المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه) - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٢

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقلومن تصدق بما لا يجب

- ‌الترغيب في صدقة السر

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل مالهفيبخل عليه، أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌(الترغيب في القرض وما جاء في فضله)

- ‌الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه

- ‌(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

- ‌ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن وترهيبها منها ما لم يأذن

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماءوالترهيب من منعه

- ‌(الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له)وما جاء فيمن لم يشكر ما أولى إليه

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌الترغيب في الصوم مطلقاً وما جاء في فضله، وفضل دعاء الصائم

- ‌الترغيب في صيام رمضان احتسابا، وقيام ليله سيما ليلة القدر وما جاء في فضله

- ‌الترهيب من إفطار شيء من رمضان من غير عذر

- ‌الترغيب في صوم ست من شوال

- ‌(الترغيب في صيام يوم عرفة لمن لم يكن بها)وما جاء في النهى عنه لمن كان بها حاجا

- ‌الترغيب في صيام شهر الله المحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء، والتوسيع فيه على العيال

- ‌(الترغيب في صوم شعبان)وما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم له، وفضل ليلة نصفه

- ‌(الترغيب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر سيما الأيام البيض)

- ‌(الترغيب في صوم الاثنين والخميس)

- ‌(الترغيب في صوم الأربعاء والخميس والجمعة والسبت والأحد)وما جاء في النهي عن تخصيص الجمعة بالصوم أو السبت

- ‌(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام

- ‌(ترهيب المرأة أن تصوم تطوعا وزوجها حاضر إلا أن تستأذنه)

- ‌(ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه)وترغيبه في الإفطار

- ‌(الترغيب في السحور سيما بالتمر)

- ‌(الترغيب في الفطر على التمر، فإن لم يجد فعلى الماء)

- ‌الترغيب في إطعام الطعام

- ‌(ترغيب الصائم في أكل المفطرين عنده)

- ‌(الترغيب في الاعتكاف)

- ‌(الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها)

- ‌(كتاب العيدين والأضحية)

- ‌الترغيب في إحياء ليلتي العيدين

- ‌الترغيب في التكبير في العيد وذكر فضله

- ‌الترغيب في الأضحية، وما جاء فيمن لم يضح مع القدرة، ومن باع جلد أضحيته

- ‌(الترهيب من المثلة بالحيوان ومن قتله لغير الأكل)وما جاء في الأمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الحج والعمرة وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات

- ‌(الترغيب في النفقة في الحج والعمرة)وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام

- ‌(الترغيب في العمرة في رمضان)

- ‌الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياباقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌(الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بها)

- ‌(الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى)

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله

- ‌(الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة)

- ‌الترغيب في رمي الجمار، وما جاء في رفعها

- ‌(الترغيب في حلق الرأس بمنى)

- ‌(الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله)

- ‌(ترهيب من قدر على الحج فلم يحج)(وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج)

- ‌الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينةوبيت المقدس وقباء

- ‌(الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها)وفضل أُحُد، ووادي العقيق

- ‌(الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء)

- ‌(كتاب الجهاد)

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌(الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى)

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم في أهلهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياء ولا سمعة، وما جاء في فضلهاوالترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الاكثار من العمل الصالح من الصوموالصلاة والذكر ونحو ذلك، وتقدم في باب النفقة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌(الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه)

- ‌الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل التكلم فيه والدعاء عند الصف والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهادوما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌(الترهيب من الفرار من الزحف)

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌(الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غال)

- ‌(الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء)

- ‌التَّرْهِيب من أَن يَمُوت الْإِنْسَان وَلم يغز وَلم ينْو الْغَزْو وَذكر أَنْوَاع من الْمَوْت تلْحق أَرْبَابهَا بِالشُّهَدَاءِ والترهيب من الْفِرَار من الطَّاعُون

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمهوما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌(الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن)

- ‌(الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به)

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة، وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمرانوما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولهاأو عشر من آخرها

- ‌(الترغيب في قراءة سورة يس وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا الشمس كورت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها)

- ‌(الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر)

- ‌الترغيب في قراءة قل هو الله أحد

- ‌(الترغيب في قراءة المعوذتين)

- ‌(كتاب الذكر والدعاء)

- ‌(الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرَّا وجهرا والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى)

- ‌(الترغيب في كلمات يكفرن لغط المجلس)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وما جاء في فضلها)

- ‌(الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

- ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

- ‌(الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)

- ‌(الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)

- ‌(الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)

- ‌(الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات)

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل)

- ‌(الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما)

- ‌(الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها)

- ‌الترغيب في الاستغفار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلموالترهيب من تركها عند ذكره، صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب البيوع وغيرها

- ‌الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيرهوما جاء في نوم الصبحة

- ‌(الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة)

- ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيهوما جاء في ذمّ الحرص وحب المال

- ‌الترغيب في طلب الحلال والأكل منهوالترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور

- ‌الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء

- ‌(الترغيب في إقالة النادم)

- ‌(الترهيب من بخس الكيل والوزن)

- ‌الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره

- ‌الترهيب من الاحتكار

- ‌ترغيب التجار في الصدقوترهيبهم من الكذب والحلف وإن كانوا صادقين

- ‌الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر

- ‌الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه

- ‌الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوجأن ينويا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت

- ‌الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين

- ‌(الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور)

- ‌(الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس)

الفصل: ‌(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

(نوع منه)

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو الحيُّ الذي لا يموت بيدهِ الخير وهو على كلِّ شيء قدير لا يريد بها إلا وجه الله أدخله الله بها جنَّات النَّعيم. رواه الطبراني من رواية يحيى من عبد الله البابلتي.

(نوع آخر منه)

1 -

رُوي عن عبد الله بن أبي أوْفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحداً صمداً لمْ يلدْ يُولد ولمْ يكن له كفواً أحدٌ كتب الله له ألفي ألفِ (1) حسنة. رواه الطبراني.

(الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه)

1 -

عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلمتانِ (2)

خفيفتان على اللِّسان، ثقيلتان في الميزان، وحبيبتان إلى الرَّحمن: سبحانَ

(1) كذا ط وع ص 512، وفي ن د: ألفي حسنة.

(2)

قال الشرقاوي: كلمتان خبر مقدم، وما بعده صفة بعد صفة والمبتدأ سبحان الله، وإن كانا منصوبين على الحكاية فهما في محل رفع، وقدم الخبر ليشوق السامع إلى المبتدأ فيكون أوقع في النفس وأدخل في القبول، لأن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب كقوله:

ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها

شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر

(حبيبتان) المراد محبوبية قائلهما، ومحبة الله تعالى لعبده إيصال الخير له والتكريم، وخص اسم الرحمن لذكره في المكان اللائق به كقوله تعالى:(استغفروا ربكم إنه كان غفارا)(خفيفتان) للين حروفهما وسهولة خروجهما فالنطق بهما سريع (ثقيلتان) حقيقة لكثرة الأجور المدخرة، والحسنات المضاعفة لذاكريهما. فالموزون نفس الكلمات لأن الأعمال تجسم، وقيل صحائفها لحديث البطافة المشهور. ومعنى سبحانه الله: تنزيه الله عما لا يليق به من كل نقص. أي أسبحه متلبساً بحمدي له من أجل توفيقه لي للتسبيح، والباء للملابسة، وقيل للاستعانة: أي أسبحه بما حمد به نفسه، وقيل للسببية: أي أسبح الله وأثنى عليه بحمده. قال الخطابي: المعنى وبمعونتك التي هي نعمة توجب على حمدك سبحتك لا بحولي وقوتي (سبحان الله العظيم) ليجمع بين مقامي الرجاء من (الرحمن) المنعم المحسن، والخوف من (العظيم) أي من هيبته تعالى، وفي الحديث من علم البديع: المقابلة =

ص: 420

الله وبحمده سبحان الله العظيم. رواه البخاري ومسلم، والترمذي والنسائي، وابن ماجه.

2 -

وعنْ أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك بأحبِّ الكلام إلى الله؟. قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: إن أحبَّ الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده. رواه مسلم والنسائي والترمذي إلا أنه قال: سبحان ربِّي وبحمده. وقال حديث حسن صحيح.

3 -

وفي رواية مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أيُّ الكلام أفضل: قال: ما اصطفى (1) الله لملائكتهِ، أو لعبادهِ: سبحان الله وبحمده.

4 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قال سبحان الله وبحمده، كتب له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنةٍ، ومنْ قال: لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله يوم القيامة. رواه الطبراني بإسناد فيه نظر.

زاد في رواية له عن أيوب بن عتبة عن عطاء عنه بنحوه، فقال رجل: كيف نهْلكُ بعد هذا يا رسول الله؟ قال: إنَّ الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبلٍ لأثقله فتقوم النِّعمة من نعم الله تكاد أن تستنفد (2) ذلك كله إلا أن يتطوَّل (3) الله برحمته.

5 -

ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن جده.

= والموازنة في السجع لأنه قابل الخفة على اللسان بالثقل في الميزان، ومن علم البيان الاستعارة (خفيفتان) شبه سهولة جريانهم على اللسان بخفة المحول من الأمتعة، واشتق من ذلك خفيفتان بمعنى سهلتا الجري على اللسان لقلة حروفهما ورشاقتهما، وأمل الثقل فهو حقيقة عند السنة، وفي حث على المواظبة عليهما.

روي أن ع يسى عليه الصلاة والسلام سئل: ما بال الحسنة تثقل والسيئة تخف؟ فقال إن الحسنة حضرة مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت فلا يحملنك ثقلها على تركها، والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت عليك فلا يحملنك على فعلها خفتها فإن بذلك تخف الموازين يوم القيامة. أهـ ص 392 جـ 3.

وقال الطيبي: الخفة مستعارة للسهولة، شبه سهولة جريان هذا الكلام على اللسان بما يخف على الحامل من بعض المحمولات فلا يشق عليه، فذكر المشبه وأراد المشبه به، وأما الثقل فعلى حقيقته لأن الأعمال تتجسم. وفيه حث على المواظبة على هذا الذكر، وتحريض على ملازمته لأن جميع التكاليف شاقة على النفس وهذا سهل، ومع ذلك يقل في الميزان (الرحمة) تنبيه على سعة رحمة الله تعالى حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل أهـ فتح ص 162 جـ 11.

(1)

اختار ورضى.

(2)

تذهب.

(3)

يتفضل وينعم ويسامح، وفيه الإكثار من ذكر الله.

ص: 421

ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله دخل الجنَّة، أوْ وجبتْ له الجنَّة، ومنْ قال: سبحان الله وبحمدهِ مائة مرَّة كتب الله له مائة ألف حسنةٍ وأربعاً وعشرين ألف حسنةٍ. قالوا: يا رسول الله إذا لا يهملك منَّا أحدٌ؟ قال: بلى إنَّ أحدكم ليجيء بالحسنات لوْ وضعت على جبلٍ أثقلته، ثمَّ تجيء النعم فتذهب بتلك، ثمَّ بتطاول الرَّبُّ بعد ذلك برحمته، قال: الحاكم: صحيح الإسناد.

6 -

وعنْ عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله وبحمده غرستْ له نخلةٌ في الجنَّة. رواه البزار بإسناد جيد.

7 -

وعنْ جابرٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلةٌ في الجنَّة. رواه الترمذي وحسنه، واللفظ له والنسائي إلا أنه قال: غرست له شجرة في الجنَّة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في موضعين بإسنادين قال في أحدهما: على شرط مسلم، وقال في الآخر: على شرط البخاري.

8 -

وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هاله (1) الليل أن يكابده، أوْ بخل بالمال أن ينفقه، أو جبن عن العدوِّ أن يقاتله فليكثر (2) من: سبحان الله وبحمده، فإنها أحبُّ إلى الله من جبل ذهبٍ ينفقه (3) في سبيل الله عز وجل. رواه الفريابي والطبراني واللفظ له، وهو حديث غريب، ولا بأس بإسناده إن شاء الله.

9 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن قال سبحان الله وبحمدهِ، في يومٍ مائة مرَّةٍ غفرت له ذنوبه، وإنْ كانت مثل زبد البحر (4) رواه مسلم والترمذي، والنسائي في آخر حديث يأتي إن شاء الله تعالى.

(1) هاله: شق عليه، صعب عليه قيام الليل للعبادة.

(2)

فليدم على هذه الصيغة.

(3)

يصرفه، والمعنى ينال ثوابا جليلا مثل إنفاق هذا الجبل.

(4)

كناية عن المبالغة في الكثرة. قال عياض قوله: (حطت عنه خطاياه) - وقوله في التهليل: (محيت عنه مائة سيئة) قد يشعر بأفضلية التسبيح على التهليل: يعني لأن عدد زبد البحر أضعاف أضعاف المائة لكن تقدم في التهليل (ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به) فيحتمل أن يجمع بينهما بأن يكون التهليل أفضل، وأنه بمزيد من رفع الدرجات وكتب الحسنات، ثم ما جعل مع ذلك من فضل عتق الرقاب قد يزيد على فضل التسبيح، وتكفيره جميع الخطايا لأنه قد جاء (من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار) فحصل بهذا العتق =

ص: 422

وفي رواية للنسائي من قال: سبحان الله وبحمده حطَّ (1) الله عنه ذنوبه، وإنْ كانتْ أكثر من زبد البحر. لمْ يقلْ في هذه في يومٍ، ولمْ يقل مائة مرَّةٍ، وإسنادهما متصل، ورواتهما ثقات.

10 -

وعنْ سليمان بن يسار رضي الله عنه عن رجل من الأنصار أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: قال نوح لابنهِ: إني موصيك بوصيَّةٍ وقاصرها لكيْ لا تنساها، أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: أما اللتان أوصيك بهما: فيستبشر الله بهما، وصالح خلقهِ، وهما يكثران الولوج على الله، أوصيك بلا إله إلا الله، فإنَّ السموات والأرض لو كانتا حلقة قصمتهما، ولوْ كانتا في كفَّةٍ وزنتهما، وأصيك: سبحانه الله وبحمده، فإنهما صلاة الخلق، وبهما يرزق الخلق، وإن من شيء إلا يسبِّح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهمْ إنه كان حليما غفوراً. وأما اللتان أنهاك عنهما: فيحتجب الله منهما، وصالح خلقهِ: أنهاك عن الشِّرك (2) والكبر (3) رواه النسائي، واللفظ له والبزار والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. (الولوج) الدخول.

11 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أستغفر الله وأتوب إليه من قالها كتبت له كما قالها، ثمَّ علِّقت بالعرش لا يمحوها ذنب عمله صاحبها حتى يلقى الله يوم القيامة وهي مختومة كما قالها. رواه البزار، ورواته ثقات إلا يحيى بن عمر بن مالك النكري.

12 -

وعنْ مصعب بن سعدٍ رضي الله عنه قال: حدَّثني أبي قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيعجز أحدكمْ أن يكسب كلَّ يوم ألف حسنةٍ فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة

= تكفيره جميع الخطايا عموما بعد حصر ما عدد منها، خصوصاً مع زيادة مائة درجة، وما زاده في عتق الرقاب الزيادة على الواحدة، ويؤيده الحديث (أفضل الذكر التهليل، وأنه أفضل ما قاله هو والنبيون من قبله) وهو كلمة التوحيد والإخلاص، وقيل إنه اسم الله الأعظم. أهـ ص 160 جـ 11.

(1)

محا ذنوبه وإن كثرت.

(2)

أن تجعل لله شريكا في ذاته، أو في صفاته أو في أفعاله.

(3)

العظمة والغطرسة، والعجب بالنفس، وقلة الأدب، وعدم الذوق في المعاملة، واحتقار الناس، والتقصير في واجباتهم ازدراء يشين.

ص: 423

فتكتب له ألف حسنةٍ، أو تحطُّ عنه ألف خطيئةٍ. رواه مسلم والترمذي، وصححه. والنسائي. قال الحميدي رحمه الله: كذا هو في كتاب مسلم في جميع الروايات، أو تحطُّ. قال البرقاني: ورواه شعبة، وأبو عوانة، ويحيى القطان عن موسى الذي رواه مسلم من جهته، فقالوا: وتحطُّ بغير ألفٍ انتهى.

(قال الحافظ) هكذا رواية مسلم، وأما الترمذي والنسائي، فإنهما قالا: وتحطُّ بغير ألفٍ، والله أعلم.

13 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس. رواه مسلم والترمذي.

14 -

وعنْ سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبُّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرُّك بأيِّهِنَّ بدأت. رواه مسلم وابن ماجه والنسائي، وزاد: وهنَّ من القرآن ورواه النسائي أيضاً، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة.

15 -

وعنْ رجلٍ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الكلام سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رواه أحمد، ورواته محتجّ بهم في الصحيح.

16 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ به وهو يغرس غرساً، فقال: يا أبا هريرة، ما الذي تغرس؟ قلت غراساً. قال: ألا أدللك على غراسٍ خير من هذا؟ سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تغرس لك بكل واحدةٍ شجرة في الجنة. رواه ابن ماجه بإسناد حسن، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

17 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقيت إبراهيم عليه السلام ليلة أسري بي، قال يا محمَّد: أقرئ أمَّتك مني السلام،

ص: 424

وأخبرهمْ أنَّ الجنَّة طيِّبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان (1) وأنَّ قيعان (1)، وأنَّ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رواه الترمذي والطبراني في الصغير والأوسط وزاد: ولا حول ولا قوَّة إلا بالله. وروياه عن عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود، قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

(قال الحافظ) أبو القاسم: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن هذا لم يسمع من أبيه، وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الكوفي واهٍ. ورواه الطبراني أيضاً بإسناده واهٍ من حديث سلمان الفارسي، ولفظه:

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ في الجنَّة قيعانا فأكثروا منْ غرسها. قالوا: يا رسول الله وما غرسها؟ قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

18 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر غرس له بكلٍ واحدة منهنَّ شجرةٌ في الجنَّة. رواه الطبراني وإسناده حسن لا بأس به في المتابعات.

19 -

وعنْ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هلَّل مائة مرَّة، وسبح مائة مرَّةٍ، وكبَّر مائة مرَّة كان خيرا له من عشر رقابٍ يعتقهنَّ، وستِّ بدناتٍ (2) ينحرهنَّ.

(1) أمكنه مستوية منبسطة واسعة في وطأة من الأرض يعلوها ماء السماء: أي المطر فتمسكه، ويستوي نباتها، القيعان: جمع قاع (إنما هي قيعان أمسكت الماء) الحديث. أهـ نهاية.

المعنى أرض مخصبة مثمرة منتجة. قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) 46 - من سورة الكهف.

الباقيات: أي أعمال الخيرات والصلوات، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر والكلام الطيب.

(2)

جمع بدنة، وإنما سميت بها الإبل لعظم بدنها. قال تعالى:(والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) 36 من سورة الحج.

شعائر من أعلام دينه التي شرعها الله تعالى (خير) منافع دينية (صواف) قائمات: أي صوافي خوالص لوجه الله تعالى (وجبت جنوبها) سقطت على الأرض كناية عن الموت (القانع) الراضي بما عنده وبما يعطي من غير مسألة (المعتر) المعترض بالسؤال (تشكرون) إنعامنا عليكم بالتقرب والإخلاص. أهـ بيضاوي.

ص: 425

وفي روايةٍ: وسبع بدناتٍ. رواه ابن أبي الدنيا عن سلمة بن وردان عنه، وهو إسناد متصل حسن.

20 -

وعنْ أمِّ هانئ رضي الله عنها قالت: مرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقلت: يا رسول الله قدْ كبرتْ سنِّي، وضعفت، أو كما قالتْ: فمرني بعملٍ أعمله وأنا جالسة؟ قال: سبِّحي الله مائة تسبيحةٍ، فإنها تعدل لك مائةرقبةٍ تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدةٍ، فإنها تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكبِّري الله مائة تكبيرة، فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلَّدة متقبلةٍ، وهلِّلي الله مائة تهليلة: قال أبو خلف: أحسبه قال تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذٍ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك إلا أن يأتي بمثل ما أتيت.

رواه أحمد بإسناد حسن، واللفظ له والنسائي، ولم يقل: ولا يرفع. إلى آخره، والبيهقي بتمامه ورواه ابن أبي الدنيا فجعل ثواب الرِّقاب في التحميد، ومائة فرس في التسبيح، وقال فيه: وهالي الله مائة تهليلةٍ لا تذر ذنباً، ولا يسبقها عملٌ.

ورواه ابن ماجه بمعناه باختصار، ورواه الطبراني في الكبير بنحو أحمد، ولم يقل: أحسبهُ ورواه في الأوسط بإسناد حسن إلا أنه قال فيه: قلتُ يا رسول الله قد كبرت سني، ورقَّ عظمي فدلَّني على عملٍ يدخلني الجنة، قال: بخٍ بخٍ لقدْ سألت، وقال فيه وقولي: لا إله إلا الله مائة مرَّةٍ، فهو خير لك مما أطبقتْ عليه السماء والأرض، ولا يرفع يومئذٍ عمل أفضل مما يرفع لك إلا من قال مثل ما قلتِ، أو زاد.

ورواه الحاكم بنحو أحمد، وقال: صحيح الإسناد، وزاد قولي: ولا حول ولا قوَّة إلا بالله لا تترك ذنبا، ولا يشبهها عمل.

21 -

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ قال: سبحان الله وبحمده كان مثل مائة بدنةٍ إذا قالها مائة مرَّةٍ، ومن قال: الحمد لله مائة مرَّة كان عدل مائة فرس مسرج ملجمٍ في سبيل الله، ومن قال: الله أكبر مائة مرَّة كان عدل مائة بدنةٍ تنحر بمكَّة. رواه الطبراني، ورواة إسناده رواة الصحيح خلا

ص: 426

سليم بن عثمان الفوزي يكشف حاله فإنه لا يحضرني الآن فيه جرح ولا عدالة.

22 -

وعنْ أبي هريرة وأبي سعيدٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله اصطفى من الكلام أربعاً: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كتب له عشرون حسنة، وحطَّت عنه عشرون سيِّئة، ومن قال: الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال: الحمد لله ربِّ العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنةً. وحطَّت عنه ثلاثون سيئة. رواه أحمد، وابن أبي الدنيا، والنسائي واللفظ له، والحاكم بنحوه، وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي، وفي آخره: ومنْ أكثر ذكر الله فقد برئ من النِّفاق.

23 -

وعن أبي مالكٍ الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور (1): شطر الإيمان، والحمد لله: تملأ الميزان، وسبحانه الله والحمد لله: تملآن الميزان أوْ تملأ ما بين السماوات والأرض (2)، والصلاة: نورٌ (3)، والصَّدقة: برهان (4)،

(1) الأكثرون على ضم الطاء: أي الأجر ينتهي تضعيفه إلى نصف أجر الإيمان، وقيل الإيمان يجب ما قبله من الخطايا وكذا الوضوء، لأن الوضوء لا يصح إلا مع الإيمان فصار لتوقفه على الإيمان في معنى الشطر، وقيل المراد بالإيمان هنا الصلاة كما قال الله تعالى:(وما كان الله ليضيع إيمانكم) والطهارة شرط في صحة الصلاة فصارت كالشطر، وقيل الإيمان تصديق بالقلب وانقياد بالظاهر، وهما شطر الإيمان والطهارة متضمنة الصلاة فهي انقياد في الظاهر والله أعلم أهـ نووي ص 101 جـ 3.

(2)

لو قدر ثوابهما جسما لملأ ما بين السماوات والأرض، وسبب عظم فضلهما ما اشتملتا عليه من التنزيه لله تعالى والتفويض والافتقار إلى الله تعالى بقوله الحمد لله والله أعلم.

(3)

تمنع من المعاصي، وتنهي عن الفحشاء، والمنكر، وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به، وقيل معناه يكون أجرها نورا لصاحبها يوم القيامة، وقيل لأنها سبب لإشراق أنوار المعارف، وانشراح القلب ومكاشفات الحقائق لفراغ القلب فيها، وإقباله إلى الله تعالى بظاهره وباطنه، وقد قال الله تعالى:(واستعينوا بالصبر والصلاة) وقيل تكون نورا ظاهرا على وجهه في الآخرة، وفي الدنيا يتجلى على وجهه البهاء والصفاء بخلاف من لم يصل والله أعلم.

(4)

قال صاحب التحرير: معناه يفزع إليها كما يفزع إلى البراهين .. كأن العبد إذا سئل يوم القيامة عن مصرف ماله كانت صدقاته براهين، ويجوز أن يوسم المتصدق بسيماء يعرف بها فيكون برهانا له على حاله، ولا يسأل عن مصرف ماله، وقال غيره: الصدقة حجة على إيمان فاعلها فإن المنافق يمتنع منها لكونه لا يعتقدها فمن تصدق استدل بصدقته على صدق إيمانه والله أعلم.

ص: 427

والصبر (1): ضياء، والقرآن: حجة لك، أو عليك (2) كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها (3)

رواه مسلم والترمذي والنسائي.

24 -

وعن رجل من بني سليمٍ قال: عدَّهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في يدي: أو في يده. قال: التسبيح (4): نصف الميزان، والحمد لله: تملؤه، والتكبير (5): يملأ (6) ما بين السماء والأرض، والصوم (7): نصف الصبر، والطهور: نصف الإيمان. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

(1) حبس النفس على طاعة الله تعالى، وإبعادها عن معصيته، وعدم الجزع عند النائبات وأنواع المكاره.

ولا يزال الصابر محمودا مستضيئا، مهتديا مستمرا على الثبات، متحليا بمكارم الأخلاق لا يعرف للجزع سبيلا.

قال ابراهيم الخواص: الصبر هو الثبات على الكتاب والسنة، وقال ابن عطاء: الصبر الوقوف مع البلاء بحسن الأدب، وقال الأستاذ أبو على الدقائق رحمه الله تعالى: حقيقة الصبر أن لا يعترض على المقدور، فأما إظهار البلاء لأعلى وجه الشكوى فلا ينافي الصبر. قال الله تعالى في أيوب عليه السلام:(إنا وجدناه صابرا نعم العبد) مع أنه قال: (إني مسني الضر) والله أعلم.

(2)

أي تنتفع به إن تلوته وعملت به، وإلا فشاهد على تقصيرك.

(3)

أي كل إنسان يسعى بنفسه فمنهم من يبيعها لله تعالى بطاعته فيعتقها من العذاب، ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتباعهما فيوبقها: أي يهلكها. أهـ نووي ببعض تصرف ص 102 جـ 3.

إن هذا الحديث جمع خلال الخير وأنواع البر، يدعو إلى النظافة، ويحث على طهارة الظاهر من الدنس والباطن من الحسد والغل والحقد والأذى، ويطلب العمل الصالح وإجابة أوامر الله، والمحافظة على الصلوات تامة كاملة، ويطلب الزكاة والكرام، والانفاق في إقامة مشروعات الخير، وإعانة الفقراء والضعفاء، ويدعو إلى تحلي الأمة بالصبر لتحيا ولتجاهد، ولتعمل ولتنعم ولتتقدم وتجابه الحوادث بعزيمة صارمة شامخة، وإرادة قوية تستهزئ بالمصاعب، وتسخر من الكوارث رجاء فلاحها وحسن عاقبتها (العاقبة للتقوى) ويدعو إلى إرشاد المسلمين إلى كتابهم العزيز، والاصغاء إلى نصائحه، والعمل بأوامر، والتخلي عن مناهيه، وإلا فشاهد عدل وحجة على إهمالهم. قال تعالى:

أ - (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الأباب) 29 من سورة ص.

ب - (والكتاب المبين 2 إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون 3 وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين) 5 من سورة الزخرف.

لكي تفهموا معانيه وتعملوا به (أم الكتاب) اللوح المحفوظ (لدينا) محفوظا عن التغيير عندنا (لعلي) رفيع الشأن معجز ذو حكمة بالغة، أو محكم لا ينسخه غيره (أفنضرب) أي أنهملكم فنضرب عنكم الذكر حالة كونكم صافحين معرضين عنه، لأن كنتم.

أسأل الله السلامة والهداية، ووفقنا يا رب للعمل به ما حيينا، ولاتباع سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(4)

تنزيه الله وتقديسه بالاكثار من ذكر الله وتسبيحه، ويملأ نصف ميزان المسبح ثوابا وحسنات.

(5)

الثناء عليه والشكر له وتبجيله.

(6)

تعظيم الله يملؤهما أجرا.

(7)

حبس النفس عن المفطرات طول يومه حبا في ثواب الله جل وعلا ولذلك تكفل الله وحده باغداق =

ص: 428

ورواه أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بنحوه، وزاد فيه: ولا إله إلا الله ليْس لها دون الله حجابٌ حتى تخلص إليه.

25 -

وعنْ أبي ذرٍ رضي الله عنه أنَّ ناساً من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدُّثور بالأجور يصلُّون كما نصلِّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهمْ، قال: أو ليس قد جعل الله لكمْ ما تصدًّقون به؟ إن بكلِّ تسبيحة صدقةً، وكلُّ تكبيرة صدقة، وكل تحميدةٍ صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة.

قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجرٌ (1)؟ قال: أرأيتم لوْ وضعها في حرام (2) كان علي وزرٌ (3) فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ.

رواه مسلم وابن ماجه. (الدثور) بضم الدال: جمع دثر بفتحها، وهو المال الكثير.

(والبضع) بضم الموحدة: هو الجماع، وقيل هو الفرج نفسه.

26 -

وعنْ أبي سلمى رضي الله عنه راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بخٍ بخٍ (4) لخمس ما أثقلهنَّ (5) في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه (6) رواه النسائي واللفظ له، وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه ورواه البزار بلفظه من حديث ثوبان، وحسن إسناده، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث سفينة، ورجاله رجال الصحيح.

= الأجور على الصائم. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الصوم ثوابه نصف ثواب الصبر ليحث على كبح جماح النفس في الاسترسال في الشهوات والترف، وحسبك قوله صلى الله عليه وسلم:(من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا).

(1)

ثواب: معناه قصد الزنا وهتك الأعرض، وتمزق حجاب العفاف.

(2)

ذنب فيه الحث على كثرة التسبيح، والتحميد، وقربان الرجل زوجه، واجتناب المحارم وتقديم النصائح وبث الهداية، والحض على ترك الرذائل.

(3)

ذنب فيه الحث على كثرة التسبيح، والتحميد والتكبير، وقربان الرجل زوجه، واجتناب المحارم وتقديم النصائح وبث الهداية، والحض على ترك الرذائل.

(4)

كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء وتكرر للمبالغة والإحسان.

(5)

ترجح كفتها ويكثر أجرها.

(6)

يطلب من الله العوض، ويسلمه ذخيرة عند ربه ولا يجزع، ولا يقول ما يغضب الرب تبارك وتعالى.

ص: 429

27 -

وعنْ عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق كلُّ إنسان من بني آدم على ستِّين وثلاثمائة مفصلٍ (1). فمن كبَّر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل (2) حجراً عن طريق المسلمين، أو شوْكة أوع ظماً عن طريق المسلمين، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر عدد تلك السِّتين والثلثمائة، فإنَّه يمسى يؤمئذ، وقد زحزح - نحى: قال تعالى: (فمن زحزح عن النار) أي أزيل عن مقره فيها. أهـ غريب (3) نفسه عن النار. قال أبو توبة: وربما قال: يمشي، يعني بالشين المعجمة. رواه مسلم والنسائي.

28 -

وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال أعرابي: يا رسول الله إنِّي قد عالجت (4) القرآن، فلمْ استطعه فعلِّمني شيئا يجزئ (5) من القرآن، قال قلْ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فقالها وأمسكها بأصابعهِ، فقال: يا رسول الله هذا لربي فمالي؟ قال تقول: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، واحسبه قال واهدني، ومضى الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذهب الأعرابي وقد ملأ يديه خيراً. رواه ابن أبي الدنيا عن الحجاج بن أرطاة عن إبراهيم السكسكي عنه، ورواه البيهقي مختصرا، وزاد فيه. ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإسناده جيد.

29 -

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني كلاما أقوله، قال قلْ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله ربِّ العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم. قال: هؤلاء لربي فما لي؟ قال قل: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني، وزاد من حديث أبي مالك الأشجعي: وعافني. وفي رواية قال: فإنَّ هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك. رواه مسلم.

30 -

وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ بدويٌّ إلى

(1) أي عضو متحرك ما بين كل أنملتين.

(2)

أبعده من طريق الناس.

(3)

نحى: قال تعالى: (فمن زحزح عن النار) أي أزيل عن مقره فيها. أهـ غريب.

(4)

أخذت في تلاوته فصعبت على قراءته قراءة تامة.

(5)

يعطيني ثوابا جزيلا كأني قرأت من القرآن.

ص: 430

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني خيرا. قال قلْ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. قال: وعقد بيده أربعاً، ثمَّ ذهب فقال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثمَّ رجع فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم، وقال تفكَّر البائس، فقال: يا رسول الله سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هذا كله لله فمالي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت سبحان الله. قال الله: صدقت، وإذا قلت: الحمد لله قال الله: صدقت، وإذا قلت: لا إله إلا الله. قال الله: صدقت، وإذا قلت: الله أكبر قال الله: صدقت، فتقول: اللهم اغفر لي فيقول الله: قد فعلت، فتقول: اللهمَّ ارحمني، فيقول الله: قد فعلتُ، وتقول: اللهم ارزقني، فيقول الله: قد فعلت. قال: فعقد الأعرابي سبعا في يده. رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي، وهو في المسند وسنن النسائي من حديث أبي هريرة بمعناه.

31 -

وعنْ سلمى أمِّ بني أبي رافعٍ رضي الله عنها مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالتْ: يا رسول الله أخبرني بكلماتٍ، ولا تكثر عليَّ؟ فقال: قولي الله أكبر عشر مرَّات. يقول الله: هذا لي، وقولي: سبحان الله عشر مرَّات يقول الله: هذا لي، وقولي. اللهمَّ اغفر لي، يقول: قد فعلت، فتقولين عشر مرَّاتٍ، ويقول قد فعلت. رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح.

32 -

وعنْ أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استكثروا من الباقيات (1) الصالحات (2). قيل: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل، والتسبيح، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. رواه أحمد، وأبو يعلي والنسائي، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

(1) الدائم ثوابها ونعيمها.

(2)

المقبول ذكر الله بها، الداعية إلى تبجيل الله وتقديسه، والاعتماد عليه سبحانه، والفويض له جل وعلا، فلا تحول على الطاعة، ولا قدرة على اتباع أوامر الشرع إلا بتوفيقه عز شأنه. قال في النهاية: المعنى لا حركة ولا قوة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل الحول: الحيلة، والأول أشبه أهـ.

ص: 431

33 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خذوا جنَّتكم. قالوا: يا رسول الله عدوٌّ حضر؟ قال: لا، ولكن جنَّتكم من النار. قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنَّهنَّ يأتين يوم القيامة مجتَّنبات ومعقِّباتٍ، وهنَّ الباقيات الصالحات. رواه النسائي واللفظ له، والحاكم والبيهقي وقال: الحاكم: صحيح على شرط مسلم. (جنتكم) بضم الجيم، وتشديد النون: أي ما يستركم، ويقيكم.

(ومجنبات) بفتح النون: أي مقدمات أمامكم، وفي رواية الحاكم منجيات بتقديم النون على الجيم، وكذا رواه الطبراني في الأوسط، وزاد: ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.

ورواه في الصغير من حديث أبي هريرة فجمع بين اللفظين فقال: ومنجيات، ومجنبات. وإسناده جيد قوي. (ومعقبات) بكسر القاف المشددة: أي تتعقبكم، وتأتي من ورائكم.

34 -

وعنْ أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنَّهنَّ الباقيات الصالحات، وهنَّ يحططن (1) الخطايا كما تحط الشجرة ورقها، وهي منْ كنوز الجنة. رواه الطبراني بإسنادين أصلحهما فيه عمر بن راشد، وبقية رواته محتج بهم في الصحيح، ولا بأس بهذا الإسناد في المتابعات، ورواه ابن ماجه من طريق عمر أيضا باختصار.

35 -

وعن النُّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ مما تذكرون من جلال الله: التسبيح، والتهليل والتحميد ينعطفن (2) حول العرش لهنَّ دوي (3) كدويِّ النحل تذكر بصاحبها، أو يحبُّ أحدكم أن يكون له، أوْ لا يزال له من يذكر به. رواه ابن أبي الدنيا، وابن ماجه واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.

36 -

وعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إذا حدَّثتكم بحديثٍ أتيناكمْ بتصديق ذلك في كتاب الله: إن العبد إذا قال سبحان الله، والحمد لله،

(1) تزيلها وتلقيها. وفيه: (من ابتلاء الله ببلاء في جسده فهو له حطة) أي تحط عنه خطاياه وذنوبه، وهي فعلة، من حط الشيء يحطه: إذا أنزله وألقاه. أهـ نهاية.

(2)

يملن.

(3)

صوت.

ص: 432

ولا إله إلا الله، والله أكبر، وتبارك الله قبض عليهنَّ ملك فضمَّهنَّ تحت جناحهِ، وصعد بهنَّ لا يمرُّ بهنَّ على جمعٍ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهنَّ حتى يحيا بهنَّ وجه الرَّحمن ثمَّ تلا عبد الله: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (1). رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.

(قال الحافظ) كذا في نسختي يحيا بالحاء المهملة، وتشديد المثناة تحت، ورواه الطبراني فقال: حتى يجيء بالجيم، ولعله الصواب.

37 -

وعنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض أحد يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولاقوَّة إلا بالله إلا كفَّرت (2) عنه خطاياه: ولوْ كانتْ مثل زبد البحر. رواه النسائي والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن، وروي شعبة هذا الحديث من أبي بلج بهذا الإسناد نحوه.

ولم يرفعه. انتهى، ورواه ابن أبي الدنيا والحاكم، وزادا: وسبحان الله، والحمد لله، وقال الحاكم: حاتم ثقة، وزيادته مقبولة: يعني حاتم ابن أبي صغيرة.

38 -

وعنْ أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غصناً فنفضه (3) فلمْ ينتفضْ، ثمَّ نفضه فلم ينتفض، ثمَّ نفضه فانتفض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ سبحان الله: والحمد لله، ولا له إلا الله، والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض (4) الشجرة ورقها. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، والترمذي ولفظه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بشجرة يابسة الورق فضربها بعصا فتتناثر ورقها

(1) بيان لما يطلب به العزة، وهو التوحيد والعمل الصالح، وصعودها إليه مجاز عن قبوله إياهما، أو صعود الكتبة بصحيفتهما، والمستكن في (يرفعه) الكلم. فإن العمل لا يقبل إلا بالتوحيد، ويؤيده أنه نصب العمل، أو العمل، فإنه يحقق الإيمان ويقويه، أو لله، وتخصيص العمل بهذا الشرف لما فيه من الكلفة، وقرئ يصعد على البناءين، والمصعد: هو الله، أو المتكلم به أو الملك، وقيل الكلم الطيب يتناول الذكر والدعاء وقراءة القرآن، وعنه عليه الصلاة والسلام هو:(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فإذا قالها العبد عرج به الملك إلى السماء فحيا بها وجه الرحمن. فإذا لم يكن عمل صالح لم تقبل. قال تعالى: (من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور) 10 من سورة فاطر.

(يبور) يفسد ولا ينفذ. أهـ بيضاوي. من أراد العزة فليطع العزيز.

(2)

سترت ومحت ولو كثر عددها.

(3)

هزه وحركه.

(4)

ترمي.

ص: 433

فقال: إنَّ الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة. وقال: حديث غريب، ولا نعرف للأعمش سماعاً من أنس إلا أنه قد رآه، ونظر إليه انتهى. (قال الحافظ): لم يروه أحمد من طريق الأعمش.

39 -

وعن معاذ بن عبد الله بن رافعٍ رضي الله عنهم قال: كنت في مجلس فيه عبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفرٍ، وعبد الله بن أبي عميرة رضي الله عنهم، فقال ابن أبي عميرة: سمعت معاذ بن جبل يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلمتان إحداهما ليس لها ناهية دون العرش، والأخرى تملأ ما بين السماء والأرض: لا إله إلا الله، والله أكبر، فقال ابن عمر لابن أبي عميرة: أنت سمعته يقول: كلمتان إحداهما ليس لها ناهية دون العرش، والأخرى تملأ ما بين السماء والأرض: لا إله إلا الله، والله أكبر، فقال ابن عمر لابن أبي عميرة: أنت سمعته يقول ذلك؟ قال: نعم، فبكى عبد الله بن عمر حتى اختضبت (1) لحيته بدموعه، وقال: هما كلمتان نعلِّقهما ونألفهما (2) رواه الطبراني، ورواته إلى معاذ بن عبد الله ثقات سوى ابن لهيعة، ولحديثه هذا شواهد. (نعلقهما): أي نحبهما ونلزمها.

40 -

وروي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله، والله أكبر أعتق الله ربعه من النار، ولا يقولها اثنتين إلا أعتق الله شطره من النار، وإن قالها أربعاً أعتقه الله من النار. رواه الطبراني في الكبير والأوسط.

41 -

وعن عمران، يعني ابن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يستطيع أحدكمْ أن يعمل كلَّ يوم مثل أحدٍ عملاً؟ قالوا: يا رسول الله ومن يستطيع أن يعمل كلَّ يومٍ عملاً مثل أحدٍ؟ قال: كلكمْ يستطيعه. قالوا: يا رسول الله ماذا؟ قال: سبحان الله أعظم (3) من أحدٍ، ولا إله إلا الله أعظم منْ أحدٍ، والحمد لله أعظم من أحد، والله أكبر أعظم من أحدٍ. رواه ابن أبي الدنيا والنسائي، والطبراني والبزار، كلهم عن الحسن عن عمران، ولم يسمع منه، وقيل: سمع، ورجالهم رجال الصحيح إلا شيخ النسائي عمرو بن منصور، وهو ثقة.

(1) ابتلت وغمرت.

(2)

نحفظهما ونكثر من ذكر الله بهما.

(3)

ثوابها أكبر عند الله وأثقل من جبل أحد.

ص: 434

42 -

وعنْ عبد الله، يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: إنَّ الله قسم بينكمْ أخلاقكمْ كما قسم بينكم أرْزاقكمْ، وإنَّ الله يؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحبُّ، ولا يؤتي الإيمان إلا من أحبَّ، فإذا أحبَّ الله عبدا أعطاه (1) الإيمان، فمن ضمنَّ بالمال أن ينفقه، وهاب العدوَّ أن يجاهده، والليل أن يكاد بده، فليكثر من قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله (2). رواه الطبراني، ورواته ثقات وليس في أصله رفعه.

(ضنَّ) بالضاد المعجمة: أي بخل.

43 -

وعنْ أبي المنذر الجهنيِّ الله عنه قال: قلت يا نبيَّ الله علمني أفضل الكلام؟ قال: يا أبا المنذر قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، ويحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير مائة مرة في كل يومٍ فإنك يومئذ أفضل الناس عملا إلا من قال مثل ما قلت، وأكثر من قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها سيد الاستغفار (3)، وإنها ممحاة (4) للخطايا، أحسبه قال: موجبة (5) للجنَّة. رواه البزار من رواية جابر الجعفي.

44 -

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، كتب له بكلِّ حرفٍ عشر حسناتٍ. رواه ابن أبي الدنيا بإسناد لا بأس به.

45 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال الله: أسلم (6) عبدي واستسلم (7).

رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد

(1) في ن د: آتاه.

(2)

معناه الإكثار من التسبيح والتحميد، والتكبير يزيد في حسنات الذاكر مثل الجاهد والمتهجد.

(3)

أعظم صيغة عند الله جليلة الأجر، ورئيسة الأوراد.

(4)

مزيلة.

(5)

مسببة دخول الجنة حتما.

(6)

انقاد وأطاع.

(7)

فوض أمره إلى، وأجاد في الإخلاص، واعتمد على فأنا القادر المجازي المعطي.

(ثمرات المحافظة على ذكر: لا إله إلا الله من فقه الأحاديث النبوية)

أولاً: إذا تلوت: (سبحانك اللهم وبحمدك ..) تزيل ما ارتكبته أثناء حديثك في المجلس وتكفر الخطايا. =

ص: 435

46 -

وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

= ثانياً: تثبت لك براءة من النار، وإجازة المرور بسلام يوم اشتداد الأهوال (كالطابع) أو الخاتم.

ثالثاً: الإكثار من ذكر لا إله إلا الله محمد رسول الله يضمن شفاعة خير الخلق، صلى الله عليه وسلم (من أسعد الناس الخ) وتدخله الجنة، وتحرم جسده على النار.

رابعاً: علامة قبول ذاكر الله بها بعده عن المعاصي، وتحليه بالمكارم (أن تحجزه عن محارم الله).

خامساً: ذكرها يهيئ له الرحمات، ويجلب له الخير والبركات (وتفتح له أبواب السماء).

سادساً: ذكرها يدخرها ثواباً فيظهر عند حاجته إلى من يغيثه ويقيه عاديات المحشر (نفعته يوما من دهره).

سابعاً: ثوابها يثقل في الميزان عن السموات والأرض وتميل كفة الذاكر الله كثيرا (سألت بهم لا إله إلا الله).

ثامناً: هي أفضل الذكر.

تاسعاً: سبب الغفران لمن قالها (أبشروا).

عاشراً: أمر بذكر الله بها صلى الله عليه وسلم بسرعة خشية موت الفجأة فلا ينفع شيء وقتئذ (قبل أن يحال بينكم وبينها) أي يأتي الموت بغتة. فأسرعوا في ملء صحائفكم حسنات بتلاوتها مع الفكر والتأمل في معناها.

الحادي عشر: أبواب الجنة مقفلة إلا على ورادها الذاكرين الله (مفاتيح الجنة).

الثاني عشر: ذكرها يمحو السيئات، ويطمس الذنوب ويضع مكانها حسنات (إلا طمست ما في الصحيفة).

الثالث عشر: من دلائل قدرته تلألأ أنوار عرش الله جل وعلا، وترجو شفاعة لذاكر الله (اهتز فلك العمود).

الرابع عشر: ذكر لا إله إلا الله يؤنس الذاكر في قبره، ويفسح له ويزيده بهاء ونضارة وينيره وتمنع عنه العذاب (ليس على على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم).

الخامس عشر: ذكر الله بهما يصعد إلى الله تعالى: (ولو كانت حلقة لقصمتهن) أي قطعتهن ووصلت الى القادر جل وعلا ليحيط صاحبها بالقول، ويحفه بالرحمات، ويكشف عنه الأنوار الصمدية (ليس لها دون الله حجاب).

السادس عشر: كنز مدخر لتاليها يوم يحاسب الله الخلائق فيظهر هذا في صحيفة الذاكر (فطاشت السجلات وثقلت البطاقة) بمعنى أنها رجحت على جميع ذنوبه المحسوبة عليه. فعليك أخي بتوحيد الله في ذاته وصفاته وأفعاله واشغل قلبك بها دائما، ولسانك لا يفتر عن ذكر الله عسى ربك أن يسدد خطاك ببركة توحيده.

(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)

أولا: يعطي الله ثواب قارئها عشر مرات مثل من حرر أعبرة أنفس من الذل والأسر لوجه الله.

ثانياً: إذا صدق بها قلبه، وساعد التلفظ بها تجلى الله عليه بأنواره فأزال ظلمات الجهالة، ونظر إليه تعالى نظر رحمة ورأفة وإحسان. فلا يعذب أبدا ولا يشقى، ويقبل عمله ويرجى دعاؤه، ويدرك الولاية ويحاط بالقبول (فتق الله عز وجل له السماء فتقا حتي ينظر إلى قائلها).

ثالثاً: تلاوتها تحبط الذنوب وتزيل العيوب (ولم يبق معها سيئة).

رابعاً: هي أفضل ورد يعتني به الذكر (وخير ما قلت أنا والنبيون).

خامساً: توصل تاليها إلى الجنة وتملأ صحائفه حسنات.

فضل سبحان الله وبحمده

أولا: محبة عند الله جل وعلا.

ثانياً: تجلب آلاف الحسنات لذاكر الله بها، وتكاد تؤدي شكر المنعم على إنعامه، وتقوم بواجب شكر إحسانه فترجح كفة قائلها أمام وزن ما أنعم الله به على عباده إن شاء غفر له وسامحه وعفا عنه (ثم تجيء النعم فتذهب بتلك).

ثالثاً: تغرس له نخلة في الجنة. =

ص: 436

إذا مررتمْ برياض الجنَّة فارتعوا. قلتُ: يا رسول الله وما رياض الجنَّة؟ قال: المساجد قلت: وما الرَّتع؟ قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رواه الترمذي وقال: حديث غريب (قال الحافظ): وهو مع غرابته حسن الإسناد.

48 -

وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَّل من يدعى إلى الجنة الذين يحمدون الله عز وجل في السراء والضراء. رواه ابن أبي الدنيا، والبزار والطبراني في الثلاثة بأسانيد أحدها حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.

49 -

وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التأني من الله، والعجلة من الشيطان، وما أحدٌ أكثر معاذير من الله، وما من شيءٍ أحبَّ رلى الله من الحمد. رواه أبو يعلي، ورجاله رجال الصحيح.

50 -

وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم الله على عبدٍ من نعمةٍ، فقال الحمد لله، إلا أدَّى شكرها، فإنْ قالها ثانياً جدَّد الله له

= رابعاً: الفقير يكثر من تسبيح الله تعالى بها رجاء أن يشيد له في الصالحات مكانا عليا (أحب إلى من جبل ذهب ينفقه).

خامساً: تسبب غفران الخطايا وإن كثر عددها (مثل زبد البحر).

سادساً: سبب بسطة الرزق وسعته، وإزالة الضيق وتفريج الكروب (صلاة الخلق وبها يرزق).

سابعاً: ثوابها يكنز بجوار العرش يدخر لطالبه (لا يمحوها ذنب عمله صاحبها).

ثامناً: أحب صيغة اختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحب إلى مما طلعت عليه الشمس).

تاسعاً: غراس الجنة بكل كلمة شجرة (غراسها سبحان الله).

عاشراً: الإكثار من تسبيح الله بها تتحرر عشرة نفوس ذليلة، ونحر إبل في الإنفاق لله تعالى (من هلل مائة مرة).

الحادي عشر: بكل تسبيحة صدقة وذكر الله بها يؤدي الصدقات عن 360 مفصلا، وهي الدروع الحصينة المانعة عذاب الله (جنبتكم مجنبات ممحاة للخطايا).

الثاني عشر: تلاوتها تنبئ عن تفويض العبد كل أعماله لربه ظاهرها وباطنها، والشعور بالذلة والانقياد له والضعف والاستكانة، وأنه وحده الفعال المنفذ القادر القهار (أسلم عبدي واستسلم).

الثالث عشر: بقدر تلاوتها ثمرات الجنة تدخر لذاكر الله (فارتعوا).

الرابع عشر: الذاكرون أول زمرة يقدم لهم نعيم الله (أول من يدعى إلى الجنة).

الخامس عشر: الذاكرون أعمالهم كاملة وأجورهم وافية، والغافلون أعمالهم ناقصة قليلة البركة (فهو أجذم).

السادس عشر: تلاوتها. هذه الصيغ محمودة ومحبوبة، وزائدة الثواب، ومرجوة القبول لأنها من ألفاظ سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:(ولسوف يعطيك ربك فترضى).

ص: 437