الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منْ رمى بسهمِ في سبيل الله قصرَ أوْ بلغ كان لهُ نوراً يوم القيامة، فقتل قبل غروب الشمس رضي الله عنه. رواه الطبراني.
20 -
وعنْ عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ علم الرَّمي ثمَّ تركه فليْسَ منَّا (1)، أوْ فقدْ عصى (2). رواه مسلم وابن ماجه إلا أنه قال: منْ تعلَّم الرَّمي، ثمَّ تركه فقد عصاني.
21 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من تعلَّم تعلَّم الرَّمي، ثمَّ نسيه فهي نعمة جحدها (3). رواه البزار والطبراني في الصغير والأوسط بإسناد حسن، وتقدم في أول الباب حديثه عقبة بن عامر، وفيه:
ومنْ ترك الرَّمي بعد ما علمه رغبةً عنه، فإنَّها نعمة تركها، أو قال: كفرها.
الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال
1 -
عنْ أبي هريرة رضي الله عنه: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ
= أ - المجاهدون الأبرار، وجزاؤهم النعيم.
ب - الكفار والفساق وعاقبتهم العذاب والجحيم كما قال جل شأنه: (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم) 16 من سورة محمد (غير آسن) أي حادث، وآسن، من أسن الماء بالفتح: إذا تغير طعمه وريحه، وبالكسر على معنى الحدوث (لم يتغير طعمه) لم يصر قارصاً ولا حازراً (خمر لذة) لذيذة لا يكون فيها كراهة طعم وريح، ولا غائلة سكر (عسل مصفى) لم يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيري ذلك تمثيل لما يقوم مقام الأشربة في الجنة بأنواع ما يستلذ منها في الدنيا بالتجريد عما ينقصها وينغصها، والتوصيف بما يوجب غزارتها واستمرارها. أهـ بيضاوي ص 702.
لو كان في المسلمين الآن مثل أبي عمرو الأنصاري في الاستقامة والعبادة وانتهاز الفرص لإعلاء كلمة الله ما ذلوا وما رأوا أزمة ونزع بركة، ونعوذ بالله العليم. قال تعالى:(والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) 17 من سورة محمد.
(1)
ليس على طريقتنا، أوليس على ديننا الكامل، أوليس من الصالحين.
(2)
فقد عصى الله ورسوله، وقصر في واجب الجهاد.
يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعد المسلمون للجهاد ويعلموا أبناءهم الفروسية وركوب الخيل والعدو، وحيل الحرب وخدع القتال، والتحلي بالنجدة والشجاعة، ونبذ الجبن والخنوثة والترف.
(3)
تركها ونسى فضلها: وهي نعمة الفوز والنصر، وإعلاء دين الله، وما يترتب على ذلك من الثواب وسعة الملك والبطش، وعدم الذل والأسر، وطرد الاستبعاد.
ويفسر ذلك أن تتصفح تاريخ أبطال الإسلام وحماته لتعرف مدى ما وصلوا إليه رضي الله عنهم من الفتوح.
العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله (1). قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله (2). قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: حجٌ مبرور (3). رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الأعمال عند الله إيمان لا شكَّ فيه: وغزوٌ غلول فيه (4) وحجُّ مبرورٌ.
2 -
وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله، والجهاد في سبيل الله، الحديث. رواه البخاري ومسلم.
3 -
وعنْ أبي سعيد الخدرِّ رضي الله عنه قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيُّ النَّاس أفضل؟ قال: مؤمنٌ يجاهد بنفسهِ وبمالهِ (5) في سبيل الله تعالى، قال: ثمَّ منْ؟، قال: ثمَّ مؤمن في شعبٍ (6) من الشِّعاب يعبد الله، ويدع (7) الناس من شرِّه. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم بإسناد على شرطهما، ولفظه قال: عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه سئل: أيُّ المؤمنين أكمل (8) إيماناً؟ قال: الذي يجاهد بنفسه ومالهِ، ورجلٌ يعبد الله في شعبٍ من الشعاب، وقدْ كفى (9) الناس شرَّه.
4 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهمْ، وهمْ جلوسٌ في مجلسٍ لهمْ، فقال: ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: رجل أخذ برأس فرسهِ (10) في سبيل الله حتى يموت أوْ يقتل،
(1) التصديق بهما والعمل بشرعهما.
(2)
الحرب لنصر دين الله.
(3)
أداء أعمال الحج، من مال حلال مع الاستقامة بعده.
(4)
لا سرقة فيه ولا طمع في مغنم.
(5)
يغزو ويحارب وينفق قال القسطلاني: لما فيه من بذلهما لله مع النفع المتعدي.
(6)
الشعب: ما انفرد من الجبلين، وهذا مثل للعزلة والانفراد فكل مكان بعيد من الناس فهو داخل في هذا المعنى: كالمساجد والبيوت، وفيه فضل العزلة لما فيه من السلامة من الغيبة واللغو ونحوهما، وهو مقيد بوقوع الفتنة. أما عند عدم الفتنة فمذهب الجمهور أن الاختلاط أفضل، لحديث الترمذي:(المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم). أهـ جواهر البخاري شرح القسطلاني.
(7)
يترك ليأمن الناس أذاء.
(8)
أكثر وأزيد.
(9)
منع.
(10)
جاهد بجواده باذلا أقصى جهده.
ألا أخبركمْ بالذي يليهِ؟ قلنا: بلى يا رسول الله صلى الله. قال: امرؤٌ معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعتزل (1) شرور الناس، أو أخبركمْ بشرِّ الناس؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الذي يسأل بالله ولا يعطي (2) رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، والنسائي وابن حبان في صحيحه، واللفظ لهما، وهو أتمّ، ورواه مالك عن عطاء ابن يسار مرسلاً.
5 -
وعنْ سبرة بن الفاكهِ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان قعد (3) لابن آدم بطريق الإسلام، فقال: تُسلم وتذر (4) ودينك ودينك آبائك فعصاه فأسْلم فغفر له فقعد له بطريق الهجرة، فقال له: تُهاجر وتذر دارك وأرضك وسماءك فعصاه فهاجر فقعد بطريق الجهاد، فقال: تجاهد وهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة، ويقسم المال، فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمنْ فعل ذلك فمات، كان حقا على الله أنْ يدخله الجنَّة، وإنْ غرق كان حقا على الله أنْ يدخله الجنَّة، وإن وقصته دابَّة (5) كان حقاً على الله أن يدخله الجنَّة. رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي.
6 -
وعنْ فضالة بن عبيدٍ رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا زعيم - والزَّعيم الحميل (6) لمنْ آمن بي، وأسلم وهاجر، ببيتٍ في ربض الجنَّة، وببيتٍ في وسط الجنَّة، وأنا زعيم لمنْ آن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيتٍ في ربض الجنَّةِ (7)، وببيتٍ في وسط الجنَّة، وببيت في أعلى غرف الجنَّة، فمنْ فعل ذلك لمْ يدعْ للخير مطلباً (8)، ولا من الشرِّ مهرباً (9) يموت حيث شاء أن يموت.
رواه النسائي، وابن حبان في صحيحه.
(1) يترك.
(2)
يأتي إليه فقير ويطلب من فضل الله فيحرمه.
(3)
راقب وانتظر.
(4)
تترك.
(5)
رمته فوقع. دابة. كذا د وع ص 443، وفي ن ط: دابته.
(6)
الذي يتحمل الآلام: الكفيل الذي يضمن الأجر ودخول الجنة.
(7)
ما حولها خارجها عنها تشبيها بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع. أهـ نهاية.
(8)
طلبا للبر.
(9)
فرارا من الأذى: أي مآله دخول الجنة لجليل صفاته، وعلو أفعاله الصالحة.
7 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: مرَّ رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعبٍ فيه عينة من دماء عذبة فأجبته، فقال: لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشِّعْبِ، ولنْ أفعل حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعل (1) فإنَّ مقام أحدكمْ في سبيل الله (2) تعالى أفضل من صلاته في بيته سبعين عاماً، ألا تحبُّون أن يغفر الله لكمْ، ويدخلكم الجنَّة؟ اغزوا في سبيل الله، منْ قاتل في سبيل الله فواق ناقةٍ، وجبتْ له الجنَّة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
رواه أحمد من حديث أبي أمامة أطول منه، إلا أنه قال: ولمقام (3) أحدكمْ في الصفِّ خيرٌ من صلاته ستِّين سنةً.
(فواق الناقة): هو ما بين رفع يدك عن ضرعها وقت الحلب ووضعها، وقيل: هو ما بين الحلبتين.
8 -
وعنْ عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مقام الرَّجل في الصفِّ في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة الرَّجل ستِّن سنةً. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري.
9 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) لا تفعل. كذا د وع، وفي ن ط: فلا تفعل.
(2)
في الجهاد لإعلاء كلمة الله أفضل من العزلة، والاختلاط مع الناس يجلب الثواب الكثير لتحمل أداهم، ثم أمره صلى الله عليه وسلم بأكثر من العزلة ثوابا: بالغزو المسبب دخول الجنة.
(3)
الوقوف والإقامة في أول صف للمجاهدين أكثر ثوابا من عبادة ستين سنة كاملة. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم 33 إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم 34 فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم. ولن يتركم أعمالكم) 35 من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
(ولا تبطلوا) بما أبطل به هؤلاء: كالكفر والنفاق، والعجب والرياء، والمن والأذى ونحوها (فلا تهنوا) فلا تضعفوا (وتدعوا إلى السلم) ولاتدعوا إلى الصلح خوراً وتذللا (الأعلون) الأغلبون (والله معكم): أي ناصركم (ولن يتركم) ولن يضيع أعمالكم، من وترت الرجل إذا قتلت متعلقاً به من قريب أو حميم. فأفردته منه من الوتر: شبه به تعطيل ثواب العمل وإفراده منه. أهـ بيضاوي ص 704.
أفضل الأعمال عند الله تعالى: إيمان لا شكَّ فيه (1)، وغزو لا غلول فيه، وحجٌ مبرورٌ. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه، وقد تقدم.
10 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قيل يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: لا تستطيعونه فأعادوا عليه مرَّتين أوْ ثلاثاً، كلُّ ذلك يقول: لا تستطيعونه، ثمَّ قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصَّائم القائم (2) القانت (3) بآيات الله لا يفتر منْ صلاةٍ ولا صيامٍ، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله. واه البخاري ومسلم، واللفظ له.
11 -
وفي رواية البخاري: أنَّ رجلاً قال يا رسول الله: دلَّني على عملٍ يعدل الجهاد (4). قال: لا أجده، ثمَّ قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر. قال: ومنْ يستطيع ذلك؟ فقال أبو هريرة: فإنَّ فرس المجاهد ليستنُّ يمرح في طولهِ (5) فيكتب له حسناتٌ. ورواه النسائي نحو هذا (استن الفرس): عدا. (والطِّوَل) بكسر الطاء وفتح الواو: هل الحبل الذي يشد به الدابة، ويمسك طرفه لترعى.
12 -
وعنه رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ في الجنة مائة درجةٍ أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السماء والأرض (6). رواه البخاري.
13 -
وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس قبل غزوة تبوك، فلمَّا أن أصبح صلى بالناس صلاة الصُّبح، ثمَّ إنَّ الناس ركبوا فلما أن طلعتِ الشمس نعس الناس على إثر الدُّجْلة (7) ولزم معاذ رسول الله، صلى الله
(1) يقين ثابت بوجود الله، والعمل به خالصاً مع الإيمان بالرسل، والعمل بشريعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
(2)
المتجهد المصلى ليلا، الذاكر الله في السحر.
(3)
العامل: وفي النهاية: يرد القنوت بمعان متعددة: كالطاعة والخشوع، والصلاة، والدعا، والعبادة والقيام، وطول القيام والسكوت (وقوموا لله قانتين) في حديث ابن أرقم:(كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت) أهـ.
(4)
يوازي ثوابه.
(5)
في ن د: في مرج في طوله. كذا ن ط وع.
(6)
المسافة بين الدرجتين كبعد المسافة بين السماء والأرض. والمعنى: أن نعيم المجاهد لا حد له، ولا نهاية لكثرته وفضله.
(7)
سير الليل كله: أي من شدة تعبهم من طول السير ليلا.
عليه وسلم يتلو إثره (1)، والنَّاس تفرَّقتْ بهم ركابهم على جواد (2) الطريق تأكل وتسير فبينا (3) معاذ على إثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناقته تأكل مرَّةً، وتسير أخرى عثرت (4) ناقة معاذٍ فحنَّكها بالزمام (5) فهبَّتْ، حتى نفرتْ منها ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف عنه قناعة فالتفت، فإذا ليْس في الجيش أدنى إليه من معاذٍ فناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاذ! فقال: لبيك يا رسول الله. قال: ادن دونك، فدنا منه حتى لصقتْ راحلتاهما إحداهما بالأخرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنت أحسب الناس منا بمكانهم (6) من البعد، فقال معاذ: يا نبي الله نعس الناس فتفرقتْ ركابهم ترتع وتسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا كنت ناعساً، فلمَّا رأى معاذ بشر (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلوته له، فقال: يا رسول الله ائذن لي أسألك عن كلمة أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل عمَّا شئت، قال يا نبي الله حدِّثني بعملٍ يدخلني الجنَّة لا أسألك عن شيء غيره؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخٍ (8) بخٍ بخٍ. لقدْ سألت لعظيمٍ.
لقد سألت لعظيمٍ ثلاثاً، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، فلمْ يحدِّثه بشيء إلا أعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مراتٍ حرصاً لكيما يتقنه عنه، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله واليوم الآخر، وتقيم الصَّلاة، وتؤتي الزَّكاة، وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئاً حتى تموت، وأنت على ذلك. قال: يا رسول الله: أعد لي فأعادها ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت يا معاذ حدَّثتك برأس هذا الأمر، وقوام هذا الأمر، وذروة السَّنام؟ فقال معاذ: بلى يا رسول الله حدثني بأبي أنت وأمي، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ رأس هذا
(1) يتتبعه.
(2)
أطراف معشبة مخصبة.
(3)
فبينا ط د وع ص 445، وفي ن د: فبينما.
(4)
اصطدمت بشيء وارتطم خفها.
(5)
شدها بالخطام.
(6)
لم أظن الناس بعيدين منا هكذا.
(7)
بشر: كذا ط وع، وفي ن د: بشه.
(8)
كلمة استحسان.
الأمر: أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وإنَّ قوام هذا الأمر: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإنَّ ذروة السَّنام منه الجهاد في سبيل الله، إنَّما أمرتُ أن أقاتل الناس، حتى يقيموا الصَّلاة، يؤتوا الزَّكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهمْ وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمدٍ بيده ما شحب (1) وجه، ولا اغبرَّت قدم (2) في عملٍ تبتغي به درجاتُ الآخرة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله، ولا ثقَّل ميزان عبدٍ كدابةٍ تنفقُ (3) في سبيل الله، أوْ يحمل عليها (4) في سبيل الله رواه أحمد، والبزار من رواية شهر ابن حوشب عن معاذ، ولا أراه سمع منه، ورواه أحمد أيضاً والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجه كلهم من رواية أبي وائل عنه مختصراً، ويأتي في الصمت إن شاء الله تعالى.
14 -
وعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ رضي بالله ربَّا، وبالاسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً، وجبتْ له الجنة.
فعجب لها أبو سعيدٍ، فقال: أعدها عليَّ رسول الله فأعادها عليه، ثمَّ قال: وأخرى يرفع الله بها للعبد (5) مائة درجةٍ في الجنَّة ما بين كلِّ درجتين كما بين السماء والأرض قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله. رواه وأبو داود والنسائي.
15 -
وروي عنْ أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ذروة سنام الإسلام الجهاد لا يناله إلا أفضلهمْ. رواه الطبراني.
16 -
وروي عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قاتل في سبيل الله فواق ناقةٍ حرَّم الله على وجهه النار. رواه أحمد.
17 -
وعن أبي المنذر رضي الله عنه: أنَّ رجلاً جاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إنَّ فلانا هلك فصلِّ (6) عليه، فقال عمر: إنَّه فاجر فلا تصلِّ عليهِ
(1) تغير.
(2)
أصابها غبار.
(3)
تموت.
(4)
تكون عدة لنقل الذخيرة والمدد والميرة.
(5)
للعبد. كذا ط وع ص 446، وفي ن د: العبد.
(6)
في ن د فصلى.
فقال الرَّجل: يا رسول الله ألم تر الليلة التي صبِّحتَ (1)
فيها في الحرس، فإنَّه كان فيهمْ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه، ثمَّ تبعه حتى جاء قبره قعد حتى إذا فرغ منه حتى عليه ثلاث حثياتٍ، ثمَّ قال: يثنى عليك الناس شرا، وأنثى عليك خيراً، فقال عمر: وما ذاك يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعنا منك يا ابن الخطاب، من جاهد في سبيل الله، وجبت له الجنَّة. رواه الطبراني وإسناده لا بأس به إن شاء الله تعالى.
18 -
وعنْ عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيلهِ، حجٌّ مبرور، فلما ولى الرَّجل. قال وأهون عليك من ذلك: إطعام الطعام، ولينُ الكلام، وحسن الخلق، فلمَّا ولى الرَّجل. قال وأهون عليك من ذلك: لا تتَّهم الله على شيء قضاه عليك (2). رواه أحمد والطبراني بإسنادين أحدهما حسن واللفظ له.
19 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة حق على الله عونهم (3) المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء (4)، والناكح الذي يريد العفاف (5). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
20 -
وعنْ مكحولٍ رضي الله عنه قال: كثر المستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) صبحت د وع 446، وفي ن ط: أصبحت: أي وجد فيها مع الحرس صباحا.
إن هذا الرجل صادفته عناية الله وحرس الليلة مع المجاهدين حباً في ثواب الله فقبل الله حراسته فغفر له، وأطلع حبيبه صلى الله عليه وسلم على أن وجود هرس الليلة حتى أصبح سبب الغفران والنعيم.
(2)
معناه إذا أصابك مكروه فاصبر وتحمل واحمد الله سبحانه، ولا تغير نيتك سوءا نحو خالقك المنعم خشية الإلحاد والزندقة، فإن مع العسر يسرا، ومع الشدة الفرج، وبعد الحزن الفرح. فنهاه صلى الله عليه وسلم أن يضجر، وأن يبطر، وأن يجحد نعمة الله، وأن يكفر بفضله وإحسانه من جراء مكروه حل به.
(3)
مساعدتهم ووصولهم إلى بغيتهم.
(4)
عبد استكتبه سيده على جمع مال كذا ليعتقه، فالله يساعده على وجود ما يعتقه.
(5)
طالب الزواج الفقير الذي يريد أن يتحصن، ويبتعد عن الفحشاء، الله يعاونه في جمع مهره، ويساعده على الإنفاق.
إلى الحجِّ يوم غزوة تبوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غزوة (1) لمنْ قدْ حجَّ أفضل من أربعين حجَّة. رواه أبو داود في المراسيل من رواية إسماعيل بن عياش.
21 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: حجَّة خيرٌ من أربعين غزوة، وغزوة خير من أربعين حجَّة يقول: إذا حجَّ الرَّجل حجَّة الإسلام، فغزوة خير له من أربعين حجَّة، وحجَّة الإسلام خير له من أربعين غزوةً. رواه البزار. ورواته ثقات معروفون.
(وعنبسة بن هبيرة): وثقة ابن حبان، ولم أقف فيه على جرح.
22 -
وعنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حجَّة لمنْ لم يحجَّ خير من عشر غزواتٍ، وغزوة لمن قد حجَّ خير من عشر حججِ، الحديث رواه الطبراني والبيهقي، ويأتي بتمامه في غزاة البحر إن شاء الله.
23 وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت أبي وهو بحضرة العدوِّ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أبواب الجنَّة تحت ظلال السيوف (2)، فقام رجلٌ رثُّ الهيئة، فقال: يا أبا موسى أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال: نعم، فرجع إلى أصحابه فقال: أقرأ عليكم السلام ثم كسر جفن سيفهِ فألقاه، ثمًّ مشى بسيفه إلى العدوِّ فضرب به حتى قتل. رواه مسلم والترمذي وغيرهما.
(جفن) السيف، بفتح الجيم، وإسكان الفاء: هو قرابه.
24 -
وعن البراء رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنَّع بالحديد، فقال: يا رسول الله أقاتل أو أسلمُ؟ قال: أسلمْ (3) ثمَّ قاتل، فأسلم ثمَّ قاتل فقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمل قليلاً (4)، وأجر كثيرا. رواه البخاري واللفظ له ومسلم.
(1) الحاج الغازي ينال ثواب أكثر من أربعين حجة بلا غزو، وفيه الحث على الغزو، والترغيب في الجهاد، وتأمل في الاحتراس البديع لمن قد حج: أي أدى ركن الإسلام ثم بعد ذلك يحارب ويجاهد لإعلاء دين الله.
(2)
معناه من قبض على سيفه ثم ذهب يحارب مجاهداً في سبيل الله فمات دخل الجنة.
(3)
أنطق بالشهادتين، ثم أدخل في زمرة المسلمين عاملا مجاهداً.
(4)
مضى عليه زمن قليل في الإسلام، ولكن الله تعالى أغدق عليه الثواب مدرارا وأعطاه نعيما فائزا.
25 -
وروى مسلم عن جابرٍ رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ من بني النَّبيت قبيل من الأنصار، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّك عبده ورسوله، ثمَّ تقدَّم فقاتل حتى قتل، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: عمل هذا يسيرا (1) وأجر كثيراً.
(مقنع) بضم الميم، وفتح النون المشددة: أي متغطّ بالحديد. وقيل: على رأسه خوذة وقيل: غير ذلك.
26 -
وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدرٍ، وجاء المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتقدَّمنَّ أحد منكمْ إلى شيء حتى أكون أنا دونه فدنا المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى جنَّةٍ عرضها السموات والأرض. قال عمير ابن الحمام: يا رسول الله: جنَّة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم. قال: بخٍ (2)
بخٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ؟ فقال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها قال: فإنَّك من أهلها فأخرج تمراتٍ من قرنهِ، فجعل يأكل منهنَّ، ثمَّ قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياةٌ
(1) قليلا، أسلم. ثم دخل في حرب المسلمين لينصر دين الله سبحانه وتعالى.
(2)
كلمة استحسان، وفي النهاية: كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء وتكرر للمبالغة، وهي مبنية على السكون، فإن وصلت جرت ونونت فقلت: بخ بخ وربما شددت. أهـ.
قال تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين 133 الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين 134 والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون 135 أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) 136 من سورة آل عمران.
(وجنة عرضها) أي ع رضها كعرضهما، وذكر العرض للمبالغة لوصفها بالسعة على طريقة التمثيل لأنه دون الطول، وعن ابن عباس: كسبع سموات وسبع أرضين لو وصل بعضهما ببعض (في السراء والضراء) حالتي اليسر والشدة (والكاظمين) الممسكين على الغيظ: الكافين عن إمضائه مع القدرة، وعن النبي صلى الله عليه وسلم:(من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملء الله قلبه أمناً وإيماناً)(والعافين) التاركين عقوبة من استحقوا مؤاخذة (فاحشة) قبيحة كالزنا (أو ظلموا أنفسهم) أذنبوا أي ذنب كان، وقيل الفاحشة الكبيرة وظلم النفس الصغيرة، ولعل الفاحشة ما يتعدى وظلم النفس ما ليس كذلك (ذكروا الله) تذكروا وعيد الله فأظهروا الندم والتوبة.
طويلة فرمى بما كان معه من التَّمر. ثمَّ قاتلهمْ رضي الله عنه. رواه مسلم.
(القرن) بفتح القاف والراء: هو جعبة النشاب.
27 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لايجتمع كافرٌ، وقاتله (1) في النَّار أبداً. رواه تمسلم وأبو داود، ورواه النسائي والحاكم أطول منه، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث معاذ بن جبل.
28 -
وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعني يقول الله عز وجل: المجاهد في سبيلي هو عليَّ ضامنٌ (2) إن قبضتهُ أورثته الجنَّة، وإنْ رجعتهُ، رجعته بأجرٍ، أوْ غنيمةٍ. رواه الترمذي، وقال حديث غريب صحيح، وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه من حديث أبي هريرة، وتقدم.
29 -
وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جاهد في سبيل الله كان ضامناً (3) على الله، ومن عاد (4) مريضاً كان ضامناً على الله، ومنْ غدا (5) إلى المسجد، أوْراح (6) كان ضامناً على الله، ومنْ دخل على إمامٍ يعزِّوه (7)
كان ضامناً على الله، ومن جلس في بيته لم يغتب إنساناً كان ضامناً على الله. رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، واللفظ لهما.
(1) المجاهد في سبيل الله عز وجل.
(2)
أعطيه العهد والميثاق.
أ - إن مات في الحرب تمتع بنعيم الجنة.
ب - فاز وظفر ورجع سالماً بالثواب الجزيل، وما يأخذه، وما يأخذه من الأعداء غنيمة.
(3)
آخذا على الله العهد والميثاق أن ينعمه بجنته.
(4)
زار.
(5)
ذهب.
(6)
رجع.
(7)
يؤنبه على ظلمه، أو يرشده أو ينصره، ويعظمه لعدله أو على الحق يعينه.
أفعال خمسة سبب النجاة من النار، والفوز بكثرة الحسنا، والظفر بدخول الجنة.
أولاً: الجهاد في سبيل الله.
ثانياً: زيارة المريض لله.
ثالثاً: التبكير إلى صلاة الجماعة في المسجد.
رابعاً: الأمر بالمعروف للامام. والنهي عن المنكر، ونصر العادل، وتأييد من اتبع الحق، وهجر الظالم الفاسق.
خامساً: الابتعاد عن مجالس الفسوق، وأحاديث الزور والباطل، والغيبة والنميمة، وهجر صحبة الأشرار ونبذ مودة العصاة.
ورواه أبو يعلي بنحوه، وعنده: أوْ خرج مع جنازةٍ بدل: ومنْ غدا إلى المسجد. ورواه أحمد والطبراني، وتقدم لفظهما، وهو عند أبي داود من حديث أبي أمامة: إلا أنَّ عنده الثالثة، ورجل دخل بيته بسلامٍ (1) فهو ضامن على الله.
30 -
وعنْ عبد الله بن حُبْشيٍّ الخثعميِّ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان لا شكَّ فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحجَّة مبرورة. قيل: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقلِّ (2). قيل: فأيُّ الهجرة أفضل؟ قال: منْ هجر ما حرَّم الله (3). قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من جاهد المشركين بنفسهِ ومالهِ. قيل: فأيُّ القتل أشرف؟ قال: من أهريق دمه (4)، وعقر جواده (5). رواه أبو داود والنسائي، واللفظ وهو أتمّ.
31 -
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاهدوا في سبيل الله، فإنَّ الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنَّة ينجِّي الله تبارك وتعالى به من ألهمِّ والغمِّ (6). رواه أحمد واللفظ له، ورواته ثقات والطبراني في الكبير والأوسط والحاكم، وصحح إسناده.
32 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصَّائم لا يفتر صلاة ولا صياماً حتى يرجعه الله إلى أهله بما يرجعه إليهم من أجرٍ، أو غنيمة، أوْ يتوَّفاه فيدخله الجنَّة. رواه ابن حبان في صحيحه عن شيخه عمرو بن سعيد بن سنان. قال: وكان قدْ صام النَّهار، وقام الليل ثامنين سنةً غازياً ومرابطاً.
(قال المملي) رحمه الله: وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه أطول منه وتقدم.
33 -
وفي رواية للنسائي في هذا الحديث: مثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم.
(1) أوى إلى بيته ولم يؤذأ حدا ولم يضيع حقوق أحد.
(2)
الانفاق قدر الطاقة مع القلة، بمعنى أنه يجود بشيء هو في حاجة إليه.
(3)
من ترك المحارم واجتنب المناهي.
(4)
سال دمه في الجهاد.
(5)
ضرب فرسه.
(6)
يبتعد المجاهد عن ذلك الأعداء، وأسر الكفار لأنه يقاتل بشجاعة وشهامة فإن انتصر، وإن قتل دخل الجنة.
بمن جاهد في سبيله كمثل الصَّائم القائم الخاشع (1) الرَّاكع السَّاجد.
34 -
وعنْ معاذ بن أنس رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ امرأةً أتتهُ، فقالتْ: يا رسول الله انطلق زوجي غازياً، وكنتُ أقتدي بصلاته إذا صلىَّ وبفعلهِ كلِّه فأخبرني بعملٍ يبلغني عمله حتى يرجع. قال لها: أتستطيعين أن تقومي ولا تقعدي، وتصومي ولا تفطري، وتذكري الله تعالى ولا تفتري، حتى يرجع؟ قالت: ما أطيق هذا يا رسول الله، فقال: والذي نفسي (2) بيده: لو أطقته (3) ما بلغت العشور منْ عملهِ. رواه أحمد من رواية رشدين بن سعد، وهو ثقة عنده، ولا بأس بحديثه في المتابعات والرقائق.
(العشور): جمع عشر، وهو الواحد من عشرة أجزاء.
35 -
وعن النُّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصَّائم نهاره القائم ليله حتى يرجع متى يرجع (4) رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجال أحمد محتج بهم في الصحيح.
36 -
وعنْ معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: منْ قاتل في سبيل الله من رجلٍ مسلمٍ فواق ناقةٍ، وجبتْ له الجنَّة، ومنْ جرح جرحاً في سبيل الله، أوْ نكب نكبةً فإنَّها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانتْ، لونها لون الزَّعفران، وريحها ريح المسك. رواه أبو داود والترمذي، والنسائي وابن ماجه، وقال: الترمذي: حديث حسن صحيح، وصدره في صحيح ابن حبان.
37 -
وعنْه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جرح جرْحاً في سبيل الله جاء يوم القيامة ريحه كريح المسك، ولونه لون الزَّعفران عليه طابع الشُّهداء، ومن سأل الله الشهادة مخلصاً أعطاه الله أجر شهيدٍ وإن مات على فراشهِ. رواه ابن في صحيح واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما.
(1) الخائف المستكين المتذلل الخاضع.
(2)
في ن د: والذي نفس محمد بيده، وكذا ط وع ص 450.
(3)
في ن ع: لوصوقته، وفي ن د: لو طقتيه، وفي ن ط: لو أطلقته.
(4)
في أن زمن يرجع.
38 -
وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ مكْلومٍ يُكلمُ في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة، وكلمه يدمي، واللون لون دمٍ والرِّيح ريح مسك.
وفي روايةٍ: كلُّ كلمٍ يكلم في سبيل الله يكون يوم القيامة كهيئتها يوم طعنتْ تفجَّر دما. اللون لون دمٍ، والعرف عرف مسكٍ. رواه البخاري ومسلم، ورواه مالك والترمذي والنسائي بنحوه. (الكلم) بفتح الكاف، وإسكان اللام: هو الجرح.
(والعرف) بفتح العين المهملة، وإسكان الراء: هو الرائحة.
39 -
وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ليْس شيء أحبَّ إلى الله من قطرتين وأثرين، قطرة دموعٍ من خشية الله، وقطرة دمٍ تهراق في سبيل الله، وأمَّا الأثران: فأثر (1) في سبيل الله، وأثر في فريضةٍ من فرائض الله رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.
40 -
وعنْ سهل بن سعدٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ساعتان تفتح فيهما (2) أبواب السماء، وقلَّما تردُّ على داعٍ دعوته عند حضور (3) النِّداء والصفِّ في سبيل الله، وفي لفظٍ ثنتان لا تردَّان، أو قال ما تردَّان: الدُّعاء ع ند النِّداء (4)، وعند البأس (5) حين يُلحمُ بعض بعضاً. رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه.
وفي رواية لابن حبان: ساعتان لا تردُّ على داعٍ دعوته حين تقام الصَّلاة، وفي الصَّفِّ في سبيل الله. (يلحم) بالمهملة: معناه ينشب بعضهم ببعض في الحرب.
(1) عمل ووجود فعل من أنواع الخير:
أ - الجهاد.
ب - أداء الصلوات الخمس والفرائض كلها من زكاة وصوم وحج.
(2)
تدرك فيهما رحمات الله وبركاته، وتتفتح أبواب رضوانه ونعيمه.
(3)
بين الأذان والإقامة، وتلبية المؤذن، والذهاب إلى الصلاة، ووجود المجاهد في الصف الأول فينتهز المسلم الدعاء بعد الأذان حين استعداده لصلاة التفل، وكذا الإنسان في حومه الوغي يدعو الله فيستجيب له لشدة إخلاصه، ومشاهدة الصف الأول.
(4)
أي بعد إتمام الأذان، وفي وقت الأذان يقول مثل المؤذن إلا في الحيعلتين فيحوقل.
(5)
التحام الصفوف، وشدة الحروب، وكثرة المناضلة وقوة الدفاع. حين كذا د وع ص 351، وفي ن ط حتى. قال الله تعالى:(ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم) 11 من سورة التغابن: أي بتقدير الله وإرادته (يهد قلبه) بالثبات والاسترجاع عند حلوها (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول).