الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 -
وعنْ أمِّ مالكٍ البهزيَّة رضي الله عنها قالتْ: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنةً فقرَّبها؟ قالتْ: يا رسول الله من خيْرُ الناس فيها؟ قال: رجل في ماشيةٍ يؤدِّي حقَّها (1) ويبعدُ ربَّه، ورجل آخذ برأس فرسهِ يخيف العدوَّ ويخيفونه (2)، رواه الترمذي عن رجل عن طاوس عن أمّ مالك، وقال: حديث غريب من هذا الوجه، ورواه ليث بن أبي سليم عن طاوس عن أم مالك انتهى.
22 -
ورواه البيهقي مختصراً من حديث أم مبشر تبْلغُ به النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: خيرُ النَّاس منزلة رجلٌ على متن فرسهِ يخيف العدوَّ ويخيفونه.
(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)
1 -
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عينان لا تمسُّهما النَّار: عين بكت من خشية الله (3)، وعين باتت تحرس في سبيل الله (4). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.
2 -
وعنْ معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حرس منْ وراء المسلمين (5) في سبيل الله تبارك وتعالى متطوعاً لا يأخذه سُلْطان (6) لم ير النار بعينه (7) إلا تحلَّة القسم (8) فإنَّ الله تعالى يقول: وإنْ منكمْ إلا واردها. رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات.
(تحلة القسم). هو بفتح التاء المثناه فوق، وكسر الحاء المهملة، وتشديد اللام بعدها تاء تأنيث معناه: تكفير القسم، وهو اليمين.
(1) في عمله يتقنه، ويجتنب الفتن، ويؤدي حقوق الله.
(2)
ويخيفونه. كذا ط وع ص 422، وفي ن د: ويخوفونه.
(3)
تذكر صاحبها جلال الله وعظمته فبكى لتقصيره وقلة زاده أمام الله سبحانه.
(4)
ظلت طول ليلها مستيقظة تحرس المجاهدين حباً في ثواب الله، وتخشى هجوم الأعداء لتفتك بالمسلمين.
(5)
يشد أزرهم، ويحمي ظهورهم، ويرد كيد أعدائهم، ويمدهم بالمدد والذخيرة.
(6)
معناه ذاهب ابتغاء وجه الله تعالى لم يقهره حاكم، ولم يجبره وال. بل جاهد لنصر دين الله وإعلاء كلمته رغبة لا رهبة.
(7)
بعينه. كذا د وع ص 422، وفي ن ط: بعينيه.
(8)
أي الله تعالى أقسم (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا 71 ثم تنجي الذين اتقوا ونذر =
3 -
وروي عنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حرس ليلةٍ في سبيل الله أفضل منْ صيام رجلٍ وقيامهِ في أهله ألف سنةٍ السَّنة ثلاثمائة يومٍ وستُّون يوماً، اليوم كألفِ سنةٍ. رواه ابن ماجه ويشبه أن يكون موضوعاً.
4 -
ورواه أبو يعلي مختصرا قال: منْ حرس ليلةً على ساحل البحرِ (1) كان أفضل من عبادتهِ في أهلهِ ألف سنةٍ.
5 -
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عينانِ لا تمسُّهما النَّار أبداً: عينٌ باتتْ تكلأ في سبيل الله (2)، وعينٌ بكتْ من خشية الله (3). رواه أبو يعلي، ورواته ثقات، والطبراني في الأوسط إلا أنه قال: عينانِ لا تريان النَّار.
(تكلأ مهموزاً): أي يحفظ ويحرس.
6 -
وعنْ معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ترى أعينهمُ النَّار: عينْ حرست في سبيل الله، وعين بكتْ من خشية الله، وعينٌ كفَّتْ عن محارم الله (4). رواه الطبراني ورواته ثقات إلا أن أبا الحبيب العبقري لا يحضرني حاله.
7 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكمْ
= الظالمين فيها جثيا) 72 من سورة مريم (إلا واردها) إلا واصلها وحاضر دونها يمر بها المؤمنون، وهي خامدة وتنهار بغيرهم. وعن جابر رضي الله عنه (أنه عليه الصلاة والسلام سئل عنه؟ فقال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض: أليس قد وعدنا ربنا أن نرد النار؟ فيقال لهم قد وردتموها وهي خامدة). وأما قوله تعالى: (أولئك عنها مبعدون) فالمراد عن عذابها، وقيل ورودها الجواز على الصراط فإنه ممدود عليها (حتما) كان ورودهم واجباً أوجبه الله على نفسه، وقضي به بأن وعد به وعدا لا يمكن خلفه، وقيل أقسم عليه (ثم تنجي الذين اتقوا) فيساقون إلى الجنة (جثيا) منهارا بهم كما كانوا، وهو دليل على أن المراد بالورود الجثو حواليها، وأن المؤمنين يفارقون الفجرة إلى الجنة بعد تجاثيهم، وتبقى الفجرة فيها منهارا على هيئاتهم. أهـ بيضاوي ص 43.
(1)
أي مهاجما غازيا في ميدان الحرب متحملا آلام البرد.
(2)
ظلت طول ليلها تسهر في حفظ الله حبا في ثواب الله.
(3)
إنسان تذكر جلال الله فبكى لتقصيره في الصالحات، وأكثر الخوف من الوقوف بين يدي الله فتزود بالتقوى وأقبل على الطاعات واجتنب المنهيات.
(4)
ابتعد عن المعاصي صاحبها خوفا من الله، وتحلي بالمكارم، واتبع أوامر الله، وعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ليْلة أفضل من ليلة القدر، حارس حرس في أرض خوفٍ لعَّله أن لا يرجع إلى أهله.
رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري.
8 -
وعنْ عثمان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حرس (1) ليلةٍ في سبيل الله أفضل من ألف ليلةٍ يقام ليلها، ويصام نهارها. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
9 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أعين لا تمسُّها النار: عينٌ فقئت في سبيل الله، وعين حرستْ في سبيل الله، وعين بكتْ من خشية الله. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
(قال المملي) رضي الله عنه: بل في إسناده عمر بن راشد اليماني.
10 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حرَّم على عينين أن تنالهما النَّار: عين بكتْ منْ خشية الله، وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من الكفر. رواه الحاكم، وفي إسناده انقطاع.
11 -
وعنْ أبي ريحانة رضي الله عنه قال: كُنَّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ فأتيننا ذات يومٍ على شرفٍ فبتنا عليهِ فبتنا عليه فأصابنا برد شديدٌ حتى رأيتُ منْ يحفر في الأرض حفرةً يدخل فيها، ويلْقى عليه الحجفة يعني التُّرس، فلمَّا رأي ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس قال: منْ يحرسنا الليلة، وأدْعو له بدعاء يكون فيه فضلٌ؟ رجلٌ من الأنصار: أنا يا رسول الله، قال: ادنُهْ فدنا، فقال: من أنت؟
(1) حرس. كذا ط وع ص 423، وفي ن د: حارس، وفي غريب القرآن: الجهاد والمجاهدة: استفراغ الوسع في مدافعة العدو. والجهاد ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس، وتدخل ثلاثتها في قوله تعالى:
أ - (وجاهدوا في الله حق جهاده).
ب - (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله).
جـ - (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله).
د - وقال صلى الله عليه وسلم (جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم) والمجاهدون تكون باليد واللسان.
هـ - قال صلى الله عليه وسلم (جاهدوا الكفار بأيديكم وألسنتكم) أهـ ص 100.
فتسمَّى له الأنصاريُّ، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدُّعاء فأكثر منه. قال أبو ريحانة: فلمَّا سمعت مادعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أنا رجل آخر قال: ادنهْ فدنوْتُ، فقال: منْ أنتَ؟ فقلت: أبو ريحانة فدعا لي بدعاء، وهو دون ادعا للأنصاري، ثمّ قال: حرِّمت النَّار على عين دمعتْ، أو بكتْ من خشية الله، وحرِّمت النار على عينٍ سهرت في سبيل الله عز وجل، وقال: حرِّمت النار على عينٍ أخرى ثالثةٍ لمْ يسمعها محمد بن شميرٍ. رواه أحمد واللفظ له، ورواته ثقات للنسائي ببعضه والطبراني في الكبير، والأوسط والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
12 -
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلُّ عينٍ باكية يوم القيامة إلا عين غضَّت عن محارم الله، وعينٌ سهرتْ في سبيل الله، وعينٌ خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله. رواه الأصبهاني.
13 -
وعنْ سهلِ بن الحنظليَّة رضي الله عنه أنَّهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنينٍ فأطنبوا السير حتى كان عشيةً، فحضرتُ صلاة الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فارس فقال: يا رسول الله إني انطلقتُ بين أيديكمْ حتى طلعت على جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهمْ ونعمهمْ ونسائهمُ اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله تعالى، ثم قال: من يحرسنا الليلة؟ قال أنس بن أبي مرثدٍ الغنويُّ: أنا يا رسول الله. قال: ارْكبْ فركب فرساً له، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقبلْ هذا الشِّعْب (1)
حتى تكون
(1) الشعب بالكسر: طريق في الجبل والجمع شعاب. وبالفتح. ما انقسمت فيه قبائل العرب، والجمع شعوب مثل فلس وفلوس. هذه نهاية الشجاعة والإخلاص لله ولرسوله. رجل يفدي نفسه ويضحي براحته في سبيل حراسة المسلمين من الأعداء، ويظل طوال ليلته مستيقظاً وسط الجبل يرقب حركات اعداء الإسلام، ولا يخشى إلا الله تعالى، ولا يرجو ثوابا إلا من الله تعالى، وقد سأله صلى الله عليه وسلم:(هل نزلت الليلة) أي هل أمضيت المدة على ظهر جوادك مترقباً؟ فأجاب رضي الله عنه نعم. إلا متهجدا أو مزيل ضرورة. بخ بخ هذه خلال المؤمنين يفدون أنفسهم في سبيل نصر دين الله، والله يحفظهم ويرعاهم. وتكرم الله:
أ - بحراسته في حياته.
ب - كسب نعيم الجنة بعد مماته. لماذا؟ لأن تعاليم الله أثمرت في حدائقهم، وأينعت في بساتينهم، ووجدت =
في أعلاه، ولا تُغرَّنَّ من قبلك الليلة، فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه فركع ركعتين، ثم قال: هل أحسستم فارسكمْ؟ قالوا: يا رسول الله ما أحسسناه فثوِّب بالصلاة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي، وهو يلتفت إلى الشعبِ حتى إذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبشروا فقد جاء فارسكم، فجعلنا ننظر إلى خلال الشَّجر في الشِّعبِ، فإذا هو قدْ جاء حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشِّعب حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحت اطَّلعت الشعبين كلاهما فنظرت فلمْ أر أحداً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلْ نزلتَ الليلة؟ قال لا: إلا مصليا أوْ قاضي حاجةٍ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدْ أوْ جببتَ فلا عليك أن لا تعمل بعدها. رواه النسائي، وأبو داود واللفظ له.
(أوجبت): أي أتيت بفعل أوجب لك الجنة.
= قلوبا فترعرعت وشبت على طاعة الله ورسوله، وطاب غرسه صلى الله عليه وسلم حينما يتلو عليه قوله تعالى:(انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنت تعلمون) 41 من سورة التوبة (خفافا) لنشاطكم له (وثقالا) عند لمشقته عليكم، أو لقلة عيالكم ولكثرتها، أو ركبانا ومشاة، أو خفافا وثقالا من السلاح، أو صحاحا ومراضا، ولذلك لما قال ابن أم مكتوم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى أن أنفر؟ قال نعم. حتى تنزل:(ليس على الأعمى حرج). فكر في حال المسلمين الآن واقرأ في تاريخ الصدر الأول وتفانيهم لأجل نصر دين الله، وقد قال الإمام علي:(أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة) وحنين واد بين مكة والطائف حارب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وكانوا اثني عشر ألفاً: العشر الذين حرضوا فتح مكة، وألفان انضموا إليهم من الطلقاء هوازن وثقيفاً، وكانوا أربعة آلاف. فلما التقوا قال رجل من المسلمين كما روى يونس بن بكير عن الربيع بن أنس:(لن نغلب اليوم من قلة) إعجابا بكثرتهم، واقتتلوا قتالا شديداً، فأدرك المسلمين إعجابهم واعتمادهم على كثرتهم فانهزموا حتى بلغ فلهم مكة وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مركزه ليس معه إلا عمه العباس آخذا بلجامه، مه أبو سفيان ابن الحارث، وناهيك بهذا شهادة على تناهي شجاعته. فقال للعباس وكان صيتا صح بالناس، فنادى يا عبد الله يا أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة، فكروا عنقاً واحدا يقولون: لبيك لبيك، ونزلت الملائكة فالتقوا مع المشركين. فقال صلى الله عليه وسلم: هذا حين حمى الوطيس، ثم أخذ كفاً من تراب فرماهم، ثم قال انهزموا ورب الكعبة فانهزموا. أهـ بيضاوي ص 278. وقال تعالى:(لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين 25 ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين 26 ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم) 27 من سورة التوبة.