المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٢

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلومن تصدق بما لا يجب

- ‌الترغيب في صدقة السر

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل مالهفيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

- ‌الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه

- ‌(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

- ‌ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماءوالترهيب من منعه

- ‌(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم

- ‌الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله

- ‌الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر

- ‌الترغيب في صوم ست من شوال

- ‌(الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها)وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا

- ‌الترغيب في صيام شهر الله المحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال

- ‌(الترغيب في صوم شعبان)وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه

- ‌(الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض)

- ‌(الترغيب في صوم الاثنين والخميس)

- ‌(الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد)وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت

- ‌(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام

- ‌(ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه)

- ‌(ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه)وترغيبه في الإفطار

- ‌(الترغيب في السحور سيما بالتمر)

- ‌(الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء)

- ‌الترغيب في إطعام الطعام

- ‌(ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده)

- ‌(الترغيب في الاعتكاف)

- ‌(الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها)

- ‌(كتاب العيدين والأضحية)

- ‌الترغيب في إحياء ليلتي العيدين

- ‌الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله

- ‌الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته

- ‌(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات

- ‌(الترغيب في النفقة في الحج والعمرة)وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام

- ‌(الترغيب في العمرة في رمضان)

- ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌(الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها)

- ‌(الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى)

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله

- ‌(الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة)

- ‌الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها

- ‌(الترغيب في حلق الرأس بمنى)

- ‌(الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله)

- ‌(ترهيب من قدر على الحج فلم يحج)(وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج)

- ‌الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينةوبيت المقدس وقباء

- ‌(الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها)وفضل أُحُد، ووادي العقيق

- ‌(الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء)

- ‌(كتاب الجهاد)

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلهاوالترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوموالصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌(الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه)

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهادوما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌(الترهيب من الفرار من الزحف)

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌(الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال)

- ‌(الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء)

- ‌التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمهوما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌(الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن)

- ‌(الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به)

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمرانوما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولهاأو عشر من آخرها

- ‌(الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر)

- ‌الترغيب في قراءة قل هو الله أحد

- ‌(الترغيب في قراءة المعوذتين)

- ‌(كتاب الذكر والدعاء)

- ‌(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

- ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

- ‌(الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)

- ‌(الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)

- ‌(الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)

- ‌(الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات)

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل)

- ‌(الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما)

- ‌(الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها)

- ‌الترغيب في الاستغفار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب البيوع وغيرها

- ‌الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيرهوما جاء في نوم الصبحة

- ‌(الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة)

- ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيهوما جاء في ذمّ الحرص وحب المال

- ‌الترغيب في طلب الحلال والأكل منهوالترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور

- ‌الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء

- ‌(الترغيب في إقالة النادم)

- ‌(الترهيب من بخس الكيل والوزن)

- ‌الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره

- ‌الترهيب من الاحتكار

- ‌ترغيب التجار في الصدقوترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين

- ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

- ‌الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه

- ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

- ‌الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور)

- ‌(الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس)

الفصل: ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

ما استطاع: ورواه أبو داود، والمرفوع منه في الصحيحين من حديث أبي هريرة.

‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

1 -

عن أبي سعيد بن المعلَّي رضي الله عنه قال: كنْتُ أصلِّي بالمسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمْ أجبهُ، ثمَّ أتيتهُ فقلتُ: يا رسول الله إنِّي كنْتُ أصلِّي،

= قال: ومعنى التخفيف أن الرجل تركه غير ملتفت إليه، وهو كقوله تعالى:(نسوا الله فنسيهم) أي تركهم في العذاب، أو تركهم من الرحمة. أهـ فتح ص 65 جـ 9.

فقيه الإشعار بعدم الاعتناء بالقرآن إذ لا يقع النسيان إلا بترك التعاهد، وكثرة الغفلة، فلو تعاهده بتلاوته والقيام به في الصلاة لدام حفظه وتذكره.

خامساً: الاجتهاد في ترتيل القرآن، وإتقان قراءته، وإظهار حروفه.

سادساً: إغداق الله تعالى القارئ بحسناته ورضوانه.

سابعاً: أن يخشى القارئ الله، ويخاف عذابه، ويعمل به، ويتحلى بمكارم الأخلاق.

(الأعمال الباطنة في تلاوة القرآن، كما في الإحياء للإمام الغزالي)

أولا: فهم عظمة الكلام وعلوه، وفضل سبحانه وتعالى، ولطفه بخلقه في نزوله عن عرش جلاله إلى درجة إفهام خلقه.

ثانياً: التعظيم للمتكلم، ويعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر، وباطن قلب القارئ يتطهر عن كل رجس، ويستنير بنور التعظيم والتوقير (لا يمسه إلا المطهرون) 79 من سورة الواقعة.

ثالثاً: حضور القلب وترك حديث النفس.

رابعاً: التدبير. قال علي رضي الله عنه: لا خير في عبادة لا فقه لها، ولا في قراءة لا تدبر فيها.

خامساً: التفهم أي يستوضح معانيه الدالة على صفاته وكماله.

سادساً: التخلي عن موانع الفهم.

سابعاً: التخصيص: أي يقدر أنه المقصود بكل خطاب في القرآن: أي هو المأمور المنهي، الموعود المهدد بالوعيد، ويعتبر بقصص الأنبياء.

ثامناً: أن يتأثر قلبه، ويخشى الله تعالى، قال الحسن: والله ما أصبح اليوم عبد يتلو القرآن، يؤمن به إلا كثر حزنه، وقل مزحه، وكثر بكاؤه، وقل ضحكه، وكثر نصبه وشغله، وقلت راحته وبطالته.

تاسعاً: الترقي.

أ - كأن العبد يقرأ على الله عز وجل واقفاً بين يديه.

ب - يشهد بقلبه كأن الله يراه، ويخاطبه بألطافه، ويناجيه بإنعنامه وإحسانه. فمقامه الحياة والتعظيم، والإصغاء والفهم.

جـ - يرى في الكلام المتكلم، وفي الكلمات الصفات. فيستغرق في مشاهدة الله جل جلاله.

عاشراً: التبري: أي يتبرأ من حوله وقوته، والالتفاف إلى نفسه بعين الرضا والتزكية فيشهد ويتشوف إلى الصالحين، ويؤنب نفسه المقصرة، ولذا كان ابن عمر رضي الله عنه يقول: اللهم إني أستغفرك لظلمي وكفري فقيل له: هذا الظلم، فما بال الكفر؟ فتلا قوله عز وجل:(إن الإنسان لظلوم كفار) أهـ بتصرف 259 جـ 1.

ص: 365

فقال: ألم يقل الله تعالى: استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكمْ، ثمَّ قال: لا علِّمنَّك سورة هي أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد فأخذ بيدي، فلمَّا أردنا أن نخرج. قلت يا رسول الله: إنَّك قلت لا علِّمنَّك أعظم سورة في القرآن. قال الحمد لله ربِّ العالمين: هي السِّبع المثاني (1)،

والقرآن العظيم الذي أوتيته. رواه البخاري، وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

(قال الحافظ): أبو سعيد هذا لا يعرف اسمه، وقيل: اسمه رافع بن أوس، وقيل: الحارث بن نفيع بن المعلي، ورجحه أبو عمر النَّمري، وقيل: غير ذلك، والله أعلم.

2 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علي أبي بن كعبٍ، فقال يا أبيُّ: وهو يصلِّي، فالتفت أبيٌّ فلم يجبه، وصلَّى أبي فخفف (2)، ثمَّ انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام، ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك؟ فقال: يا رسول الله: إنِّي كنت في الصلاة. قال: فلم تجد فيما أوْحى الله إليَّ: أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكمْ لما يحييكمْ؟ قال: بلى، ولا أعود إن شاء الله. قال: أتحبُّ أنْ

(1) الفاتحة. سميت بذلك لأنها تثني في كل صلاة: أي تعاد. أهـ نهاية.

قال تعالى: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم 87 لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين 88 وقل إني أنا النذير المبين) 89 من سورة الحجر.

(من الثاني) بيان للسبع، والمثاني من التثنية أو الثناء. فإن كل ذلك مثني تكرر قراءته أو ألفاظه، أو قصصه ومواعظه، أو مثنى عليه بالبلاغة والإعجاز، أو مثنى على الله بما هو أهله من صفاته العظمى، وأسمائه الحسنى، ويجوز أن يراد بالمثاني القرآن، أو كتب الله كنها فتكون من للتعيض (لا تمدن عينيك) لا تطمح ببصرك طموح راغب (أزواجا) أصنافا من الكفار. فإنه مستحضر بالإضافة إلى ما أوتيته فإنه كمال مطلوب بالذات مفض إلى دوام اللذات، وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه (من أوتي القرآن فرأى أن أحداً أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي، فقد صغر عظيما وعظم صغيراً).

وروي أنه عليه الصلاة والسلام وافي بأذرعات سبع قوافل ليهود بني قريظة، والنضير فيها أنواع البز والطيب والجواهر وسائر الأمتعة. فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها في سبيل الله. فقال لهم صلى الله عليه وسلم: لقد أعطيتم سبع آيات هي خير من هذه القوافل السبع. أهـ ص 277.

حوت الفاتحة اسم الله والثناء على الله وصفاته الدالة على الرأفة والقدرة، ثم قصرت العبادة عليه سبحانه وتعالى والاستعانة منه جل وعلى، والدعاء يطلب الهداية وسلوك مناهج الصالحين، لا المجرمين الضالين.

(2)

أي صلى صلاة خفيفة تامة الأركان والسنن، ولم يقرأ سورة كبيرة مثل البقرة في ركعاته.

ص: 366

أعلِّمك سورةً لمْ ينزل في التَّوراة (1) ولا في الإنجيل (2) ولا في الزَّبور (3)، ولا في الفرقان (4)

مثلها؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تقرأ في الصلاة؟ قال: فقرأ أمَّ القرآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيدهِ ما أنزل الله في التَّوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزَّبور، ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبعٌ من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، والحاكم باختصار عن أبي هريرة عن أبي. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

3 -

وعنْ أنسٍ رضي الله عنه: قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في مسير (5)، فنزل ونزل رجلٌ إلى جانبه، قال: فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أخبرك بأفضل القرآن؟ قال: بلى، فتلا: الحمد ربِّ العالمين. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.

4 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ماسأل.

وفي روايةٍ: فنصفها لي ونصفها لعبدي، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين.

(1) كتاب سيدنا موسى عليه السلام.

(2)

كتاب سيدنا عيسى عليه السلام.

(3)

كتاب سيدنا داود عليه السلام.

(4)

الكتاب المنزل عليه صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون) 24 من سورة الأنفال.

استجيبوا بالطاعة، والصلاة إجابة، وإجابته صلى الله عليه وسلم لا تقطع الصلاة كما في البيضاوي (لما يحييكم) من العلوم الدينية فإنها حياة القلب، والجهل موته. قال:

لا تعجبن الجهول حلته

فذاك ميت وثوبه كفن

أو مما يورثكم الحياة الأبدية في النعيم الدائم من العقائد والأعمال، أو من الجهاد فإنه سبب بقائكم. إذ لو تركوه لغلبهم العدو وقتلهم، أو الشهادة لقوله تعالى:(بل أحياء عند ربهم يرزقون)(يحول) تمثيل لغاية قربة تعالى من العبد (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وتنبيه على أنه مطلع على مكنونات القلوب مما عسى يغفل عنها صاحبها، أو حث على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها قبل أن يحول الله بينه وبين قلبه بالموت أو غيره، أو تصوير وتخييل لتملكه على العبد قلبه فيفسخ عزائمه، ويغير مقاصده، ويحول بينه وبين الكفر إن أراد سعادته، وبينه وبين الإيمان إن قضي بشقاوته (تحشرون) تنشرون فيجمعكم ليجازيكم بأعمالكم ص 256.

(5)

في سيره، وفي ن د: مسيره.

ص: 367

أعطيت مكان التوراة السبع الخ)

قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرَّحمن الرحيم قال: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين. قال: مجدني (1) عبدي، فإذا قال: إيَّاك نعبد (2) وإياك نستعين (3).

قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل (4)، فإذا قال: أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمتَ عليهمْ غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل: رواه مسلم:

(قوله) قسمت الصلاة: يعني القراءة بدليل تفسيره بها، وقد تسمي القراءة صلاة لكونها جزءا من أجزائها، والله أعلم.

5 -

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: بينما جبرائيل عليه السلام قاعدٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح لم يفتح قطُّ إلا اليوم فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قطُّ إلا اليوم، فسلَّم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لمْ يؤتهما نبيُّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة (5) لن تقرأ بحرفٍ منهما إلا أعطيته. رواه مسلم والنسائي، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. (النقيض) بالمعجمة: هو الصوت (6).

6 -

وعنْ واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت مكان التَّوراة السَّبع، وأعطيت مكان الزَّبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضِّلتُ بالمفصل رواه أحمد، وفي إسناده عمران القطان.

(1) عظمني.

(2)

نقصر العبادة والطاعة عليك.

(3)

نطلب العون ولا نسأل سواك.

(4)

طلب.

(5)

قوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) 286 من سورة البقرة.

(6)

صوتا كصوت فتح الباب. قال العلماء: أول القرآن السبع الطوال، ثم ذوات المئين: وهو ما كان في السورة منها مائة ونحوها، ثم المثاني، ثم المفصل من القتال، أو من الحجرات، أو من ق. أهـ نووي ص 107 جـ 6.

ص: 368