الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
وعنْ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا جابر، فقلتُ: وما أقرأ بأبي أنت وأمي؟ قال: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ بربِّ النَّاس فقرأتهما، فقال: اقرأ بهما، ولنْ تقرأ بمثلهما. رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه، وسيأتي ذكرهما في غير هذا الباب إن شاء الله تعالى.
(كتاب الذكر والدعاء)
(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)
1 -
عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله: أنا عند ظنِّ عبدي بي (1)، وأنا معه (2) إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه (3) ذكرته في نفسي (4) وإنْ ذكرني في ملأ (5) ذكرته في ملأٍ (6) خير منهمْ، وإن تقرَّب إليَّ شبراً (7) تقرَّبت إليه ذراعاً (8)، وإن تقرَّب إليَّ ذراعاً
(1) أي مع اعتقاد عبدي بي: قال الشرقاوي: فإن ظن أن أعفو عنه وأغفر له فله ذلك، وإن ظن أني أعاقبه وأؤاخذه فكذلك، وفيه إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف، وقيده أهل التحقيق بالمحتضر، وأما قبل ذلك فأقوال: ثالثها الاعتدال، فينبغي للمرء أن يجتهد بقيام وظائف العبادات موقنا بأن الله تعالى يقبله ويغفر له لأنه وعد بذلك، وهو لا يخلف الميعاد. فإن اعتقد أو ظن خلاف ذلك فهو آيس من رحمة الله تعالى، وهو من الكبائر، ومن مات على ذلك وكل إلى ظنه. وأما ظن المغفرة مع الإصرار على المعصية فذلك فحض الجهل والغرة. أهـ ص 387 جـ 3.
(2)
بالتقديس سرا والتنزيه والإجلال.
(3)
بالتقديس سرا والتنزيه والإجلال.
(4)
ذكرته بالثواب والرحمة سرا.
(5)
جماعة يذكرون الله جل وعلا.
(6)
الملأ الأعلى. قال الشرقاوي: ولا يلزم منه تفضيل الملائكة على بني آدم لاحتمال أن يكون المراد بالملأ الذين هم خير من ملأ الذاكرين الأنبياء والشهداء فلم ينحصر ذلك في الملائكة، وأيضا فإن الخيرية إنما حصلت بالذاكر والملأ. فالجانب الذي فيه رب العزة خير من الملأ الذي لليس فيه بلا ارتياب، فالخيرية حصلت بالمجموع على المجموع أهـ.
(7)
مقدار شبر.
(8)
مقدار ذواع. والمراد تفسير درجة قرب الله تعالى ورحمته.
تقرَّبت إليه باعاً (1)، وإن أتاني يمشي أتيته هرولةً (2). رواه البخاري ومسلم، والترمذي والنسائي وابن ماجه.
ورواه أحمد بنحوه بإسناد صحيح، وزاد في آخره قال قتادة: والله أسرع بالمغفرة.
2 -
وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله جلَّ ذكره: لا يذكرني عبد في نفسه إلا ذكرته في ملأٍ من ملائكتي (3)، ولا يذكرني في ملأٍ إلا ذكرته في الملأ الأعلى (4) رواه الطبراني بإسناد حسن.
3 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إذا ذكرتني خاليا (5) ذكرتك خاليا (6)، وإذا ذكرتني في ملأٍ ذكرتك في ملأٍ خير من الذين تذكرني فيهمْ رواه البزار بإسناد صحيح.
4 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني، وتحرَّكتْ بي شفتاه. رواه ابن ماجه، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه.
5 -
وعنْ عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنه: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله إنَّ شرائع الإسلام قد كثرتْ فأخبرني بشيءٍ أتشبَّث به؟ قال: لا يزال لسانك رطباً (7) من ذكر الله. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد. (أتشبث به): أي أتعلق.
(1) مقدار باع، وهو طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره.
(2)
إسراعا. قال الشرقاوي: يعني من تقرب إلى بطاعة قليلة جازيته بمثوبة كثيرة، وكلما زاد في الطاعة زدت في ثوابه، وإن كان كيفية إتيانه بالطاعة على التأني فإتياني له بالثواب على السرعة والتقرب، والهرولة مجاز على سبيل المشاكلة، أو الاستعارة، أو قصد إرادة لوازمها، وإلا فهذه الإطلاقات، وأشباهها مستحيلة على الله تعالى على سبيل حقيقة، وفي الحديث جواز إطلاق النفس على الذات فهو إذن شرعي في إطلاقها عليها، أو يقال هو بطريق المشاركة، لكن يعكر عليه قوله تعالى:(ويحذركم الله نفسه). أهـ.
(3)
الأبرار المطهرون الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
(4)
في الملأ الأعلى ص 501، وفي ن ط: في الرفيق الأعلى، وفي ن د: في الرفيق الأعلى، وفي النهاية: يريد الملائكة المقربين. والملأ: أشراف الناس ورؤساؤهم ومقدموهم الذين يرجع إلى قولهم والجمع أملاء.
(5)
في مكان وحدك بعيدا عن الناس.
(6)
أحسنت إليك وحدك وغمرتك بنعمي.
(7)
مبللا لا ينفك. يذكر الله جل وعلا، والمعنى كثير المرور على لسانك لا يغفل قلبك عن ذكر الله لحظة.
6 -
وعنْ مالك بن يخامر أنَّ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال لهمْ: إنَّ آخر كلامٍ فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قُلتُ: أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني واللفظ له، والبزار إلا أنه قال: أخبرني بأفضل الأعمال، وأقر بها إلى الله. وابن حبان في صحيحه.
7 -
وعنْ أبي المخارق رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مررت ليلة أسري بي برجلٍ مغيَّبٍ في نور العرش. قلتُ من هذا؟ أهذا ملك: قيل: لا، قُلتُ: نبيٌّ؟ قيل لا. قلت: من هو؟ قال: هذا رجلٌ كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله، وقلبه معلَّق بالمساجد (1)، ولمْ يسْتسب (2) لوالديه. رواه ابن أبي الدنيا هكذا مرسلاً.
8 -
وعنْ سالم بن أبي الجعد رضي الله عنه قال: قيل لأبي الدَّرداء رضي الله عنه: إنَّ رجلاً أعتق مائة نسمةٍ قال: إن مائة نسمةٍ من مال رجلٍ لكثيرٌ، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار، وأن لا يزال لسان أحدكمْ رطباً من ذكر الله. رواه ابن أبي الدنيا وموقوفاً بإسناد حسن.
9 -
وعنْ أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبِّئكمْ بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككمْ، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ من إنفاق الذَّهب والورق، وخيرٍ لكمْ من أن تلقوا عدوَّكمْ فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكمْ؟ قالوا: بلى قال: ذكر الله. قال معاذ بن جبلٍ: ما شيءٌ أنجي منْ عذاب الله من ذكرِ الله. رواه أحمد بإسناد حسن، وابن أبي الدنيا والترمذي، وابن ماجه والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورواه أحمد أيضاً من حديث م عاذ بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعا.
10 -
وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه
(1) محب عمرانها يعني يصل الفرائض في أوقاتها، ويعتكف فيه، ويحافظ على جماعته ويصلح شئونه.
(2)
لم يسب ولم يشتم، ولم يعق.
كان يقول: إنَّ لكلِّ شيءٍ صقالة (1)، وإن صقالة القلوب ذكر الله، وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولوْ أنْ يضرب بسيفهِ حتى ينقطع. رواه ابن أبي الدنيا، والبيهقي من رواية سعيد بن سنان، واللفظ له.
11 -
وروي عنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أيُّ العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال الذَّاكرون الله كثيراً.
قال: قلت يا رسول الله: ومن الغازي (2) في سبيل الله؟ قال: لو ضرب بسيفهِ في الكفار والمشركين حتى ينكسر، ويختضب (3) دما لكان الذاكرون الله كثيرا أفضل منه درجةً. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب.
ورواه البيهقي مختصراً. قال: قيل يا رسول الله أيُّ الناس أعظم درجة؟ قال الذاكرون الله.
12 -
وعن ابن عباس رضي الله عنما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عجز منكمْ عن الليل أن يكابده (4)، وبخل (5) بالمال أن ينفقه، وجبن (6) عن العدوِّ أن يجاهده فليكثر ذكر الله. رواه الطبراني والبزار واللفظ له، وفي سنده أبو يحيى القتات، وبقيته فليكثرْ ذكر الله. رواه الطبراني والبزار واللفظ له، وفي سنده أبو يحيى القتات، وبقيته محتجّ بهم في الصحيح، ورواه البيهقي من طريقه أيضاً.
13 -
وعنْ جابرٍ رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما عمل آدميٌّ عملاً أبحى له من العذاب من ذكر الله تعالى (7) قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع. رواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورجالهما رجال الصحيح.
14 -
وعن الحارث الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله أوْحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلماتٍ أن يعمل بهنَّ، ويأمر
(1) جلاء ونظافة. وفي المصباح: صقلت السيف صقلا وصقالا: جلوته. وفي النهاية، ويروي بالسين عن الإبدال من الصاد. كذ ع ص 502، وفي ن د، وفي ن ط: صقالة، والمعنى الاكثار من حمد الله وتكبيره وتوحيده، يزيل صدأ القلب، ويجلو رانه ويبعد ضلاله.
(2)
المجاهد.
(3)
يبل، على طريق الاستعارة: أراد المبالغة بسيلان دمه بكثرة، من شجاعته وهجرته على أعدائه لا يخشى الموت.
(4)
يتهجد ويعبد الله في السحر.
(5)
منع المال في تشييد الخيرات بالإنفاق.
(6)
لم يحارب في سبيل الله.
(7)
ذكر الله تعالى يمنع عنه العذاب.
بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ فكأنَّما أبْطأ بهنَّ، فأتاه عيسى فقال: إنَّ الله أمرك بخمس كلماتٍ أن تعمل بهنَّ، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ، فإمَّا أن تخبرهمْ، وإما أن أخبرهم، فقال: يا أخي لا تفعل فإنِّي أخاف إنْ سبقتني بهنَّ أن يخسف بي، أوْ أعذَّب (1). قال: فجمع بني إسرائيل بيت المقدس حتى امتلأ المسجد، وقعدوا على الشُّرفات ثمَّ خطبهمْ فقال: إنَّ الله أوحى إليَّ بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ، أولهنَّ: لا تشركوا بالله شيئاً (2)، فإنَّ مثل من أشرك بالله كمثل رجلٍ اشترى عبداً من خالص ماله بذهبٍ أو ورقٍ، ثمَّ أسكنه داراً. فقال: اعمل وارفعْ إليَّ فجعل يعمل ويرفع إلى غير سيده، فأيُّكم يرضي أن يكون عبده كذلك، فإنَّ الله خلقكمْ ورزقكم فلا تشركوا به شيئاً، وإذا قمْتمْ إلى الصلاة فلا تلتفتوا (3)، فإن الله يقبل بوجههِ إلى وجه عبدهِ مالمْ يلتفتْ، وأمركمْ بالصيام، ومثل ذلك كمثل رجلٍ في عصابةٍ معه صُّرَّة (4) مسكٍ، كلُّهم يحبُّ أن يجد ريحها، وإنَّ الصِّيام أطيب عند الله من ريح المسك. وأمركم بالصَّدقة، ومثل ذلك كمثل رجل أسرهُ (5) العدوُّ فأوْثقوا (6) يده إلى عنقه، وفرَّبوه ليضربوا عنقه، فجعل يقول: هلْ لكمْ أن أفدىَ نفسي منكمْ، وجعل يعطي القليل والكثير حتى فدى نفسه (7). وأمركمْ بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجلٍ طلبه العدوُّ سراعاً في أثره حتى أتى حصناً حصيناً فأحرز نفسه (8)
فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله، الحديث.
رواه الترمذي والنسائي ببعضه، وابن خزيمة في صحيحه واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم: قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(1) أعذب. كذا ع ود، وفي ن ط: أعاب.
(2)
اطلبوا توحيده جل وعلا، ولا تجعلوا له شريكا في العبادة أو في قضاء الحاجات، والجئوا إليه وحده في مهام أموركم جليلها وحقيرها سبحانه.
(3)
لا تتحركوا يمينا وشمالا.
(4)
قطعة من عطر ذكي الرائحة.
(5)
ملكه.
(6)
ربطوها بحبال متينة.
(7)
أعتق نفسه من الأسر فسلم.
(8)
حصنها ومنعها من الهلكة. كذلك ذكر الله ينجي من عذابه ..
15 -
وعنْ ثوبان رضي الله عنه قال: لما نزلتْ: والذين يكنزون الذَّهب والفضَّة قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارهِ، فقال بعض أصحابه: أنزلتْ في الذَّهب والفضَّة؟ لو علمنا أي المال خير فنتخذه. فقال: أفضله لسان ذاكرٌ (1)، وقلب شاكرٌ، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه. رواه الترمذي الترمذي واللفظ له، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن.
16 -
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرْبعٌ من أعطيهنَّ، فقد أعطى خيري الدنيا والآخرة: قلباً شاكراً (2)، ولساناً ذاكراً، وبدناً على البلاء صابراً (3)، وزوجةً لا تبغيهِ حوباً (4) في نفسها ومالهِ رواه الطبراني بإسناد جيد.
17 -
وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليذكرنَّ الله أقوامٌ في الدنيا على الفرش (5) الممهَّدة يدخلهم الدَّرجات (6) العلى.
رواه ابن حبان في صحيحه من طريق درّاج عن أبي الهيثم.
18 -
وعنْ أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر (7)
ربَّه، والذي لا يذكر الله، مثل الحي والميت. رواه البخاري ومسلم،
(1) يكثر من حمد الله وتسبيحه وتحميده وتكبيره.
(2)
اعتقادا جازما أن الله المعطي فيشكر ويحمده، ويعظم ويعبد، ويقصده وحده.
(3)
حابسا نفسه من الجزع والسخط.
(4)
لا تطلبه حوبا. كذا في ع ص 503 وط، والمعنى لا تقع في ذنب بسبب عصيانها أوامره، أو إضاعة ماله، أو لا تطلبه لحاجة في نفسها، بمعنى أن زوجها موجود لقضاء شؤونها والتمتع به فقط، وتأخذه لماله. بل الزوجة الصالحة التي تطلب زوجها للعفاف والطاعة، ووجود النسل، وهكذا من رغبات الشرع في الزواج، وفي النهاية: اتقوا لله في الحوبات. يريد النساء المحتاجات اللاتي لا يستغنين عمن يقوم عليهن ويتعهدهن ولا بد في الكلام من حذف مضاف تقديره ذات حوبة وحوبات، والحوبة: الحاجة، ومنه حديث الدعاء: إليك أرفع حوبتي: أي حاجتي، وفيه أن أبا أيوب أراد أن يطلق أم أيوب. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (إن طلاق أم أيوب لحوب: لو لوحشة وإثم، وإنما أثمه بطلاقها لأنها كانت مصلحة له في دينه. رب تقبل توبتي واغسل حوبتي: أي إثمي أهـ ص 267.
والمراد بإحدى الأربعة: المرأة الصالحة التقنية التي ترعى حقوق زوجها في عرضها وفي ماله.
(5)
على غطائهم الوثير اللين، وفي عقر دارهم ولكن يذكرون الله كثيرا.
(6)
يوصلهم ربهم إلى أسمى المناصب في الجنة.
(7)
شبه الذاكر بالحي الذي ظاهره متزين بنور الحياة وباطنه بنور المعرفة. وغير الذاكر الذي ظاهره عاطل وباطنه باطل، وقيل موقع التشبيه بالحي والميت لما في الحي من النفع لمن يواليه، والضر لمن يعاديه، وليس ذلك في الميت. قال في الفتح: والمراد بالذكر هنا الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها، والإكثار منها مثل الباقيات الصالحات، وهي: سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر، وما يلتحق بها من =
إلا أنه قال: مثل البيت الذي يذكر الله فيه.
19 -
وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنونٌ. رواه أحمد وأبو يعلي وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
20 -
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذكروا الله ذكراً يقول المنافقون: إنَّكم مراءون. رواه الطبراني، ورواه البيهقي عن أبي الجوزاء مرسلاً.
21 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكَّة، فمرَّ علي جبلٍ يقال له جمدان، فقال: سيروا هذا جمدان سبق المفرِّدون. قالوا: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً. رواه مسلم واللفظ له، والترمذي، ولفظه: يا رسول الله: وما المفرِّدون؟ قال: المستهترون بذكر الله يضع الذِّكر عنهمْ أثقالهمْ فيأتون الله يوم القيامة خفافاً.
(المفردون) بفتح الفاء، وكسر الراء. (والمستهترون) بفتح التاءين المثناتين فوق: هم المولعون بالذكر، المداومون عليه. لا يبالون ما قيل فيهم، ولا ما فعل بهم.
22 -
وروي عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
= الحوقلة والبسملة، والحسبلة والاستغفار ونحو ذلك، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، ويطلق ذكر الله أيضا، ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه، أو ندب إليه كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، ومدارسة العلم، والتنقل لاة، ثم الذكر يقع تارة باللسان ويؤجر عليه الناطق، ولا يشترط استحضاره لمعناه، ولكن يشترط ألا يقصد به غير معناه، وإن انضاف إلى النطق الذكر بالقلب فهو أكمل. فإن انضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى، ونفي النقائص عنه ازداد كمالا. فإن وقع ذلك في عمل صالح مهما فرض: من صلاة أو جهاد، أو غيرها ازداد كمالا. فإن صحيح التوجه وأخلص لله تعالى في ذلك فهو أبلغ الكمال. وقال الفخر الرازي: المراد بذكر اللسان الألفاظ الدالة على التسبيح والتحميد، والتمجيد. والذكر بالقلب: التفكير في أدلة الذات والصفات، وفي أدلة التكاليف من الأمر والنهي حتى يطلع على أحكامها وفي أسرار مخلوقات الله .. والذكر بالجوارح هو أن تصير مستغرقة في الطاعات، ومن ثم سمي الله الصلاة ذكرا فقال:(فاسعوا إلى ذكر الله) ونقل عن بعض العارفين قال: الذكر سبعة أنحاء: ذكر العينين بالبكاء، وذكر الأذنين بالاصغاء، وذكر اللسان بالثناء، وذكر اليدين بالعطاء، وذكر البدن بالوفاء، وذكر القلب بالخوف والرجاء وذكر الروح بالتسليم والرضاء، والمراد بذكر الله الذكر الكامل، وهو ما يجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالتفكير في المعنى واستحضار عظمة الله تعالى، وأن الذي يحصل له ذلك يكون أفضل ممن يقاتل الكفار مثلا من غير استحضار لذلك. أهـ ص 163 جـ 11.
إنَّ الشَّيطان واضعٌ خطمهُ على قلب ابن آدم، فإنْ ذكر الله خنس، وإنْ نسى التقم قلبه رواه ابن أبي الدنيا، وأبو يعلي والبيهقي.
(وخطمه) بفتح الخاء المعجمة، وسكون الطاء المهملة: هو فمه.
23 -
وروي عن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ما منْ يوم وليلة إلا ولله عز وجل فيه صدقة يمنُّ بها على من يشاء من عبادهِ، ومنَّ الله على عبيد بأفضل من أن يلهمه ذكره. رواه ابن أبي الدنيا.
24 -
وروي عن معاذٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلاً سأله فقال: أيُّ المجاهدين أعظم أجراً؟ قال: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً، قال: فأي الصالحين أعظم أجراً؟ قال: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً، ثمَّ ذكر الصلاة، والزكاة، والحجَّ، والصدقة، كلُّ ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً، فقال أبو بكر لعمر: يا أبا حفصٍ ذهب الذَّاكرون بكلِّ خيرٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجلْ. رواه أحمد والطبراني.
25 -
وعنْ أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنَّ رجلاً في حجره دراهم يقسمها، وآخر يذكر الله كان الذَّاكر لله أفضل.
وفي رواية: ما صدقة أفضل من ذكر الله. رواهما الطبراني، رواتهما حديثهم حسن.
26 -
وعنْ أمِّ أنسٍ رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله أوصني قال: اهجُرِي (1) المعاصي، فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض (2)، فإنَّها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله، فإنَّك لا تأتين الله بشيء أحبَّ إليه منْ كثرة ذكره. رواه الطبراني بإسناد جيد.
وفي رواية لهما عن أمِّ أنس: واذكري الله كثيراً، فإنَّه أحبُّ الأعمال إلى الله أنْ تلقاه بها. قال الطبراني: أم أنس هذه، يعني الثانية ليست أم أنس بن مالك.
27 -
وعنْ معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) اتركي الفسوق، وما يغضب الله جل وعلا.
(2)
الصلوات الخمس. وجميع الحقوق الواجبة.