتعبد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن موسى عليه الصلاة والسلام، ومحفوف بالأنهار والأشجار. (لنريه من آياتنا) كذهابه في برهة من الليل مسيرة شهر، ومشاهدته بيت المقدس، وتمثيل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام له، ووقوفه على مقاماتهم (السميع): الأقوال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

(البصير): بأفعاله فيكرمه ويقربه على حسب ذلك. أهـ بيضاوي.

(2)

أطلعه الله على الجنة، ورأى صلى الله عليه وسلم مضاعفة إعطاء المحتاج، فالصدقة قد يأخذها الفقير وهو غير محتاج لها، أما السلف الذي التجأ إليه الإنسان للضرورة فأجره عظيم لإزالة هذا العسر الطارئ، والله أعلم.

(3)

يعطى سلفا. في ع مرتين ص 306.

(4)

أزال ضيقه في الحياة.

(5)

وسع الله رزقه في الدنيا، ونفس كربه وشدائدده يوم القيامة.

ص: 41