الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر
1 -
عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
= ثالثاً: العدل أن لا يضر أخاه، ويحب له ما يحب لنفسه.
رابعاً: ألا يثني على السلعة بما ليس فيها، وأن لا يكتم من عيوبها وخفايا صفاتها شيئا أصلا، وأن لا يكتم في وزنها ومقدارها شيئا، وألا يكتم من سعرها مالو عرفه المعامل لامتنع عنه.
خامساً: الإحسان في المعاملة سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح. قال تعالى (وأحسن كما أحسن الله إليك) وقال عز وجل (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) وقال سبحانه (إن رحمة الله قريب من المحسنين): قال الغزالي ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به المعامل، وهو غير واجب عليه، ولكنه تفضل منه، فإن الواجب يدخل في باب العدل وترك الظلم. وتنال رتبة الإحسان:
أولاً: في المغابنة فينبغي ألا يغبن صاحبه بما لا يتغابن به في العادة.
ثانياً: في احتمال الغبن.
ثالثاً: في استيفاء الثمن وسائر الديون بالمساهلة أو الإمهال والمسامحة وحط البعض.
رابعاً: في توفية الدين: أي حسن القضاء بأن يمشي إلى صاحب الحق، ولا يكلفه أن يمشي إليه يتقاضاه.
خامساً: أن يقيل من يستقيله فإنه لا يستقيل إلا متندم مستضر بالبيع.
سادساً: أن يقصد في معاملة جماعة من الفقراء بالنسيئة، وهو في الحال عازم على ألا يطالبهم إن لم تظهر لهم ميسرة أهـ ص 75 جـ 2.
(شفقة التاجر على دينه فيما يخصه ويعم آخرته كما في الإحياء)
يحفظ رأس ماله، ورأس ماله دينه وتجارته فيه: قال تعالى (ولا تنس نصيبك من الدنيا) أي فاعل صالحا في حياتك، فإن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها تكتسب الحسنات، وتتم شفقة التاجر بمراعاة سبعة أمور:
أولاً: حسن النية والعقيدة من ابتداء التجارة فينوي الاستعفاف عن السؤال وكف الطمع عن الناس استغناء بالحلال وقياما بكفاية العيال، وينصح المسلمين، ويحب الخير لهم ويتبع العدل والإحسان ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
ثانياً: أن يقصد القيام في صنعته أو تجارته بفرض من فروض الكفايات فلو ترك العمل بطلت المعايش.
ثالثاً: ألا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الآخرة، وهي المساجد: قال تعالى (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة)، (في البيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه).
رابعاً: أن يكثر من ذكر الله في سوقه ويشتغل بالتهليل والتسبيح، فذكر الله في السوق بين الغافلين أفضل.
خامساً: ألا يكون شديد الحرص على السوق والتجارة: أي أول داخل وآخر خارج.
سادساً: ألا يقتصر على اجتناب الحرام بل يتقي مواقع الشبهات ومظان الريب، ولا ينظر إلى الفتاوي بل يستغني قلبه فإذا وجد فيه حزازة اجتنبه، وإذا حمل إليه سلعة رابه أمرها سأل عنها حتى يعرف، وإلا أكل الشبهة.
سابعاً: يراقب جميع مجاري معاملة مع كل واحد من معامليه فانه مراقب ومحاسب فليعد الجواب ليوم الحساب والعقاب في كل فعلة وقولة أنه لم أقدم عليها؟ قال بعضهم رأيت بعض التجار في النوم فقلت ماذا فعل الله بك؟ فقال نشر على خمسين ألف صحيفة، فقلت هذه ذنوب كلها، فقال هذه معاملات الناس بعدد كل إنسان عاملته في الدنيا لكل إنسان صحيفة مفردة فيما بيني وبينه من أول معاملة إلى آخرها أهـ ص 79 جـ 2.
قال تعالى (وقيل) للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم؟ قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار =
يقول الله عز وجل: أنا ثالث الشَّريكين (1) ما لمْ يخنْ أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما (2).
زاد رزين فيه: وجاء الشيطان. رواه أبو داود، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، والدارقطني، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يد الله على الشَّريكين (3) ما لمْ يخنْ أحدهما
= الآخرة خير ولنعم دار المتقين 30 جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين 31 الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) 33 من سورة النحل.
روي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويبحثون عن حال القرآن، وحال محمد، فيجيب المؤمنون: أنزل خيراً، والكافرون: أساطير الأولين (فكل إناء بالذي فيه ينضح)(طيبين) أي طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي، وقيل فرحين ببشاره الملائكة إياهم بالجنة، أو طيبين بقبض أرواحهم لتوجيه نفوسهم بالكلية إلى حضرة القدس (سلام عليكم) لا يحيقكم بعد مكروه فاطمئنوا. قال النسفي: قيل إذا أشرف العبد المؤمن على الموت جاءه ملك، فقال: السلام عليك يا ولي الله. الله يقرأ عليك السلام، ويبشره بالجنة أهـ.
إن شاهدنا (للذين أحسنوا) قال النسفي: أي آمنوا وعملوا الصالحات، أو قالوا: لا إله إلا الله أهـ.
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى للتجار الأبرار الأمناء. ثبت في التاريخ أن السيدة خديجة اختارت برأيها الثاقب سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم ليتاجر في مالها الوفير لشهرته صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالصدق، والأمانة، والمروءة، والشجاعة، والتحلي بالآداب السامية، وكانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال: في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وقد قال عمه أبو طالب يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، فهل لك أن أكلم خديجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما أحببت؟ ففرحت خديجة بذلك، وكان جوابها: لو سألت ذلك لبعيد بغيض فعلنا فكيف، وقد سألته لحبيب قريب؟ واستطاع صلى الله عليه وسلم بحلو شمائله، وجمال عواطفه أن يكسب محبة ميسرة وإجلاله، وأن يجلب ما يفيد بني وطنه، ويدر بالأرباح الطائلة.
(1)
أي أنا معهم بالرحمة، والرأفة، والمساعدة مدة عدم خيانة الشريك لأخيه.
(2)
إذا سرق، وغش، وانتزعت الأمانة منه تركت عونهما فتسلط عليهم الشيطان فسلب من تجارتهم البركة.
(3)
عونه، وإغاثته، ولطفه، وفي الجامع الصغير قال المناوي: أي حفظه وكلاءته عليهم أهـ.
فالشريكان في كنف الله، وإحاطته مدة الأمانة، وإلا زال عنهم عند الخيانة. فإذا خان أحدهما صاحبه كذا ط وع ص 586، وفي ن د فإن خان أحدهما بلا ذكر صاحبه.
كذا ط وع ص 586، وفي ن د فإذا خان أحدهما بلا ذكرصاحبه.
والشركة عقد يقتضي ثبوت الحق لاثنين، فأكثر، وهي أنواع:
أولاً: شركة أبدان كشركة الدلالين، والحمالين، والمحترفين ليكون بينهما كسبهما متساويا. أو متفاوتاً.
ثانياً: شركة مفاوضة: يشترك اثنان ليكون بينهما كسبهما بأموالهما، أو أبدانهما، وعليهما ما يعرض من نحو غرامة.
ثالثاً: شركة وجوه من الوجاهة، والعظمة كأن يشترك، وجيه لا مال له: وخامل عديم الشهرة له مال، أو يشترك وجيه في ذمته، ويفوض بيعه لخامل، والربح بينهما، وكلاهما باطل إذ ليس بينهما مال مشترك.
رابعاً: شركة عنان، أخذا من عنان الداية المانع لها من الحركة لمنع كل من الشريكين من التصرف بغير مصلحة: وهي صحيحة لسلامتها من أنواع الضرر، وأركانها عاقدان، ومعقود عليه. وصيغة، وعمل. =
صاحبه، فإن خان أحدهما (صاحبه) رفعها عنهما
= ومغزى هذا الباب الحث على الأمانة، وإنشاء شركات التعاون بين الأفراد، وبث روح الاتحاد لتصفو المودة، ويزداد الربح، وتنمو الثقة المتبادلة. قال تعالى:
أ - (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) 103 من سورة آل عمران.
وحيل الله دين الإسلام. والعمل بالقرآن والسنة، وثمرة هذه التعاليم الأمانة.
ب - وقال تعالى: (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) 7 من سورة المجادلة.
هذه الآية دستور الشركة، ومنهج التعاون الاقتصادي بين الأفراد المتحابة.
(رابعهم) سبحانه وتعالى يشاركهم في الاطلاع على الأسرار ويحاسبهم على الصغيرة والكبيرة.
جـ - وقال تعالى (إنا أرسلناك شاهدا ومبشراً ونذيراً 8 لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا 9 إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً) 10 من سورة الفتح.
(شاهداً) على أمتك (مبشراً) على الطاعة (ونذيراً) على المعصية (وتعزروه) وتقووه بتقوية دينه ورسوله (وتوقروه) وتعظموه وتنزهوه وتصلوا له غدوة وعشياً (نكث) نقض العهد، فلا يعود ضرر خيانته إلا عليه، فعليك أخي بالصدق والأمانة.
د - وقال تعالى (فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيباً واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون) 114 من سورة النحل. أمرهم بالحلال وشكر نعم ربهم رجاء طاعته.
(شاعران يوضحان قوانين الشركة والتعاون من فقه السنة النبوية)
أ - الصالح بن عبد القدوس:
وصل الكرام وإن رموك بحفوة (1)
…
فالصفح عنهم والتجاوز أصوب
واختر قرينك واصطفيه تفاخراً (2)
…
إن القرين إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحباً
…
إن الكذوب يشين حرا يصحب (3)
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن
…
ثرثارة (4) في كل ناد تخطب
واحفظ لسانك واحترز من لفظه
…
فالمرء يسلم باللسان ويعطب (5)
والسر فاكتمه ولا تنطق به
…
إن الزجاجة كسرها لا يشعب (6)
لا تحرصن فالحرص (7) ليس بزائد
…
في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب
وارع الأمانة والخيانة فاجتنب
…
واعدل ولا تظلم يطيب المكسب (8)
وإذا أصابك نكبة فاصبر لها
…
من ذا مسلماً لا ينكب (9) =
_________
(1)
ابتعاد وصد.
(2)
مباهاة.
(3)
الكذوب يحط من قدر الحر.
(4)
كثير الكلام.
(5)
يهلك.
(6)
لا يجبر.
(7)
الجشع وحب الاستزادة من المال.
(8)
يحلو الكسب بالأمانة والعدل.
(9)
لا يصاب في حياته.