الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى النار. رواه الترمذي عن إسماعيل بن مسلم المكي، وهو واهٍ، عن الحسن، وقتادة عنه، وقال: رواه غير واحد عن الحسن، ولم يسندوه.
(قوله: البذخ) بباء موحدة مفتوحة، ثم ذال معجمة ساكنة، ثم جيم: هو ولد الضان شبه به لما يأتي فيه من الصَّغار، والذل، والحقارة.
(قال الحافظ): وتأتي أحاديث كثيرة في ذم الحرص، وحب المال في الزهد وغيره إن شاء الله تعالى.
الترغيب في طلب الحلال والأكل منه
والترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك
1 -
عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيِّب (1) لا يقيبل إلا طيباً (2)، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرُّسل كلوا من الطيّبات (3) واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليمٌ. وقال: يا أيها
= وانظر إلى الغيم فمن
…
أنزل منه مطره
فصير الأرض به
…
بعد اغبرار حضره
وانظر إلى المرء وقل
…
من شق فيه بصره
من ذا الذي جهزه
…
بقوة مفترة
ذاك هو الله الذي
…
أنعمه منهمرة
ذو حكمة بالغة
…
وقدره مقتدرة
أهـ من كتاب المحفوظات المختارة (20 جـ 3).
(1)
منزه عن النقائص والخبائث، فيكون بمعي القدوس الذي تعالى عن كل صغيرة وكبيرة، سبحانه اتصف بكل كمال. وأورد النووي في شرح هذا الحديث قول عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أسألك باسمك المطهر الطاهر الطيب المبارك الأحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، وإذا استرحمت به رحمت، وإذا استفرجت به فرجت) وقيل (طيب) أي طيب الثناء ومستلذ الأسماء عند العارفين بها، وهو طيب عباده لدخول الجنة بالأعمال الصالحة، وطيبها لهم والكلمة الطيبة (لا إله إلا الله) أهـ.
(2)
أي حلالا بعيدا عن المحارم فلا يتقرب إليه بصداقة حرام. يكره التصدق بالرديء من الطعام كالحب العتيق والمسوس، وكذلك يكره التصدق بما فيه شبهة. قال الله تعالى:(ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) 267 من سورة البقرة.
سبحانه وتعالى لا يقبل إلا الخالص لوجهه الكريم البعيد من شائبة الرياء والعجب والسمعة المقصودية ثوابه جل وعلا.
(3)
المأخوذة من وجوه الحلال. قال النووي: في الحديث دليل على أن الشخص يثاب على ما يأكله إذا قصد به التقوى على الطاعة أو إحياء نفسه، وذلك من الواجبات، بخلاف ما إذا أكل طردا للشهوة والتنعم أهـ.
الذين آمنوا كلوا من طيِّبات ما رزقناكمْ. ثمَّ ذكر الرَّجل يطيل (1) السَّفر أشعث (2) أغبر يمدُّ يديه (3) إلى السماء: يا ربِّ يا ربِّ، ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغذي (4) بالحرام، فأنَّي (5) يستجاب لذلك؟. رواه مسلم والترمذي.
2 -
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: طلب الحلال واجب على كلِّ مسلمٍ. رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن إن شاء الله.
3 -
وروي عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: طلب الحلال فريضةٌ (6) بعد الفريضة. رواه الطبراني والبيهقي.
4 -
وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل طيباً (7)، وعمل في سنَّةٍ (8)، وأمن الناس بوائقه (9) دخل الجنَّة. قالوا: يا رسول الله إنَّ هذا في أمتك اليوم كثيرٌ؟ قال: وسيكون في قرون (10) بعدي. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
5 -
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك (11)
ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانةٍ، وصدق حديثٍ، وحسن خليفةٍ، وعفَّةٌ في طعمةٍ. رواه أحمد والطبراني، وإسنادهما حسن.
(1) معناه يكثر من الكد في جلب المال، ويتعب، ويكد، ويعمل.
(2)
شعر رأسه متفرق: أي غير معتن بنظافته ونضارته تاركا ملاذه، في سبيل جمع المال، والمعنى تراه قذرا متنسكا زاهدا.
(3)
يدعو الله سبحانه وتعالى.
(4)
شبع.
(5)
من أين، وهو استبعاد عن حصول ما يرجو لأنه يأكل الحرام من غصب، ونهب: وسرقة، وخداع، ومكره، وحيلة، وغش. وفجور. وفيه أن المؤمن يطلب الحلال الطيب في غذائه ولباسه وشرابه.
(6)
واجب بعد أداء الصلاة المكتوبة.
(7)
حلالا.
(8)
أي متبعا من سنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على اتباعه قولا أو فعلا أو تركا.
(9)
مصائبه وأذاه.
(10)
أزمان، والقرن مائة سنة.
(11)
فلا يصيبك شيء من حياتك يضرك ما دمت متحليا بخلال أربع:
أولاً: أداء ما ائتمنت عليه.
ثانياً: صدق القول وإخلاص العمل.
ثالثاً: التحلي بمكارم الأخلاق، وحسن المعاملة، وكرم السجايا.
رابعاً: العفاف وتحري الحلال في مطعمه.
6 -
وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما رجلٍ اكتسب (1) مالا من حلالٍ فأطعم نفسه، أوْ كساها (2)، فمن (3) دونه من خلق الله كان (4) له به زكاةٌ. رواه ابن حبان في صحيحه من طريق درّاج عن أبي الهيثم.
7 -
وعنْ نصيحٍ العنسيِّ عن ركبٍ المصريِّ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طوبى (5) لمن طاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمتْ علانيتهُ وعزل عن النَّاس شرَّه، طوبى لمن عمل بعلمهِ، وأنفق الفضل (6) من ماله، وأمسك الفضل (7)
من قوله. رواه الطبراني في حديث يأتي بتمامه في التواضع إن شاء الله.
8 -
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تليت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً. فقام سعد ابن أبي وقَّاص رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا سعد أطب مطعمك (8) تكنْ مستجاب الدعوة، والذي نفس محمَّد بيده: إنَّ العبد ليفذف (9) اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوماً، وأيُّما عمدٍ نبت لحمه من سحتٍ (10) فالنار أولى (11) به.
(1) اكتسب ربح.
(2)
ألبسها.
(3)
أي فالذي هو غيره أنفق عليه بعد الله ما أخرج من ماله زكاة، والمعنى أن الغني يتمتع بخيرات الله، وما أنفقه على سواه صدقة وطهارة وثواب فيه كبير.
(4)
في ع ص 567 كان وكذا د، وفي ن ط: فإن.
(5)
شجرة في الجنة يأوى مكانها الذي تظله ذاك الذي صفا مكسبه، وكان حلالا وخلصت نيته من كل سوء، وسمت أفعاله الظاهرة الطيبة، وأبعد شروره عن الناس.
(6)
الزائد عن قوته وقوت أهله وأنفقه في البر والخير.
(7)
عقل لسانه عن الغيبة والنميمة وكل ما لا يعنيه، والمعنى يدخل الجنة العالم العامل بعلمه، وكذا الجواد الكريم والحافظ لسانه من كل ما يغضب الرب، نزلت في قوم حرموا على أنفسهم رفيع الأطعمة والملابس.
(طيبا) يستطيبه الشرع أو الشهوة المستقيمة، وتمام الآية (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين 168 إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون) 169 من سورة البقرة: أي لا تقتدوا به في اتباع الهوى فتحرموا الحلال وتحللوا الحرام. والسوء والفحشاء ما أنكره العقل واستقبحه الشرع وتجاوز الحد في الدناءة.
(8)
اجعل طعامك حلالا.
(9)
ليدخل الأكلة المجلوبة من حرام.
(10)
كل مال حرام لا يصح كسبه والرشوة في الحكم والشهادة.
(11)
أحق: أي يستحق أن يرمي في جهنم، لأن مال الذي يسعى إليه من باطل بعيد عن طاعة الله.
رواه الطبراني في الصغير.
9 -
وروي عن عليٍّ رضي الله عنه قال: كنَّا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلع علينا رجلٌ من أهل العالية، فقال: يا رسول الله أخبرني بأشدِّ شيء في هذا الدِّين وألينهِ؟ فقال: ألينهُ شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وأشدُّه يا أخا العالية: الأمانة (1) إنه لا دين لمن لا أمانة له، ولا صلاة له، ولازكاة له، يا أخا العالية: إنه من أصاب مالا من حرامٍ فلبس منه جلباباً، يعني قميصاً لم تقبل صلاته حتى ينحِّي ذلك الجلباب عنه، إن الله عز وجل أكرم وأجلُّ يا أخا العالية من أن يقبل عمل رجلٍ أو صلاته وعليه جلبابٌ (2) من حرامٍ. رواه البزار، وفيه نكارة.
10 -
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: من اشترى ثوباً بعشرة دراهم، وفيه درهم من حرامٍ لمْ يقبل الله عز وجل له صلاة ما دام عليه قال: ثمَّ أدخل أصبعيه في أذنيه، ثمَّ قال: صمَّتا (3) إن لم يكن النبيُّ صلى الله عليه وسلم سمعته يقوله. رواه أحمد.
11 -
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى سرقةً (4)، وهو يعْلم أنها سرقة فقد اشترك في عارها (5) وإثمها. رواه البيهقي، وفي إسناده احتمال للتحسين، ويشبه أن يكون موقوفاً.
12 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حَبْلَهُ فيذهب به إلى الجبل فيحتطب، ثمَّ يأتي به فيحمله على ظهره فيأكل خير له من أن يسأل الناس، ولأن يأخذ تراباً فيجعله في فيه خيرٌ له من أن يجعل في فيه ما حرَّم الله عليه (6). رواه أحمد بإسناد جيد.
(1) أداء الشيء على ما هو عليه: أي أسهل شيء على النفس توحيد الله، والإقرار به. والاعتراف برسالة حبيبه صلى الله عليه وسلم، وأصعب شيء على النفس - وفيها الجهاد - حفظ ما ائتمنت عليه. نفي صلى الله عليه وسلم كمال الدين، وتمام الإيمان عن الخائن الغشاش، ونفي عنه صلاته المقبولة، وزكاته التي فيها الثواب الجزيل.
(2)
مسحة، وثياب من وجوه الغصب والنهب وطرق الباطل.
(3)
أصيبتا بصمم ولم يسمعا.
(4)
شيئاً مسروقاً.
(5)
فضيحتها وذنبها.
(6)
المعنى يكد الإنسان، ويسعى إلى جلب رزقه من سبل العمل الشريف، وهذا أفضل من الشحاذة، وإساغة التراب طعاماً خير من أكل الحرام.
13 -
وعنه رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أدَّيت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك، ومن جمع مالاً حراماً، ثمَّ تصدَّق به لمْ يكن له فيه أجرٌ وكان إصره عليه (1). رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وا لحاكم، كلهم من رواية دراج عن ابن حجيرة عنه.
ورواه الطبراني من حديث أبي الطفيل، ولفظه قال: من كسب مالاً من حرامٍ، فأعتق منه، ووصل منه رحمه (2) كان ذلك إصراً (3) عليه.
14 -
وروي أبو داود في المراسيل عن القاسم بن مخيمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اكتسب مالاً من مأتمٍ (4) فوصل به رحمه، أوْ تصدَّق به، أو أنفقه في سبيل الله جمع ذلك كلُّه جميعاً فقذف (5) به في جهنم.
15 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قسم بينكم أخلاقكمْ كما قسم بينكم أرزاقكمْ، وإن الله يعطي الدنيا من يحبُّ ومنْ لا يحبُّ، ولا يعطي الدين (6) إلا من يحبُّ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبَّه، ولا والذي نفسي بيده لا يسلم (7) أولا يسلم عبد حتى يسلم، أو يسلم قلبه (8) ولسانه، ولا يؤمن حتى يؤمن جاره بوائقه، قالوا: وما بوائقه؟ قال: غشمه (9) وظلمه،
(1) المتصدق من المال الحرام محروم من ثواب إنفاقه، وأصره: أي ذنبه عليه.
(2)
أي أعطى أقاربه وأنفق عليهم منه.
(3)
إثما وعقوبة وجلبا الدمار والعذاب الأليم.
(4)
طرق جالبة السيئات والآثام الجسام.
(5)
أي رمي به، والمعنى أن الأعمال التي شيدها جامع المال من حرام باطلة لا ثواب له فيها، ويقذف مع ماله في النار. وفيه أن الإنسان يكد ويأكل من عرق جبينه ويشيد الصالحات من ماله الحلال فقط، ويزيل الطمع والشره ويترك المال الحرام.
(6)
التقوى واتباع الشرع الشريف وعمل الصالحات.
(7)
لا ينقاد لأمور الشرع.
(8)
يخلص قلبه من الحسد، والمكر، واللؤم، ويصفو ويستنير بالقرآن، والسنة، ويبعد لسانه عن الفحش، والبذاءة، والنميمة، والدس، والكيد، والوقيعة، وهكذا من الإفساد والإغواء.
(9)
في القاموس الغشم الظالم. فالواو عطف تفسير، وقد غشمه يغشمه، وغشم الحاطب احتطب ليلا فقطع كل ما قدر عليه بلا نظر وفكر أهـ. وبوائقه: أي غوائله، وشروره، واحدها بائقة، وهي الداهية أهـ. نهاية. وأقول غشمه: أي أذاه، وتعديه وغفلته عن راحة جاره، ونسيان واجبات إكرامه.
ولا يكسب عبدٌ مالاً حراماً فيتصدَّق به فيقبل منه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده (1) إلى النار. إن الله تعالى لا يمحو السيء (2) بالسيء ولكن يمحو السيء (3) بالحسن، إن الخبيث (4) لا يمحو الخبيث. رواه أحمد من طريق أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد، وقد حسنها بعضهم، والله أعلم.
16 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: يأتي على الناس زمانٌ (5) لا يبالي المرء ما أخذ: أمن الحلال أم من الحرام. رواه البخاري والنسائي، وزاد رزين فيه: فإذ ذلك لا تجاب لهم دعوة.
17 -
وعنه رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ قال: الفَمْ (6)، والفرْجُ (7)، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله (8)، وحسن الخلق (9). رواه الترمذي، وقال: حديث صحيح غريب.
18 -
وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استحيوا من الله حقَّ الحياء (10). قال: قلنا يا نبيِّ الله إنا لنستحي، والحمد لله.
قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حقَّ الحياء أن تحفظ الرأس (11)، وما وعى،
(1) أي طعامه ماله الحرام ويجرء إلى العذاب.
(2)
الباطل القذر المؤلم.
(3)
الردئ بالخير.
(4)
المال الحرام الباطل لا يزيل مثله. قال الخطابي: في قوله صلى الله عليه وسلم (مهر البغي خبيث وثمن الكلب خبيث وكسب الحجام خبيث) قد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ، ويفرق بينها في المعنى، ويعرف ذلك من الأغراض والمقاصد، فأما مهر البغي وثمن الكلب فيزيد بالخبيث فيهما الحرام لأن الكلب نجس والزنا حرام وبذل العوض عليه وأخذه حرام، وأما كسب الحجام فيزيد بالخبيث فيه الكراهة لأن الحجامة مباحة أهـ. نهاية. وخبيث النفس: ثقيلها كريه الحال (ولاداء) ولا خبثة ولا غائلة) أراد بالخبثة الحرام كما عبر عن الحلال بالطيب.
(5)
فيه وقت يقل الإيمان ويضعف الإسلام فيجمع الإنسان المال من أي طريق، وهذه معجزة للصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: فقيل الآن أهل الورع والزهد الذين يتحرون الحلال ويبتعدون عن الشبهات، وقد زاد الجشع وعم الطمع في نفوس ضعاف الدين فأقبلوا على حطام الدنيا بشراهة وقلة خوف الله جل وعلا.
(6)
يأكل حراما.
(7)
يقع في الزنا.
(8)
خوفه تعالى ومراقبته والعمل بكتابه جل وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
(9)
مكارم الأخلاق كلالحم والعفو والمغفرة والجود والشجاعة والتحلي بآداب الدين، والتخلي عن الرذائل.
(10)
قال القسطلاني: الحياء في الشرع خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ويبعث على الخوف من فضيحة الدنيا والآخرة، فيأتمر الإنسان وينزجر.
(11)
أن تمنع العقل والأذن والبصر والفم من محارم الله تعالى.
وتحفظ البطن (1) وما حوى، ولتذكر الموت والبلى (2)، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حقَّ الحياء. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، إنما نعرفه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد.
(قال الحافظ) أبان والصباح مختلف فيهما، وقد ضعف الصباح برفعه هذا الحديث، وصوابه عن ابن مسعود موقوفاً عليه، ورواه الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً.
(قوله) تحفظ البطن وما حوى: يعني ما وضع فيه من طعام وشراب حتى يكونا من حلهما.
19 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغبطنَّ (3) جامع المال من غير حلِّه، أو قال: من غير حقِّه، فإنه إن تصدَّق به لم يقبل منه، وما بقي كان زاده (4) إلى النار. رواه الحاكم من طريق حنش، واسمه حسين ابن قيس، وقال: صحيح الإسناد. (قال المملي): كيف وحنش متروك.
ورواه البيهقي من طريقه، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يعجبنَّك رحب (5) الذراعين بالدم، ولا جامع المال من غير حلِّه، فإنه إن تصدق به لم يقبل منه، وما بقي كان زاده إلى النار. ورواه البيهقي أيضاً من حديث ابن مسعود بنحوه.
20 -
وعن معاذٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تزال قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربعٍ: عن عمره فيم (6) أفناه؟ وعن شبابه (7) فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين (8) اكتسبه، وفيم أنفقه؟ وعن علمهِ (9) ماذا فيه؟ رواه
(1) المعدة يدخل فيها الطعام الحلال يتبعه حفظ الفرج من الوقوع في الفاحشة.
(2)
الفناء، وأن كل شيء هالك إلا وجهه.
(3)
لا تتمن مثله.
(4)
يدخل معه المال في قبره، ويكون أفعى تؤذيه ويحاسبه الله على جمعه فيجره إلى النار.
(5)
رحب: بمعنى واسع، والمعنى لاتفرح بفعل القاتل فعذابه شديد، ولا بالغني الذي جمع ثروته من حرام فهما أنفق فلا ثواب له، وماله حطب جهنم يتقلد عليه يوم القيامة، ثنتان لا تسر بفعلهما:
أ - المجرم الأثيم الذي يقتل النفس بغير حق.
ب - الشره في جمع المال الحرام.
(6)
في أي شيء صرف أزمان حياته.
(7)
قوته وفتوته وصلاحه للعمل في أي شيء صرف هذه القوة المعطاة.
(8)
من أي طريق جمعه، وفي أي شيء صرفه.
(9)
معارفه التي وهبها الله له: أي شيء شيده وأوجده من وجوه الصالحات. فليحذر العاقل المسلم من =
البيهقي وغيره، ورواه الترمذي من حديث أبي برزة وصححه، وتقدم هو وغيره في العلم.
21 -
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدُّنيا خضرة (1) حلوة (2) من اكتسب فيها مالاً من حلِّهِ، وأنفقه في حقِّه (3) أثابه الله عليه، وأورده جنَّته، ومن اكتسب فيها مالاً من غير حلِّه، وأنفقه في غير حقه أحله الله دار الهوان (4)، وربَّ متخوِّضٍ (5) في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة يقول الله: كلما خبت (6)
زدناهمْ سعيراً. رواه البيهقي.
22 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحمٌ (7) نبت من سحتٍ. رواه ابن حبان في صحيحه في حديث.
23 -
وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
= ضياع أربعة بلا فائدة: حياته يجد في البر، وينتهز فرصة نضارة جسمه وعاقبته فيعمل صالحا، ويغتنم غناء فيجعل له يدا طول في المحامد والمكارم، ويعمل بعلمه كالشجرة المثمرة.
(1)
بهيجة ناضرة زاهرة منظرها بديع وشكلها جميل مثل الحديقة الغناء الفيحاء.
(2)
من حيث الذوق مقبولة تميل لها النفس. وفي النهاية: أي غضة ناعمة طريقة، ومنه حديث عمر رضي الله عنه: اغزوا، والغزو حلو خضر، أي طرى محبوب لما ينزل الله فيه من النصر ويسهل من الغنائم أهـ. والمعنى هذا الحياة ميدان، زينته فاخرة نضرة رشيقة.
(3)
واجبات الشرع ومندوباته.
(4)
العذاب الهون: المؤلم.
(5)
سابح في بحر النعم التي أغدقها الله عليه، وساقها له حب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي مال الله، ومال رسوله: أي يمكن أن المتخوض في نعم الله ورسوله له النار: أي يسحب إليها ويذوق العذاب الأليم من جراء بخله.
(6)
خبت النار تخبو: سكن لهبها، وصار عليها خباء من رماد: أي غشاء. قال البيضاوي: بأن أكلت جلودهم ولحومهم فتعود ملتهبة مستعمرة، كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الافناء جزاهم الله بأن لا يزالوا على الإعادة والإفناء أهـ. الله أكبر جزاء الأغنياء المتمتعين بالترف الزائد المنفقين أموالهم على ملذاتهم وشهواتهم، الذين ليست لهم أعمال صالحة اكتسبوها بالإنفاق في جهنم، ويقول الله تعالى هذه الآية (كلما خبث) قال تعالى (ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا) 97 من سورة الإسراء.
(أولياء) أنصارا يهدونهم (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم) يسحبون على وجوههم أو يمشون بها. روى أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يمشون على وجوههم؟ قال إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم (عميا) لا يبصرون ما يقرأ عينهم (بكما) لا ينطقون بما يقبل منهم لأنهم في دنياهم لم يستبصروا بالآيات والعبر وتصاموا عن استماع الحق وأبوا أن ينطقوا بالصدق (صما) لا يسمعون ما يلذ مسامعهم.
(7)
ذات موصوفة بنموها من حرام.