الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول (1) أبي حنيفة والعامة من فقهائنا رحمهم الله.
9 - (بَابُ السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ)
649 -
أَخْبَرَنَا مالك، أخبرنا زيد بن أسلم، عن سعيد الجاريّ بن الجار (2)
أخرج له الشيخان وهو ثقة، وزاد الرفع، وأخرج الترمذي من حديث جابر مرفوعاً بلفظ: ما اصطدتموه وهو حيّ فكلوه وما وجدتموه ميتاً طافياً فلا تأكلوه. وفي رواية الطحاوي في "أحكام القرآن": ما جزر عنه البحر فكُلْ وما ألقى فكل، وما وجدته طافياً فوق الماء فلا تأكل.
(1)
قوله: وهو قول أبي حنيفة رحمه الله، وهو قول جابر وعليّ وابن عباس وسعيد بن المسيّب وأبي الشعثاء والنخَعي وطاوس والزهري، ذكر عنهم ذلك ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وغيرهما، وأخرج الدارقطني والبيهقي إباحة الطافي عن أبي بكر وأبي أيوب، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وبعض التابعين أخذاً من إطلاق حديث: هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته، وحديث: أُحلَّت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالسمك والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال، أخرجه ابن ماجه وأحمد وعبد بن حميد والدارقطني وابن مردويه وغيرهم، وأجاب عنه أصحابنا بأن ميتة البحر ما لفظه البحر أو انحسر الماء عنه ليكون موته مضافاً إلى البحر، لا ما مات فيه حتف أنفه من غير آفة وطفا على الماء، كذا في "البناية" و"الدراية"(انظر بذل المجهود 16/141) .
(2)
قوله: عن سعيد الجاري بن الجار، هكذا وُجد في نسخ عديدة، وفي "موطأ يحيى" عن سعيد مولى عمر بن الخطاب، وذكره السَّمعاني في اسمه سعد بغير ياء، حيث ذكر أن الجاري نسبة إلى الجار بليدة على الساحل بقرب المدينة النبوية، والمنتسب إليها سعد بن نوفل الجاري، كان عامل عمر،
قَالَ: سألتُ ابنَ عُمَرَ عَنِ الحِيْتَان (1) يقتُل بعضُها بَعْضًا، وَيَمُوتُ صَرَداً (2) وَفِي أَصْلِ ابْنِ الصَّوَّافِ:(3) وَيَمُوتُ (4) بَرْدًا - قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قَالَ: (5) وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. إِذَا مَاتَتِ (6) الحِيتْان مِنْ حَرّ أَوْ بردٍ أَوْ قتلِ (7) بعضِها بَعْضًا فَلا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، فَأَمَّا إِذَا مَاتَتْ مِيْتَةَ (8) نفسِها فَطَفَتْ (9) فَهَذَا يُكْرَه مِنَ السَّمَكِ، فَأَمَّا سِوَى ذَلِكَ فلا بأس به.
روى عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر، وعنه زيد بن أسلم. انتهى. وكذا سماه ابن الأثير الجزري في "جامع الأصول".
(1)
بكسر الحاء جمع الحوت.
(2)
بفتحتين أي بردا. ً
(3)
أي في نسخة "الموطأ" لابن الصوّاف وهو من المشايخ.
(4)
أي مكان: ويموت صرداً (قال الباجي: ما قتل بعضه بعضاً من الحيتان أو مات صرداً يجوز أكله، وهو مما اتفق عليه مالك وأبو حنيفة والشافعي لأنه مات بسبب. انتهى. قلت: وكذلك عند أحمد. أوجز المسالك 9/174) .
(5)
أي سعيد الجاري.
(6)
في البحر.
(7)
مصدر مضاف معطوف على حرّ أو فعل ماضٍ وما بعده فاعل معطوف على فعل سابق.
(8)
بكسر الميم أي ماتت من غير آفة خارجة، بل بموتة نفسه.
(9)
أي علت على الماء.
10 -
(بَابُ ذكاةُ (1) الْجَنِينِ (2) ذكاةُ أُمِّهِ)
650 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أخبرنا نافع، أن عبد الله بن عمر كَانَ يَقُولُ: إِذَا نُحِرَت النَّاقَةُ فّذَكاةُ مَا فِي بَطْنِهَا (3) ذَكَاتُهَا (4) إِذَا كانَ قَدْ تمَّ خَلْقُه (5) ونَبَت شَعْرُهُ فَإِذَا خَرَجَ (6) مِنْ بَطْنِهَا ذُبحَ حَتَّى يخرجَ الدمُ مِنْ جَوْفِهِ.
651 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْط (7) ،
(1) بمعنى الذبح.
(2)
هو الولد ما دام في بطن أمه.
(3)
من الولد. في "موطأ يحيى": فذكاة ما في بطنها في ذكاتها.
(4)
لأنه جزء منها، فذكاتها ذكاة لجميع أجزائها.
(5)
أي في أجزائها.
(6)
قوله: فإذا خرج، حمله القاري على خروجه حالة الحياة حيث قال: فإذا خرج من بطنها أي حيّاً ذبح أي اتفاقاً حتى يخرج الدم أي دم المذابحة من جوفه أي جوف الجنين الشامل لحلقه وأوداجه. انتهى. والظاهر ما ذكره الزرقاني حيث قال: فإذا خرج من بطن أمه ذُبح أي ندباً كما يفيده السياق حتى يخرج الدم من جوفه، فذبحه إنما هو لإِنقائه من الدم لا لتوقّف الحل عليه، وهذا جاء بمعناه مرفوعاً: روى أبو داود والحاكم عن ابن عمر مرفوعاً: "ذكاةُ الجنين إذا أشعر ذكاة أمه" ولكنه يُذبح حتى ينصاب ما فيه من الدم، ويعارضه حديث ابن عمر رفعه: ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر، لكن فيه مبارك بن مجاهد ضعيف، ولتعارضهما لم يأخذ بهما الشافعية، فقالوا: ذكاة الجنين ذكاة أمه مطلقاً، ولا الحنفية فقالوا: لا مطلقاً، ومالك ألغى الثاني لضعفه وأخذ بالأول لاعتضاده بالموقوف، فقيّد به حديث ذكاة الجنين ذكاة أمه. انتهى.
(7)
بصيغة التصغير.
عن سعيد بن المسيَّب أنه كان يقول: ذكاةُ مَا كَانَ فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ ذكاةُ أُمِّهِ إِذَا كَانَ قَدْ نَبَتَ شعرُه وتمَّ خَلْقه (1) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ إِذَا تَمَّ (2) خَلقه، فذكاتُه فِي ذَكَاةِ أمِّه فَلا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَكره أكلَه حتى يخرجَ حيّاً
(1) في أعضائه.
(2)
قوله: إذا تمّ، يعني إذا خرج من بطن الذبيحة جنينٌ ميت فإن كان تامّ الخلق نابت الشعر يؤكل، وإن لم يكن تام الخلقة فهو مضغة لا تؤكل، وبه قال مالك والليث وأبو ثور، وقال أحمد والشافعي بحله مطلقاً، وقال أبو حنيفة: لا يؤكل مطلقاً وبه قال زفر والحسن بن زياد فأن خرج حيا ذبح اتفاقا ودليل من قال بالحل مطلقا أو مقيّداً بتمام الخلقة حديث ذكاة الجنين ذكاة أمه رواه أحد عشر نفساً من الصحابة، الأول: أبو سعيد الخدري، أخرج حديثه باللفظ المذكور أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه وابن حبان وأحمد. والثاني: جابر، أخرج حديثه أبو داود وأبو يعلى. الثالث: أبوهريرة، أخرج حديثه الحاكم وقال: صحيح الإِسناد، وفي سنده عبد الله بن سعيد المقبري متفق على ضعفه، الدارقطني وفي سند عمرو بن قيس ضعيف. الرابع: ابن عمر، أخرج حديثه الحاكم والدارقطني وفي سنده ضعف. الخامس: أبو أيّوب، أخرج حديثه الحاكم. السادس: ابن مسعود، أخرج حديثه الدارقطني، ورجاله رجال الصحيح. السابع: ابن عباس، أخرجه الدارقطني. الثامن: كعب بن مالك، حديثه عند الطبراني. التاسع والعاشر: أبو أمامة وأبو الدرداء، حديثهما عند البزار والطبراني. الحادي عشر: عليّ رضي الله عنه، حديثه عند الدارقطني، وقال ابن المنذر: لم يُرْوَ عن أحد من الصحابة والتابعين وغيرهم أن الجنين لا يؤكل إلا باستيناف الذكاة إلا عن أبي حنيفة ولا أحسب أصحابه وافقوه، وفيه نظر، فقد وافقه من أصحابه زفر والحسن وشيخ شيخه إبراهيم النخعي. واختار هذا القول أيضاً ابن حزم الظاهري. وقال: لا يترك القرآن وهو قوله
فَيُذَكَّى (1)، وَكَانَ (2) يَرْوي عَنْ حَمَّادٍ (3) عَنْ إِبْرَاهِيمَ أنّه قال (4) : لا تكون ذكاةُ نس ذكاة نَفْسَيْن.
تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ} بالخبر (بسط تخريج هذه الروايات كلها الزيلعي في نصب الراية: وقال: وقال عبد الحق في "أحكامه": هذا حديث لا يُحتج بأسانيده كلها، وأقره ابن القطان عليه. انظر: أوجز المسالك 9/140) المذكور وأجاب في "المبسوط" بأن حديث ذكاة الجنين ذكاة أمه لا يصح، وفيه نظر، فإن الحديث صحيح وضَعْفَ بعض طرقه غير مضرّ، وذكر في "الأسرار" أن هذا الحديث لعله لم يبلغ أبا حنيفة فإنه لا تأويل له ولو بلغه لما خالفه، وهذا حسن، وذكر صاحب "العناية" وغيرها أنه روي "ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه" بالنصب فهو على التشبيه أي كذكاة أمه كما يُقال: لسانُ الوزير لسانَ الأمير وفيه نظر، فإن المحفوظ عن أئمة الشأن الرفع، صرَّح به المنذري، يوضحه ما ورد في بعض طرق أبي سعيد الخدري قال السائل: يا رسول الله إنّا ننحر الإِبل والناقة ونذبح البقر فنجد في بطنها الجنين أفنلقيه أم نأكله؟ فقال: كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه. وبالجملة فقول من قال بموافقة الحديث أقوى. هذا ملخّص ما ذكره العيني في "البناية".
(1)
أي يذبح.
(2)
أي أبو حنيفة.
(3)
ابن أبي سليمان.
(4)
هذا استبعاد بمجرّد الرأي، فلا عبرة به بمقابلة النصوص، ولعلها لم تبلغه أو حملها على غير معناها.