الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يحلُّ منْعُه؟ قال: الماء، والملحُ، والنَّارُ. قُلْتُ يا رسول الله هذا الماء، وقدْ عرفناه، فما بال الملحِ والنَّار؟ قال يا حُميراء. منْ أعطى ناراً فكأنما تصدَّق بجميع ما أنضجتْ تلك النار، ومن أعطى ملحاً فكأنما تصدق بجميع ما طيَّبتْ تلك الملح، ومنْ سقى مُسلما شرْبة من ماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق رقبةً، ومن سقى مسلما شربةً من ماء حيث لا يوجد الماء فكأنما أحياها. رواه ابن ماجه.
42 -
وروي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والمسلمون شركاء في ثلاثٍ: في الماء والكلإ (1)،
والنار، وثمنه حرامٌ. قال أبو سعيدٍ يعني: الماء الجاري. رواه ابن ماجه أيضاً.
(الكلأ) بفتح الكاف واللام بعدهما همزة غير ممدودة: هو العشب رطبة ويابسه.
(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)
وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه
1 -
عنْ عبد الله بن عمرو ورضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكمْ بالله فأعطوه، ومن استجارَ بالله فأجيروه ومنْ أتى إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعْلموا أن قدْ كافأتموه (2). رواه أبو داود والنسائي، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ورواه الطبراني في الأوسط مختصرا قال:
من اصْطَنَعَ إليكم معروفاً فجازوه (3)، فإنْ عجزْتم عن مجازاته فادعوا له حتى تعْلموا (4) أن قدْ شكرتمْ، فإنَّ الله شاكر يُحبُّ الشَّاكرين.
2 -
وعنْ جابرٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من أعطى عطاءً
(1) النبات الأخضر. قال النووي: فيه جواز بيع فضل الماء إذا وجد كلأ يسقي من بئر مثلا، وماؤه زائد عن حاجته، فيحرم على صاحب البئر منع فضل هذا الماء ليسقي هذا الكلأ الذي ترعاه الماشية لأنه إذا منع بذله امتنع الناس من رعى ذلك الكلأ خوفا على مواشيهم من العطش. أهـ ص 178 مختاى الإمام مسلم.
(2)
أن قد كافأ كذا ع ص 327، وفي ن د: أنكم كافأتموه أي جازيتموه.
(3)
أحسنوا إليه.
(4)
في ن د تعلموا قد.
فوجد فليجزِ به (1)، فإنْ لمْ يجدْ فَليُثْنِ، فإنْ من أثنى فقد شكر، ومنْ كتم فقد كفر، ومن تحلَّى بما لم يعْط كا ن كلابس ثوبيْ زورٍ. رواه الترمذي عن أبي الزبير عنه، وقال: حديث حسن غريب، ورواه أبو داود عن رجل عن جابر، وقال: هو شرحبيل ابن سعد، ورواه ابن حبان في صحيحه عن شرحبيل عنه، ولفظه:
منْ أولى معروفاً فلمْ يجد له جزاءً إلا الثَّناء فقد شكره، ومنْ كتمهُ فقدْ كفرهُ ومن تحلَّى بباطلٍ فهو كلابس ثوبيْ زورٍ.
(قال الحافظ) وشرحبيل بن سعد تأتي ترجمته.
وفي رواية جيدة لأبي داود: منْ أبلى فذكره فقد شكره، ومنْ كتمهُ فقد كفرهُ.
(قوله) من أبلى: أي من أنعم عليه، والإبلاء: الإنعام.
3 -
وعنْ أسامة بن زيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صنعَ إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبْلغ في الثَّناء.
وفي روايةٍ: من أولى معروفاً، أو أسدى (2) إليه معروفٌ، فقال للَّذي أسْداهُ: جزاك الله خيراً (3)، فقد أبْلغ في الثَّناء. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.
(قال الحافظ): وقد أسقط من بعض نسخ الترمذي، ورواه الطبراني في الصغير مختصراً: إذا قال الرَّجل جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء.
4 -
وعن الأشْعَث بن قيسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أشكر النَّاس لله تبارك وتعالى أشكرهم للنَّاس.
وفي روايةٍ: لا يشكر الله من لا يشكر النَّاس (4). رواه أحمد ورواته ثقات، ورواه الطبراني من حديث أسامة بن زيد بنحو الأولى.
(1) يسر الله له الخير، وأوجد عنده النعم فليهد وليتكرم بالبذل.
(2)
أعطى: في النهاية: أسدى وأولى وأعطى بمعنى، يقال: أسديت إليه معروفاً: أسدى إسداء أهـ.
(3)
دعاء بمعنى أثابك الله، وحسبك أنه تعالى المكافئ الوهاب المعطي.
(4)
أي لا يحمد الجاحد المنكر الله تعالى لأن الإقرار بالفضل يدل على الإيمان بالله، والثناء عليه أنه الرب المنعم الفاعل في الحقيقة الوهاب، فإنكار معروف العبد للعبد دليل على الإلحاد وعدم شكر الخالق المنعم جل جلاله وفيه الدعوة إلى الشكر والثناء، والاعتراف بالجميل، والإقرار بفضل المهدي.
5 -
وعنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أتى إليه معروفٌ فليكافئ به، ومنْ لمْ يستطعْ فليذكره، فإنَّ من ذكره فقد شكره ومنْ تشبَّع بما لمْ يعْط فهو كلابس ثوبيْ زُورٍ. رواه أحمد، ورواته ثقات إلا صالح ابن أبي الأخضر.
6 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يشكر الله منْ لا يشكر النَّاس. رواه أبو داود والترمذي، وقال: صحيح.
(قال الحافظ): روى هذا الحديث برفع الله، وبرفع الناس، ورُوي أيضاً بنصبها، وبرفع الله ونصب الناس، وعكسه، أربع روايات.
7 -
ورُوي عنْ طلحةً، يعْني ابن عبيد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ أولى معْروفاً فلْيذكرهُ، فمنْ ذكره فقدْ شكرهُ، ومنْ كتمهُ فقد كفره. رواه الطبراني، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث عائشة رضي الله عنها.
8 -
وعن النُّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ لمْ يشكُرِ القليل لم يشكُرِ الكثير، ومنْ لمْ يشكرِ النَّاس لم يشكر الله، والتَّحدثُ (1) بنعمة الله شكر، وترْكها كفر، والجماعة رحمةٌ (2)، والفرقة عذاب. رواه عبد الله بن أحمد في زوائده لا بأس به، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف باختصار.
9 -
وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال الهاجرون: يا رسول الله ذهب الأنصارُ
(1) ذكرها على سبيل الحمد والثناء. قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) 7 من سورة إبراهيم.
(2)
الاتحاد نعمة، والاختلاف خراب ودمار، وفي غريب القرآن: الشكر تصور النعمة وإظهارها. قيل: وهي مقلوب عن الكشر: أي الكشف، ويضاده الكفر، وهو نسيان النعمة وسترها. والشكر ثلاثة أضراب: شكر القلب، وهو تصور النعمة، وشكر اللسان، وهو الثناء على المنعم، وشكر سائر الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه أهـ.
قال تعالى: (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) وأثنى سبحانه وتعالى على سيدنا إبراهيم.
أ - (شاكرا لأنعمه).
ب - وعلى سيدنا نوح (إنه كان تعبدا شكورا) والله تعالى شكور: أي منعم على عباده.