المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٢

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلومن تصدق بما لا يجب

- ‌الترغيب في صدقة السر

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل مالهفيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

- ‌الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه

- ‌(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

- ‌ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماءوالترهيب من منعه

- ‌(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم

- ‌الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله

- ‌الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر

- ‌الترغيب في صوم ست من شوال

- ‌(الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها)وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا

- ‌الترغيب في صيام شهر الله المحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال

- ‌(الترغيب في صوم شعبان)وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه

- ‌(الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض)

- ‌(الترغيب في صوم الاثنين والخميس)

- ‌(الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد)وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت

- ‌(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام

- ‌(ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه)

- ‌(ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه)وترغيبه في الإفطار

- ‌(الترغيب في السحور سيما بالتمر)

- ‌(الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء)

- ‌الترغيب في إطعام الطعام

- ‌(ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده)

- ‌(الترغيب في الاعتكاف)

- ‌(الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها)

- ‌(كتاب العيدين والأضحية)

- ‌الترغيب في إحياء ليلتي العيدين

- ‌الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله

- ‌الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته

- ‌(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات

- ‌(الترغيب في النفقة في الحج والعمرة)وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام

- ‌(الترغيب في العمرة في رمضان)

- ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌(الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها)

- ‌(الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى)

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله

- ‌(الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة)

- ‌الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها

- ‌(الترغيب في حلق الرأس بمنى)

- ‌(الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله)

- ‌(ترهيب من قدر على الحج فلم يحج)(وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج)

- ‌الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينةوبيت المقدس وقباء

- ‌(الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها)وفضل أُحُد، ووادي العقيق

- ‌(الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء)

- ‌(كتاب الجهاد)

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلهاوالترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوموالصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌(الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه)

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهادوما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌(الترهيب من الفرار من الزحف)

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌(الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال)

- ‌(الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء)

- ‌التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمهوما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌(الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن)

- ‌(الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به)

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمرانوما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولهاأو عشر من آخرها

- ‌(الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر)

- ‌الترغيب في قراءة قل هو الله أحد

- ‌(الترغيب في قراءة المعوذتين)

- ‌(كتاب الذكر والدعاء)

- ‌(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

- ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

- ‌(الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)

- ‌(الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)

- ‌(الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)

- ‌(الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات)

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل)

- ‌(الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما)

- ‌(الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها)

- ‌الترغيب في الاستغفار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب البيوع وغيرها

- ‌الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيرهوما جاء في نوم الصبحة

- ‌(الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة)

- ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيهوما جاء في ذمّ الحرص وحب المال

- ‌الترغيب في طلب الحلال والأكل منهوالترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور

- ‌الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء

- ‌(الترغيب في إقالة النادم)

- ‌(الترهيب من بخس الكيل والوزن)

- ‌الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره

- ‌الترهيب من الاحتكار

- ‌ترغيب التجار في الصدقوترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين

- ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

- ‌الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه

- ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

- ‌الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور)

- ‌(الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس)

الفصل: ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

1 -

عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

= ثالثاً: العدل أن لا يضر أخاه، ويحب له ما يحب لنفسه.

رابعاً: ألا يثني على السلعة بما ليس فيها، وأن لا يكتم من عيوبها وخفايا صفاتها شيئا أصلا، وأن لا يكتم في وزنها ومقدارها شيئا، وألا يكتم من سعرها مالو عرفه المعامل لامتنع عنه.

خامساً: الإحسان في المعاملة سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح. قال تعالى (وأحسن كما أحسن الله إليك) وقال عز وجل (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) وقال سبحانه (إن رحمة الله قريب من المحسنين): قال الغزالي ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به المعامل، وهو غير واجب عليه، ولكنه تفضل منه، فإن الواجب يدخل في باب العدل وترك الظلم. وتنال رتبة الإحسان:

أولاً: في المغابنة فينبغي ألا يغبن صاحبه بما لا يتغابن به في العادة.

ثانياً: في احتمال الغبن.

ثالثاً: في استيفاء الثمن وسائر الديون بالمساهلة أو الإمهال والمسامحة وحط البعض.

رابعاً: في توفية الدين: أي حسن القضاء بأن يمشي إلى صاحب الحق، ولا يكلفه أن يمشي إليه يتقاضاه.

خامساً: أن يقيل من يستقيله فإنه لا يستقيل إلا متندم مستضر بالبيع.

سادساً: أن يقصد في معاملة جماعة من الفقراء بالنسيئة، وهو في الحال عازم على ألا يطالبهم إن لم تظهر لهم ميسرة أهـ ص 75 جـ 2.

(شفقة التاجر على دينه فيما يخصه ويعم آخرته كما في الإحياء)

يحفظ رأس ماله، ورأس ماله دينه وتجارته فيه: قال تعالى (ولا تنس نصيبك من الدنيا) أي فاعل صالحا في حياتك، فإن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها تكتسب الحسنات، وتتم شفقة التاجر بمراعاة سبعة أمور:

أولاً: حسن النية والعقيدة من ابتداء التجارة فينوي الاستعفاف عن السؤال وكف الطمع عن الناس استغناء بالحلال وقياما بكفاية العيال، وينصح المسلمين، ويحب الخير لهم ويتبع العدل والإحسان ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

ثانياً: أن يقصد القيام في صنعته أو تجارته بفرض من فروض الكفايات فلو ترك العمل بطلت المعايش.

ثالثاً: ألا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الآخرة، وهي المساجد: قال تعالى (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة)، (في البيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه).

رابعاً: أن يكثر من ذكر الله في سوقه ويشتغل بالتهليل والتسبيح، فذكر الله في السوق بين الغافلين أفضل.

خامساً: ألا يكون شديد الحرص على السوق والتجارة: أي أول داخل وآخر خارج.

سادساً: ألا يقتصر على اجتناب الحرام بل يتقي مواقع الشبهات ومظان الريب، ولا ينظر إلى الفتاوي بل يستغني قلبه فإذا وجد فيه حزازة اجتنبه، وإذا حمل إليه سلعة رابه أمرها سأل عنها حتى يعرف، وإلا أكل الشبهة.

سابعاً: يراقب جميع مجاري معاملة مع كل واحد من معامليه فانه مراقب ومحاسب فليعد الجواب ليوم الحساب والعقاب في كل فعلة وقولة أنه لم أقدم عليها؟ قال بعضهم رأيت بعض التجار في النوم فقلت ماذا فعل الله بك؟ فقال نشر على خمسين ألف صحيفة، فقلت هذه ذنوب كلها، فقال هذه معاملات الناس بعدد كل إنسان عاملته في الدنيا لكل إنسان صحيفة مفردة فيما بيني وبينه من أول معاملة إلى آخرها أهـ ص 79 جـ 2.

قال تعالى (وقيل) للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم؟ قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار =

ص: 592

يقول الله عز وجل: أنا ثالث الشَّريكين (1) ما لمْ يخنْ أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما (2).

زاد رزين فيه: وجاء الشيطان. رواه أبو داود، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، والدارقطني، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يد الله على الشَّريكين (3) ما لمْ يخنْ أحدهما

= الآخرة خير ولنعم دار المتقين 30 جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين 31 الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) 33 من سورة النحل.

روي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويبحثون عن حال القرآن، وحال محمد، فيجيب المؤمنون: أنزل خيراً، والكافرون: أساطير الأولين (فكل إناء بالذي فيه ينضح)(طيبين) أي طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي، وقيل فرحين ببشاره الملائكة إياهم بالجنة، أو طيبين بقبض أرواحهم لتوجيه نفوسهم بالكلية إلى حضرة القدس (سلام عليكم) لا يحيقكم بعد مكروه فاطمئنوا. قال النسفي: قيل إذا أشرف العبد المؤمن على الموت جاءه ملك، فقال: السلام عليك يا ولي الله. الله يقرأ عليك السلام، ويبشره بالجنة أهـ.

إن شاهدنا (للذين أحسنوا) قال النسفي: أي آمنوا وعملوا الصالحات، أو قالوا: لا إله إلا الله أهـ.

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى للتجار الأبرار الأمناء. ثبت في التاريخ أن السيدة خديجة اختارت برأيها الثاقب سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم ليتاجر في مالها الوفير لشهرته صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالصدق، والأمانة، والمروءة، والشجاعة، والتحلي بالآداب السامية، وكانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال: في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وقد قال عمه أبو طالب يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، فهل لك أن أكلم خديجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما أحببت؟ ففرحت خديجة بذلك، وكان جوابها: لو سألت ذلك لبعيد بغيض فعلنا فكيف، وقد سألته لحبيب قريب؟ واستطاع صلى الله عليه وسلم بحلو شمائله، وجمال عواطفه أن يكسب محبة ميسرة وإجلاله، وأن يجلب ما يفيد بني وطنه، ويدر بالأرباح الطائلة.

(1)

أي أنا معهم بالرحمة، والرأفة، والمساعدة مدة عدم خيانة الشريك لأخيه.

(2)

إذا سرق، وغش، وانتزعت الأمانة منه تركت عونهما فتسلط عليهم الشيطان فسلب من تجارتهم البركة.

(3)

عونه، وإغاثته، ولطفه، وفي الجامع الصغير قال المناوي: أي حفظه وكلاءته عليهم أهـ.

فالشريكان في كنف الله، وإحاطته مدة الأمانة، وإلا زال عنهم عند الخيانة. فإذا خان أحدهما صاحبه كذا ط وع ص 586، وفي ن د فإن خان أحدهما بلا ذكر صاحبه.

كذا ط وع ص 586، وفي ن د فإذا خان أحدهما بلا ذكرصاحبه.

والشركة عقد يقتضي ثبوت الحق لاثنين، فأكثر، وهي أنواع:

أولاً: شركة أبدان كشركة الدلالين، والحمالين، والمحترفين ليكون بينهما كسبهما متساويا. أو متفاوتاً.

ثانياً: شركة مفاوضة: يشترك اثنان ليكون بينهما كسبهما بأموالهما، أو أبدانهما، وعليهما ما يعرض من نحو غرامة.

ثالثاً: شركة وجوه من الوجاهة، والعظمة كأن يشترك، وجيه لا مال له: وخامل عديم الشهرة له مال، أو يشترك وجيه في ذمته، ويفوض بيعه لخامل، والربح بينهما، وكلاهما باطل إذ ليس بينهما مال مشترك.

رابعاً: شركة عنان، أخذا من عنان الداية المانع لها من الحركة لمنع كل من الشريكين من التصرف بغير مصلحة: وهي صحيحة لسلامتها من أنواع الضرر، وأركانها عاقدان، ومعقود عليه. وصيغة، وعمل. =

ص: 593

صاحبه، فإن خان أحدهما (صاحبه) رفعها عنهما

= ومغزى هذا الباب الحث على الأمانة، وإنشاء شركات التعاون بين الأفراد، وبث روح الاتحاد لتصفو المودة، ويزداد الربح، وتنمو الثقة المتبادلة. قال تعالى:

أ - (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) 103 من سورة آل عمران.

وحيل الله دين الإسلام. والعمل بالقرآن والسنة، وثمرة هذه التعاليم الأمانة.

ب - وقال تعالى: (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) 7 من سورة المجادلة.

هذه الآية دستور الشركة، ومنهج التعاون الاقتصادي بين الأفراد المتحابة.

(رابعهم) سبحانه وتعالى يشاركهم في الاطلاع على الأسرار ويحاسبهم على الصغيرة والكبيرة.

جـ - وقال تعالى (إنا أرسلناك شاهدا ومبشراً ونذيراً 8 لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا 9 إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً) 10 من سورة الفتح.

(شاهداً) على أمتك (مبشراً) على الطاعة (ونذيراً) على المعصية (وتعزروه) وتقووه بتقوية دينه ورسوله (وتوقروه) وتعظموه وتنزهوه وتصلوا له غدوة وعشياً (نكث) نقض العهد، فلا يعود ضرر خيانته إلا عليه، فعليك أخي بالصدق والأمانة.

د - وقال تعالى (فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيباً واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون) 114 من سورة النحل. أمرهم بالحلال وشكر نعم ربهم رجاء طاعته.

(شاعران يوضحان قوانين الشركة والتعاون من فقه السنة النبوية)

أ - الصالح بن عبد القدوس:

وصل الكرام وإن رموك بحفوة (1)

فالصفح عنهم والتجاوز أصوب

واختر قرينك واصطفيه تفاخراً (2)

إن القرين إلى المقارن ينسب

ودع الكذوب فلا يكن لك صاحباً

إن الكذوب يشين حرا يصحب (3)

وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن

ثرثارة (4) في كل ناد تخطب

واحفظ لسانك واحترز من لفظه

فالمرء يسلم باللسان ويعطب (5)

والسر فاكتمه ولا تنطق به

إن الزجاجة كسرها لا يشعب (6)

لا تحرصن فالحرص (7) ليس بزائد

في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب

وارع الأمانة والخيانة فاجتنب

واعدل ولا تظلم يطيب المكسب (8)

وإذا أصابك نكبة فاصبر لها

من ذا مسلماً لا ينكب (9) =

_________

(1)

ابتعاد وصد.

(2)

مباهاة.

(3)

الكذوب يحط من قدر الحر.

(4)

كثير الكلام.

(5)

يهلك.

(6)

لا يجبر.

(7)

الجشع وحب الاستزادة من المال.

(8)

يحلو الكسب بالأمانة والعدل.

(9)

لا يصاب في حياته.

ص: 594