الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيره
وما جاء في نوم الصبحة
1 -
عنْ صخر بن وداعة الغامديِّ الصحابي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهمَّ بارك لأمتي في بكورها (1)، وكان إذا بعث سريَّةً (2)، أو جيشاً بعثهمْ منْ أوَّل النهار، وكان صخرٌ تاجراً فكان يبعث تجارته من أوَّل النَّهار فأثرى (3) وكثر ماله. رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن، ولا يعرف لصخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.
[قال المملي] عبد العظيم: رووه كلهم عن عمارة بن حديد عن صخر، وعمارة بن حديد بجليٌّ، سئل عنه أبو حاتم الرازي، فقال: مجهول وسئل عنه أبو زرعة، فقال لا يعرف، وقال أبو عمر النمري: صخر بن وداعة الغامدي، وغامد في الأزد، سكن الطائف، وهو معدود في أهل الحجاز، روي عنه عمارة بن حديد، وهو مجهول لم يرو عنه غير يعلي الطائفي، ولا أعرف لصخر غير حديث: بورك لأمَّتي في بكورها، وهو لفظ رواه جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه.
[قال المملي] رحمه الله، وهو كما قال أبو عمر: قد رواه جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم. منهم: عليّ، وابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس ابن مالك، وعبد الله بن سلام، والنواس بن سمعان، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد الله وبعض أسانيده جيد، ونبيط بن شريط، وزاد في حديثه: يوم خميسها، وبريدة، وأوس ابن عبد الله، وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وفي كثير من أسانيدها مقال، وبعضها حسن، وقد جمعتها في جزء، وبسطت الكلام عليها.
2 -
وروي عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) التبكير واليقظة وانتهاز فرصة أول الوقت.
(2)
طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو جمعها السرايا وسموا بذلك لأنهم ينفذون سرا وخفية.
(3)
كثر ثراؤه وغناه.
باكروا (1) الغدوَّ في طلب الرِّزق، فإنَّ الغدوَّ (2) بركة ونجاحٌ. رواه البزار والطبراني في الأوسط.
3 -
وروي عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نوم (3) الصبحة يمنع الرزق. رواه أحمد والبيهقي وغيرها، وأوردها ابن عديّ في الكامل وهو ظاهر النكارة.
4 -
وروي عن فاطمة بنت محمدٍ صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها قالتْ: مرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجعة متصبِّحة (4) فحرَّكني برجله، ثمَّ قال: يا بنيَّة قومي اشهدي (5) رزق ربك، ولا تكوني من الغافلين، فإن الله عز وجل
(1) باكروا الغدو في طلب الرزق، فإن الغدو بركة ونجاح. هكذا في ن ط، وفي د ع ص 560: باكروا في طلب الرزق.
(2)
سير أول النهار، نقيض الرواح، والغدوة المرة منه، وقد غدا يغدو غدوا. والغدوة: ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس. معناه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام صباحاً رجاء السعي للرزق. فإن التبكير يجلب الخير ويكثر الربح، ويزيد في إنجاز الأعمال، وفي إتمامها. وفيه الحث على اليقظة صبحاً والتبكير إلى الأعمال.
(3)
الغفلة وقت الصبح تؤخر الكسب وتعطل السير في العمل وتدعو إلى الكسل والفتور، وتضيع فرصة التقدم والاتفاق على بدء العمل والسير فيه.
(4)
دخلت في وقت الصبح، وفي ن د: مصبحة.
(5)
احضري توزيع الأرزاق وأنت يقظة مجدة عاملة مستعدة للعمل ذاكرة الله سبحانه وتعالى.
(النبي صلى الله عليه وسلم يحث أمته على اليقظة في الفجر والتبكير في العمل)
أولاً: دعا صلى الله عليه وسلم لكل رجل موفق تنسم نسيم الصبح وبكر في عمله (اللهم بارك).
ثانياً: كل عمل ابتدئ به أتقن وتم، وتقدم وراج وانتشر، وصاحبه يسعد (فأثرى).
ثالثاً: أخبر صلى الله عليه وسلم أن التبكير في كل شيء يعقبه الفوز والفلاح وكثرة الربح وتقدم العمل (الغدو بركة) ويفسر بأول النهار مثل البكرة، يقال: بكر فلان بكورا. وبكر، وابتكر، وباكر مباكرة وتصور منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر أوقات النهار فقيل لكل متعجل في الأمر بكر. قال الشاعر:
بكرت تلومك بعد وهن في الندى
…
بل عليك ملامتي وعتابي
رابعاً: لقد ضرب الله الغفلة على من تأخر في النوم حتى أشرقت الشمس، وجمد فكره، وخمدت قريحته، وضل تدبيره، وتأخر عمله، وحرم من نسيم الصبح العليل البليل ومن سعة الرزق وبسطته (نوم الصبحة).
خامساً: لقد أيقظ صلى الله عليه وسلم ابنته ليعلم أمته اليقظة في البكور، والانتباه في الصبح، واستقبال اليوم من أوله بثغر باسم، وصدر منشرح، وعزيمة قوية، ونفس فتية ندية سخية، وثابة (اشهدي رزق ربك).
سادساً: حذر صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يتأخروا في القيام من النوم ونهى، وكل هذا ليعود المسلمين العمل، كما قال المأمون: الناس أربعة: إمارة، وتجارة، وصناعة، وزراعة، فمن لم يكن منهم صار عيالا عليهم.